انسداد الامعاء هي حالة يحدث فيها اضطراب يمنع نقل محتوى الجهاز الهضمي، والذي يمكن ان ينجم عن حاجز ميكانيكي/الي او وظيفي (functional)، اي شلل الامعاء. الحالة الاكثر شيوعا هي انسداد الامعاء الوظيفي (علوص – ileus). في العديد من الامراض، نرى الامعاء الدقيقة او الغليظة، تفقد القدرة على نقل محتواها، حتى وان لم تكن هذه الامراض في جوف البطن (على سبيل المثال، احتشاء عضلة القلب/الجلطة القلبية، او الالتهاب الرئوي). واما الحالة الاكثر شيوعا فهي الاصابة بعلوص شللي (paralytic ileus) اثر اجراء عملية جراحية في البطن. يسبب انسداد الامعاء نوعين من الضرر، الاول، ضرر للامعاء ذاتها. حيث تكون الامعاء المحاصرة منتفخة بشكل شديد او انه لا يتم تزويدها بالكمية الكافية من الدم. ونتيجة لذلك، قد يحدث ثقبا في الامعاء او تصاب بنخر، وعندها سيسيل محتوى الامعاء الى جوف البطن ويتسبب بالتهاب خطير داخل البطن، والتهاب الصفاق (peritonitis)، الذي قد يؤدي للموت. واما في الحالة الثانية فقد يلحق انسداد الامعاء الضرر باجهزة واعضاء الجسم عامة، حيث تنتفخ الامعاء المسدودة وتتراكم كميات كبيرة من السوائل بجوفها، او يسبب وذمة على جدرانها. هذه السوائل (التي قد تصل كميتها لعدة ليترات!)، مصدرها من السوائل المتواجدة خارج الخلايا (extracellular fluids)، والتي يحتاجها جسمنا للحفاظ على دورة دموية سليمة. وهكذا، وعلى الرغم من ان فقدان السوائل قد لا يكون ظاهرا، الا ان المريض قد يصاب بالجفاف الشديد الذي قد يتطور لصدمة نقص حجم الدم (hypovolemic shock). هناك ثلاثة اوضاع شائعة مسؤولة عن قرابة ال90% من حالات انسداد الامعاء الميكانيكية: الالتصاقات (adhesions)، وهي عبارة عن التحامات داخل البطن ناجمة عن عمليات جراحية في الماضي، فتق منحصر (incarcerated hernia) (غالبا ما يكون فتق اربي) والاورام، علما ان الورم الاكثر شيوعا هو سرطان الامعاء الغليظة/القولون. وهناك اسباب اضافية لانسداد الامعاء: السلائل (polyps)، عاهات خلقية، التفاف الامعاء حول محورها، اجسام غريبة وغيرها. ان التعدد الكبير لاسباب انسداد الامعاء وتنوع الاعراض السريرية، ابتداء من الشعور بعدم الراحة قليلا، في البطن، والمصحوب بالامساك الشديد وحتى الالام الحادة، والصدمة (shock) وخطر الموت، يسبب التخبط الشديد للطبيب المعالج، يجعل اتخاذ القرارات بخصوص معالجة حالات انسداد الامعاء من قبل الطبيب امرا صعبا. ومن بين الاسئلة التي تواجهه: كيفية تحديد مكان الانسداد، تقييم خطورة الوضع واتخاذ القرار بشان العلاج الملائم، وبالاساس متى تكون الحاجة ملحة لاجراء عملية جراحية لانقاذ حياة المريض. تشخيص انسداد الامعاء يبدا الاستفسار, كما هو متعارف عليه في الطب, بالتاريخ الطبي للمريض (anamnesis). اضافة الى الاعراض التي يعاني منها المريض, كالالم، انتفاخ البطن وعدم اخراج البراز والغازات، يتم استجواب المريض حول شدة الالم، حيث يكون الالم اكثر حدة لدى انسداد الامعاء الميكانيكي, وحول مدة الالم. ان استمرار الحدث لساعات معدودة يلائم، عادة، حصر فتق خارجي او داخلي او التفاف الامعاء. بينما يلائم استمرار الحدث لوقت اطول، الاصابة بسرطان الامعاء الغليظة/القولون مثلا. واذا كان المريض قد خضع لعملية جراحية في الماضي، يجب الاخذ بعين الاعتبار حدوث التصاق كسبب لانسداد الامعاء. هذا الاستيضاح سيوفر اجوبة على الاسئلة التالية: هل يعاني المريض من امراض ذات صلة بالجهاز الهضمي، كالالتهاب المزمن، او خضع في الماضي لعلاجات قد تؤثر على الامعاء، كالعلاج بالاشعة. هل هناك تخوف من ابتلاع المريض لجسم غريب، هل يتناول المريض ادوية من الممكن ان تؤثر على وظيفة الامعاء الغليظة (على سبيل المثال، ادوية لعلاج الاضطرابات النفسية وادوية لعلاج مرض الباركنسون). في المرحلة التالية يقوم الطبيب باجراء الفحص البدني. وهي مرحلة لها مساهمة كبيرة، حيث تساعد الطبيب في التعرف على الحالة العامة للمريض، كما يمكنها ان توجهه نحو تشخيص حالة المريض. فحجم انتفاخ البطن، او وجود فتق، كتل، ندبات، او ظهور كتلة حاسمة اثناء قيام الطبيب باجراء فحص مستقيمي، او وجود براز او دم في القناة الشرجية، كل هذه الامور تساعد في التشخيص. وغالبا ما يتم التاكد من حدوث انسداد عبر اجراء تصوير اشعاعي بسيط، وتصوير ماسح للبطن اثناء الوقوف والاستلقاء دون استخدام مادة مظللة (radiocontrast). وبما ان الجهاز الهضمي يحتوي على الهواء، فان هذا الهواء يشكل خلفية مريحة لتصوير الامعاء، لانه يتيح التمييز بين الانسداد الجزئي والكلي، انسداد الامعاء الدقيقة والغليظة وغيرها. علاج انسداد الامعاء علاج انسداد الامعاء الوظيفي: الوقت، الصبر وعلاج بوادر المرض. يحدث انسداد الامعاء الميكانيكي عندما تتسبب افة ما بسد مجرى المرور في منطقة واحدة (او اكثر) في الجهاز الهضمي. ويمكن ان تكون هذه الافة داخل تجويف الامعاء (مثل، جسم غريب في جوف الامعاء، ورم او التهاب) او خارج الامعاء (مثل، التصاقات). بالتزامن مع التشخيص، يبدا العلاج. ويتركب من اعادة السوائل الى الجسم، عن طريق الوريد، وكذلك من خلال استخدام انبوبة صغيرة وخاصة يتم تمريرها الى المعدة, عن طريق الانف، من اجل شفط افرازات الجهاز الهضمي، وهذا يتيح، احيانا، تخفيف الضغط بشكل كبير على اعضاء البطن وجدار الامعاء. بعض حالات الانسداد المعوي تزول بمساعدة هذا العلاج، المسمى العلاج المحافظ. وهي عادة، الانسدادات وظيفية او الناجمة عن حدوث التصاقات. في حالات اخرى، يتم العلاج بالجراحة. وفي بعض الاحيان يكون اتخاذ القرار سهلا وفوريا. على سبيل المثال، في حال وجود فتق منحصر او انسداد الامعاء الغليظة جراء ورم. وفي احيان اخرى، يكون القرار اصعب، ويتطلب اجراء فحوصات اضافية او الانتظار تحقيق الاستقرار لحالة المريض. اثناء العملية الجراحية، يبحث الجراح عن موقع الانسداد. وغالبا ما يكون من السهل ايجاد موقع الانسداد، لان الامعاء تنتفخ كثيرا قبل نقطة الانسداد وتنخمص بعدها. هناك حالات يمكن فيها حل مشكلة الانسداد بسهولة، على سبيل المثال، قطع الالتصاقات، استئصال سليلة او ورم في الامعاء الدقيقة او اصلاح فتق. وفي احيان اخرى، يكون حل المشكلة معقدا، وهذا يحدث بعد اجراء عمليات جراحية عديدة وازدياد الالتصاقات، وفي حال تفشي ورم خبيث في جوف البطن. عندما يحدث الانسداد في الجزء اليساري من الامعاء الغليظة، اي على مقربة من فتحة الشرج، يكون من الصعب فتح الانسداد بواسطة عملية جراحية واحدة، ويجب اجراء العملية الجراحية على مراحل. ويتم في المرحلة الاولى، تفميم القولون (colostomy) او التفميم اللفلئفي (ileostomy)، اي شق ممر من الامعاء، عبر فتحة في جدار البطن، وصولا الى وعاء خارجي. يتعلق التماثل للشفاء بعد العملية الجراحية بسن المريض، امراضه السابقة، وبالمدة التي استمر بها الانسداد قبل الخضوع للجراحة، وبنوع الجراحة. في معظم الحالات، سيعود المريض الى حياته الاعتيادية دون اي اعاقة الا اذا تم استئصال جزء كبير من الامعاء (مثلا، عقب نخر) او تفميم القولون (colostomy). لدى غالبية المرضى، يكون الانسداد حدثا وحيدا في حياتهم، باستثناء اولئك المرضى الذين خضعوا للجراحة بسبب الالتصاقات، التي يمكن ان تتكرر وليست هناك وسيلة ناجحة لمنع ذلك.