بالانتشار الميداني والربط الرقمي.. بورسعيد تنجح في إدارة انتخابات النواب    يرتفع تدريجيا..أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في بني سويف    استغاثة عاجلة إلى محافظ جنوب سيناء والنائب العام    شعبة الاتصالات: أسعار الهواتف سترتفع مطلع العام المقبل بسبب عجز الرامات    قائد الجيش الثاني: قناة السويس رمز وطني للتحدي والإرادة.. وتأمينها سبب استمرار الملاحة    بالصور.. مدير محطة حدائق الأهرام بالخط الرابع للمترو: إنجاز 95% من الأعمال المدنية    التطبيق يبدأ في يناير.. الجمارك ترد على 50 سؤالاً حول ال «ACI»    ترامب: سنواصل العمل على استهداف تجار المخدرات    ترامب يعلن بناء مدمرة حربية "عملاقة" تحمل اسمه    فرحة أهالى كفر الشيخ بفوز مصر على زيمبابوى.. فيديو    أمم إفريقيا - مؤتمر حسام حسن: كنت أحمل هم الجماهير في مصر.. وصلاح يصنع الفارق    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    أمم إفريقيا – إبراهيم حسن ل في الجول: كشف طبي لمصطفى وحمدي.. وصلاح سليم    أمم أفريقيا 2025| وائل القباني: منتخب الفراعنة قدم أداء جيدًا.. وهناك عيب وحيد    محافظ القاهرة يشكل لجنة لمعاينة تأثير حريق بحى المرج على العقارات المجاورة    لسه الدنيا بخير، شاب يعيد 3.3 مليون جنيه حولت لحسابه بالخطأ    مصرع شخص صدمته سيارة نقل أثناء استقلاله دراجة نارية فى المنوفية    استكمال الاختبار التجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي على منصة كيريو في محافظات الجمهورية يوم 23 ديسمبر    انزل بدري والبس تقيل بالليل..حالة الطقس اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في بني سويف    المؤبد والمشدد 15 سنة ل 16 متهماً ب «خلية الهيكل الإدارى بالهرم»    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    كأس أفريقيا.. عمر مرموش رجل مباراة مصر وزيمبابوي    فرحة أبناء قرية محمد صلاح بهدف التعادل لمنتخبنا الوطني.. فيديو    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    ليفربول يعلن نجاح جراحة ألكسندر إيزاك وتوقعات بغيابه 4 أشهر    وزير الدفاع الإيطالي: روما مستمرة في دعم استقرار لبنان وتعزيز قدرات جيشه    فلسطين.. إصابة ثلاثة مواطنين في هجوم للمستعمرين جنوب الخليل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    بعد 5 أيام من الزفاف.. مصرع عروسين اختناقًا بالغاز في حدائق أكتوبر    مصرع شاب وإصابة آخر فى حادث تصادم جرار زراعي بالبحيرة    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    القصة الكاملة لمفاوضات برشلونة مع الأهلي لضم حمزة عبد الكريم    هيئة الدواء: متابعة يومية لتوافر أدوية نزلات البرد والإنفلونزا خلال موسم الشتاء    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    دراما بوكس| «المتر سمير» ينافس في رمضان 2026.. وأيتن عامر تعتذر    وسط شائعات النقص.. الحكومة تطمئن المواطنين بشأن توافر الأدوية: لا أزمة في السوق    مروة عبد المنعم: حزينة من كمية التطاول غير المهني على الفنان محمد صبحي.. بابا ونيس خط أحمر    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    متحدث الصحة: التشغيل التجريبي للتأمين الصحي الشامل يبدأ في المنيا بالربع الأول من 2026    مصر و الأردن يؤكدان تعزيز التعاون في النقل البري خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بعمان    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغيرة المرضية اسبابها انواعها وطرق العلاج

جاء في جريدة الوطن الإلكترونية الكويتية بتاريخ 26/4/2011 تعليقاً على المشاجرة التي شهدتها كلية الدراسات التجارية-بنات، ما يلي: "كشفت التحقيقات حول الشجار الذي نشبأمس الأول في كلية الدراسات التجارية-بنات بين ثلاث طالبات من جهة وطالبة من جهة أخرى، أنهن من اعتدين عليها أولاً وكانت النتيجة أن ألحقت بهن إصابات متفرقة.
وتتلخص تفاصيل الواقعة أن الطالبات دخلن على الطالبة واعتدين عليها، و"غسلن شراعها" وهي تدافع عن نفسها. وقد تناولت مطفأة حريق معلقة في أحد ممرات الكلية وطاردتالثلاث. وقد تمكنت من حشر واحدة (وهي أم لطفل) في زاوية أحد الفصول، وكادت أن تسدد لها ضربة بالمطفأة، غير أن زميلاتها دافعن عنها، وأخرجت إحداهن قلماً وطعنتالطالبة، فردت لها الطعنة بمثلها. وفي هذه الأثناء كانت سيارة الاسعاف ودورية الشرطة قد وصلت المكان وفضت النزاع ونقلت المصابات الى المستشفى.
وبينت التحقيقات أن سبب الشجار هو ذهاب صديقة الطالبة لحفلة أقامتها المعتديات، وهو ما أثار الغيرة فقامت بالتحرش بهن واستفزازهن.
وقال مصدر أمني أن إشاعات ترددت عن وفاة احدى المتشاجرات، غير أن الصحيح أن المتوفاة لا علاقة لها بالمشاجرة وأن المتشاجرات جميعهن بصحة جيدة.
وهنالك عدة حوادث خطيرة حدثت بسبب الغيرة غير الطبيعية (المرضية) وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، الجريمة البشعة التي ارتكبها رجل الأعمال المصري المليونيروالمتزوج، هشام طلعت مصطفى، والتي أدت الى مقتل عشيقته المطربة اللبنانية سوزان تميم في دبي عام 2008.
فهل الغيرة فعلاً تؤدي الى سلوكيات متهورة ومهينة (بهدلة) وعنف وطلاق وحتى القتل؟ أم أن هنالك درجات متفاوتة، بعضها يتطلب التدخل الطبي-النفسي؟
وكي يكون من السهل على القارىء الكريم فهم واستيعاب المقال، علينا أولاً أن نقسم الأمراض والاضطرابات النفسية الى قسمين: الاضطرابات الذُهانية Psychosis والإضطراباتالعُصابية Neurosis. وسيقتصر حديثنا في هذا المقال على الذهان، لأن الغيرة المرضية هي نوع من أنواع الذهان.
ويتميز الذهان بشدته، وبأعراضه المميزة، وهي: التوهم أو الضلالات Delusions والهلوسة Hallucinations، وفقدان المريض لبصيرته الذاتية Insight. (بينما العصاب اقل شدةمن الذهان، ولا يعاني المريض المصاب به من الضلالات والهلوسة، وغالباً ما يكون مدركاً لمعاناته ولا ينفصل عن الواقع).
والتوهم (الضلالات) عبارة عن معتقدات خاطئة، يتمسك بها المريض عن إيمان واقتناع راسخين، ولا يشاركه في معتقداته الخاطئة هذه، أشخاص آخرون من نفس الخلفية الثقافيةوالإجتماعية والذكاء. ويتمسك المريض بهذه المعتقدات، رغم كل الدلائل والبراهين المعارضة لها (أي لا يمكن تصحيحها بالحجج والبراهين).


أنواع الضلالات
وتقسم الضلالات الى عدة أنواع، اذكر منها على سبيل المثال، لا الحصر:
توهم الاضطهاد:
يعتقد المريض بأن شخصاً، أو جماعة من الناس، تحاول إلحاق الأذى وإيقاع الضرر به، أو الإساءة لسمعته او قتله.

توهم العظمة:
وفيه يعاني المريض من الاعتداد بالنفس المبالغ به، فيعطي لنفسه أهمية مبالغاً بها، فيعتقد بأنه من الأغنياء (علماً بأنه ليس كذلك)، أو أنه نبي موحى إليه من الله. وقد يعتقد بأنه يملكإمكانيات استثنائية لا يملكها أحد غيره.

توهم المراق:
وفيه يعتقد المريض، خطأ، بأنه مصاب بمرض معين، مع أن جميع الدلائل الطبية تدل على عكس ذلك.

توهم العدم:
يعتقد المريض بأنه ميت، أو لا وجود لجزء معين من جسده، وقد يكون مقتنعاً بأنه لا وجود لعائلته أو للعالم أجمع، أو أن العالم على وشك الانتهاء.

توهم الصلة:
يعتقد المريض أن الأخبار والمعلومات الصادرة عن التلفاز أو المذياع أو المنشورة في الجرائد، ما هي الا رسائل خاصة به، وموجهة له. وقد يعتقد ايضاً بأن تصرفات الناسالمحيطين به، أو الأحداث الجارية من حوله، لها معنى ومغزى خاص به.

توهم الغيرة:
يعتقد المريض بأن زوجته أو عشيقته خائنة، وعلى علاقة غرامية برجل آخر.

توهم جنسي (غرامي):
يعتقد المريض بأنه على علاقة غرامية مع شخصية من الصعب الوصول اليها، مثلاً: شخصية شهيرة وبارزة في المجتمع.
توهم الغيرة
إن توهم الغيرة Delusions of Jealousy اكثر شيوعاً عند الرجال منه عند النساء. ولا يجوز اعتبار كل الأفكار المتسمة بالغيرة ضلالات أو توهم، فمن الطبيعي أن يغار الإنسان،والمثل يقول: "إلي ما بيغار حمار". فقليل من الغيرة مقبول، غير أنه عندما تصبح الغيرة أكثر ضراوة وشدة ومليئة بالشك، وتأخذ طابعاً توهمياً Delusional، عندها يجب أخذالأمور بجدية. إذ من الممكن ان يؤدي ذلك الى تطور سلوكيات عدوانية وخطيرة، يوجهها المريض نحو شريكة حياته، الذي يعتقد بأنها غير مخلصة له أو خائنة، وخصوصاً فيحال قيام المريض بملاحقة وتعقب شريكة حياته والتجسس عليها، أو القيام بفحص ثيابها بحثاً عن رسائل غرامية من شخص مزعوم. ومن الجدير ذكره أن المريض الذي يعاني منضلالات الغيرة لا يصاب بالملل والإرهاق، في حال عدم تمكنه من العثور على أدلة أو براهين تؤكد وتدعم معتقداته الخاطئة الهادفة الى إدانة شريكة حياته، بل يتابع بحثه عندلائل جديدة دون كلل.
الغيرة المرضية
والميزة الرئيسية للغيرة المرضية Jealousy Pathological هي الاعتقاد غير الطبيعي والمبالغ فيه، بأن الزوج غير مخلصٍ أو خائنٍ. وسميت هذه الحالة بالمرضية، لأن المعتقداتالتي تكون، إما على هيئة ضلالات أو أفكار مفرطة القيمة والأهمية، بنيت على أساس خاطىء، ولا تتأثر بالبراهين العقلانية والمنطقية. وغالباً ما يكون الاعتقاد الخاطىء مصحوباًبانفعالات شديدة وسلوكيات مميزة، سيأتي ذكرها لاحقاً. علماً ان هذه السلوكيات والانفعالات لا تعتبر مرضية طالما كانت في حدود المنطق المقبول.
فمثلاً: من الطبيعي ان يثور الزوج ويغضب ويقوم بتصرفات خطيرة في حال ضبط زوجته في الفراش مع عشيقها، إذ لا يجوز ان نسمي هذا التصرف غيرة مرضية، ويطلق هذاالمصطلح فقط على الحالات التي تكون فيها الغيرة مبنية على دلائل واستنتاجات غير صحيحة.
شيوع ظاهرة الغيرة
تم التطرق الى الغيرة المرضية في العديد من الأعمال الأدبية العالمية، وبعض الأعمال العربية، وقد أعطيت هذه الظاهرة عدة تسميات، أذكر منها: الغيرة الجنسية Sexual Jealousy، والغيرة الشبقية Erotic Jealousy (والشبق هو الشهوة الجنسية)، والغيرة الذهانية Psychotic Jealousy ومتلازمة عُطيلOthello Syndrome .
ومعروف ان انتشار هذه الظاهرة بين عامة الناس غير معروفة، غير ان الإحصائيات دلت على أن العاملين في مجال الصحة النفسية يصادفون حالة الى حالتين سنوياً.
وتستحق الغيرة المرضية اهتماماً كبيراً، وذلك ليس فقط لكونها تسبب الإزعاج والمعاناة للزوجين، بشكل خاص، وللعائلة بشكل عام، بل لكونها ايضاً تشكل ظاهرة خطيرة.
وتشير كل الدلائل الى أن الغيرة المرضية اكثر شيوعاً عند الرجال منها عند النساء. ففي دراسة أجراها الباحث Shepherd تبين ان نسبة اصابة الرجال بهذه الظاهرة، مقارنةبالنساء، تعادل 3,85 إلى1 بينما أظهرت دراسة أجراها الباحث Vauhkonen ان هذه النسبة تعادل 2 الى 1.
وقد أشارت الدراسات الى أن الرجال في الأغلب غيورون في النواحي التي تخص النواحي الجنسية- الجسدية، بينما النساء في الأغلب معنيات بالارتباط والعلاقة العاطفية.
وقد اختلف علماء النفس في تفسير هذه الظاهرة، فالبعض منهم يؤمن أن ذلك نابع من النشوء (التطور)Evolution ، أما البعض الآخر فيؤمن بأن ذلك نابع من الخلفية الثقافية. غيرأن الأبحاث والدراسات الحديثة في هذا المجال تظهر أن للعامل الأول (النشوء) أهمية أكثر.
وفعلاً، فإنه في الكثير في المجتمعات يلاحظ أن الرجال يغارون ويخافون من أن يكون لشريكة حياتهم علاقة جنسية- جسدية مع رجل آخر، في حين تحرص النساء على أن لا يكونلشريك حياتهن علاقة عاطفية مع امرأة أخرى.
ويقول العلماء المؤيدون للنظرية التطورية، إن الغيرة الجنسية عند الرجال سببها أنه من الصعب على الرجل التأكد مئة بالمئة أن الجنين الذي في رحم زوجته من نتاج علاقتهالجنسية معها. ومن هنا يأتي الحرص المفرط عند الرجال بأن لا يكون لشريكة حياته علاقة جنسية مع طرف آخر. وهذا فعلاً موجود في بعض الأديان والمجتمعات والقبائل، أذكرمنها على سبيل المثال لا الحصر في الديانة اليهودية، ينسب الشخص الى والدته، فإن كانت والدته يهودية فيعتبر يهودياً والعكس صحيح. كذلك الأمر عند بعض العشائر العربية،فعندما تسأل شخص ما "إبن من انت"؟ "فيجيبك: "أنا ابن فلان إن صدقت والدتي".
ويؤكد نفس العلماء أن الغيرة عند النساء نابعة من الوقت والجهد الضخم اللذين خصصتهما لإنتاج طفلها. فهن يحرصن على أن لا يذهب تعبهن هدراً في حال وقوع شريك حياتهنفي حب امرأة أخرى.
كما تؤكد أبحاث أخرى أن شعور المرأة أو الرجل باستحواذ الزوج/ة وامتلاكه/ها، وأن الزواج يعني السيطرة المطلقة على مشاعر ومسلكيات الآخر، يزيد من الغيرة ومخاطرها.
وأظهرت نتائج دراسة قام بها الباحث Gary Brase من جامعةSunderland في المملكة المتحدة، أن أعلى نسبة للغيرة الجنسية عند الرجال، موجودة في الدول التي تبلغ نسبةالخصوبة ومعدل الإنجاب فيها عالية جداً، مقارنة مع غيرها من الدول، واستشهد بالبرازيل كمثال على ذلك. إذ أن الرجال فيها حريصون على مراقبة نسائهم من أن يكن على علاقةجنسية مع أطراف أخرى. في حين أن الرجال يكونون أقل غيرة واهتماماً في مثل هذه الأمور، في الدول التي تكون فيها نسبة الإنجاب، والمواليد منخفضة جداً، و ضرب مثلاً علىذلك اليابان. فالرجال فيها غير مستعدين لتكريس جل وقتهم في التفكير في الخيانة الزوجية، لأن هناك مواضيع أهم من ذلك.
مما جاء أعلاه نستطيع أن نلاحظ أن الباحث يدعم النظرية التطورية في الوقوف وراء الغيرة الجنسية.
الصورة السريرية
وكما ذكر سابقاً، فإن الميزة الرئيسية للغيرة المرضية هي اعتقاد شاذ (غير طبيعي) في إخلاص شريك الحياة. وقد يصاحب هذا الاعتقاد الخاطىء، معتقدات خاطئة اخرى، نذكرمنها على سبيل المثال لا الحصر، ان الشريك يدبر مكيدة ضد المريض، محاولاً قتله بدس السم في طعامه أو القضاء على مقدرته الجنسية (توهم الاضطهاد).
ويتأثر مزاج المريض بطبيعة المرض الذي يقف وراء معتقداته الخاطئة. غير أنه غالباً ما يكون مزاج المريض خليطاً من البؤس والخوف والهياج والغضب.
وغالباً ما يكون سلوك المريض مميزاً، إذ يقوم ببحث مكثف للعثور على دلائل وبراهين على خيانة أو عدم إخلاص شريكة حياته له. فمثلاً يقوم بتفتيش وتصفح مذكراتهاومراسلاتها، كما يفحص أغطية السرير والوسائد والثياب الداخلية بحثاً عن بقايا افرازات جنسية. وقد يلجأ المريض الى ملاحقة زوجته وتتبعها من مكان الى آخر، أو يكلف شخصاًللتجسس عليها.
فمثلاً، إذا كان المريض طبيباً أو محامياً، فإنه قد يتغيب عن عيادته أو مكتبه، لملاحقة زوجته المحاضرة في إحدى الجامعات أو العاملة في إحدى المؤسسات، مدعياً بأنها على علاقةغرامية مع أحد زملائها. وقد وصل الأمر بأحد الأطباء أنه لم يكتف بملاحقة زوجته المحاضرة في إحدى جامعات الضفة الغربية خارج الجامعة، بل نقل نشاطه الى داخل حرمالجامعة، ليتسنى له زيارتها في الجامعة دون سابق إنذار، الأمر الذي كان يسبب الإحراج لزوجته أمام زملائها وأمام الطلاب. وعندما فشل في العثور على براهين تعزز توهمه فقدصوابه، فلجأ الى ضربها أمام الطلاب، وطبعاً كانت النتيجة الطلاق.
ويقوم الشخص الغيور باستجواب زوجته باستمرار وبإلحاح، وهذا قد يؤدي الى شجار عنيف بينهما، واصابة الزوج بنوبات من الغضب.
وقد تصاب الشريكة، أحياناً، بنوبات الغضب والسخط والإرهاق والوهن، ما يدفعها الى الاعتراف زوراً، إما بهدف وضع حدٍ لهذه المعاناة، أو من قبيل العناد والاستفزاز.
وفي كلتا الحالتين يؤدي ذلك الى اصابة الرجل الغيور بنوبة من الغضب والهياج.
ومن المميزات الداعية للاهتمام، هي أن الشخص الغيور لا يعرف من هو عشيق زوجته المزعوم، وأي نوع من الرجال هو؟
ومن السلوكيات المضحكة - المبكية ان يقوم رجل أعمال غيور بحمل حقيبة يد تحتوي على مفك براغي، الى جانب الوثائق وأوراق العمل خاصته، وكهربائي يقوم بتركيب منظومةمتقنة من آلات التصوير (كاميرات) في جميع غرف بيته، ليتمكن من مراقبة زوجته من مكان عمله، في حال تنقلها من غرفة الى أخرى. وأخيراً وليس آخراً فقد نرى زوجاً غيوراًيتجنب الوقوف أمام إشارة المرور الضوئية، بجانب سيارة اخرى، ليمنع زوجته من إمكانية أخذ موعد غرامي مع سائق السيارة المجاورة.
أسباب الغيرة المرضية
أشارت الدراسات الى ان هناك عدة امراض تقف وراء الغيرة المرضية، وهي تشكل عرضاً من أعراض أمراض نفسية أو عضوية معينة. فمثلاً، في إحدى الدراسات تبين ان 7 - 44% من الأشخاص المصابين بالغيرة المرضية يعانون ايضاً من الفصام الزوراني Paranoid Schizophrenia، بينما يعاني 3 إلى 16% منهم من الإكتئاب، و38 إلى 57%من العصاب واضطرابات الشخصية. أما الإدمان على الكحول فيشكل 5 - 7%، والأمراض العضوية 7 - 20%. وتضم الأمراض العضوية التي قد تسبب معاناة لصاحبها منالغيرة المرضية الأمراض التالية:
1. الإدمان على المخدرات، وخاصة مجموعة الامفيتامينات Amphetamines وخصوصاً Ritalin. والإسم المتداول له بين الاشخاص المدمنين هو "سبيد" Speed. كذلكالإدمان على الكوكائين Cocaine يؤدي الى معاناة الشخص من الغيرة المرضية الخطيرة.
2. اضطرابات دماغية، وخصوصاً الأمراض المعدية، والأورام (الحميدة والسرطانية)، اضطرابات الغدد الصماء والأمراض الاستقلابية Metabolic والحالاتالتنكسية Degenerative.
ويجب ان لا ننسى دور الشخصية Personality في تطور الغيرة المرضية، إذ غالباً ما يتبين أن هناك تناقضاً بين طموحات المريض وما ينجزه. ومثل هذا النوع من الشخصيةمعرض لكل شيء قد يهدد مفهوم عدم التوافق، مثل فقدان المريض لوضعه الاجتماعي أو التقدم في العمر. وإزاء مثل هذه التهديدات، قد يوجه الشخص اللوم نحو الآخرين، وهذا قديأخذ شكل اتهام الشريك بالخيانة.
ويدعم الكثير من الباحثين مفهوم أن الغيرة المرضية قد تنتج عن فقدان الرجل لمقدرته الجنسية، أو فقدان زوجته لرغبتها في الجنس، أو عدم وصولها للرعشة الجنسية، مما يولدشكوكاً لدى المريض ان زوجته على علاقة مع رجل آخر.
الغيرة المرضية والعنف
لا يوجد أدنى شك بأن الغيرة المرضية ظاهرة شديدة الخطورة. وقد أشارت دراسة قام بها Mowar عام 1966، على الأشخاص المحكومين بالقتل، الى أن الغيرة المرضية موجودةعند 12% من الرجال و15% عند النساء.
وعدا القتل فقد يقوم الرجل الغيور بايذاء زوجته جسدياً أو يقوم بتهديدها بالقتل.
وفي دراسة قام بها كاتب هذه المقال (د. جابي كيفوركيان) عام 2008 في الضفة الغربية والقدس المحتلة تبين أن 64,3 في المئة من الشجار بين الأزواج يتضمن تهديداً بالقتل.


العلاج:
من الصعب علاج ظاهرة الغيرة المرضية، وذلك لأن المريض قد يعتبر ذلك تطفلاً على حياته الخاصة، لذلك لا يتقيد بالعلاج.
وبشكل عام فإنه يجب توجيه العلاج نحو المرض الأساسي الذي يقف وراء الغيرة المرضية، مثل الفصام واضطراب المزاج Mood Disorders ولا مانع من إعطاء المريضالأدوية المضادة للذهان إلى جانب العلاج النفسي.
وفي حال وجود أفكار عدوانية، يجب إدخال المريض للمستشفى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.