سنحكي عن احوال المصريين خلال حكم مصر كولاية من الولايات الإسلامية- لنتصفح التاريخ علنا نعلم بما لا نعلم- لكي لا تقع الكارثة وندافع عما لا نعلم- ولنعلم لكي نتنفس في وطننا هواءا حرا نقيا- وليس مسموما بافكار من يروجون لشعارات لن تمحوا تاريخا أسود عاني منه المصريون جميعًا- عندما حكمونا باسم الدين وكان الإسلام هو الحل دعونا نقرأ أو لنعاود القراءه- كيف كانت معاناة المصريين- خلال حكم الولاة العرب لمصر من آمويين وعباسيين وفاطميين والمماليك حتي الأتراك العثمانيين. وكلنا يعلم ان الشعب المصري بكامله كان مسيحيا عشية الغزو العربي الاسلامي بقيادة (عمرو بن العاص) فبعد اقتحامه حصن بابليون وهروب المقوقس الي جزيرة الروضة دعاه عمرو الي ثلاث : ليس بيني وبينك إلا ثلاث خصال إما ان تدخل الإسلام وأما تعطي الجزية وتكون آمنا علي نفسك من القتل واما تقاتلنا ونقاتلك ولم يكن أمام المقوقس إلا قبول دفع الجزية حماية لدينه وعشيرته- وعندها ملك عمرو بن العاص مصر اصبح اهلها اهل ذمة (رعيه) فرض عليهم النهب باسم الدين دفع جزية علي الرؤوس وخراج علي الأرض والفيء وهي ضريبه سنويه تصدر إلي الخليفة- ولجأ عمرو إلي تجريد المصريين من أملاكهم من أموال (كنوزهم) ليستولي عليها ضمن غنائمه فكان يأتي بالمصري تحت ظلال سيوف حراسه ويسأله أين كنزك؟ فإذا انكر يبعث بحراسه للتفتيش فإذا وجدوا كنزا صادره عمرو غنيمه له من أموال السحط ومطيحا بسيفه رأس المصري سافكا دمه- وكان مصاحبا معه فقيه من فقهاء النفاق يسمي أبوعبيد مبررا الجريمه بأن عمرو صارحهم إلا يكتموه اموالهم وعندما كتموه استحقوا القتل- فما بالك بباقي المصريين وكنوزهم أمام طيران الرءوس أي شريعة تلك التي تجيز سفك دماء البشر هكذا. لهذا كان بعض المصريين يتحولون إلي الإسلام لتجنب الاضطهاد ارجع الي كتاب المجتمع في مصر الإسلامية- مكتبة الأسرة- د.هويدا عبد العظيم رمضان. حتي أنه لما جاء في الحكم معاوية بن ابي سفيان من الآمويين زاد من الجزية علي اهل مصر بمقدار خمسين في المائه بدعوي ان مصر فتحت عنوة لا صلحا وفرض الجزية حتي علي من أسلم من أهل مصر- ارجع الي كتاب الاستاذ/ سلام فياض " الوجه الآخر للخلافة الإسلامية". ليبدأ تاريخ حكم الولاة العرب للمصريين- ونعتقد ان عمرو بن العاص وضع نظام النهب الذي سار عليه أغلب الولاة من بعده- هذا إلي جانب ان كل الولاة العرب كانوا يحرصون علي حرمان المصريين من المشاركة في الحكم أو حتي الدفاع عن بلدهم (فليس علي الرعية الدخول في حرب) ليتحولوا بمرور الزمن الي اقنان او عبيد للعمل في الارض للوفاء بالتزامات النهب لا فرق بينهم في من أسلم ومن لم يسلم. وسأقتطف بعضا من أشكال الظلم التي تعرض لها المصريون- ففي عهد الفاطميين كان الحاكم بأمر الله يأمر اليهود ان يعملوا في أعناقهم إذا خرجوا إلي الاسواق قرامي خشب كل قرمة خمسة أرطال- وامر النصاري أن يضعوا في أعناقهم صلبان من الحديد قدركل صليب ذراع- ومن المضحكات المبكيات- أنه كان يسير في الأسواق ومعه عبد اسود طويل عريض وإذا وجد أحد من السوقة غش في بضاعته أمر هذا العبد وكان يسمي مسعود بأن يفعل به الفاحشة العظمي وهي اللواط فيفعل به والناس ينظرون اليه حتي يفرغ منه والحاكم واقف علي رأسه حتي صار مسعود مثلا عند أهل مصر فاذا خرج بعضا منهم مع بعض يقولون "احضر له مسعود "، وليس غريبا ان هذا الحاكم في النهاية ادعي الربوبية فكان إذا مر في الطرقات- سجدوا له- ويقولون- يا محيي يا مميت- ومن لم يفعل- يضرب بالسيف عنقه. تحمل المصريون ظلم الفاطميين وجنونهم مائتي عام من الذل والمهانة- لما ابتلاهم الزمن من حكام ليصبح السلوك اليومي للمصريين هو اللا مبالاة فجميع الولاة في ظلمهم سواء- والمصري كان يعرف انه سيدفع ما بين يديه لمن قدموا من الشرق أو من الغرب يا قلب لا تحزن. حتي المماليك القادمون مع تجار العبيد ليكونوا جنودا لحكام مصر في عهدهم حدثت كثير من المآسي والحوادث التي يشيب لها الولدان ولكني سأكتفي ببعض منها. في عهد المملوك السلطان قطز كثر الحريق بالقاهرة واشيع بين الناس ان هذا من فعل النصاري- فامر السلطان بجمع سائر النصاري في مصر قلما جمعوا أمر بحرقهم فجمعت من أجلهم إلاحطاب والحلفاء. وعند ذلك طلع الاتابكي إلي القلعة واجتمع بالسلطان ليشفع للنصاري- فرسم السلطان ان يوردوا للخزائن الشريفة خمسين ألف دينار. قطز هذا اغتيل علي يد بيبرس وملك الحكم وقبل أن يجف دم قطز من علي يدي بيبرس حلم حلما وصحي من المنام- ليجمع النصاري مرة أخري ليمزقهم- ولكنهم فدوا انفسهم بخمسين ألف دينار أيضا وكله نهب. وفي عصر المملوك السلطان محمد بن قلاوون الذي بدأ عصره بمذبحة ضد العوام ليستقر الرعب في قلوب الرعية وفي أواخر سنين حكمه وقعت فتنة طائفية بين طائفتين من العربان في مصر المحروسة فقاموا بنهب البحيرة لاحظ الخسارة دائما علي الشعب المصري هكذا كان العربان دائما يظهرون العصيان بالإغارة علي قري المصريين لنهب الغلال من الجرون. في عهد الملك الناصر محمد انتشر الطاعون وتسبب في وفاة إعداد لا حصر لها واذا اضيف له القحط ونهب المماليك والعربان يتبادر الي الذهن تساؤل كيف كان يعيش المصريين - وأي حكم هذا الذي زاوله المماليك في ذلك الزمن حيث كانوا يحيكون المؤامرات و يقتلون اقرب اقربائهم ويسكرون ويهتكون اعراض الناس ويسرقون اموال اليتامي والفقراء. من أهوال هذه الأعمال في ذلك الزمان اعتقد الناس أن الحوائط تتكلم في بيت ابن العفيش وكانوا يقولون "ياسلام سلم الحائط بتتكلم ".... وادعي آخر النبوة وزعم ان حروف القرآن تنطق له وأن الوحي يأتيه علي لسان جبريل ولسان ميكائيل تارة. للمصريين كل الحق في الهذيان لما عانوه من ظلم وقهر. لقد أصاب سلاطين (العبيد المماليك) ما يصيب الطغاة دائما من أمراض البغي واستعراض القوة وتجربة النفوذ وتنفيذ مشيئة الحكام. وليس من الغريب أن يحكموا مصر ما يقرب من ثلثمائة عام لاستسلام المصريين للذل والمهانة. ولكي لا أزيد من المآسي هما علي القاريء العزيز- لمن يريد الاستزادة وفي الاستزادة افادة عليه بالرجوع لكتاب قراءة جديدة في كتاب قديم للأستاذ/ محمد حسين يونس- باب بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس- مكتبة مدبولي. لقد كان القدرعاصفا بآمال وأحلام المصريين بحكم عادل ينهي عذاب المصريين بانتهاء حكم المماليك عندما غزا سليم الأول ملك الترك مصر وقام بقتل طومانباي آخر حكام المماليك عام 922 هجرية- بعد ظهور الإسلام بحوالي ألف عام- ليبدأ زمن نهب استعمار إسلامي عثماني جديد بنفس الأساليب والشروط وأيضا بمساعدة المماليك انتظار القدوم محمد علي باشا ليقضي عليهم نهائيا بمذبحة القلعة. ويبدأ عهد جديد لبناء مصر الحديثة- وليس الإسلام فيها حلا.