· هل سبق لك أن سألت نفسك هذه الاسئلة ؟ * هل أنت ناجح فى حياتك ؟ * وماذا يعنى النجاح فى الحياة ؟ * وهل الأفضل أن تكون ناجحاً أم فاعلاً ؟ * وهل يعنى النجاح التفوق المستمر على الذات ، والتميز الدائم على الآخر ؟ * هل يعنى النجاح فى الحياة الإحساس بالأمان والقوة ، أى القدرة على سد الحاجة ، وتحقيق الرغبات . * أم يعنى النجاح فى الحياة الوصول إلى حالة التوازن النفسى والمادى ، والرضا عن النفس والاعتمادية على الذات ، والقبول المتبادل بينك وبين الآخر ؟ * هل صحيح أن أعدائك بقدر نجاحاتك ، وأنه لا نجاح دون أعداء ؟ * وهل يمكن وضع قواعد مسبقة لتحقيق النجاح فى الحياة ؟ * والأهم هل يمكن أن تضع معايير ومحددات للنجاح فى الحياة ؟ * هل صحيح أنه لا نجاح دون فشل سابق ، وأن المحاولات الفاشلة هى السبيل إلى المحاولات والتجارب الناجحة . · قد تكون قد سألت نفسك كل هذه الاسئلة العشرة من قبل ، وقد تكون سألت نفسك بعضاً منها ، وقد تكون لم تسأل نفسك أيا منها على الإطلاق . فإذا كنت قد سألت نفسك كل هذه الاسئلة أو أغلبها فأنت على درجة عالية من الوعى بالذات ، وعلى إدراك حقيقى لمعنى وجودك فى الحياة .. أما إذا كنت قد سألت نفسك بعضاً منها ، فدرجة وعيك بذاتك تتأثر إلى حد كبير بهذه الاسئلة ومحاولتك الإجابة عليها .. أما إذا كنت لم تسأل ذاتك هذه الاسئلة مطلقاً ، وأنها المرة الأولى التى تفاجىء بها ، فلا مشكلة فى أن تواجه نفسك بها الآن ، وأن تحاول أن تجيب عليها ، وسنحاول معاً البحث عن إجابات منطقية لها . « فيما يتعلق بالسؤال الأول ، هل أنت ناجح فى حياتك ؟ فالإجابة هى ، أنت ناجح فى حياتك بقدر ما تحقق من أهدافك التى تسعى إلى تحقيقها، وبقدر تأثير نتائج هذه الأهداف فى إحداث تحسينات كمية أو تحولات نوعية فى مختلف جوانب حياتك . « فيما يتعلق بالسؤال الثانى ، وماذا يعنى النجاح فى الحياة ؟ والإجابة هى ، أن معنى النجاح فى الحياة ، هو الانتصار ، وتخطى معظم العقبات إن لم يكن جميعها ، والشعور بعدم الهزيمة ، وأنك لن تغادر حياتك إلى الآخرة مهزوماً مقهوراً ، وأنك كنت فيها عاجزاً مفعولاً به طول الوقت . معنى النجاح فى الحياة أنك كنت فاعلاً فيها ، وأنك كنت قادراً على المقاومة ، وتخطى العقبات ، وأنك لم تكن فيها مستسلماً متواكلاً . معنى النجاح فى الحياة أنه كانت لك فيها رسالة قد أديتها على أكمل وجه ، وأنك ستغادرها غير نادم عليها ، وأنه لو عاد بك الزمن لكررت نفس ما قمت به ، ولكن بنشاط أكبر ، وبفاعلية أعمق . « أما عن السؤال الثالث ، وهل الأفضل أن تكون ناجحاً فى الحياة أم أن تكون فاعلاً فيها ؟ والإجابة هى ، أنه لا نجاح دون فاعلية ، فإذا كانت أبسط مفاهيم النجاح هى تحقيق الهدف ، فإن الفاعلية هى نسبة ما تحقق من الهدف ، والكفاءة هى جودة وتكلفة تحقيق هذا الهدف ، لذلك لا نجاح دون فاعلية وكفاءة معاً . « أما عن السؤال الرابع ، وهل يعنى النجاح التفوق المستمر على الذات ، والتميز الدائم على الآخر ؟ والإجابة هى ، ليس بالضرورة أن يكون النجاح فى الحياة هو ما سبق فى هذا السؤال، ولكن الدرجات العليا من النجاح تتطلب بالضرورة التفوق المستمر على الذات ، والتميز الدائم على الآخر . ولا تفوق ، ولا تميز ، دون مهارة ، والمهارة هى القدرة (أى الطاقة الكامنة على الإنجاز) على مواجهة المواقف ، وحل المشاكل بأعلى درجة من الفعالية والكفاءة تحت شروط أربعة هى السرعة ، والدقة ، والتتابع المنطقى فى الأداء ، والبعد الجمالى فيه . أما التفوق ، والذى لا بديل لحدوثه إلا بالدرجات العالية من المهارة المستمرة التنامى والتطوير ، فهو يكون على الذات عند تجاوز النجاحات السابقة ، ويكون على الآخر عند تجاوز نجاحاته هو . وأما التميز فيكون على الآخر فقط ، وقد يكون تميزاً كلياً حاسماً عليه عند تجاوزه بشكل مطلق وقد يكون تميزاً جزئياً ، عندما تمتلك مهارة وسمة وملكة واستعداد وقدرة خاصة بك ، قد لا يمتلكها الآخر ، رغم تفوقه عليك . والآن أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال قد أصبحت أكثر وضوحاً . « أما عن السؤال الخامس ، هل يعنى النجاح فى الحياة الإحساس بالأمان والقوة ، أى القدرة على سد الحاجة ، وتحقيق الرغبات ؟ والإجابة هى نعم ، لأنه لا معنى للنجاح فى الحياة مطلقاً ، إلا إذا أدى هذا النجاح إلى تدعيم موقف الفرد فى الحياة ، ولن يكون لهذا التدعيم معنى إلا إذا تحرر الإنسان من الإحساس بالخوف وعدم الأمان ، ولا فعالية للنجاح ما لم تحقق القوة للفرد ، ولا أمان حقيقى دون قوة حقيقية فاعلة يتمثل أهمها فى قوة المعرفة ، قوة المال ، قوة العلاقات الاجتماعية الإيجابية . أما عن سد الحاجة ، فالحاجة تعنى أن هناك نقص ما لابد وأن يسد ، والنقص والشعور به يحدث الألم وعدم التوازن ، ولا سبيل إلى إعادة التوازن الناتجة عن الحاجة إلا بالإشباع ، وأما عن تحقيق الرغبات ، فالرغبة هى منفعة تحققت من قبل ، أو منفعة متخيلة أو متصورة تسعى إلى تحقيقها والحصول عليها ، وكل منهما سد الحاجة ، وتحقيق الرغبات يحتاجان إلى القدرة التى تتناسب مع الوصول إليهما .. وبالتأكيد سيكون تحقيقهما يعنى النجاح، وأن درجة النجاح المتعلقة بهما تتوقف على قيمتهما ومدى تأثيرهما فى حياة الفرد . « أما فيما يتعلق بالسؤال السادس ، هل يعنى النجاح الوصول إلى حالة التوازن النفسى ، والمادى ، والرضا عن النفس ، والاعتمادية الكاملة على الذات ، والقبول المتبادل بينك وبين الآخر ؟ والإجابة نعم ، ولكن ما هو المقصود بالمصطلحات السابقة ؟ حالة التوازن النفسى ، هى تلك الحالة التى يكون فيها الفرد قادراً على التصرف الإيجابى باستخدام كل قدراته ، وقادراً على التعامل مع الآخر والتكيف معه وفهم دوافعه دون تصادم ، نتيجة فهم الفرد لنفسه ولدوافعه للتعامل مع الآخر ، ولمدى قدرته على تحييد اتجاهاته وعواطفه ومشاعره نحو الآخر ، حتى لو كانت لديه خبرات سلبية معه . وقد يكون التوازن النفسى ، والذى ينتج عن الوعى بالذات والتعاطف معها ، وعدم القسوة عليها هو سبب ونتيجة فى نفس الوقت لحالة الرضا عن الذات ، والتى تعنى بالشعور الصادق بأن ما أفعله هو الصواب لأنه يحقق مصالحى ومصالح الآخرين معاً ، وأن ما أبذله من جهد وطاقة يتناسب مع ما امتلك منهما ، وأننى انطلق فى أفعالى من ضمير حى يدفعنى إلى فعل كل ما فيه صالح الآخرين ، ويمنعنى عن فعل كل ما يؤدى إلى الضرر بهم . وأما الاعتمادية الكاملة على الذات ، فتعنى بالاستقلالية فى ثلاث جوانب أساسية ، هى الاستقلالية الفنية ، ويقصد بها القدرة على الأداء لعمل أو مهمة دون مساعدة ، والاستقلالية الفكرية ، ويقصد بها القدرة على اتخاذ قرار دون تردد ودون مشورة ، والاستقلالية العاطفية وتعنى بأنك مدفوع للإنجاز من ذاتك ، وليس من تشجيع الآخرين لك . وأما عن القبول المتبادل بينك وبين الآخر ، فهو ضرورى ليس فقط من أجل تكوين شبكة من العلاقات التى تدعم قدرتك على النجاح ، ولكنه ضرورى لحدوث التوازن النفسى ، فعدم تبادل قبول الآخر كقيمة حياتية مهمة ، قد تؤدى إلى زيادة مشاعر العداء المتبادل بينك وبين الآخر ، مما قد يؤثر على توازنك النفسى ، وقد يهدد مصالحك أيضاً. أما عن علاقة ما سبق بالنجاح فى الحياة ، فقد لا تكون المصطلحات السابقة هى النجاح ذاته أو هى معنى النجاح ، ولكنها قد تكون هى متطلبات أساسية للنجاح فى الحياة بمعناه الشامل والواسع . « أما فيما يتعلق بالسؤال السابع ، هل صحيح أن أعدائك بقدر نجاحاتك ، وأنه لا نجاح دون أعداء ؟ والإجابة هى لا ، وقد ترفض هذه الإجابة ، ولكن فكر فيها قبل أن ترفضها . فإذا ما ارتبط النجاح ونتائجه بتحقيق منافع للآخر ، وإذا اقتسمت نتائج هذا النجاح مع من شاركوا فيه معك ، وفقاً لمعايير ومحددات متفق عليها بينكما مسبقاً دون قهر منك لهم ، فلن يكونوا أعداء لنجاحك ، وإذا لم تستخدم أساليب غير مشروعة لتحقيق نجاحك ، فلن يكون هناك أعداء لنجاحك . وحتى لو كانت حالة النجاح هى نتيجة منافسة شديدة بين أكثر من فرد ، فما دامت هناك معايير وقواعد محددة للتنافس وواضحة ومقبولة من المتنافسين ، والأهم أنه قد تم تطبيقها بكل دقة ، فسيكون النجاح بدون أعداد ، أو بأقل عدد منهم . « أما فيما يتعلق بالسؤال الثامن ، هل يمكن وضع قواعد مسبقة لتحقيق النجاح فى الحياة ؟ والإجابة نعم .. يمكن الاجتهاد بوضع مثل هذه القواعد ، وقد ساهم العديد من المفكرين فى هذا المجال ، وسأقدم فى المقال التالى لهذا المقال عشرة قواعد اساسية للنجاح فى الحياة . « وأما بالنسبة للسؤال التاسع ، هل يمكن أن نضع معايير ومحددات للنجاح فى الحياة ؟ والإجابة هى نعم .. ولكن المشكلة أن هذه المعايير والمحددات ستكون نسبية وفقاً لقدرات الفرد العقلية وغير العقلية ، وثقافته ، والبيئة المحيطة به ، والفرص الإيجابية التى أتيحت له ، ودرجة وعيه بذاته وبالآخر . ولكن مع هذا يمكن وضع معايير ومحددات أساسية يتم عليها قياس النجاح فى الحياة من أهمها ، نتائج الإجابة على هذه الاسئلة ؟ 1- إلى أى مدى كنت جاداً فى بناء قدراتك ؟ 2- وهل استطاعت قدراتك العقلية وغير العقلية التى قمت ببنائهما أن تسد حاجاتك الأساسية والاجتماعية وأن تحقق رغباتك العادية ( التى يفكر فيها ويسعى إليها أقرانك ونظرائك ) كحد أدنى ؟ 3- إلى أى مدى كان التفوق على الذات مستمراً ، وكان التميز على الآخر دائماً ؟ 4- إلى أى مدى كانت حركتك فى الحياة حركة هادفة ، وليس حركة عشوائية ؟ والحركة الهادفة ، هى ذلك الفعل والإنجاز الذى يتسم بثلاث محددات هى : · النتيجة المحددة مسبقاً . · المنهجية ( الخريطة أو البرنامج الصحيح ) . · المرجعية ( ماذا أفعل عندما أواجه تعثر أثناء الفعل ؟ ) 5- ما هى الآثار الإيجابية التى أحدثتهما كنتيجة لنجاحك فى الحياة ( الإضافة الحقيقية والمؤثرة لتحسين حياة الآخرين إلى أفضل ) ، ومن هم الذين استفادوا من هذه الآثار الإيجابية ؟ 6- هل أحدثت من خلال نجاحك مجرد تحسينات كمية فى حياتك ، أم أحدثت تحولات وطفرات نوعية إيجابية فيها ؟ 7- إلى أى مدى كانت نسبة الأصدقاء إلى الأعداء على مدار فترات حياتك المختلفة ؟ 8- ما مدى اعتراف وقبول الآخر بك ؟ 9- إلى أى مدى تشعر بالتوازن النفسى والرضا عن الذات ، وقبول الآخر لك ، وأنك لا تملك حسابات مع الآخرين تصر على تصفيتها ؟ 10- إلى أى مدى تشعر أنه بالفعل كان لحياتك معنى ، ورسالة ، وأن أهم مضمون لهذا المعنى وهذه الرسالة هو تحقيق النفع للآخرين ، والعمل على إسعادهم ؟ « أما فيما يتعلق بالسؤال العاشر ، هل صحيح أنه لا نجاح دون فشل سابق ، وأن المحاولات الفاشلة هى السبيل إلى المحاولات الناجحة فى الحياة ؟ والإجابة لا .. هذا غير صحيح فالنجاح لا يحتاج مطلقاً إلى الفشل المسبق ، فمادام أساس حركتك فى الحياة هو الفعل الهادف ، والذى سبق الإشارة إليه ، سيكون احتمال حدوث النجاح هو الأقرب ، ومادمت تعتمد فى مصادر تعلمك ومعرفتك على التعليم ، والتدريب ، والنقل من المرجعيات العلمية ذات الثقة العالية ، ومادمت تمارس عادة التفكير والتأمل فى كل ما تريد أن تفعل ، فالنجاح هو الاحتمال الأقرب إلى التحقيق . أما فيما يتعلق بالتجارب أو المحاولات غير الناجحة والتى تتم أثناء إجراء البحوث العلمية ، أو الوصول إلى ناتج إبداعى ، فهى جزء من العملية البحثية والإبداعية ، فالقاعدة أنه مادام هناك مرجعيات موثوق بها ، وتفكير مسبق ، وفعل هادف ، وسيناريو تفصيلى دقيق لما يجب فعله ، فإن النجاح هو الأكثر احتمالاً ، والحقيقة المؤكدة أن النجاح يولد النجاح ، والفشل يولد الفشل . والآن بعد أن حاولت أن أجيب على الاسئلة العشرة السابقة التى تمثل المفاتيح العشرة لفهم معنى الحياة الناجحة ... دعنى أسألك إلى أى مدى تتفق معى فى أن معنى النجاح فى الحياة يتوقف على طرح هذه الأسئلة والإجابة عليها .. وقبل أن ننتقل إلى الجزء الثانى من هذه المقالة ، والذى يتناول القواعد العشرة للنجاح فى الحياة ، أؤكد لك أنه لا نجاح فى الحياة إلا بقدر استفادة الآخر من هذا النجاح أيا كان هذا الآخر د. محمد كمال مصطفى استشارى إدارة تنمية الموارد البشرية