أحمد الشهاوي : المرأة عند بعض الشعراء مجرد قنطرة للمجاز الشعري يجوب الآفاق مرتحلاً، يذهب إلي ذاته ليبحث في غياهبها ويأتينا دوماً بعمل فني هو عند البعض صدمة فنية وعند البعض الآخر صدمة أخلاقية لكنه مستمر لا يعبأ بأي صدمات يحدثها شعره، مشغولاً بالوصول الي سدرة التمام، متخداً من نوال عيسي، أسطورته التي صنعته وصنعها مفتاح الأسرار وقدس الأقداس التي منها بدأ واليها ينتهي. هو الشاعر والصحفي أحمد الشهاوي الذي استحق العديد من الجوائز منها جائزة اليونسكو في الآداب عام 1995م وجائزة كفافيس في الشعر في مايو 1998، وتناول شِعْرَهُ العديد من أطروحات الماجستير والدكتوراه في الجامعات المصرية والعربية. ترجمت قصائده إلي لغات عدة، ومن إصداراته ركعتان للعشق والأحاديث وكتاب العشق وأحوال العاشق وكتاب الموت ولسان النار والوصايا في عشق النساء وباب واحد ومنازل وقل هي ومؤخراً صدر له " أسوق الغمام". التقيناه لنحاوره ونخوض معه اسرار تجربته الإبداعية..... تلك التجربة التي طالما اثارت ومازالت تثير حالة من الجدل الفني و"غير الفني" حدثنا عن كفر المياسرة وتأثيرالنشأة في تجربتك الشعرية؟ ليس صحيحاً ان القري تتشابه، فكل قرية لها عوالمها واساطيرها وأظن ان قريتي كفر المياسرة تظل المكان الاول الذي تتردد أصداؤه في روحي وكتاباتي وله سطوة وسلطة علي مخيلتي وقد استطعت رغم اسفاري الكثيرة ان أمسك بهذا المكان ذي الخصوصية والندرة في عوالمه خصوصاً انه محضون بالنيل من جهات ثلاث. وأتصور ان الطبيعة الخاصة للقرية قد منحتني ومنحت نصي خصوصية اذ يظل المكان واسراره في كل نصوصي الشعرية. ان كفر المياسرة التي اتي أهلها مع الفتح الإسلامي من اليمن لها لهجتها الخاصة واتسم اهلها بالعلم والدين وكانت مسرحاً لطفولتي وولادة قصائدي الاولي وايضاً اتصالي بالشعروالتصوف. ماذا عن نوال عيسي.. هل الفقد المبكرللأم له اثره في تجربة الشهاوي الشعرية وهل لو عاشت حياة أطول كان سيكون لها نفس التاثير؟ أحياناً أسأل نفسي: هل يمكن لي ان اعيش حياه اخري غير التي انا عليها الآن؟ هل لو لم تمت نوال عيسي ولم أكن يتيماً منذالرابعة من عمري هل كنت سأصير شخصاً آخر؟ نوال عيسي اسطورتي الشخصية، المرأة الجميلة التي رحلت في الخامسة والعشرين، المرأة التي اجتمعت شابات القرية طبقاً لطقوس الحزن( العديد) ليودعنها، هذا المشهد يطل علي كل صباح وكل مساء رغم كوني كنت صغيراً فمازالت صباحات ومساءات الموت تحلق علي رأسي، اعتقد اني بنوال صرت احمد التي لو عاشت لفرحت برؤية ابن لها (خلدها) رغم تقاليد القرية التي تخجل من ذكر الأم فأظن ان كل الشعراء بلا استثناء لا يكتبون باسم امهاتهم مكتفين بذكر مفردة الي امي او الي والدتي فيما عداي انا والشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذي احتفي بذكر فاطمة قنديل والدته فهذا يؤكد ان هناك فجوة كبيرة من التراث الإسلامي الذي احتفي بذكر الأم وما وصلنا اليه من تخلف وسلفية تمثلت في جهل الشعراء والكتاب من الإشارات الي امهاتهم بالاسم الصريح. لا شك ان هناك التباساً لدي بعض الذين قرأوني من الشعراء والنقاد خاصة انني اهديت كل كتبي إلي امرأة واحدة هي نوال عيسي ومن ثم وقعوا في أسر الشكل والمباشرة ورأوا ان المرأة في شعري تقترن او تبتعد او تتواصل أو تتقاطع أو تتوازي مع نوال عيسي. وبمناسبة سؤالك ادعو إلي إعادة قراءة كتبي دون النظر الي نوال عيسي باعتبارها المرأة الكلية او الأولي في النص. قيم لنا تجربة الشهاوي الشعرية علي مدار عقدين من الزمان؟ هل اصبحت اكثر نضوجاً ورسوخاً وثراء وهل مرور السنوات دائماً في صالح الشاعر أم من الممكن ان يسبب الزمن شيئًا من التقهقر لتجربة الشاعر الابداعية؟ أعيش الحياة شاعراً. صحيح انني قضيت كثيراً من الوقت في الاهتمام بالهوامش، لكنني ادركت المتن قبل فوات الأوان، بمعني انني اعيش مع كل ما في القلب من الأشياء والكتب فمثلاً صرت منذ 10 سنوات علي الأقل أحتفي وأحتفل بالكتب المتون التي هي امهات في كل الثقافات والحضارات فلم أعد اقتني الا التي اريد وأرغب في قراءتها، صرت أكثر في عزلة واقتراباً من نفسي وصار السفر أساساً في حياتي لأنه يتيح مالم تتحه لي الإقامة في الوطن من عزلة وذهاب الي ذات وتواصل مع الروح فتجربتي كتاب واحد تتعد صفحاته بمعني انني في غني عن كتابة سيرتي الذاتية اذ هي موجودة في كل شعري، وما شعري الا كتاب سيرة لأحمد الشهاوي في علاقته بالشعر واللغة والمرأة والدين والمكان والزمان والتصوف وغيرها من العناصر التي شكلتني او تمثل لي رافداً أساسياً. أظن طوال الوقت انني مازلت في البدايات ومازال امامي الكثير لأكتب وأعتبرانني في كل كتاب شعري ادخل في تحد تجريبي للوصول الي نص أبتغيه واريده وما تجاربي الا محاولات للذهاب نحو اكتمال الشكل والوصول الي البساطة والتقشف في اللغة وعلو الخيال والتشكيل باللون عبر اللغة، وما دخولي في عام 2009 و2010 في تجربة الرسم إلا محض بحث عن أسرار داخلي هي رسوم لشاعر يشكل باللون قد تكون مفاجأة للشعراء والرسامين معاً فسأبدأ في مصر معرضي الأول ثم يذهب الي باريس والولايات المتحدةالأمريكية. وسؤالك هذا جعلني أستعيد بعض الأسماء الشعرية التي لاتزال حية جسداً لكن نصوصها ميتة بحكم التكرار وإعادة إنتاج الذات لأن ما يقتل الشاعر هو تقليد نفسه وفي ثقافتنا من الصعب ان تجدي شاعراً يقول لنفسه ( جف القلم ورفع الكتاب) علي غير ما هو موجود في الثقافة الغربية، وهناك شعراء من جيل الستينات ايضاً توقفوا عن الخلق والابتكار رغم انهم توقفوا عن الكتابة، هنا تصبح الكتابة تراكماً ليس فيه اي اضافة او جديد لرصيد الشاعر. هل أقول لك ان الشعراء في اغلبهم هم أقل فئات الناس جميعاً قراءة، إنهم يسيطر عليهم التقاليد القديمة ( الشفهية) التي تري الشاعر ابناً للفترة وليس ابنا للفترة مضافاً اليها المعرفة، ولذا نحن نري آلاف النصوص الشعرية التي أنتجتها الفترة منقوصاً منها المعرفة. ان الحواس مثقفة حين تكتب وكل حاسة جاهلة لا يعول عليها. ولكن لماذا كل هذا الجدل علي اعمالك؟ اظن ان الاختلاف علي هو نتاج جدل وثمار حراك حقيقي حول التجربة لأن الآسن في شعره ليس عليه جدل. منذ صدور ديواني الأول "ركعتان للعشق" عانيت من المنع خصوصاً في بعض البلدان العربية فرأيت كيف ان عنوان ديواني هذا يكتب بعشرات الطرق تجنباً لكتابته كما هو ولم أتوقف كثيراً امام هذا المنع او الحجب، وعندما أصدرت الأحاديث بجزئيه الأول والثاني 1991-1994 واجهت الأمر نفسه ثم بعد ذلك حدث مع "قل هي" ثم "الوصايا في عشق النساء" في جزئيه الأول والثاني2003-2006 . هذه المسيرة أتت بشكل تلقائي وعفوي ليس فيه تقصد أو تعمد لأنني منذ أن كنت طالبًا بالجامعة والدين والتصوف يشكلان رافداً أساسياً لتجربتي لأنه ليس غريبا علي شاعر مثلي نشأ في بيئة أزهرية ان ينهل من القرآن قي الوقت الذي رأي آخرون ان هذا مناف لوجهات نظرهم. ورأيت أن الجدل خصوصاً القادم من هيئات أو مؤسسات دينية أو منظمات إسلامية هو جدل خارج النص لكن الجدل الحقيقي اتي من نقاد وشعراء اعتز بأنهم أضاءوا نصوصًا واختلفوا حولها وهو الأمر الذي جعلني استفيد من الجدل المثمر حيث من خلاله طورت التجربة ورأيتني عارياً من كل قيم مضافة، لأن الشعر لا يحتاج الي قيم مضافة يمكن ان تعلو مكانة الشعر بسببها فكل القيم المضافة تسقط ولا يبقي الا النص الخالص يستند علي بنائه ولا شك ان الجدل أفادني فالشاعر دوماً مختلف عليه ومن لا يختلف حوله هو المعاد والمكرر والمكتوب سلفاً. لكن ألست معي ان شعرك موجه للنخبة اكثر منه للعامة بسبب هذه الرمزية التي ربما تحول بين وصول كلماتك للمتلقي العادي؟ أكتب في لغة وأرسل في مخيلة وأشكل عوالم قد تكون صادمة او غريبة لكن هذا دأبي ومشروعي ووعي بالشعر فالشعراء الذي تأنس اليهم في العالم هم الباطنيون أو الذين يحتفون بالوجودي والفلسفي والروحي في تجلياتها ولا أظن ان ما هو مباشر وخطابي وتقريري يكتب له البقاء، وما تحول الشعراء الكبار في العالم عن النصوص المباشرة الا إقرارًا بأنها لم تبق وسيصفيها الزمن في غرباله ولن يبقي منها شيئاً ولعل تجربة محمود درويش انصع نموذج علي هذا التحول إذ يعترف بأن اعماله الأولي التي وصلت الي ستة اعمال او سبعة كان يمكن ان يعتذر عنها او لا يكتبها. هذا يجعلني أسألك عن المبيعات؟ هل لها مؤشر ودلاله عندك؟ لا أستطيع ان أقول ان شعري نخبوي، أو موجه إلي فئة ما من الناس ويقيني هذا جاء من نفاذ الطبعات الشعبية لكتبي في بضعة ايام وقد حدث ذلك معي في 6 كتب شعرية صدرت في مكتبة الأسرة والهيئة العامة لقصور الثقافة وكتاب اليوم وتراوحت بين خمسة آلاف نسخة الي خمس وعشرين الف نسخة ومع ذلك نفدت جميعها وهذا مؤشر يعني ان الكتابة موجهة الي الجميع لكن التلقي يختلف من فئة الي اخري و، والقارئ عموماَ لم يتعود بعد علي قراءة نصوص شعرية لم يعتدها في المرحلة الإعدادية والثانوية او حتي الجامعية. تم تكريم الشاعر احمد الشهاوي في بلدان عديدة ونال عديدًا من الجوائز العالمية اين هذا الاحتفاء والتكريم في بلده؟ لم يعد مؤسياً لي ألا أفوز بجائزة في مصر، حقيقةً، صارت قماشتي أوسع وطموحي أكبر وإن بقيت في الوطن، حزت علي جائزتين هما اليونسكو لعام 1995 وكفافيس عام1998 ونلت تكريمات كثيرة في أوروبا وامريكا اللاتينية لكن صديقي جمال الغيطاني نصحني مرة بأن أتقدم لنيل جائزة الدولة وتقدمت بديواني "الأحاديث" السفر الثاني الذي صدر عام 1994 وكان وقتذاك حديث الشعراء والنقاد وتقدم لنيل هذه الجائزة أربعة وثلاثون شاعراًوفي التصفية النهائية وصل شاعران انا وأحد شعراء جيل الستينات وكانت النتيجة هي ثلاثة أعضاء معي وثلاثة آخرون مع الشاعر الآخر وكان الصوت المرجح هو صوت د. عبد القادر القط الذي امتنع عن التصويت رغم إشارته الي ان ديواني هو الأحق بالجائزة في حين قال أحد المصوتين ان احمد مازال شاباً وامامه المستقبل ليفوز بالجوائز فلنمنحها للأكبر سناً وانتهت اللجنة الي حجب الجائزة وكأن مصر ليس فيها شعراء يستحقون جوائزها ومنذ ذلك الحين لم اتقدم لنيل جائزة ويبدو انني لن اتقدم. هذه الواقعة تشير الي انه ينبغي علي الشاعر ان يهتم بتجربته ويشتغل علي نصه الشعري بعيداً عن جوائز او اي تكريم لأن الجائزة الحقيقية هي الكتاب والتكريم هو النص الأعلي. ماذا عن ترجمة اعمالك بالفرنسية والاسبانية هل هناك صعوبة في ترجمتها بحكم رمزيتها وتأويلها؟ اعتبر كل من يكتب العربية هو شاعر عالمي خصوصاً إذا كان فريداً وخاصاً ومختلفاً لأن العربية يقرأها مئات الملايين ما يعني انها ليست لغة هامشية لكن طموح الشاعر ان يصل الي شعوب اخري عبر الترجمة وأظن ان اللغات الأساسية كالإنجليزية والأسبانية والفرنسية هي لغات كبري من شأنها ان تدفع بنص الشاعر إلي آفاق اخري وقد لمست ذلك مع تجربتي وتجارب شعراء آخرين بالعالم العربي. صحيح ان الأمر صعب وهو مشكل ويحتاج إلي جهد خاص من المترجم والشاعر الا ان الأمر لا يخلو من تحقق لذات الشاعر. هل هناك إقبال جماهيري في الغرب علي قراءة الشعر العربي المترجم ام انه مقصور فقط علي المتخصصين؟ يبدو اننا سنحتاج سنوات اخري الي ان يكون النص العربي جزءاً من نسيج الثقافة الغربية مثلما حدث مع النص الأمريكي اللاتيني وكذلك نصوص الصين والهند واليابان باستثناء النصوص الكبري كالقرآن الكريم والف ليلة وليلة وكتب المتصوفة الأوائل التي شكلت عنصراً مهيمناً في الثقافة الغربية ورغم ان هناك عشرات الأعمال السردية العربية التي انتقلت الي العديد من اللغات ولكن سوء الترجمة في اغلبها حال دون ان تكون جزءاً في المتن الغربي في حين ان الشعر العربي المترجم قليل مقارنة بما ترجم من اعمال روائية أو قصصية وربما هناك شاعران لهما حضورهما في الغرب هما ادونيس ومحمود درويش وبقية الشعراء ترجمت لهم اعمال مفردة لم تشكل بعد حضورها في دوائر الشعر العالمية وأظن بحكم اتصالي بهذه الدوائر ان الأمر يتسع شيئاً فشيئاً خصوصاً بعد ان صار الشعراء العرب يدعون الي المهرجانات والمؤتمرات الدولية والعالمية ولا يعني ان شاعراً يترجم انه اكثر تفوقاً وامتيازاً مقارنة بأقرانه من الشعراء. حدثنا عن الوصايا في عشق النساء ذلك الديوان الذي اثار جدلا واسعا لدرجة تكفيرك مع صدور الجزء الاول 2003 وتكفيرك مرة اخري مع صدور الجز ء الثاني 2006.. أمازلت تنوي فعلاً اصدار الجزءالثالث؟ أحاول ان اجعل حادثة تكفيري مرتين غير موجودة في حياتي، اتمني حذفها، لكنها تطل علي اينما كنت فلم أتوقع يوماً ان أكفر بهذه الطريقة ومرتين خلال ثلاث سنوات ولا شك ان هذا الامر افادني لكن الضرر كان ابلغ من الإفادة ولم أتصور يوماً ما ان أحذف كلمة مما كتبت بناء علي توصية بمنع تداول كتابي في الأسواق اوبقرار تكفيراو بتهديد من جهات أو هيئات او مؤسسات او جماعات إسلامية لأنني اري نفسي طوال الوقت اكبر من ان اكفر بحكم تربيتي الدينية ونشأتي الصوفية ولكن الذي حدث صار امراً واقعياً ينبغي ان اتعامل معه وهناك كتاب ثالث من الوصايا في عشق النساء سيصدر وهناك طبعات اخري ستتوالي من الجزئين الاول والثاني ورغم كل المشكلات التي واجهتها وما زلت اواجهها فأنا احاول ان اقدم شكلاً ادبياً استقيته من الوصايا القديمة وما انا الا امتداد لتراث عربي قديم احتفي بالعشق بدءًا من القرآن الكريم والأحاديث النبوية وانتهاء بكتب العشق الكبري في الثقافة العربية والإسلامية واظن ان تجربتي سيتم تقييمها والالتفات اليها بعد سنوات طويلة رغم انها قرءت من قبل نقاد ومفكرين وادباء وكتاب مصريين وعرب اعتز بهم وافخر بهم لكنني مازلت اري انه تم التعامل معي ككتاب مشكل تعرض لهجمة من الإخوان المسلمين والأزهر اما التقويم الأدبي فمازلت انتظره ومازال لدي امل في اعادة القراءة ربما مع الطبعات الجديدة وهكذا هي كتابتي فلست مصراً الا علي ما انا عارف به واظن ان العشق احد التجارب الأساسية ان لم يكن التجربة الاهم في حياتي. قلت انك تحتاج امرأة تصل بك إلي سماء الإبداع... ماالدور الذي يمكن ان تلعبه المرأة تحديدا لتصل بشاعر الي سماء الإبداع؟ صورة الشاعر في التراث العربي وعلاقته بالمرأة امتدت الي العصر الحديث فما نحن الا اسلاف لتراثنا الشعري، ومسألة تنقل الفؤاد حيث شاء الشاعر من امراة إلي أخري جعل الشاعر دنجواناً. للأسف بعض أصدقائي وزملائي الشعراء يدخلون بمحض إرادتهم وليس بمحض الحب والمصادفة والقدر تجارب مع نساء بغرض الكتابة فقط وليس الحب غاية إنما المرأة هنا وسيلة لغاية، والغاية هي القصيدة وما ان يتم الشاعر قصيدته أو كتابه الشعري فيهمل الوسيلة ويودعها أو يفترق عنها لأنها كانت مجرد قنطرة للمجاز الشعري/ وهذا الأمر يتكرركل يوم حيث نجد شعراء يتوهمون العشق ولا يعشقون، يكتبون الشعر وليس هناك نص ابن للوهج والتجربة الحقيقية الحية ولذا وجدنا تراكماً من الافتعال لا الانفعال فصارت المرأة تؤك للوصول الي الكتابة بينما هي عندي وعند من يعشق المنال وأنقي من ان تستخدم لغرض الكتابة...... انها عبودية جديدة من قبل الشاعر للمرأة ورثها عن أسلافه الشعراء القدامي فنجد شاعراً مثلاً يورد اسماء عشرين امرأة في كتابه كيف يوهمنا أنه عشّاق ومحب ومغامر بينما في الحقيقة هو جامع أشلاء وجامع أسماء وبعيد تماماً عن ماهية العشق ولم يتفقه في المحبة ولم يفقهها إذ هي أعلي من هذا الاستيلاء والدنس. قلت انك تكتب في المرأة وليس عن المرأة .....كيف؟ وهل يوجد شاعر بدون امرأة ام ان الوحي والالهام يجب ان يكون امرأة؟ أظن ان العلاقة بين الشاعر والمرأة قد تشوهت علي مدار العصور وصار أمر المرأة الملهمة شرطاً للكتابة كأن الشاعر خلق ليكتب في المرأة أو عنها مادحاً وشارحًا وكأن الحياة ليست فيها سوي رجل وامرأة فقط، أذكر لتجارب مهمة ولافتة وكبيرة لشعراء عديدين في العالم لم تتكئ علي المرأة ومع ذلك قدمت صورًا شعرية مختلفة وجديدة بقيت تراثاً في التراث الشعري الإنساني وانا لا اغفل مكانة المرأة ومكانها واعول عليها لكني لا أعتبرها منتهي كل شاعر إذ إن هناك أموراً كثيرة ينبغي أن يكتب فيها الشاعر.