في إحدي الندوات بقصر التذوق، بسيدي جابر، سمعت شاباً من الحضور يقول لفتاة، بعد انتهاء الندوة: "نتقابل علي" "الفيس بوك".. ولم ينس أن يعاتبها علي عدم انضمامها لمجموعته. وفي نقاش حول "الإنترنت" مع إحدي الفتيات بكلية الصيدلة- جامعة الإسكندرية، وجدتها تقول وبهدوء شديد: ليس لي أي أنشطة داخل الجامعة، ومظهري العام لا يلفت النظر، كما أنني لست الفتاة الأكثر شعبية، بل أنني فتاة خجولة أقرب للطفولة، بالإضافة إلي أنني أجد صعوبة في تكوين صداقات داخل الجامعة أو - حتي - خارجها، وألجأ إلي "الفيس بوك" لأكتب أفكاري بحرية، ليقرأها زملائي وزميلاتي، مما يعطيني الفرصة للتفاعل الاجتماعي معهم..!! وابنة شقيقتي تلميذة بالصف الثاني الإعدادي، كوَّنت ومعها زميلاتها، وبتشجيع من إحدي مدرسات الفصل، مجموعة علي "الفيس بوك"، يكتبن فيها أفكارهن بحرية، ويتناقشن فيها حول أخبار ومشاكل المدرسة والدراسة، وتطلعاتهن المستقبلية، ويتفاعلن أيضاً مع مجموعات أخري..!! ومما لاشك فيه أن هؤلاء جميعاً، قد عرفوا الكمبيوتر الإنترنت مع نظام تشغيل "ويندوزXP " و"ويندوزVista " و"الويب2" ولم يعرفوا البدايات الأولي للكمبيوتر أيام "الكروت المثقوبة".. ولغة "الفورتران". ثورة تكنولوجية وعندما ظهر الكمبيوتر الشخصي ونظام تشغيلهDos وشاشته السوداء وأوامره المملة، كان ذلك ثورة كبيرة بالنسبة لجيلنا..!! ولم نعرف نحن "الإنترنت" إلا في النصف الثاني من التسعينات، ولم يكن مثل الإنترنت الآن، فقد كانت الشاشة سوداء وكان يحتاج إلي قائمة طويلة من الأوامر، ولم يكن "الويب" و"الهايبر تيكستhypertext " قد ظهرا بعد. - والآن وبعد مرور نحو عشرين عاماً علي انطلاق "الإنترنت"، وتداخله مع جميع فروع حياتنا اليومية بشكل لافت للنظر، لابد أن نعترف أنه أحدث ثورة تكنولوجية، اجتماعية وثقافية، غير مسبوقة، ووفر إمكانية كبيرة للتواصل الاجتماعي بواسطة اللغة، مكتوبة كانت أم مقروءة، علاوة علي الصوت والصورة والحركة، ومازال "الإنترنت" يتحفنا بالكثير من أشكال التواصل الإنساني، التي يتحطم من خلالها الكثير من حواجز التعبير، وهو ماجعل الخبراء يطلقون عليه "الإنترنت الثاني" - القائم علي التفاعلية. فبعد عام 2005، أصبحت المواقع الاجتماعية مثل: Face book / my space / twitter مقصداً مشتركاً لعدد ضخم وهائل من شباب العالم، والدافع الأساسي من استخدام هذه المواقع هو التواصل الاجتماعي، مع أفراد - ربما - تعرفهم ويعرفونك.. تواصل فيه نوع من الحميمية، وليس كما هو الحال مع المنتديات أو الشاتChat . ولاشك أنه كانت هناك مواقع أخري، لا تملك نفس الشعبية مثل: Friendster ، ومع حلول 2005 أصبح موقع My space مقصداً لطلاب المدارس الثانوية، في جميع أنحاء الولاياتالمتحدةالامريكية، وأيضاً للشباب والمراهقين في بلدان أخري، وفقد Friendster قبضته علي سكان الحضر، إلا أنه أصبح أكثر شعبية بين المراهقين في بلاد مثل سنغافورة وماليزيا والفلبين وأندونيسيا. وهناك أيضاً شبكات اجتماعية مثل: Hi5 وOrKut وكانت في بدايتها تتمتع بشعبية كبيرة بين الكبار في بلدان مثل: الهند والبرازيل، واستطاعت أن تجذب اهتمام الشباب في تلك البلدان. ثم ظهرت مواقع لشبكات اجتماعية جديدة استطاعت ان تجذب اهتمام وانتباه الشباب مثل:Space Party - Tagwarld - Bebo - Mixi - Piczo وانطلقت في أمريكا واليابان واستراليا ونيوزيلندا. إلا أننا نستطيع أن نقول انه حتي الان، يعتبر موقعfacebook وموقعTwitter هما من أكثر المواقع جذباً للشباب العربي. الفيس بوك والفيس بوك أصلاً موقع أمريكي لطلاب الجامعات، ثم فتح الباب لطلاب المدارس الثانوية في شهر سبتمبر عام 2005، ومن وقتها وأعداد مستخدمي (الفيس بوك) في تزايد مستمر، حتي وصلت منذ عدة أسابيع إلي نحو 250 مليون مستخدم، بعد إضافة 50 مليوناً خلال الأشهر القليلة الماضية وحدها، ويتوقع المراقبون زيادة عدد مستخدميه عن عدد سكان الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها، خلال شهر نوفمبر 2009، وذلك في حالة حفاظه علي معدلات نموه. وعلي "الفيس بوك"، هناك مساحة للتحاور، والتعليقات، بالاضافة إلي وجود أجندة تدون فيها أهم الأخبار، التي يهتم بها المشتركون في المجموعة، بدءاً من الأحداث القومية أو المحلية، حتي أعياد ميلاد الأعضاء، كما أن هناك مساحة لإعلانات البيع والشراء الخاصة بالأعضاء، إلي جانب مساحة لكل عضو، يضيف فيها صوره الشخصية، علاوة علي وجود "مدونات"Blogs مرتبطة بالموقع.. ويهدف هذا الموقع بشكل عام، إلي إتاحة فرص التعاون بين الشباب. وقبل عامين، أي في 2007 ظهر الموقع الاجتماعيTwitter ، وتمكن من أن يكتسب بعض النضج في الأيام الاخيرة، مع الانتخابات الإيرانية 2009، حيث أصبح منصة للتواصل، لاغني عنها، خاصة بعد أن احتل غلاف مجلة (التايم) في شهر سبتمبر 2009، ولجأ إليه الإيرانيون المحتجون علي نتيجة الانتخابات الرئاسية في البلاد، والدعوة إلي المقاومة، ونشر المعلومات حول المواجهات في الشوارع الإيرانية. ويصعب الآن إحصاء عدد مستخدميTwitter ، لانه أصبح متوفراً من خلال الهواتف المحمولة، والحواسيب الشخصية، وعشرات التجهيزات الإليكترونية الأخري. ويتوقع المراقبون، أنه مع نهاية عام 2009، أن 80% من مستخدمي الإنترنت في العالم، أي ما يساوي أكثر من مليار شخص، سوف يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، وأن الغالبية العظمي من المستخدمين هم من الجيل الجديد أو الشباب الرقمي او السايبراني.!! الرقميون بالنشأة او الشباب السايبراني وقد ظهر في الفترة الأخيرة، ما يعرف بالشباب الرقمي أو الشباب السايبراني CeyberJeunesse ، وهم أولئك الذين نشأوا في البيئة الرقمية، نشأوا في عالم تحكمه الصورة والفورية والوظائف المتعددة والانتقال السريع بين القنوات التليفزيونية المختلفة، أولئك الذين لم يعرفوا هذا العالم بدون "الإنترنت" والهواتف المحمولة، ولا يقتنعون بالمرور الأحادي الاتجاه لأجهزة الإعلام التقليدية، بل ينشرون أفكارهم الخاصة، ويطلقون مدوناتهم ومواقعهم علي الإنترنت، يدونون فيها أفكارهم وأحلامهم، ويقدمون أنفسهم بالصور والكتابات، ويفصحون في علانية، عن علاقاتهم بأقرانهم، ويكتبون تعليقاتهم بشفافية واضحة، بعيداً عن الرسميات وسلطة المجتمع والكبار، وهؤلاء يشكلون ما يسميه "مارك برنكسي" Marc Prensky - خبير التكنولوجيات الحديثة في التربية - بالرقميين بالنشأة أوDigital Natives .