وزير التعليم يبحث مع مدير برنامج الأغذية العالمي في مصر تطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال التغذية المدرسية    أردوغان: سننأى ببلادنا عن الآثار السلبية للأزمات في منطقتنا    مجلس الزمالك يبحث عن حل لأزمة «القائمة الأولى»    مصرع عامل سقط من الطابق الخامس أثناء عمله في طنطا    بينهم 3 هاربين.. تأجيل محاكمة 20 متهمًا ب«الهيكل الإداري للإخوان» ل8 سبتمبر    نراهن على شعبيتنا.. "مستقبل وطن" يكشف عن استعداداته للانتخابات البرلمانية    "الإسعاف الإسرائيلي": 22 قتيلًا وأكثر من 400 مصاب منذ بداية الحرب مع إيران    وزير خارجية إيران: مكالمة من ترامب تنهي الحرب    محافظ القاهرة: توسيع نطاق المبادرات والمشروعات التي تنهض بالمرأة    الكهرباء: خفض الإضاءة بالمباني الحكومية والشوارع لمواجهة زيادة الأحمال وحرارة الطقس    «سياحة النواب» توصي بوقف تحصيل رسوم من المنشآت الفندقية والسياحية بالأقصر    بدأت بمشاهدة وانتهت بطعنة.. مصرع شاب في مشاجرة بدار السلام    ثقافه النواب تناقش الاستثمار الثقافي بالهيئة العامة للكتاب    ورش فنية متنوعة لتنمية مواهب الأطفال بأبو سمبل    خبير علاقات دولية: التصعيد بين إيران وإسرائيل خارج التوقعات وكلا الطرفين خاسر    وائل جسار يجهز أغاني جديدة تطرح قريبا    "كوميدي".. أحمد السبكي يكشف تفاصيل فيلم "البوب" ل أحمد العوضي    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    حالة الطقس غدا الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة الفيوم    طبيب يقود قوافل لعلاج الأورام بقرى الشرقية النائية: أمانة بعنقي (صور)    العثور على جثة شاب مصاب بطلق ناري في ظروف غامضة بالفيوم    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الجمع بين الصلوات في السفر    وزير العمل يستقبل المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب- صور    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال إنشاء مجلس مدينة السنبلاوين والممشى الجديد    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    «لترشيد استخدام السيارات».. محافظ قنا يُعّلق على عودته من العمل ب «العجلة» ويدعو للتعميم    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    التضامن تعلن تبنيها نهجا رقميا متكاملا لتقديم الخدمات للمواطنين    التعليم العالي تعلن حصاد بنك المعرفة المصري للعام المالي 2024/2025    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب16.5 مليار جنيه بسعر فائدة 22.70%    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    مفوض الأونروا: يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة مع تحول الاهتمام إلى أماكن أخرى    الرئيس النمساوي يبحث مع زيلينسكي سبل إنهاء الحرب "الروسية الأوكرانية"    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    العربية: إيران تعتقل عشرات الجواسيس المرتبطين بإسرائيل    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    تصنيف الاسكواش.. نوران جوهر ومصطفى عسل يواصلان الصدارة عالمياً    بريطانيا تشهد تعيينًا تاريخيًا في MI6.. بليز مترويلي أول امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية    محمد عمر ل في الجول: اعتذار علاء عبد العال.. ومرشحان لتولي تدريب الاتحاد السكندري    «فيفا» يوجه رسالة جديدة للأهلي وإنتر ميامي بمناسبة افتتاح المونديال    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    إخطار من الليجا.. إسبانيول يؤكد دفع برشلونة للشرط الجزائي لخوان جارسيا    الجالية المصرية فى لندن تحتفل بعيد الأضحى    لا تطرف مناخي.. خبير بيئي يطمئن المصريين بشأن طقس الصيف    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    إصابة 3 أشخاص بطلقات بندقية فى مشاجرة بعزبة النهضة بكيما أسوان    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    الشرطة الإيرانية: اعتقال عميلين تابعين للموساد جنوب طهران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شراكة الوليد بن طلال وروبرت ميردوخ تهدد الفضاء الإخباري العربي
نشر في القاهرة يوم 07 - 12 - 2010

روبرت ميردوخ مواطن استرالي مسيحي كاثوليكي و«ليس» يهوديا كما هو شائع خطأ في المخيلة الشعبية العربية، ولكن هذا لا يغير من خطورة الأمر شيء. ولد ميردوخ عام 1931 في استراليا، وحصل علي الجنسية الأمريكية عام 1985 ليتمكن من امتلاك قنوات تليفزيونية في الولايات المتحدة حسب النظام الأمريكي. ورث عن والده صحيفة استرالية واحدة هي «نيوز ليميتد» عام 1953، ولكنه استطاع توسيعها بنجاح كبير وعبقرية فذة حتي أصبح يملك ثالث أكبر إمبراطورية إعلامية في العالم وهي «نيوز كورب»، حيث يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة وكبير الإداريين التنفيذيين، ويتقاضي 30 مليون دولار كمكافأة سنوية نظير هذين المنصبين. وتأتي «نيوز كورب» في المركز الثالث عالميا من ناحية حجم العمليات بعد كل من شركتي «والت ديزني» و«تايم وارنر»، وفي عام 2009 تخطي مجمل دخل مجموعة نيوز كورب 30 بليون دولار وزادت قيمة موجوداتها عن 53 بليون دولار ويعمل فيها 64,000 موظف وموظفة.
ومن المعروف أن ميردوخ داعم كبير وبشكل دائم للتيارات اليمينية المحافظة (الدينية) المتطرفة في الدول التي يمتلك فيها وسائل إعلامية مثل الحزب الجمهوري الأمريكي وحزب المحافظين البريطاني، وله للأسف تصريحات علنية مؤيدة بقوة للصهيونية العالمية معنويا كما أنه لا يبخل بالدعم المالي لأي مرشح لمنصب سياسي مؤيداً لتيار اليمين المحافظ وبالضرورة للصهيونية.
إيديولوجية يمينية
إن روبرت ميردوخ شخص إشكالي وخطر من حيث كونه يسعي لفرض إيديولوجيته اليمينية المحافظة والمتطرفة سياسيا علي وسائل الإعلام التي يملكها حتي لو أدي ذلك لخرق ميثاق الشرف الصحفي المتمثل بحرية التعبير والتوازن في الطرح الإعلامي المتعارف عليهما عالميا. ويعتبر تطرفه المحافظ - في نظرنا علي الأقل -لا يقل سوءاً إن لم يزد علي تطرف بعض الجماعات الإسلامية الراديكالية. وأثناء تنقيح ترجمتي لهذا المقال في مطلع نوفمبر 2010، طالعتنا وكالات الأنباء عن تأسيس جبهة من المؤسسات الإعلامية البريطانية المستقلة لتحتج وتحاول منع صفقة ينوي ميردوخ القيام بها ليشتري باقي أسهم شبكة «بي سكاي بي» التليفزيونية البريطانية التي ليست في حوزته حيث يملك فيها 39%، ليصبح هو مالكها الوحيد، فقد قدمت تلك الجبهة الإعلامية المعارضة له شكوي ضد الصفقة لوزير الإعلام في الحكومة الإئتلافية البريطانية نظرا لما عرف عن ميردوخ من عدم احترام المهنية الإعلامية وفرض توجهاته المحافظة الخطيرة علي الرأي العام كما فعلت وتفعل شبكة فوكس الأمريكية خاصة عبر قناة «فوكس نيوز» الشهيرة (كما سنشرح بالأدلة لاحقا) عندما هيأت بل خدعت الرأي العام الأمريكي وجرته لتأييد حربي أفغانستان والعراق. وحاليا في خريف 2010 تسببت حملة «فوكس نيوز» الهوجاء في عودة الأجواء الماكارثية للساحة السياسية الأمريكية وهزيمة الحزب الديمقراطي المذلة والساحقة في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس قبل أسابيع قليلة والتي قادها بنجاح باهر المعلق السياسي التليفزيوني اليميني المورموني المحافظ والمتطرف جلن بيك Glenn Beck في برامج تحليلية يومية علي «فوكس نيوز» حيث انتقد الرئيس باراك أوباما بعنف غير مسبوق وردد مرارا أن أوباما أضاع هيبة أمريكا لأنه مصر علي سحب الجيش الأمريكي من أفغانستان والعراق. وزعم جلن بيك بصراحة فجة وبدون تقديم أدلة بأن العامل المشترك الذي ربط والد الرئيس أوباما الكيني ووالدته الأمريكية هو - هكذا- «الشيوعية».
حرب علي المهنية
وبسبب عدم مهنيته الفاضحة بل واستهتاره بالحريات الصحفية التي كفلتها معظم الدساتير الغربية، قام بعض خصومه من نشطاء الحزب الديمقراطي الأمريكي (مؤسسة «موف أون» MoveOn.org وهي من مؤسسات المجتمع المدني الأمريكي المؤيدة لحرية التعبير والمناهضة للتيار المحافظ) بانتاج فيلم وثائقي عنه بعنوان مثير: «التغلب بالإحتيال: حرب ميردوخ علي المهنية الصحافية» Outfoxed: Rupert Murdoch's War on Journalism ويبلغ طول الفيلم 78 دقيقة وهو من إنتاج عام 2004 للمخرج روبرت جرينوالد، ولم يكلف الفيلم سوي 200,000 دولار فقط لكون معظم المشاركين كانوا متطوعين، لكنه كان مدمرا ومؤلما لميردوخ. وقد شاهدت الفيلم مؤخرا، ووجدت أن عرض بعض ما جاء في الفيلم من معلومات مفيدة جدا كتمهيد لمقال السيد بول كوكرين ولاستيعاب خطورة توجهات ميردوخ لمن لا يعرفون الكثير عنه بخلاف الاعتقاد الخاطئ أنه يهودي، وهو ليس كذلك كما أسلفنا.
قدم الفيلم نقدا عنيفا بالأدلة لقناة «فوكس نيوز» ومالكها روبرت ميردوخ، مثبتا بالأدلة الوثائقية الدامغة أن ميردوخ يستخدم القناة للترويج لوجهات نظر يمينية محافظة متطرفة تؤدي بل أدت بالفعل إلي حروب. ويشير الفيلم أن هذا التحيز الإيديولوجي اليميني المتطرف يناقض ادعاء القناة الرسمي بأنها ذات سياسة «عادلة ومتوازنة»Fair And Balanced كما تقتضي أصول مهنة الصحافة والإعلام الحر، ولهذا يجادل الفيلم بأن «فوكس نيوز» تقوم بخداع يرقي إلي جريمة من فئة «الاحتيال علي المستهلكين» أي المشاهدين العوام والبسطاء الذين لا يفهمون دوافعها الإيديولوجية الخفية بل الخطيرة مما يجعلهم يشجعون أبناءهم وبناتهم للإنضمام للجيش وخوض الحروب لحماية وطنهم من الخطر القادم من الشرق الذي تبالغ بل تكذب في تصويره «فوكس نيوز».
ولكن لسوء الحظ، لم يستطع منتج هذا الفيلم الوثائقي المهم عرضه في صالات السينما بسبب نفوذ وسطوة ميردوخ علي الإعلام الأمريكي ويكفي أن نعرف أن مجموعته «نيوز كورب» تضم شركة الإنتاج السينمائي الشهيرة «تونتيث سينشري فوكس» 20th Century Fox التي أنتجت مؤخرا فيلم «آفاتار» الشهير الذي حقق أعلي دخل سينمائي في التاريخ (2.7 بليون دولار)، بل بالكاد استطاع المنتج بيع وتوزيع الفيلم علي شكل أقراص «دي في دي»، وبيع علي الإنترنت من خلال «أمازون دوت كوم» وأصبح رائجا جدا وحقق لقب «بست سيلر» بعدما نجح منتجه بدهاء في الإعلان عنه علي صفحة كاملة في صحيفة «نيويورك تايمز» التي يوجد بين ناشرها آرثر أوكس سولزبيرج وروبرت ميردوخ خلافات كبيرة وتنافس عظيم.
نعود للفيلم الوثائقي الذي يتناول بالريبة والشك دوافع وعواقب النمو العالمي المطرد لمشاريع ميردوخ الإعلامية القائمة علي شراء حصص صغيرة في مؤسسات إعلامية صغيرة ناجحة ومن ثم زيادتها تدريجيا حتي يستحوذ عليها بالكامل. ويتم بعد ذلك توحيدها بالدمج مع باقي مؤسساته لكي تسحق منافسيها وبالتالي تروج لإيديولوجيتها اليمينية المحافظة المتطرفة. ويجادل الفيلم بأن سياسة ميردوخ القائمة علي توسع تدريجي مدروس لمجموعته يسمح لمستثمر واحد متطرف إيديولوجيا من أن يسيطر علي مجموعة إعلامية ضخمة مما يعتبر «بالضرورة» مهددا لحرية التعبير الصحفية في البلد الذي توجد فيه المجموعة. ويرصد الفيلم قائمة اتهامات ضد «فوكس نيوز» علي عدة محاور نختار منها الجوانب التالية:
فهناك تغطيتها المتطرفة وطرحها غير المتوازن للأراء المؤيدة والمعارضة للحرب في الشرق الأوسط خلال الفترة التي سبقت ثم تلت حربي أفغانستان والعراق وعدم إتاحة الفرصة لمعارضي الغزو للظهور والحديث بصورة متكافئة مع المؤيدين.
ويؤكد الفيلم عبر مقابلات مع مراسلين سابقين وصور لإيميلات سرية في القناة أن «فوكس نيوز» طلبت منهم أن الكذب بصراحة في تقاريرهم لدعم توجه القناة، وعندما رفضوا الكذب، طردوا من العمل. وعندما قاضوا «فوكس نيوز» في المحكمة مقدمين أدلة علي ادعاءاتهم، قضت المحكمة التي رأسها قاض يميني محافظ أنه لا يوجد قانون حالي يمنع الكذب في برامج الأخبار!!
وأثبت الفيلم أن «فوكس نيوز» أعلنت عن فوز دبليو بوش علي آل جور بالانتخابات المشكوك بصحتها قبل ثبوت ذلك مما أحدث تأثيرا شعبيا وضغطا غير مباشر علي قرار المحكمة العليا التي فصلت في الأمر لصالح دبليو بوش كما هو معروف.
وأثبت الفيلم أن إدارة «فوكس نيوز» متمثلة بميردوخ ورئيسها التنفيذي روجر آيلس ، وكلاهما من تيار اليمين المتطرف يفرضان أفكارهما علي محتوي الشبكة بما يناقض حرية التعبير والطرح المتوازن، وأثبت الفيلم أيضا تدخل ميردوخ وآيلس في تفاصيل التحرير لاختيار أخبار بعينها وصياغتها بما يوافق توجهاتهما اليمينية المتطرفة. وتم عرض صور مذكرات وإيميلات تحمل تلك التوجيهات.
وشرح الفيلم كيف يتم تعليق أو إعفاء كل صحفي أو منتج داخل الشبكة يحيد توجهات ميردوخ وآيلس المحافظة حتي علي حساب الحقيقة. وشهد السيد «جون دو بري» وهو مدير مكتب «فوكس نيوز» في ولاية كاليفورنيا أنه فصل من عمله لأنه لم يتحدث ب «حماس كاف» - كما قيل له لاحقا - أثناء تغطيته ذكري عيد ميلاد الرئيس الجمهوري المحافظ الراحل رونالد ريجان التي جرت في مكتبة ريجان في كاليفورنيا حيث قال علي الهواء بعفوية: «إن المناسبة لم يحضرها سوي بضعة طلاب من الصف الرابع ابتدائي من مدرسة مجاورة».
وبالمثل شهد المحلل العسكري السابق في فوكس نيوز «لاري سي جونسون»، أن «فوكس نيوز» قاطعته وتوقفت عن استضافته بعدما قال في برنامج «الحرب علي الإرهاب» بصورة عفوية وتلقائية: «لا يمكن للولايات المتحدة خوض حربين في أفغانستان والعراق في وقت واحد» حيث تم تجاهله تماما في البرامج اللاحقة لأنه كما شرحوا له: «ليس محافظا بدرجة كافية» رغم وجود عقد بينه وبين القناة بأن يكون متفرغا لخدمتها في برامجها الإخبارية دون سواها من القنوات.
ميكانيلية
ولعل أسوأ ما وجدته في بحثي الشخصي عن ميردوخ هو ميكافيلية التي تمثلت مؤخرا في حادثتين. فحسب مقال نشر في نيويورك تايمز في 26 يونيو 2007، عبرت الحكومة الصينية الشيوعية عن غضبها لمحتوي تتر أو الفاصل المصور لأخبار «بي بي سي» الدولية التي يشاهدها الجمهور الصيني عبر شبكة «ستار تي في» التابعة لميردوخ وهو شريط مصور مدته بالكاد عشر ثوان يحمل لقطات إخبارية قديمة ذات دلالة كبري ويعرض قبل وبعد وأثناء فواصل نشرات الأخبار، وكان الغضب الصيني يتعلق بمقطع شهير لا يتجاوز طوله ثانيتين يصور طالب جامعي صيني يعترض طريق طابور من أربع دبابات ليمنعها من التقدم لدهس زملائه المتظاهرين أثناء انتفاضة ساحة تيانانمن الشهيرة للمطالبة بالديمقراطية عام 1989. وفور علمه بهذا الإحتجاج، طلب ميردوخ من «بي بي سي» حذف هذا المقطع القصيشر ذي الثانيتين من فاصل الأخبار.
ولكن «بي بي سي» رفضت تماما «مجرد» فكرة مناقشة الأمر أو المساومة علي سياستها التحريرية. وهنا قام ميردوخ بإلغاء عقده مع «بي بي سي» بوقاحة وحذف القناة بالكامل من باقة قنوات شبكة «ستار تي في» الشهيرة لكي لا تزعج الرقيب الصيني، ووصف ميردوخ «بي بي سي» في مؤتمر صحفي بعد تلك الحادثة بالغباء وتعريض المصالح التجارية لزبائنها للخطر.
هذا عن الحدث الأول، أما الحدث الثاني فيتعلق بالفساد المالي. فقد أدرك ميردوخ أهمية دور الصين العالمي القادم كثاني أقوي اقتصاد في العالم بعد أمريكا بعد احتلالها مكان اليابان بجدارة، وقام بالتالي بزيادة تغلغله ونفوذه في الصين عبر عرض التشارك في مشاريع استثمارية رأسمالية مع «أبناء وأحفاد» زعماء الحزب الشيوعي الصيني وكبار وزراء الحكومة. وأشرفت علي ترتيب حفلات التعارف والاتفاقات زوجة ميردوخ الثالثة (الصينية «ويندي دينغ» الموظفة السابقة في «نيوز كورب»، فرع هونج كونج، مواليد 1968) بحيث تكفل ميردوخ بكامل رأس المال للمشاريع ويكون دور الشركاء الصينيين الصغار محصورا في جهدهم للحصول علي موافقة آبائهم أو أجدادهم في الحزب والحكومة علي تنفيذ ثم تشغيل تلك المشاريع.
وتزيد ثروة ميردوخ الشخصية عن 6 بلايين دولار بخلاف أسهمه في نيوز كورب. ونلفت النظر أن السيد كوكيرن استعمل 30 هامشا كمراجع ومصادر للمعلومات في المقال ولكننا حذفناها لأنها لا تناسب طبيعة النشر في الصحف مع العلم أننا نقلنا أهم معلومات تلك الهوامش لتصبح في صلب المقال. انتهي تقديم المترجم ويليه مقال بول كوكرين:
نص المقال
«الوليد مع ميردوخ»
هناك 487 قناة فضائية عربية تبث عبر «عربسات» و«نايل سات» و«نورسات»، بالإضافة إلي العشرات من القنوات الأرضية المتهالكة. المشهد الإعلامي في المنطقة العربية أصبح متشبعا، بدليل انخفاض «المعدل السنوي» لظهور قنوات فضائية جديدة من 104 قنوات جديدة قبل سنتين (في الفترة بين أغسطس 2007 إلي مارس 2009) إلي 13 قناة فقط حاليا (خلال السنة المالية الحالية عام 2010).
وفيما يتعلق بالقنوات الفضائية «الإخبارية» العربية، لم يكن هناك أي مشارك رئيسي جديد في الساحة منذ بدء بث قناة «العربية» المدعومة من السعودية في عام 2003 ، وهي جزء من مجموعة «إم بي سي» السعودية، وجاءت كرد فعل للقناة ذات الوزن الثقيل «الجزيرة» التابعة لقطر.
كانت هناك بالتأكيد محاولات لمنافسة هاتين القناتين الرئيستين، ومع ذلك فإن العديد من القنوات الإخبارية العربية التي أطلقتها حكومات أجنبية في السنوات الأخيرة لكسب القلوب والعقول العربية ، مثل بريطانيا («بي بي سي» عربي) ، روسيا («روسيا اليوم») ، وإيران (قناة «العالم») ، والصين («سي سي تي في») ، والولايات المتحدة (الحرة) لم تجذب جميعها أرقام مشاهدين مشابهة ل «الجزيرة» و«العربية».
ولكن هذا الإحتكار الثنائي ل «أخبار» العالم العربي من قبل «العربية» و«الجزيرة» يستعد لهزة عنيفة، وهي قادمة من هيئة لها علاقة بواحدة من أكبر المجموعات الإعلامية في العالم: «نيوز كورب» التابعة لروبرت ميردوخ، والرابط المشترك معها هو الأمير الوليد بن طلال من المملكة العربية السعودية ، رئيس «شركة المملكة القابضة» التي تملك «مجموعة روتانا الإعلامية».
الارتباط مع روتانا
مؤخرا عانت «شركة المملكة القابضة» من أوقات عصيبة حيث انخفضت قيمة أصول الشركة الإجمالية 44.4% في الربع الرابع من عام 2008 ، مما يعني صافي خسارة يعادل8.2 بليون دولار. وهذا العام حسبما ذكر تقرير، حصدت شركة المملكة أرباحا تقدر ب 20 مليون دولار. ولكن مجموعة روتانا ، التي تضم ست محطات تليفزيونية وأربع محطات إذاعية، ومجموعة وسائط رقمية ، وتعتبر أكبر منتج في العالم للموسيقي العربية، يبدو أنها بحسب ما ورد تكافح بقوة لتبقي حاضرة في المشهد الإعلامي المتغير وهو السبب - يقول محللون - الذي جعل الأمير الوليد بن طلال يدرس خيار بيع حصص في المجموعة من خلال طرح عام أولي. وبحسب مصادر، تسببت قرصنة الموسيقي بمصاعب كبري لروتانا مما أجبرها علي تخفيض قيمة «سي دي» الموسيقي الأصلي من 45 ريالاً (12 دولاراً) إلي 15 ريالا (4 دولارات) وهو نفس سعر «السي دي» المقرصن للمحافظة علي موقعها في السوق وبالفعل زادت وتضاعفت المبيعات كثيرا ولكنها لم تحل أزمتها المالية.
وقد قيل أيضا ان تلك الصعوبات الاقتصادية كانت عاملا رئيسا وراء قرار قناة «إل بي سي» اللبنانية تسريح 140 موظفا في وقت سابق من هذا العام. ومن المعروف أن الأمير الوليد يملك 85% من «إل بي سي-سات» LBC-SAT ، وهي حصة قد ازدادت تدريجيا منذ شرائه حصة أولية في القناة تبلغ 49% في عام 2000. ثم اندمجت «إل بي سي-سات» مع روتانا في عام 2007.
من ناحية أخري، تم تبرير الهزة في «إل بي سي» بالحاجة إلي تحسين المحتوي والتغطية علي القناة ، في حين أن الأمير الوليد بن طلال قال ان الاكتتاب هدفه تمكين روتانا من توسيع عملياتها في الشرق الأوسط.
المجموعة بالتأكيد قامت بتكثيف نشاطها وإطلاق قنوات جديدة مثل «فوكس-أفلام» و«فوكس-مسلسلات» كما قامت في ديسمبر 2009 بالتوقيع علي عقد بقيمة 26.7 مليون دولار للحصول علي ترخيص من شركة «والت ديزني» العملاقة لبث برامجها بموجب إتفاق لمدة أربع سنوات.
الإتفاق مع «نيوز كورب» يعتبر أكبر دخول تليفزيوني في الشرق الأوسط لميردوخ منذ قيامه بشراء قناة «تي جي آر تي» التركية عام 2006 ومن ثم تسميتها «فوكس-تركيا» في 2007.
وبالنظر إلي أن الأمير الوليد بن طلال يملك نسبة تقدر ب 7% من «نيوز كورب» (56 مليون سهم فئة بي) ويعتبر أكبر مساهم فيها من خارج أسرة ميردوخ، فليس من المستغرب أن تدخل نيوز كورب في شراكة مع روتانا. مع العلم أن «نيوز كورب» يعمل فيها 64,000 موظف وتملك شبكة فوكس وشبكة ستار وسكاي نيوز وعشرات الصحف الغربية.
لكن تحرك «نيوز كورب» في الشرق الأوسط بدأت بالفعل عندما استحوذت شركة ميردوخ علي حصة 9.09 % في المائة في شركة روتانا في فبراير بمبلغ 70 مليون دولار. وأدت تلك الصفقة إلي تكهنات بأن شبكة «فوكس نيوز» ستطلق نسخة عربية لمنافسة «العربية» و«الجزيرة» ، ولكن الأمير الوليد بن طلال قتل هذه التكهنات قائلا: «أنا لا تصور وضعا تقوم فيه «فوكس نيوز» بالبث باللغة العربية»، وأضاف الوليد: «إن هذه الشراكة ستساعد «فوكس نيوز» والولايات المتحدة لفهم العالم العربي بصورة أفضل».
وبعد أربعة أشهر أتت قنبلة إعلامية مفاجئة عبر خبر بأن الأمير الوليد بن طلال سوف يطلق، بشكل مستقل عن مجموعة روتانا ، قناة إخبارية عربية علي مدار الساعة بشراكة مع «فوكس نيوز». ولم يزعج الأمير الوليد بن طلال كون الفضاء العربي مزدحم بفضائيات كثيرة، أو أن القناة يجب أن تنافس قنوات عتيده قطرية وسعودية.
قال الأمير في بيان صادر عن شركة المملكة القابضة: «لم يعد لدينا متسع كبير في الفضاء العربي لكونه محتل بقنوات فضائيات كثيرة، ولذلك فإن القناة الاخبارية الجديدة ستصبح إضافة وبديلا للمشاهدين ، وهدفنا الشخصي هو تحقيق ذلك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.