أعلنت بعض القوى السياسية والشخصيات العامة، بياناً مشتركا اليوم الأحد، أدانوا فيه تعامل الدولة وأجهزتها مع الأحداث المؤسفة التى تشهدها محافظة أسوان من صراع قبلي عنيف بين النوبيين والهلايل واستمرار الاشتباكات هناك حتى الآن فى ظل ما اعتبروه غيابا أمنيا تاما. واعتبر البيان أن هذا الوضع أسهم فيه تعامل الدولة مع المحافظة الحدودية على أنها ملف أمني وحسب، متناسية تعقيد التركيبة الديموغرافية للمحافظة، وسيولة الأوضاع في المناطق الحدودية بشكل خاص مما سمح بدخول كميات كبيرة من السلاح وأدى لتغول بعض العائلات أو الأفراد، خصوصأ في ظل تقاعس الدولة عن القيام بدورها في نشر السلم والأمن بالمجتمع، الأمر الذى أبرز فشل الحكومة وأجهزتها التنفيذية بأسوان في القيام بالأدوار المنوطة بها، وفي القيام بإجراءات احترازية تفاديًا لأنهار الدم التي سالت وما زالت، على حد قوله. أضاف البيان "علينا إدراك أن تراكمات فشل الدولة وتواطؤها في التعامل مع النزاعات القبلية، في أسوان، بلغت مداها في تصريح حسن السوهاجي مدير الأمن حين قال إن الأمن لا يتدخل في النزاعات القبلية، مما أسهم بشكل مباشر في تأجيج العنف وترسيخ مبدأ الإفلات من العقاب، ورفع شعار "البقاء للأقوى" لذا المشهد في أسوان حاليًا يشكك وبشدة في مبادئ دولة القانون، حيث يفترض أن تحتكر الدولة أستخدام القوة وتتولى تطبيق التشريعات، إلا أن الفراغ الأمني المتعمد أدى إلى سيادة شريعة الغاب". طالب الموقعون بتفعيل التدخل الأمني لوقف نزيف الدم في أسوان، على أن يتم مراعاة حقوق المواطنين وحرياتهم عند التدخل وتجنب الاستخدام المفرط للقوة، وأن تضطلع الدولة بمهامها في إقرار السلم والأمن وإرساء القانون بمعاقبة المتسبب والمحرض والمتواطئ في تأجيج هذا الصراع، وسرعة فتح تحقيق شامل للوقوف على ملابساته. كما طالبوا الحكومة وأجهزتها إدراك أن الأمن له عدة أوجه، خاصة الرؤية الأوسع للأمن الإنساني، الذي يندرج تحته وجود بيئة تسمح بالتعايش السلمي بين الفرقاء، وألا يتم التعامل مع هذه الحادثة كحادثة فردية، إنما كمؤشر لاختلال التوازن في أسوان، وأن تصاعد الكراهية والعنف والعنصرية ما هو إلا نتاج عن يأس المواطنين من تطبيق العدالة. وحذر من أن عدم حل أزمة شيوع الأسلحة بين المواطنين سيجعلنا نشهد الكثير من التطورات في مختلف بقاع الوطن وتفاقم نزاعات لا يعلم مداها إلا الله، مطالبا الأهالي بحقن الدماء وممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتسليم المتورطين وإجلاء الرهائن بخاصة النساء. ووقع على البيان من الكيانات السياسية: ( ائتلاف العودة النوبية "عائدون" – اتحاد شباب حزب المؤتمر – التيار الشعبي – حزب العيش والحرية "تحت التأسيس" – حزب الدستور ). كما اتهم الحزب " المصرى الديمقراطى "، فى بيان له مساء اليوم الأحد، الدولة بالعجز عن مواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لأزمة قطاع السياحة على محافظة أسوان التى اصبحت من أفقر المحافظات على مستوى الجمهورية، كما اتهم أجهزة الأمن فى المحافظة بالتقاعس عن القيام بدورها الأساسى فى حفظ الأمن والحد من انتشار السلاح بين السكان، واقتصار جهودها على الأمن السياسى ومطاردة تظاهرات الإخوان وحلفائهم وإغلاق طريق الكورنيش لحماية مديرية الأمن بينما تركت شباب المحافظة فريسة لانتشار السلاح والمخدرات والفقر والبلطجة. وأشار الحزب أن هذا الوضع، مع الأخذ فى الاعتبار التكوين القبلى والعرقى والعشائرى لمحافظة أسوان، أدى إلى تحول الخلافات إلى مواجهات دامية، مضيفا "لم يقف سوء الأداء الأمنى عند هذا الحد، فقد فشلت أجهزة الأمن فى احتواء تلك الخلافات فى بدايتها؛ مما أدى لتوسعة رقعة الخلاف ليشمل جميع العشائر النوبية ولازدياد عدد الضحايا بشكل ملفت". أبدى الحزب قلقه الشديد من عجز الدولة عن التعامل مع الاحتقان القبلى والعرقى والطائفى ومعالجة آثار الأزمة الاقتصادية، الأمر الذى يهدد بانفجارات دامية فى أماكن أخرى من البلاد، محذرا من أن الاعتماد على الحلول العرفية فى مواجهة هذه المشكلات قد أثبت مرارا وتكرارا أنه لا يؤدى سوى إلى المزيد من إهدار سيادة القانون وهيبة الدولة. وجدد الحزب تأكيده على ضرورة إعادة النظر فى المنظومة الأمنية وإعادة هيكلتها وصياغة استراتيجيتها لتصبح أكثر كفاءة وقدرة على القيام بمهامها فى حفظ الأمن ومواجهة انتشار السلاح بحسم، محذرا من أن استمرار التباطؤ والتقاعس عن تلبية هذا المطلب الأساسى طوال سنوات المرحلة الانتقالية باستخدام ذريعة إعادة الثقة لرجال الأمن تارة، ومواجهة الإرهاب تارة أخرى لن يؤدى فى نهاية المطاف سوى لإعادة إنتاج الدولة الأمنية فى صورة أقل كفاءة وقدرة عن سابقتها.