في ندوة أكدت عدم وجود ولي باسم "أبو حصيرة" أحمد زايد: "الموالد" حالة من الانفلات المؤقت تمهيدا للعودة للانضباط
ارتبط المصريون بالموالد والاحتفالات الدينية، ورغم محاولة البعض التفرقة بين موالد المسلمين والمسيحيين في مصر، بأن موالد المسلمين ترتبط بيوم ميلاد المحتفي به، بينما تحتفي موالد المسيحيين بيوم الوفاة، فإن مولد "سيدي إسماعيل الإمبابي" نموذج للاحتفالات التي تجمع المصريين كلهم بثقافاتهم ودياناتهم في يوم واحد، حيث يقام في التاسع من شهر "هاطور"، وهو موعد يعتمد علي التقويم القبطي، ويوافق اليوم الذي تنزل فيه دمعة "سإيزيس"، فيجمع بين الإسلام والمسيحية والأصل الفرعوني للثقافة المصرية. بهذه المقدمة أدار الدكتور محمد حافظ دياب ندوة عن بهجة البسطاء في موالد الأولياء والقديسين، استضافها "المقهي الثقافي" بمعرض الكتاب، وشارك بها كل من الدكاترة أحمد زايد وعمار علي حسن وفاروق مصطفي ومحمد أحمد غنيم. أجاب دياب علي سؤال: "هناك مولد لأبو حصيرة" قائلا: المجلس الأعلي للصوفية اشترط في المولد، أن يكون للجماعة الصوفية التي ينتمي لها الولي أوراد وأذكار ليس لها مثيل في الجماعات الأخري، كما أن مصلحة المساحة المصرية عام 1935 قامت بعمل مسح علي كل الموالد في مصر، ولم يكن من بينها ما يدعي "مولد أبوحصيرة" كما أن اسمه لم يرد في أي من الأدبيات الصوفية، والحقيقة أن هذا كثير ما يحدث علي أرض فلسطين، إذ يقف رجل في أي مكان ويقول "هنا دفنت رحيل" ذ ولا يكون هناك رحيل- وهي مسألة يقصد بها الاستعمار والاستيطان، وتأكيدا لها يبدأون في قراءة التلمود ليربطوا النص بالأرض بالتاريخ، وهي لعبة مكشوفة، خاصة أنه لكل ولي تخصص، فهناك سيدي أبو المعاطي في دمياط متخصص في "الحبل"، وآخر متخصص في جلب المسروقات، وآخر في رد الغائب، فما تخصص أبو حصيرة؟ وقال: تاريخ الأولياء في مصر لا يسير في خط واحد، فهناك أبو الحسن الشاذلي الذي شارك في معركة المنصورة، وهناك السيد عمر مكرم وكفاحه المعروف ضد الحملة الفرنسية، وفي حرب فلسطين شاركت الجماعات الصوفية، والحق أن الإسلام المصري أكثر رقة من أي إسلام آخر. أما الدكتور أحمد زايد العميد السابق لكلية الآداب جامعة القاهرة فرصد ثلاث ملاحظات رئيسية في الموالد المصرية، أولا: هي ترتبط بأماكن فرعونية سواء معبدًا أو تلة أو آثارًا، ثانيا: هناك تداخل كبير بين الممارسات الإسلامية والممارسات المسيحية في مسألة الموالد وطقوسها، ثالثا: هناك حالات تواز بين الممارسات الفرعونية والممارسات المعاصرة، لذا أفترض أن المصري البسيط، وغير البسيط، أسس تلك المناسبات بحثا عن الحرية، والانفلات المؤقت، تمهيدا للعودة إلي الانضباط، وكان لابد أن يكون بها رمز للحرية، هو الولي الذي يمارس الحرية بكل معانيها، فهو حر يتصرف كيفما شاء، ويدفن أينما شاء حتي بين الأحياء، لذا يمثل المولد للمصري فرصة للخروج علي "وش الدنيا" والاختلاط بسائر المصريين، حتي أننا نري القبائل المتنافرة والمتخاصمين يجتمعون في الموالد. وأكمل: البعض يقول أن زيارة الأولياء شرك بالله، لأنها شكوي لغير الله، وأقول عن هذا أن هناك نوعين من الدين، دين شعبي لا يمس الدين الإسلامي في شيء، ولا يخدشه، وليس له أي مزاج يمس الكفر من قريب أو من بعيد، لذا فزيارة الأولياء لا تدخل في باب الشرك، ماداموا لن يؤذوا أحدا.