مصطلح "الثورة" له عدة تعريفات، لعل أدقها هو (الخروج عن الوضع الراهن لإحداث تغيير سريع وجذري في شتى مناحي الحياة)، لذا يمكن اعتبار الوحي الذي نزل على رسول الله مبشراُ ببداية عهد جديد على أنه ثورة، ثورة شاملة على كل مظاهر الجاهلية، ثورة من صنع الله إن جاز لي التعبير، ثورة من صنع الله نفذها نبي مرسل بمساعدة أتباع مخلصين. كعادة كافة الثورات، هناك من أيدها كعبد الله بن أبي قحافة، وهناك من عارضها كعمر بن الخطاب، في أول الأمر يكون عدد الثوار المؤيدين أقل بكثير من عدد الفلول المعارضين، مع مرور الوقت، في وجود العزيمة والاصرار والايمان تنعكس الصورة، يزداد عدد وقوة الثوار، ويختفي الفلول مؤقتاً، يترقبون اللحظة المناسبة للانقضاض مرة أخرى على ذلك الدين الوليد، على تلك الثورة الجديدة، على ذلك التغيير النظيف. المؤيدون نوعان، نوع آمن بالتغيير، ربما سعى إليه منذ البداية، لكنه لا يعرف الطريق أو الوسيلة، عند ظهور أولى العلامات أعلن موقفه دون خوف أو تردد، لأنه ببساطة حلم قديم يريد تحقيقه، أما النوع الآخر، فهو نوع يجيد تسليك أموره، يرى الشط الذي سترسى عليه السفينة، لكنه وإن كان يتحلى بالذكاء الكافي، فهو خالي من المبادئ. المعارضون نوعان، نوع صاحب عقل وبالتالي صاحب فكر، قد يكون هذا الفكر خاطئاً، أو صواباً، لكنه في النهاية لديه عقل يميز بين الحميد والخبيث، حتى لو جاء هذا التمييز متأخراً، أما النوع الآخر فهو المعارض التابع معدوم العقل، مثله كمثل الكائن الطفيلي، يعارض الثورة فقط لأنه كان يتغذى على الفساد، ولا يريد البحث عن مأوى جديد. قد يبدو هذا الكلام متأخراً بعد مرور عام ونصف على قيام ثورة يناير، لكن الحال الآن جعلني أتعجب مما آلت إليه الأمور، وكان لابد من العودة إلى البداية مرة أخرى حتى نصحح كافة المفاهيم الخاطئة التي أصبحت مسيطرة على الرأي العام وغالبية القوى الثورية هذه الأيام، مفاهيم فاسدة تساعد على الفرقة أكتر مما تساعد على الاتحاد، فلقد أصبحنا في وقت تبادل الاتهامات فيه أصبح أسهل وأعم من تبادل السلام. ضربت مثلين في التأييد والمعارضة، أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، اثنين لا يختلف عليهما فرد من أهل السنة، كانا في أول الأمر خصمين، مع ذلك لم يهن أحدهما الآخر، ثم أصبحا أول اثنين من المبشرين بالجنة، بعد هداية الله كان اعمال العقل وتليين القلب وتحكيم الضمير سبباً قوياً في أن يصبحا ما أصبحا عليه، ألا تجعلانهما قدوة لكم؟؟ طلقة الطوبجي التغيير مفيد فقط لمن يحسن استخدامه م/ مصطفى الطبجي