المحامين تصدر بيانًا بشأن متابعة تنفيذ قرار الإضراب عن الحضور أمام محاكم الاستئناف    محافظ البحيرة توجه بشن حملات رقابية مكثفة لمنع تداول القمح خارج الأطر القانونية    آخر تحديث رسمي.. انخفاض كبير في سعر الذهب اليوم الخميس 8-5-2025 في مصر وعيار 21 الآن    السيسي يشارك في احتفالات عيد النصر بموسكو    الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنوية لنهاية الحرب العالمية الثانية    وسام أبو علي رجل مباراة الأهلي والمصري    سيارات زيرو وخسائر بالملايين.. ماذا حدث داخل معرض القطامية؟    يضاف لها مياه نار.. ضبط 1200 لتر حليب فاسد في بني سويف    بالصور- انهيار كارول سماحة في عزاء زوجها ب لبنان    زوجي استولى على الذهب بتاعي وباعه.. وأمين الفتوى: لا يجوز شرعًا    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب البابا روبرت فرنسيس بريفوست    ريتشارليسون يتصدر تشكيل توتنهام أمام بودو جليمت بنصف نهائي الدوري الأوروبي    محمد فوزى: التحركات المصرية القطرية الهامة تأتى فى ظل وضع إنسانى صعب بغزة    "أوتشا": عنف المستوطنين بالضفة الغربية فى تزايد    انطلاق قوافل المراجعة النهائية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بالأقصر (صور)    بعد قليل.. الأهلي والاتحاد.. نهائي كأس مصر لكرة السلة    نفس توقيت نهائي الكأس.. ديسابر يعلن ضم ماييلي لقائمة الكونغو الديمقراطية في يونيو    كرة يد - قبل مواجهة الأهلي.. الزمالك يتعاقد مع 3 لاعبين    أخبار مصر اليوم.. بوتين يستقبل السيسي في الكرملين    هيبة: مصر أنفقت 550 مليار دولار على تحسين البنية التحتية خلال 10 سنوات| خاص    معدات ثقيلة لرفع سقف موقف قوص المنهار فوق 40 سيارة (صور)    رائحة كريهة تكشف عن جثة خمسيني متعفنة بالحوامدية    مستشار وزيرة التخطيط: 44% من القوى العاملة بحلول 2030 ستكون من الجيل التكنولوجيا الحديثة    تقرر مد مسابقة توفيق الحكيم لتأليف المسرحي .. اعرف تفاصيل    «كان يخاف ربه».. هالة صدقي تحسم جدل أزمة طلاق بوسي شلبي من الراحل محمود عبد العزيز    ما تأثير الحالة الفلكية على مواليد برج الحمل في الأسبوع الثاني من مايو 2025؟    أكشن بتقنيات عالية.. الإعلان التشويقي لفيلم المشروع X ل كريم عبد العزيز    فعاليات تثقيفية متنوعة ضمن دوري المكتبات بثقافة الغربية    مسابقة قرائية بمكتبة مصر العامة    ياسمينا العبد: كنت متأكدة إني هبقى سبب فشل مسلسل «موضوع عائلي 3» (فيديو)    إنشاء مدارس ومراكز للشباب وصرف إعانات عاجلة.. تفاصيل لقاء محافظ المنيا والمواطنين اليوم    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    السبت المقبل.. 23 ألف طالب يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة أسوان    القومى للبحوث: اكتشاف إنزيم مهم من فطر الاسبرجليس لتقليل الكوليستيرول بالدم    الصحة: تنظيم مؤتمر علمي لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    الدخان الأبيض يعلن بدء رحلة بابا الفاتيكان الجديد.. الأجراس تدق والاحتفالات تملأ الشوارع    وزارة الشباب والرياضة ... شكراً    طلاب جامعة الدلتا التكنولوجية يشاركون في معرض HVAC-R.. صور    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    محافظ الجيزة: تحسين كفاءة النظافة بمحيط المدارس استعدادا للامتحانات    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    الحكومة: أسعار جلسات الغسيل الكلوى ثابتة دون زيادة وتقدم مجانًا للمرضى    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    خالد الجندي: نركز على المال والمظاهر والغنى الحقيقي هو الاستغناء    16 أستاذ جامعيا يتقدمون لرئاسة جامعة بني سويف    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    تكثيف جهود البحث عن فتاة متغيبة منذ يومين في القليوبية    تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب الحلال يثبت التصور الديني ويقدم القدوة ويطلق ملكات الإبداع
نشر في القاهرة يوم 10 - 08 - 2010

يري العلامة محمود شاكر أن "رأس كل ثقافة هو" الدين " بمعناه العام، والذي هو فطرة الإنسان - أي دين كان - وبقدر شمول هذا الدين لجميع ما يكبح جموح النفس الإنسانية ويحجزها عن أن تزيغ عن الفطرة السوية العادلة، بقدر هذا الشمول وهذا التغلغل في بنيان الإنسان، تكون قوة العواصم التي تعصم صاحبها من كل عيب قادح ".
ويؤكد شاكر في مقدمته لكتاب المتنبي، والتي جعلها كتابا منفصلا بعنوان ( في الطريق إلي ثقافتنا ) يؤكد أنه أمضي عقدا من عمره ضائعا حائرا حتي ثبتت عقيدته القائلة بوجود فساد في جميع المذاهب الأدبية النافرة عن أصل عقيدتنا، وطبيعة ثقافتنا.
وقد انطلقت دعوات بلا حصر، لربط الأدب بالدين، والبحث عما سموه " أدب إسلامي " وشعر إسلامي ومسرح إسلامي إلخ.. ومن هذه المساعي الحميدة بحث أستاذنا الجليل المرحوم د.حسين علي محمد، الذي توفي مؤخرا في 21/7/2010م.
يقرر د.حسين علي محمد في كتابه المهم ( القرآن ونظرية الفن ) أن الالتزام الديني يظل سياج أمان للمبدع، وأن الانفلات عنه هو انفلات عن هويتنا.
الأدب الحلال.. والمقاومة
صدر الكتاب عام 1979م للمرة الأولي، في ثلاثة فصول، ثم تعددت دراسات مؤلفه، بعد حصوله علي الدكتوراه، وعمله في التدريس الجامعي، فأصدر طبعة جديدة عام 1992م تحتوي خمسة فصول، الأهم أن الكتاب - في طبعتيه - احتوي رؤية صاحبه اللي اجتهد فيها حول فكرة " الحلال والحرام في الفن " ويقصد بالفن هنا الفن الكلامي (الشعر والقصة والمسرح ) مؤكدا أن التصور الإسلامي للأدب الحلال أنه الأدب الذي يقوم بمجموعة متكاملة من الأدوار، أولها: تثبيت التصور الديني وترسيخه، منتقدا في ذلك الاستخفاف بالأمور العقيدية، ولو كان علي سبيل الاستعارة أو التشبيه، وقد مثل لذلك بتسمية أحد المسرحيين عمله المسرحي بعنوان (الراجل اللي ضحك علي الملايكة ) - المسرحية لعلي سالم عرضت علي مسرح الحكيم في 20أكتوبر 1966م بعد تغيير عنوانها إلي " الراجل اللي ضحك علي الأبالسة ". وقد تسبب التغيير في موجة غضب عارمة عند النقاد سامي داود، ورشدي صالح وأمير اسكندر وصالح مرسي وفتحي خليل ووحيد النقاش ومحمد بركات وفاروق عبد الوهاب، وجميعهم أجمعوا علي انتقاد الرقابة في تغيير الاسم الذي يتعارض بفجاجة مع أحداث المسرحية.( مؤلفات علي سالم - ج 3 هيئة الكتاب عام 94).
ثم يعرض الباحث لمسرحية د. أحمد شوقي الفنجري وعنوانها "بلال الحبشي" والتي تطرح مفهوما عميقا للتوحيد وقيمته:
بلال : أحدٌ أحدْ
أمية : أما تفتأ تردد هذه الكلمة ؟ فخذ بالسوط حتي يخرس لسانك.
بلال : أحد.. أحد.
أمية: ردد ما تشاء.. أحد أحد، فإن لم يسكتك سوطي يا بلال، فسوف يجف حلقك.
يري الباحث أن هذه المسرحية ستدفع بالقارئ إلي ساحة التوحيد، وستحرضه علي أن يتعرف الإسلام باعتباره منهاج حياة كامل.
ثم يذكر الباحث الدور الثاني للأدب، وهو تقديم النماذج والقدوات، مقدما نماذج لأعمال مثل مسرحيتي "الحسين ثائرا " و" الحسين شهيدا " حيث يري في هذه الأعمال وفي أعمال عدنان مردم بك وعلي أحمد باكثير قيمة دينية عميقة من خلال نمذجة الشخوص الفاعلة في تاريخ المسلمين.
وإن كان قد لام مؤلف «الحسين ثائرا» علي بعض الألفاظ التي جاءت علي لسان "سعيد بن سعيد أحد أصحاب الحسين، كقوله: ( ما تولي غير أولاد الأفاعي، ما تلوي غير أولاد الزني).
ولا يتوقف الباحث الدكتور حسين علي محمد علي الأعمال التاريخية والدينية فقط، إنما يقدم مسرحية تتناول "دير ياسين " التي كتبها شعرا عدنان مردم. ورأي فيها نموذجا "يناضل من أجل الكلمة الشريفة الحرة ويدافع عن المحارم ".
ثم ينتقل للدور التالي وهو إطلاق الملكات المبدعة والدعوة للعمل الصالح، ويتوقف عند قصيدة طويلة للشاعر الكبير حافظ إبراهيم، يدعو فيها إلي الوقوف مع مشروع الجامعة، ولم يتحدث الباحث عن فنيات القصيدة ولا جمالياتها ، مستندا لدورها الاجتماعي وليس الجمالي، رغم أن العرب قالت قديما (الشعر نكد بابه الشر، فإن دخل الخير لان).
ويستشهدون بضعف شعر حسان بن ثابت بعد تحوله للدفاع عن النبي والإسلام، وقد ظهرت نزعات جديدة تري أن الفن هو المجال الأخصب لممارسة الحرية، وخطاب التحريم يؤكد أنه حين تصبح المجتمعات فزعة من الحرية، يكون الفن ضحية هذا الفزع " كما يشير نصر أبو زيد.
ثم يشير المؤلف إلي أهمية تأكيد الفن علي آدمية الإنسان باعتباره خليفة الله علي أرضه، ويتوقف عند قصيدة مبكرة للشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، هي "مقتل صبي " من ديوانه الأول "مدينة بلا قلب" والتي تصور مقتل صبي تحت عجلات سيارة، وكيف انصرف الناس حين ( آن للساق التي تشردت أن تستكن/ وعندما ألقوه في سيارة بيضاء/ حامت علي مكانه المخوب بالدماء/ ذبابة خضراء).
ثم يتوقف الباحث عند نماذج متعددة لمحمود حسن إسماعيل، وصابر عبد الدايم وحسن بن يحيي ومحمد بن عمارة، وهاشم الرفاعي، وغيرهم.
وفي عرضه لديوان هاشم الرفاعي، نجد المؤلف ضد النزعة الخطابية التي سادت شعره، والتي قتلت الفن فيه، رغم أنه ديوان مثالي لتمثل حالة المقاومة، إلا أن الضجيج والخطابية المباشرة أفسدتا شاعريته، كقوله ( جلاد مصر ويا كبير بغاتها / مهلا، فأيام الخلاص دواني ).
أيام في الحرام:
ثم يقدم الباحث الدكتور حسين علي محمد تصورا لما يراه حراما في الفن، ويعدده في نقاط من أهمها : بلبلة التصور الديني، نشر الفساد في الأرض، تزيين الرذيلة، اتباع الهوي، وثنية التصور، فساد الرؤية وفساد الصورة، ويتوقف أمام نماذج لنجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، لكن الملاحظ أنه لم يلجأ مباشرة لما كتبوه إنما لما كتب عنهم، وهي مسألة ربما تعود لضعف المراجع وقت إعداد الباحث لبحثه في نهاية السبعينات، لكن الطبعة الثانية كانت فرصة طيبة للعودة للكتابات ذاتها، وتأملها بشكل عام وليس اجتزائيا، في جميع الأحوال، ساهم الكتاب - ضمن كتابات عديدة لمؤلفه في ترسيخ مفهوم عميق للأدب الإسلامي، مانحا القارئ الحق المطلق في الاتفاق أو الاختلاف. رحم الله د. حسين علي محمد الذي عاش مؤمنا بما يقول، صادقا فيما ينطقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.