حماس: لا نرغب بالمشاركة فى أى ترتيبات تتعلق بحكم أو إدارة قطاع غزة    الزمالك يدك ديكيداها الصومالي.. أمطروهم بسداسية في ليلة الكونفدرالية    «الغرف التجارية»: الحكومة تتدخل لتخفيف أثر ارتفاع السولار على إنتاج الخبز المدعم    سعر الريال العماني أمام الجنيه في البنوك اليوم (آخر تحديث)    سيدات يد الأهلي يهزمن فاب الكاميروني ويتأهلن لنهائي بطولة إفريقيا أبطال الدوري    استئناف الرحلات الجوية في مطار بنجلاديش الرئيسي بعد حريق ضخم    قرارات عاجلة للنيابة بشأن المتهم بقتل والده بالجيزة    ياسر عزت يكشف كواليس شخصية الإرهابي في مسلسل "الاختيار"    الليلة.. منة شلبي ضيفة لميس الحديدي في برنامج "الصورة"    منها الحمل والحوت.. 5 أبراج تحب المفاجآت (هل أنت منهم؟)    4 أعراض رئيسية لمرض السكري من النوع الأول لدى الأطفال    وزارة المالية: بدء صرف مرتبات أكتوبر 2025 في هذا الموعد    من رؤيا إلى واقع.. حكاية بناء كنيسة العذراء بالزيتون    هل نستقبل شتاءً باردًا لم نشهده منذ 20 عامًا؟ الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب مقاطعة سوريجاو دل سور الفلبينية    إى تاكس تشارك في مؤتمر جامعة القاهرة الأول للذكاء الاصطناعي    «الوطنية للانتخابات»: إطلاق تطبيق إلكتروني يُتيح للناخب معرفة كثافة التواجد قبل الذهاب للتصويت    3 وزراء ومحافظ القاهرة يشاركون في حفل الاتحاد المصري للغرف السياحية لتكريم الدكتور خالد العناني    "الإفتاء" توضح حكم الاحتفال بآل البيت    نادية فكرى بعد الفوز بذهبيتى الرواد فى بطولة العالم للأثقال الباراليمبى: وجعوا قلبى وكسروا فرحتى وأفكر فى الاعتزال    هل تعاني من ارتفاع ضغط الدم؟.. 7 نصائح فعالة لعلاج «القاتل الصامت»    مي الصايغ: اعتراض أول شاحنة مساعدات كبّد الهلال الأحمر المصري خسائر كبيرة    عمر محمد رياض يفجر مفاجأة بشأن مسلسل لن أعيش في جلباب أبي    الرماية المصرية تتألق فى أثينا.. أحمد توحيد وماجي عشماوي رابع العالم    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتدي على طفلين في الخليل    قصور الثقافة تفتتح أول متجر دائم لمنتجات الحرف التراثية في أسوان    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة آرسنال × فولهام Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | الدوري الإنجليزي الممتاز 2025-26    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    يلا شووت بث مباشر.. الهلال VS الاتفاق – مواجهة قوية في دوري روشن السعودي اليوم السبت    الدفاع الروسية: السيطرة على بلدة بليشييفكا بدونيتسك والقضاء على 1565 جنديًا أوكرانيًا    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 6630 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    رامي ربيعة يقود العين ضد بني ياس في الدوري الإماراتي    موعد مباراة الأخدود ضد الحزم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    غادة عادل عن ماجد الكدواني: فنان حقيقي وعميق وحساس وبيحب شغله جدًا    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    ضبط لحوم غير صالحة وتحرير 300 محضر تمويني خلال حملات مكثفة بأسيوط    تشييع جثمان الطفل ضحية صديقه بالإسماعيلية (صور)    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    مصرع سيدة وإصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بوسط سيناء    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    البنك الأهلي ضيفا ثقيلا على الجونة بالدوري    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    زراعة 8000 شتلة على هامش مهرجان النباتات الطبية والعطرية في بني سويف    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    زيادة الشيدر 65 جنيها والفلمنك 55، آخر تطورات أسعار الجبن في ثاني أيام ارتفاع الوقود    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناريمان ناجي تكتب: شيطان الأثير…فتش عن الإعلام!
نشر في الجريدة يوم 18 - 09 - 2013

اعتاد الناس على استخدام كلمات (مُغيب أو مغسول المخ والدماغ) لوصف من تغيرت أخلاقهم ومن انحرفوا وراء أصدقاء السوء أو من تبدلت أفكارهم بأخرى أشد تطرفا لتخالف المعتاد عليه. ومع "السكتة الدماغية" التي أصابت نقاشات المصريين مؤخرا، زاد استخدام هذه الكلمات حتى أن معظمنا صار يطلقها على كل مُخالف له اقتناعا منه بأنه وحده "يملك الحقيقة المطلقة!"…
ورغم ذلك فإن "غسيل المخ أو الدماغ" ليس مصطلح وليد االتداول الشعبي بل له أصل في التاريخ السياسي فقد عرفت كل أمة في كل مرحلة من مراحل تاريخها نوعاً من فرض المذاهب والعقائد على مواطنيها.
بدأ "غسيل المخ" كمنهج أكثر شمولاً وتنظيماً عندما بدأ الصينيون الشيوعيون عام 1950 تطبيقيه لإعادة التشكيل الأيديولوجي مستخدمين أساليب فنية سيكولوجية مترابطة تحت مٌسمى"الإصلاح الفكري الشيوعي الصيني" وهو برنامج كان يقوم على أن كل الناس الذين لم يُثقفوا في المجتمع الشيوعي يجب إعادة تثقيفهم قبل أن يحتلوا مكانهم في المجتمع. وظل هذا المنهج يحمل نفس المُسمى حتى أسماه الصحفي الأمريكي إدوارد هنتر "brainwashing".
ومع التطورات المستمرة التي شهدها وسيشهدها العالم من تغيير موازين القوى العالمية (السياسية والاقتصادية) واستحداث مؤسسات وأجهزة جديدة في الدول أو إعادة هيكلتها بما يتناسب مع مصالحها أولا، هذا إلى جانب العالم الذي أصبح قرية صغيرة وصارت فيه مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أسرع انتشارا بين المواطنين من أي "فيروس مُعدي"، اضطرت بعض الأنظمة العالمية إلى مضاعفة مجهوداتها في "إعادة تشكيل فكر المواطن" أو في "غسيل مخه" لضمان الاستمرار والاستقرار، فاضطرت إلى البحث عن سبل جديدة دون "أن تلوث أجهزتها السيادية أيديها" كما كانت تفعل مسبقا لأنها مربوطة ببعض المبادئ العالمية ولو قشريا ولأنها أيضا خاضعة لنوع من المراقبة (الداخلية والخارجية)…
فكان بالنسبة لهم "الإعلام هو الحل"…
ومن الناحية العلمية، فقد عكف المحللون النفسيون من مدرسة فرويد علي تحليل الانهيار النفسي للعامة أثناء الحرب لصناعته عمدا في وقت السلم وتوصلوا إلي أنه " باستخدام القلق والفزع والإرهاب يمكن تحويل الإنسان لحالة إذعان طفولية تتعطل فيها قوى عقله، ويسهل التنبؤ بردود أفعاله تجاه المثيرات والمواقف المختلفة ويمكن أيضا إيجاد حالة مشابهة في المجموعات الكبيرة تمكن من التحكم فيهم والتلاعب بهم، ويمكن استخدام وسائل الإعلام لإيجاد حالات عقلية تؤدي لتفكك الشخصية وتسهل توجيهها، وهو ما لقب لاحقا بعمليات غسيل المخ. واستخدمت وسائل الإعلام لتوصيل رسائل مبرمجة لأعداد كبيرة لخلق بيئات موجهة لأغراض غسيل المخ. ولكي لايشعر العامة بأن البيئة التي يحيون فيها موجهة، تُستخدم مصادر معلومات متعددة تعطي الرسالة نفسها مع اختلاف بسيط لإخفاء وجود نمط يجمعها جميعا. وتقدم الرسائل من خلال وسائل الترفيه والتسلية المتعددة التي يقبل عليها الناس دون إكراه."
وهذا فعلا ما نجحوا فيه، فقد اقحموا المواطن في قلق وفزع دائمين مواجها حياته اليومية وصعوباتها التي لا تنتهي بل تزداد تعقيدا لتصبح كالدائرة الجهنمية يدور في فلكها ك"ثور في ساقية" مغمض العينين، ينتهي يومه بتيه لا يستطيع بعدها التمييز بين المعلومات وسلامتها، فسَلم "ريموت كنترول عقله" لمن يظنهم أكثر علما وإداركا منه بل ويظنهم يعرفون عنه أكثر منه…
" لي صديق بتر الوالي ذراعه
عندما امتدت إلى مائدة الشبعان
أيام المجاعة
فمضى يشكو إلى الناس
ولكن أعلن المذياع فوراً
أن شكواه إشاعة
فازدراه الناس وانفضوا
ولم يحتملوا حتى سماعه
وصديقي مثلهم .. كذب شكواه
وأبدى بالبيانات اقتناعه
لُعن الشعب الذي ينفي وجود الله
إن لم تثبت الله بيانات الاذاعة" ( شيطان الأثير – أحمد مطر)
ولم يحقق إلهاء المواطن الغاية كاملة بل سعت الأنظمة والحكومات لحبك منهجية التغييب عن طريق وسائل الإعلام وتعمدت قتل الشفافية ووقف تدفق المعلومات واعتمدت على توريد معلومات معينة ومحدودة للإعلام كلها تؤدي إلى نفس النتائج والإعلام بدوره أدى المهمة التي استُقطب لأجلها على أكمل وجه مقصرا في تأدية مهمته الأساسية. فعلى الرغم من مواكبة الإعلام للتطورات العالمية اليومية ( من صحافة مقروءة إلى مسموعة ثم مرئية وبعدها الكترونية) حتى أنك تكاد تقرأ بمعدل كل ثانية خبر جديد على مواقع التواصل الاجتماعي "يصلك أينما كنت"، إلا أن التأثير السلبي للإعلام لم ينقطع، فهذا التطور الإعلامي كان ماديا أكثر منه مهنيا لأن القائمين على الأجهزة والمؤسسات الإعلامية لم يهتموا بتطوير مهارات وأداء العاملين والممارسين للمهنة بقدر اهتمامهم بتطوير المعدات والتقنيات…حتى هذا التطور المادي لم يحمي الإعلام من انحسار دوره في "الإعلام" عندما قرر- طواعية أو كرها – أن يتخلى عن استقلاليته ليسقط في شرك التبعية السلطوية (سلطة السياسة والحكم أو سلطة رأس المال)…وبما أن المتلقي لا يمكن رفاهة البحث عن سلامة الخبر أو المعلومة فبكل تأكيد لن يملك القدرة على البحث "فيما وراء الإعلام"…
بكل تأكيد لا نقصد من كانوا مادة خام للموضوعية وللمهنية أو من جعل نفسه أسير الحق والحقيقة كالصحفي الامريكي والتر كرونكايت أو كل من ينطبق عليه وصف "صاحب ضمير" المذكور في القانون الفرنسي بل نقصد من عرًفهم الإعلامي يسري فودة في حلقة من "سري للغاية" قائلا:
" عندما يتحول الأبيض إلى رمادي وعندما يتحول الرمادي إلى أسود وعندما يتحول الأسود إلى عدوان…فتش عن الإعلام!
وحينما يتحول الحق إلى شك ويتحول الشك إلى زور ويتحول الزور إلى بهتان…فتش عن الإعلام!
ضع مفردات ما يٌسمى بالعمل الإعلامي أمام جهل الامريكيين وضعف الاوروبيين وعجز العرب وأنت تدرك حجم المأساة..!
اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق…!
هؤلاء المتلاعبون بالعقول بكل منهجية وبكل إبداع يستحقون من الناحية المهنية كل إعجاب حتى وإن كانوا من الناحية الأخلاقية يستحقون كل احتقار"
وبما أن "نفس المقدمات تؤدي بالضرورة إلى نفس النتائج"، فواجب علينا إدارك الأساليب (المقدمات) التي يخدعنا بها الإعلام لنصل لمرحلة من التغييب (نتيجة)؟
هناك ست طرق يخدعنا بها الإعلام، وهي خلاصة متابعة دقيقة منذ قيام ثورة 25 يناير وحتى الآن لما قدمه ويقدمه "إعلام الدولة" الذي تعامل مع الثورة بصدمة شديدة والذي تعود منذ سنوات ألا يصطدم أبدا مع أي نظام حاكم بل أنه يلبس دائما عباءته مرورا ب"الإعلام الخاص" الذي يمارس حاليا نوعا من المكارثية ضد فصيل معين وضد عدد من إخواننا العرب اللاجئين في مصر وانتهاء بمن أطلق على نفسه "إعلام إسلامي" لكنه لم يتوقف يوما عن استضافة من يشوه مخالفيه ويبالغ في تمجيد حاكميه.
وكلهم يجتمعون على نقل الخبر وتقديمه " بما لا يخالف مصالحهم":
أولا: التجييش بين "نحن وهم" ( نحن الإسلاميون وهم العلمانيون…نحن الوطنيون وهم العملاء والممولون…نحن السلميون وهم الإرهابيون)
ثانيا: حصر الاختيارات بين الأبيض والأسود(ثوار وطابور خامس أوعملاء…نعم للدين ولا ضد الدين)
ثالثا: خلط الخبر بالرأي.
رابعا: التغني بشعارات لدغدغة المشاعر (الحرب ضد الإرهاب…الشريعة والشرعية…احنا آسفين ياريس)
خامسا: توجيه سيل من الهراء ليسقط مباشرة في اللاوعي (ضبط أسلحة كيماوية في اعتصام رابعة والنهضة"جريدة الأخبار الحكومية/ 6أغسطس 2013" – الرئيس الامريكي أوباما عضو في تنظيم الإخوان" جريدة الوفد/28 أغسطس 2013"- لجنة الانقلابيين لتعديل الدستور تجيز سب الدين والرسل وتشجع انتشار الفساد وتدعم تدهور الأخلاق "جريدة الحرية والعدالة/25 أغسطس 2013")
سادسا: التحكم فيما تشاهد وتقرأ ( عن طريق حذف متعمد أو إضافة مقصودة من أجل إعادة توجيه المعنى لخدمة غرض معين)
وختاما، قد يجد المرء نفسه مضطرا أن يقدم ختاما تقليدا يضع فيه حلولا لم يتوقف أحد يوما عن المطالبة بها بدءا من مطالبة المواطن بقليل من التفكر قبل التسليم مرورا بمحاولة الإعلام "العودة إلى الإعلام" وحتى الضغط على الحكومة لإطلاح سراح المعلومات والحريات.
لكن الأهم الآن هو أن ننتبه لإنذار الخطر "لا تسلك الطريق الاوريلي…الطريق فيه وزارة الحقيقة".
تلك الوزارة التي ابتعدت عن مهمتها المقتبسة من اسمها وانخرطت في تزييف الحقائق وإعادة كتابة التاريخ على مقاس حزبها في "1984" لجورج اوريل…!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.