بدأت نماذج الأعمال التقليدية القائمة على استقصاء المعلومات والتحليلات بالتذبذب جراء رجوح كفة الأعمال على حساب تقنية المعلومات، وفقاً لآخر الإحصائيات الصادرة عن مؤسسة الأبحاث والدراسات العالمية جارتنر. فارتفاع مستوى استخدام أدوات اكتشاف البيانات، والوصول إلى البيانات المهيكلة على عدة طبقات، والاستعانة بأدوات إعداد البيانات، والقدرات الذكية، سيفتح الباب أمام فرص الوصول إلى التحليلات، كما أنه سيؤكد على مدى حاجة المؤسسات للحوكمة. وتشير توقعات مؤسسة جارتنر أنه مع حلول العام 2017 سيتمكن معظم الموظفين والمحللين في المؤسسات من الوصول إلى أدوات الخدمة الذاتية لإعداد البيانات من أجل التحليل. في هذا السياق قالت السيدة ريتا سلام، نائب رئيس الأبحاث لدى مؤسسة الأبحاث والدراسات العالمية جارتنر: "تعد عملية إعداد البيانات من أصعب التحديات المستنفذة للوقت التي تواجه الموظفين في الشركات، الذين يستعينون بأدوات استقصاء المعلومات واكتشاف البيانات، بالإضافة إلى منصات التحليلات المتقدمة. ومع ذلك، نحن نشهد تنامي في الإمكانيات والقدرات المسخرة لإعداد البيانات، التي من شأنها أن تضع بين أيدي موظفي الشركات والمحللين إمكانية توسيع نطاق الخدمة الذاتية كي تشمل كلاً من إدارة المعلومات، واستخراج وتحويل وتحميل الوظائف والمهام، وتمهيد الطريق أمامها للوصول إلى البيانات، والإطلاع عليها، وإعدادها، ودمجها، وتجهيزها، ونمذجتها، وإثراءها بالشكل المناسب كي يتم تحليلها واستهلاكها من قبل منصات استقصاء البيانات والتحليلات".
وتتابع السيدة ريتا سلام حديثها قائلةً: "ستقوم عملية دمج بيانات الخدمة الذاتية بالتأثير على عملية دمج البيانات التقليدية المرتكزة على تقنية المعلومات بذات الدرجة التي عكستها منصات اكتشاف البيانات على عمليات استقصاء المعلومات التقليدية المرتكزة على تقنية المعلومات، فهي ستعمل على الحد من تعقيد العمليات والوقت الطويل الذي يواجهه المستخدمون خلال عملية إعداد البيانات الخاصة بهم من أجل التحليل، فضلاً عن نقل آلية العمل من تقنية المعلومات إلى موظفي الشركات، وذلك من أجل دعم إدارة اكتشاف البيانات بشكل أفضل. لكن هذا الأمر يتطلب التحلي بمهارات تخصصية، فعمليات دمج بيانات الخدمة الذاتية تتطلب إتقان المستخدمين لكافة الجوانب التقنية ومتطلبات العمل من أجل دمج البيانات معاً".
هذا وتشير توقعات مؤسسة جارتنر إلى أن التحلي بقدرات دمج البيانات من قبل موظفي الشركات ستصبح من التوجهات السائدة في المستقبل القريب، وذلك كجزء من أدوات اكتشاف البيانات. لذا من المرجح أن تستجيب شركات توريد خدمات اكتشاف البيانات واستقصاء المعلومات إلى هذه المطالب، التي تشكل فرصة لخلق قيمة مضافة لها، من خلال توسيع نطاق قدرات وإمكانيات عملائهم من موظفي الشركات، وذلك في مجال دمج البيانات، كي تشمل المزيد من مهارات إعداد البيانات الأكثر تقدماً.
كما قامت مؤسسة جارتنر بطرح عدد من التوقعات حول استقصاء المعلومات، ومنها:
بحلول العام 2017، ستحتوي معظم أدوات اكتشاف البيانات على قدرات اكتشاف ذكية للبيانات من أجل توسيع نطاق التحليل التفاعلي بالتزامن مع تنامي قدرات اكتشاف البيانات بوتيرة أكثر ذكاءً من أجل تبسيط آلية الكشف في عملية اكتشاف البيانات، تتطور القدرات الخاصة بإعداد بيانات الخدمة الذاتية، بحيث أصبحت قادرة بشكل اكبر على شبه أتمتة وتعزيز عمليات إعداد البيانات المتعلقة باكتشاف البيانات، فضلاً عن جعلها في متناول المحللين في الشركات. هذه الحركة المتسارعة والمتطورة من كلا الطرفين ستؤدي إلى خلق جيل قادم من المستخدمين المتخصصين في عمليات اكتشاف البيانات، ما سيضع أنواع ونماذج متقدمة من التحليلات بين أيدي شريحة أكبر وأوسع من المستخدمين.
وتعلّق السيدة ريتا سلام على هذه النقطة بالقول: "تمتلك عمليات اكتشاف البيانات الذكية القدرة الكافية لتوسيع نطاق الوصول إلى التحليلات التفاعلية المتطورة، وإلى آراء المستهلكين، والمستخدمين غير التقليديين لعمليات استقصاء المعلومات، فحوالي 70 بالمائة من الموظفين في المؤسسات حالياً لا يستخدمون أدوات استقصاء المعلومات، أو حتى لديهم أي خبرة بالعمليات الإحصائية. أما منهجيات العمل الجديدة، فإنها تملك القدرة على انتقاء المستخدمين القادرين على استخلاص الأفكار باستخدام أدوات اكتشاف البيانات، ورسم الطريق أمامهم للقيام بذلك. وستؤدي الفائدة المتوقعة للشركات إلى صعود نتائج عمليات اكتشاف البيانات الذكية لتصبح بمثابة المعايير القياسية لمعظم منصات اكتشاف البيانات".
علاوة على ذلك، أشارت السيدة ريتا سلام إلى أن مسيرة التطور هذه من المرجح أن تؤدي إلى تسهيل وتسريع نمو بيانات المواطن، وخلق مصادر جديدة للمعلومات التي بالإمكان الوصول إليها واستهلاكها والخروج منها بنتائج إيجابية من قبل الشركات من كافة الأحجام، حتى لو كانت من المؤسسات التي لا تملك مهارات تحليلية متقدمة و واسعة، أو مصادر داخلية.
بحلول العام 2016، ستخضع أقل من 10 بالمائة من مبادرات الخدمة الذاتية لاستقصاء المعلومات لإدارة كافية لمنع الخروج بنتائج متناقضة من شانها التأثير سلباً على عمل الشركات تجلى التخبط الكبير للمستخدمين الراغبين بالوصول إلى بيانات الأعمال، والتي رافقها عدم قدرة تقنية المعلومات على تلبية هذه الحاجة، من خلال مبادرات الخدمة الذاتية لاستقصاء المعلومات في العديد من المؤسسات، كما أن الزيادة المتنامية في حجم وسرعة معالجة وتنوع البيانات عزز من هذا التوجه. وقد استجابت شركات توريد الخدمات لهذا الأمر بطرحها لتقنيات استهلاكية متكاملة، قابلة للنشر على نطاق واسع،و سهلة الاستخدام، وفي معظم الأحيان قائمة على السحابة، من أجل القيام بالعمليات الرئيسية الخاصة بالاستعلام والتحليل وإعداد التقارير.
وفي كثير من الأحيان، يتم تنفيذ هذه الحلول من قبل أقسام و وحدات في الشركات تقوم بالتحايل على تقنية المعلومات، ونتيجة لذلك يمتد هذا الأمر ليطال نتائج التحليل، وهو ما يعد استثمار متناقض أو غير كامل للبيانات، وتطور متقلب للمؤشرات والمنهجيات، ومشاركة النتائج بطريقة إما مقيدة جداً أو غير مقيدة على الإطلاق.
بدوره قال دوغ لاني، نائب رئيس الأبحاث لدى مؤسسة الأبحاث والدراسات العالمية جارتنر: "نتيجة الافتقار لوجود حوكمة مناسبة لعمليات تنفيذ الخدمة الذاتية لاستقصاء المعلومات، فإننا نشهد أمثلة قليلة فقط على النجاحات الملموسة، عدا عن تلبية المطالب الملحة للمستخدم النهائي في الوصول إلى البيانات. هذا إلى جانب تنامي حالات اختراق خصوصية وأمن البيانات، والكشف المتناقض لنتائج البيانات أمام الجمهور، سيؤدي إلى خفض مستوى حماسة مدراء الشركات لاستخدام تقنيات الخدمة الذاتية لاستقصاء البيانات. وبسبب هذه الحالات المؤسفة، فإننا نتوقع استجابة سلبية من قبل المستثمرين والعملاء، ما سيدفعهم إلى التوجه نحو المؤسسات التي تطبق مبادرات استقصاء المعلومات دون حوكمة، أو بحوكمة وهمية".
ولمواجهة هذه الآثار السلبية، من المتوقع العودة إلى تنفيذ مشاريع استقصاء للمعلومات أكثر انضباطاً، أو العمل على نشر تقنيات الخدمة الذاتية لاستقصاء المعلومات ضمن بيئة حوكمة مثالية تدار من قبل تقنية المعلومات. أما من جهة التقنيات، ستواصل شركات توريد الخدمات اللعب على كلا الجانبين، مع التركيز بدرجة أكبر على بيع تقنيات اكتشاف البيانات البسيطة على نطاق واسع بين عملائهم من الشركات، مع إعادة التأكيد على مزايا تقنيات استقصاء المعلومات المدارة والمركزية والأكثر قوة بالنسبة للشركات.