من بين ملامح تحضر المجتمعات، يأتي في المقدمة قبول الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية، وصون كرامتها الإنسانية وحقوقها وحرياتها، والالتزام بقاعدة تكافؤ الفرص فيما خص حصول الأقليات على خدمات التعليم والرعاية الصحية والمشاركة في سوق العمل، والانفتاح عليها في تفاصيل الحياة اليومية بهدف تجاوز المخاوف المتبادلة والحواجز الفاصلة بين أصحاب الديانات والثقافات والعادات المختلفة وبهدف إثراء الأغلبيات والأقليات معا. في العديد من المجتمعات الغربية ذات الأغلبيات المسيحية، تهتم وسائل الإعلام والجامعات والمدارس بشرح معان وتفاصيل فريضة الصيام التي تلتزم بتأديتها الأقليات المسلمة المقيمة بينهم وبتشجيع المواطنات والمواطنين على إظهار احترامهم للصائمين ومساعدتهم على تحمل مشقة العمل أو الدراسة والمزج بينهما وبين التعبد والاقتراب من الله. في العديد من المجتمعات الغربية ذات الأغلبيات المسيحية، تحول شهر رمضان الكريم وتحولت المناسبات الدينية الإسلامية تدريجيا إلى مكونات طبيعية لم تعد بمستغربة أو غير مفهومة، بل وبات يرتبط بها الكثير من المظاهر الاحتفالية التي تعرفها المجتمعات الغربية في أعياد ميلاد السيد المسيح وقيامته وتمارسها بعضها في المناسبات الدينية اليهودية كعيد الهانوكا. قطعت المجتمعات الغربية شوطا كبيرا باتجاه القبول العام للأقليات واحترام كرامتها وحقوقها وحرياتها ودمجها بدياناتها وتقاليدها وعاداتها، دون أن يلغي ذلك استمرار حضور بعض المظاهر والممارسات العنصرية المقيتةن وبعض بقايا التمييز المتناقض مع القواعد الدستورية والقانونية المعمول بها وبعض الحضور المؤثر لحركات وأحزاب يمينية متطرفة توظف خطابات الكراهية ضد الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية للحصول على مكاسب انتخابية وسياسية. هم قطعوا شوطا كبيرا، فهل تعلم أغلبياتنا المسلمة ولو القليل عن ديانات الأقليات بين ظهرانينا وعن الطقوس والتقاليد والعادات والمناسبات الدينية؟ هل تعلم ولو القليل عن فريضة الصوم لدى الآخرين؟ المصدر: أصوات مصرية