يعد المشي أثناء النوم أحد الاضطرابات الشائعة المرتبطة بالنوم . وينتشر عند الأطفال خصوصاً حيث راوحت نسبة الأطفال الذين تعرضوا لهذه النوبة مرة واحدة على الأقل، من (10-30%) بينما تعرض ما هو نسبته من (1-5%) لنوبات متكررة ذات آثار سلبية . ويعد المشي أثناء النوم من الاضطرابات الحميدة عادة وهو يختفي نسبياً في سن المراهقة لكنه قد يعود مرة أخرى في المراحل العمرية اللاحقة، وقد يستمر سنوات عديدة بين اشتداد وسكون . كما أنه يعد اضطراباً غريباً حيث يجد الشخص نفسه منخرطاً في أداء أعمال روتينية أثناء نومه، فقد يقوم ببعض الأعمال المنزلية، وفتح الثلاجة والباب، وإجراء الاتصالات التلفونية ودخول الحمام، أو حتى مغادرة المنزل في الحالات الحادة . واثناء النوبة يكون وجه الشخص شاحباً محملقاً ولا يستجيب نسبياً لجهود الآخرين للتأثير فيه أثناء النوم أو التواصل معه . ولا يتحدث إلا نادراً وبصوت خافت ومن دون استرسال في الحديث، ويمكن إيقاظه ولكن بصعوبة . كما يتميز المريض أثناء النوبة بضبابية الوعي والانتباه وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين . وقد يستجيب أحياناً لكلام من حوله بالعودة إلى سريره ومتابعة نومه . ويكون التحكم الحركي لديه ضعيفاً، وقد يكون قادراً على رؤية الأشياء والدوران حولها وقد ينتهي سلوك المشي تلقائياً . وعند إيقاظه عنوة يكون غير مدرك للبيئة من حوله لعدة دقائق، وقد يعود إلى فراشه دون أن يستيقظ من نومه، وقد يستلقي في مكان آخر ليواصل نومه . وقد تستغرق نوبة المشي هذه عدة دقائق إلى نصف ساعة تقريباً . أما بعد أن يستيقظ من نومه فإنه لا يتذكر شيئاً مما حدث له أثناء نوبة المشي، لكنه قد يذكر بقايا حلم غير مكتمل . ويمكن لنوبة المشي هذه أن تنتهي بعودة المريض من تلقاء نفسه إلى سريره وإكمال نومه، أو أن يعود إلى النوم لكن في المكان الذي يوجد فيه في تلك اللحظة بمعنى قد نجده نائماً في غرفة أخرى أو في الحديقة أو في المطبخ أو في أي مكان آخر . ويجب الانتباه إلى أن إيقاظ الشخص الذي يمشي أثناء النوم يجعله في حالة من الارتباك الشديد، وقد تصدر عنه ردة فعل عنيفة قد تصل إلى حد الضرب والصراخ، لذا يُنصح بدلاً من ذلك أن يتم توجيه المريض للعودة إلى سريره بهدوء . وإذا لم يستجب فعلينا مساعدته في إنجاز المهمة التي بدأ فيها مثل تنظيف الغرفة أو عمل شيء ما لأنه بعد ذلك سيعود إلى سريره . تشخيص الاضطراب تتمثل المحكات التشخيصية لاضطراب المشي أثناء النوم فيما يلي: * نوبات متكررة من النهوض من السرير أثناء النوم والتجوال لعدة دقائق أو نصف ساعة . * شحوب وجه المريض أثناء النوبة ومن دون تعبيرات، ولا يستجيب لمحاولات الآخرين للتأثير به، أو التحدث معه، ولا يمكن إيقاظه إلا بصعوبة بالغة . * لا يتذكر الفرد عن النوبة شيئاً بعد استيقاظه من النوم . * عقب الاستيقاظ تكون هناك فترة قصيرة من التوهان وعدم التركيز والارتباك . * لا يوجد أي دليل على وجود أية اضطرابات عقلية أو جسمية أو عضوية لدى المريض . * أن يسبب المشي أثناء النوم مشكلة إكلينيكية جوهرية، أو قصوراً في مجالات الأداء المختلفة . أسباب المشي أثناء النوم: إن أسباب هذا الاضطراب لدى الأطفال غير معروفة إلى حد الآن، لكن قد تكون مرتبطة بالقلق أو الإرهاق أو عدم الحصول على نوم كاف، أما بالنسبة إلى البالغين، فإن الإصابة بهذا الاضطراب قد تدل على وجود اضطراب في الدماغ أو وجود أسباب أخرى مثل تناول العقاقير . أما لدى كبار السن فقد يكون المشي أثناء النوم أحد أعراض إصابتهم بمتلازمة دماغية عضوية (organic brain syndrome)، أو أحد اضطرابات النوم من فئة معينة . وتلعب الوراثة دوراً في الإصابة بهذا الاضطراب لدى جميع الفئات العمرية . وهناك عوامل بيئية وصحية تؤدي إلى إثارة هذا الاضطراب منها؛ عدم الحصول على نوم كاف، والاضطراب في انتظام مواعيد النوم، والتعرض إلى ضغوط نفسية، وارتفاع درجة الحرارة، ونقص المغنيسيوم وغيرها . إن إيقاظ الشخص الذي يمشي أثناء نومه لا يشكل خطراً عليه، بل على العكس من ذلك فإن المشي أثناء النوم يمكن أن يشكل خطراً على الشخص لأنه لا يكون مدركاً لما يجري حوله، ويمكن أن يصطدم بما حوله من أشياء أو يمكن أن يسقط من مكان مرتفع في البيت كالسلالم مثلاً . وعادة لا يلزم أي تدخل علاجي لهذا الاضطراب، فما على الذين حول المصاب سوى توفير بيئة آمنة له، حفاظاً على سلامته في حال مشيه نائماً . كما أن عليهم إعادته إلى سريره، أو إيقاظه بلطف إن تمت ملاحظته، أما إذا كان هذا الاضطراب يسبب للشخص نعاساً مفرطاً أثناء النهار أو غيره من المضاعفات، فعندها قد يقوم الطبيب بوصف دواء معين لإيقاف نوبات المشي أثناء النوم . وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة ارتباط هذا الاضطراب بحالة أو مرض نفسي أو جسدي معين، فيجب عندها الشروع بعلاج تلك الحالة أو المرض للتخلص من نوبات هذا الاضطراب . ولا شك في أن لاضطراب المشي أثناء النوم آثاراً سلبية عديدة منها القلق والخجل الاجتماعي . كما أن المصاب به قد يتعرض للإصابة بجروح أو كدمات أو كسور نتيجة لتعثره أثناء مشيه وهو نائم بأثاث المنزل أو غيره من الأشياء أو لتعرضه للسقوط من أماكن مرتفعة وغير ذلك . نصائح للمصاب باضطراب المشي أثناء النوم: * لتجنب المشي أثناء النوم فإن على الشخص أن يتبع عادات وأساليب النوم الصحي . * تنظيم مواعيد النوم . وتوزيع الوقت بشكل جيد بين النوم والاستيقاظ . والحصول على نوم كاف ومناسب بجعل غرفة النوم هادئة وملائمة للنوم الهادئ . * الحرص على أن تكون البيئة آمنة ليلاً للمشي أثناء النوم، فلا بد من إغلاق النوافذ والأبواب الخارجية وحتى الأبواب الداخلية، ووضع حواجز عند السلالم، وإزالة الأسلاك الكهربائية، وكل شيء قد يقوم بعرقلة المصاب . * إبعاد الآلات الحادة، كالسكاكين وغير ذلك من الأدوات عن متناول اليد ليلاً . * قبل الذهاب إلى النوم، على الفرد أن يقوم بتمارين بدنية مناسبة إضافة إلى تمارين الاسترخاء لأن ذلك يساعد في الحصول على نوم جيد . * استخدام أساليب التخيل الذهني والاستيقاظ القبلي لأنهما يساعدان في التحكم في نوبات المشي أثناء النوم . ويقوم أسلوب الاستيقاظ القبلي على إيقاظ الشخص قبل 15-20 دقيقة من نوبة المشي أثناء النوم، وأن لا يسمح للشخص بالنوم أثناء الوقت المعتاد لنوبة المشي أثناء اللوم . * العمل على تحديد الأمور التي تسبب للفرد الضغوطات النفسية، ثم العمل على إبعادها عن حيز تفكيره قبل النوم . * أما إذا كان طفلك المصاب يعاني من القلق، فتحدث معه بشأن ذلك القلق أو قم بعرضه على الطبيب، إن لزم الأمر . الكلام أثناء النوم يعد الكلام أثناء النوم سلوكاً غير سوي، وهو شائع الحدوث جدا، وفي الأغلب لا يعد مشكلة طبية مثل مشكلة اصطكاك الأسنان . ويعتقد بعض علماء النفس أن الكلام أثناء النوم ما هو إلا نوع من التنفيس الانفعالي يعكس مشكلات مكبوتة عند الفرد، وأنه وسيلة دفاعية يستخدمها الإنسان للهروب من مواجهة الواقع . وبما أن الأطفال غير قادرين على التعبير عن انفعالاتهم بشكل كامل، لذا نجد أن هذا الاضطراب أكثر انتشارا لديهم من الراشدين، وهو أكثر انتشاراً لدى الإناث . ولا يعد الكلام أثناء النوم حالة خطرة، ويمكن أن يختفي مع مرور الوقت وبتقدم العمر . وفي بعض الأحيان يرتبط الكلام أثناء النوم باضطرابات نوم أخرى وهنا تصبح الحالة جدية تحتاج إلى رعاية ومتابعة . أما أعراضه فتتمثل في تمتمات وهمهمات أو كلام يصدر عن الشخص وهو نائم، وفي بعض الأوقات تصدر عنه أنات أو غناء أو صرخات . ويمكن أن يحدث الكلام أثناء النومِ في أي مرحلة خلال دورة النوم، ولكن الكلام يكون أكثر وضوحاً حينما يكون النائم في مرحلة النوم الخفيف . ويمكن أن يقوم الأشخاص أثناء المراحل المبكّرة للنومِ بمحادثات كاملة أثناء نومهم أكثر من مرحلة النوم العميق التي يمكن أن يقوم فيها النائم بالتأوه وإصدار همهمات غير مفهومة . أما الأسباب الحقيقية للكلام أثناء النوم فمازالت غير معروفة، ولكن هناك عوامل محفزة لحدوثه مثل الإجهاد واضطرابات القلق والحمى، كما قد يكون أحد الآثار السلبية الجانبية لبعض الأدوية . أما آثاره فلا تزيد عن كونها آثاراً نفسية أو اجتماعية إذ قد يسبب الكلام أثناء النوم خجلاً اجتماعياً، وقد يكشف عن معلومات سرية خلال النوم، وقد يسبب إزعاجاً لمن ينام بالقرب منه . العلاج يستفيد من يعاني اضطرابي المشي أو الكلام أثناء النوم من استخدام أساليب العلاج السلوكي المعرفي، حيث تستخدم استراتيجيات طويلة المدى للتخفيف من مستويات القلق والإجهاد لدى الأشخاص . كما يجب أن يبتعد المصابون بهذه الاضطرابات النفسية عن تناول الكحول والمخدرات، وعليهم الحصول على ساعات كافية من النوم لأن ذلك يفيدهم في التخفيف من نوبات الاضطراب . وفي الحالات الحادة يمكن اللجوء إلى الطبيب لوصف بعض الأدوية المناسبة .