تلك الجبهة التي تشكلت من القوى السياسية التي تدعي أنها ثورية ومدنية بعد الإعلان الدستوري الذي صدر في نوفمبر 2012 من أجل إنقاذ مصر من براثن دولة الإخوان ومن أجل تطهيرها من بقايا الدولة العميقة. وباستحضار ما مر على مصر من أحداث سياسية ومع مرور الوقت على تشكيل الجبهة اكتشفنا أن هذه الجبهة نفسها تحتاج إلى إنقاذ. فسواء كانوا فُرادى يمثلون أحزابهم أو أنفسهم فقط أو مجتمعين في كيان الجبهة، فلم يكن لغالبيتهم أبدا دورا فاعلا في الحياة السياسية أو رؤية سياسية واضحة لدورهم في المستقبل أو لما يمكن أن تكون عليه مصر في ظل معارضتهم أو حتى تحت قيادتهم… مع سقوط رأس النظام في الحادي عشر من فبراير 2011، ظننا أن دكتور البرادعي الداعي الأول للتغيير والملهم الأول للثورة سيكون أول من ينزل للتحرير ليحمل الراية ويستكمل مسيرة التغيير نحو تحقيق أهداف الثورة لكنه غاب عن الميدان. ومع المحاولات المستمرة لتشكيل مجلس رئاسي فشلوا في اختيار أسماء تمثل التيار الثوري والتيار الليبرالي أو المدني… ومع كل مرة تتعالى فيها الأصوات ب "هو يمشي" تتصدر الكلمات والشعارات المشهد وتتلاشى القدرات على تحديد بديل مناسب يمثلهم ويمثل الثورة… ومع تحديد المجلس العسكري لأول موعد للانتخابات البرلمانية، تشرذمت هذه القوى وتشتت في ائتلافات وأحزاب مختلفة وبدأت الهرولة نحو تأجيل الانتخابات نظرا لعدم استعدادهم الذي سيؤدي إلى غلبة التيار الإسلامي وتم تأجيل الانتخابات مرتين لكن لا يمكن لريمة أن تتخلى عن عادتها القديمة وارتكن معظمهم إلى تكييف الفضائيات… ومع انتخابات مجلس الشورى – السلطة التشريعية الآن – توقعنا أن يكونوا أكثر حنكة وأن يبذلوا قصارى جهدهم حتى لا يسيطرالإسلاميون على الشورى أيضا إلا أنهم كانوا أكثر فاعلية في التكاسل وأكثر ذكاء في الغباء السياسي وترفعوا عن خوض هذه الانتخابات من الأساس. ومع الانتخابات الرئاسية، فشلوا في التوحد خلف مرشح رئاسي ثوري وكانت النتيجة أن جولة الإعادة كانت بين مرسي وشفيق… ومع تشكيل جبهة الإنقاذ فشلوا حتى في تأليفها من عناصر سياسية تحقق لهم أهدافهم السابقة وشعارتهم الحالية من الاحتفاظ بمدنية الدولة والقضاء على الدولة العميقة فانضم لها وجوه تعشق العسكر وأخرى تربت في خير النظام السابق… حتى عندما صارت الجبهة كيان معارض لم يكن لديهم سوى الدعاوي المتكررة لانتخابات رئاسية مبكرة مع كل خطوة تخطوها القيادة السياسية الحاكمة وافتقدوا كل المبادئ السياسة والقواعد الشعبية والتحركات اللوجيستية التي تمكنهم من تدشين حركة معارضة مثل تمرد التي كانت بالنسبة لهم كقبلة الحياة وأول الخيط نحو الحكم. أظن أن الآمال عادت مع تمرد لتداعب حلم الجبهة في الحكم. فمن سيحكم مصر بعد سقوط الإخوان وذهاب التيار الإسلامي إلى الجحيم؟ صار 30 من يونيو هو اليوم الذي تنتظره جبهة الإنقاذ حتى يسقط مرسي والإخوان لتتولى هي إدارة شؤون البلاد إما برئيس أو بمجلس رئاسي مكون من أعضائها، عادي فهم لا يسئموا أبدا من تكرار هذا المشهد بنفس كلماته بنفس ممثليه حتى بنفس إفيهاته البايخة. من الوارد أن تكون الجبهة على دراية واستيعاب أكتر لمعاني الحرية والثورية وتطبيقاتها لكن المثير في الأمر أنهم متى تولوا إدارة شؤون البلاد سيحققون بكل جدارة نفس الإخفاقات والتجاوزات التي حققها سابقيهم في حق البلاد أو حق بعض العباد… لماذا؟ لأنه لا فارق بين جبهة الإنقاذ وبين الإخوان فكلاهما يريد إقصاء الآخر ويراه سبب النكبة وأن رحيله واختفاءه من على وجه الكون هو الحل، وقد قالها أحد أبرز أعضاء الجبهة صراحة للإخوان والسلفيين في مؤتمر الدبلوماسية الشعبية الأخير الخاص بأزمة سد النهضة (هنرجعكم السجون…الشعب المصري هيرجعكم السجون بس في بيوتكم…هتتسجنوا في بيوتكم)… كيف يمكن لجبهة أن تتحدث عن الحرية والمدنية وبعض أضلاعها معروف عنهم أن من هواياتهم استدعاء العسكر دائما للمشهد…؟ كيف يمكن لجبهة أن تدير شؤون مصر السياسية وكل ما حققه معظم أعضائها في السياسة من إنجازات كان انسحابات ومقاطعات…؟ كيف يمكن لجبهة أن تحكم مصر وهي لا تملك حتى أن تحشد لمليونية؟ كيف يمكنهم أن يحكموا مصر وهم لا يعرفون كيف يديرون الجبهة ولا حتى كيف يديرون خلافاتهم الداخلية؟ أتذكر أنني في في أكثر من موقف اتصلت استفهم عن بعض الأمور من أعضاء بالجبهة وكانت صدمة لي أن كل من اتصلت به ينتقد آخرين معه بل ينتقد الجبهة كلها وفي مرة قال أحدهم (الدنيا واقعة هنا ومحدش راضي يشيل ومش لاقين حد يمشي الأمور).. طبعا هذا إلى جانب مزايداتهم الأخيرة على بعض خاصة بعد حضور دكتور عمرو حمزاوي لاجتماع الرئاسة الأخير واجتماع عمرو موسى بالشاطر… إذن بأي معيار يريدون أن يحكموا مصر بمعيار اللاخطة واللافكر أم بمعيار الانسحاب أم بمعيار خطب التليفزيون والمؤتمرات الصحفية أم بمعيار الكيل بمكيالين؟ كلمة من مواطنين تورموا من المعارضة ومن الحكم : قبل أن تشكلوا جبهة لإنقاذ مصر الله يكرمكم حكم ومعارضة شكلوا جبهة لإنقاذ مستقبلكم السياسي الذي أوشك على النفاذ… تنويه: على كل السادة القراء من غير محبي جبهة الإنقاذ عدم التشفي… متفرحوش أوي كده مقالكم جاي قريب بإذن الله… والله الموفق والمستعان… للتواصل مع الكاتبة: facebook.com/nariman.nagui