وطن سلّم فيه الرجال لدعاة الرجعية والأصولية ولم تنتفض من أجله سوى النساء .. نساء شقائق الحرية والمقاومة .. قل لي فقط : تونسية سأقول لك أنّ التونسيّات إن شئن يصنعن القدر كما قال شاعرنا كمال بوعجيلة .. الجميلات هنّ التونسيات هن أبيات القصيدة ومعانيها .. تلك القصيدة هي ميثاق شرف لكلّ نساء البلد أن ينهضن به ولا يسلمن فيه لأيّ رجعي ينشر الثقافة الظلامية ويؤسس لمشروع قروسطي بيننا في أرضنا .. هذا الوطن لا يمكن أن يكون مخبرا لنجاح تجربة ماضوية بعناوين حداثية كأن يكون الدين ديمقراطيا وتقدّميا بل ولا ينال من مكانة المرأة … النساء فقط في هذا البلد من إنتبهن لهذا المشروع ومازلن يقاومن .. تونسية المعنى أن تؤنس الحياة لا الموت يا صاحبي .. ما معنى أن يدخل بيننا شيخ لقيط يدعو إلى قهر النساء معناه أن تنتفض النساء ويقاومن في كلّ شوارع الوطن .. إيّاك أن تستخف بتونسية فكأنّك أسأت إلى الوطن فما الوطن سوى نساءه وبعض رجاله الذين امنوا بهن وبحريتهن .. وطن أسس لأول لبنات الحرية على أجساد مناضلاته .. مقاربة الحرية بدأت بأجساد المحاميات اللواتي ضربن وعنفن .. بأجساد المناضلات اللواتي قدمن أجسادهن هدية للجوع في إضرابات حتى تنزاح عنهم الظلمات … وجسد قارع الإستبداد البوليسي والديني وسيقارع ولن يثنيه شيء عن نيل مطالبه في الحرية فالحرية إمرأة مقاتلة شرسة لن تركع لأيّ مشروع مستبّد .. نساء البلد أوّل ما أسسن لفكرة الحرية إنطلقن بأجسادهن في تلك المسيرة .. حينما رفعن الصوت عاليا كسرن مقولة أنّ صوت المرأة عورة .. وحينما خرجن سافرات سحقن أنّ جسد المرأة عورة .. وحينما تحررن من خوفهن وخرجن للتظاهر ونلن من عصا البوليس الضرب والعنف سحقن فكرة أنّ وجودهنّ عورة .. هذا الجسد الذي إمتلكه الدين والمجتمع والعادات والتقاليد كلّ يرسم عليه حدوده يحدّد به درجة الشرف لأّيّ إمرأة .. تونس اليوم إنقلبت على موازين الشرف المتعارف عليه لم تبالي بالجسد السافر أو المحجب بالجسد العاري أو المكسو أصبح الجسد الأنثوي يحدّد درجة الحرّية .. أجساد النساء حرية البلاد. نساء كثيرات أستحضرهن أمس واليوم وغدا أسماء كثيرة لن أسمّي لا يهمّ الأسماء يكفي أن نتنسم حرية البلاد .. سمّي الحرية فقط .. أنت تتنفس الحريّة تنفسها ولا تختزنها في صدرك فأنت حرّ وحرّ فلا تبالي بهم لقد سبقتهم بخطوات ولن يرجعوك إلى الوراء ما دمت قد اخترت أنت تكون حرّا : الحرّية تبدأ بقرار ما أنا حرّ وسأقاوم كما بدأت هي حتى بعد موتها مازالت حريتها هنا فالموت هنا لم يكن إلا بداية لوجودها .. هي لم تمت هي أحيت فكرة الحريّة فينا نحن من أحبّها وامن بها وبكلّ خياراتها الرديكالية .. فهل لك من الجرأة أن تختاري وتتحملي ضريبة خيارك فقط إختاري عن وعي وعن قناعة ولا يهمك أبدا من أنت في عين أحد مكانتك في قلب أحد .. أنت من تعرف من أنت لا غيرك لا تبحثي عن من يؤمن بك فقط امني بنفسك وإنطلقي ولا تنتظري أحدا فالإنتظار مفخخ وإيّاك أن تنفجري قبل الموت، فقط الموت يمحي وجودنا للحظات وستبقى أفكارنا ساكنة للأبد .. قبل أن أعرفها كنت أبحث عن مبررات للخيبات العاطفية كنت أستجمع قواي وأقول لا عليك أنت ضحية والاخر جلاد بعد أن عرفتها أحببت كل الرجال الذين عرفت .. الخيبات فقط تحدّد ملامح شخصياتنا شخصية غارقة في الوجع والخيبة شخصية قادرة على الصمود والبقاء .. لا تموتي بعد كلّ خيبة قولي هذا درس تعلمته وسأنجح في المستقبل .. الخطأ عقاب للذكاء وأنت ذكية لو لم تكوني ذكية لما أخطأت في حبّك في إختيارك وفي وجعك .. الخطأ عقاب للذكاء يا صاحبة العقل الكبير فحيّ على العقل هو أول طريق الحقيقة مهما كانت نسبية فالحقائق أيضا نسبية فلا تحنطي صنما ولا تثقي بفكرة مهما بلغت درجة رقيّها أنت الفكرة وأنت الحقيقة فلا تفرطي في حقيقتك … تخلصي من الأوهام من كلّ الأوهام وحطمي كل الأيقونات كوني كطائر الفنيق الذي ينتفض من رماده ويحلّق عاليا فالعدم بداية الأشياء .. لا رمز لك سوى حريتك .. لا قدوة لك سوى نجاحك .. إنجحي ولا تبالي بالمسيرة الشاقة سيأتي يوم ما تصلين فيه إلى ما تريدين .. العزيمة والإصرار زادك والحلم والطموح كلّ ما تكتسبين .. أخاف أن تقول أيّها القارئ أنّي أكتب مثل أحلام مستغانمي من أفسدت جيل النساء وعلمتهم أنّ حبّ رجل أنبل الأشياء وأنّ الفشل في حبّ رجل بداية النجاح .. لا رجل لك فأنت لا تستحقين أن تبكي على ذكرى رجل أقول هذا الكلام لنفسي وأتذكر كلّ ما خطته هيفاء البيطار .. أنا مدينة للبيطار بما علمته إيّاي أنا مدينة لحروف الروايات والقصص القصيرة التي كتبتها .. مدينة للدروس التي إستخلصتها من كلّ حرف كتبته … قبل هيفاء البيطار كنت رومنسية حتّى العظم أدفن نفسي في وسادتي وأبكي وبعد الهيفاء أقول تجربة إنتهت وأخرى قادمة والقادم أجمل والعالم أرحب من الفشل ولا فشل سوى أن تدفني نفسك في وسادة تبكين طللا ما .. فالأطلال دروس عظمة من شيّدها لا رثاء من رحلوا .. كوني طللا ولا تكوني مرثية مهما أحبّوك فلن يحبّك أحد سواك خولة الفرشيشي