امرأة ترى فى أنوثتها عزتها، وفى صوتها ثورة لا عورة، لا تتوارى خلف ظل رجل ولا تنشد حماية إلا من داخلها. تحدثت عن المرأة المصرية تناشدها أن تحقق استقلالها وتناشد المجتمع ألا يتنازل عن نصفه «المرأة» حتى لا يصير مجتمعا أعور. إنها امرأة وتفتخر بأنها لم تكن يوما رجلا، إنها المرأة فريدة الشوباشى والتى لم أجد لها وصفا أفضل من ذلك تعبيرا عن احترامى لها.. فبعيدا عن السياسة تحدثنا، ومن المرأة اقتربنا، تحدثنا لنكشف مرة بعد أخرى عن ذلك الكائن الذى خصه الله بسورة فى قرآنه «النساء» كما أوصى بها الرسول الكريم ثلاثا فى حديثه الشريف «أمك ثم أمك ثم أمك». تلك المرأة التى من رحمها خرجنا وعلى إيديها تربينا وفى أحضانها احتمينا. إنها المرأة التى وصفتها فريدة الشوباشى مقتضبة بأنها مهد الحياة.. وإلى نص الحوار. ∎ المرأة المصرية تائهة بين حريتها فى القانون وعبوديتها فى الواقع، فما الحل؟
- كل المجتمعات فيها المرأة مثل أى كائن بشرى نالت حريتها بعد أن انتزعتها، لا أن أحدا تفضل أوتصدق بها عليها. وإذا تحدثنا عن العصور السحيقة نجد أنه كانت هناك فئة متسلطة تستغل البشر وكان يعامل بها الرجال كعبيد ولكنهم تحرروا عندما انتفضوا ورفضوا هذه العبودية.
إذن فالمرأة عليها أن تثور وتتمرد كما تمردت فى ثورة يناير ويوليو على القالب الذى يشبه ''النعش ''الذى وضعوها به ، بما فيه من أفكار متخلفة جعلت المرأة كائنًا يجب أن يوأد وأنها يجب أن تظل حبيسة المنزل، والحديث عنها مرارا بما يجب عليها وما هو مفروض يكشف عن جهل وخواء عقلى، وكأن ليس بعقولهم سوى المرأة فقط، دون أن تكون هناك فكرة عن البناء أو العمل أو الحلم الذى نصنعه لأبنائنا وأحفادنا.
∎ ولكن المرأة عندما تنزل وتشارك إما أن ينحوها لاحقا أو يضايقوها من حين لآخر؟
- لابد لها ألا تستسلم لهذه الثقافة الذكورية المتسلطة، وإن تعمدوا أن يكسروها فلن يفلحوا أبدا لأن المرأة اعتادت على مواجهة التطرف بجميع أشكاله فلن تنحنى بعد الآن، فنحن كانت لدينا ملكة مصرية عظيمة فى الماضى وفى الستينيات عندما تحررنا من الاحتلال البريطانى البغيض ارتقينا بمستوى الثقافة من شخصيات تقدمت مثل مجدى يعقوب وأحمد زويل وفاروق الباز ،لذلك لا نريد اليوم رجلاً كل مقوماته أن لديه زبيبة فى جبينه ويرتدى جلباب قصيرًا. وإنما أريد إنتاجًا وعملاً واستقامة فى السلوك.
∎ ومتى تتحرر المرأة المصرية فعليا؟
- حرية المراة من حرية الرجل ودائما أقول إن المرأة المصرية ستتحرر عندما يتحرر الرجل المصرى من المفاهيم المنغلقة ومن الثقافة الوافدة التى تقلل من قيمة المرأة كانسان كما يضاف إليها مغالطات فهم الدين التى أشاعوها على المرأة.
∎ ربطت تحرر المرأة بتحرر الرجل وتغيير فكره- فهل هذا من السهل؟
- الرجل قابل للتغيير وإن كانت تحكمه بعض التناقضات بدليل أنه كان لدينا فى الستينيات المرأة الوزيرة وفى العصور السحيقة كانت لدينا ملكة مصرية ولكن للأسف لدينا الآن رجل ينكر على المراة المصرية آدميتها رغم أنها أساس الحياة وهو نفسه هذا الرجل الذى يقف أمام امراة تشغل منصبًا رفيعًا بكل احترام «مثل الألف» دون أن يلقى بالا بهذا النفاق والرياء.
∎ كيف ترين الرجل الذى يحترم مديرته ويحتقر زوجته؟ - كما قلت فتقديره للمرأة الأعلى منه شأنا هو نفاق ورياء. أما عن احتقاره الداخلى للمرأة فمعناه احتقار للمجتمع كله لأن هذه المراة هى التى كرمها الله وأودع بها الرحم الذى هو أساس الحياة وأساس وجوده.
∎ كيف تردين على اتهام المرأة بأنها ناقصة عقل ودين وتفسيره العامى بما يهين المرأة؟
- هناك فئة كل مشكلتهم النصف الأسفل من أجسادهم، لذلك لا يرى فى المرأة العقل المفكر إنما يرى فيها وعاء لأبنائه فقط. ولكن المرأة خرجت وأثبتت أنها نصف المجتمع بحق وأنها لعبت دورًا أساسيًا ولا يمكن إنكاره - كامرأة - فى إنجاح الثورتين.
كما أن المرأة هى التى ربت وأنشأت جيل الشباب الذى وقف ورفض هذا الطغيان وهذه المذلة والتقزيم لمصر، وبالتالى فأنا لا أستطيع أن أطالب شخصًا أن يمشى برجل واحدة ويستخدم يدًا واحدة وينظر بعين واحدة ولكن الله خلقنا بعينين وقدمين ويدين حتى نعيش إنسانًا متوازنًا، وبالتالى فعندما نحرم المجتمع 5من نصفه فنحن نصنع مجتمعًا أعور وليس مجتمعًا صحيحًا.
∎ ما أشد انواع الظلم الواقع على المرأة؟
- الظلم لا يتجزأ وعندما يقع على إنسان يشمل كل المجالات وكل الوجوه فعندما استعبد شخصًا فأنا أظلمه اجتماعيا وإنسانيًا ونفسيا وجسديا لأننى من أتحكم فيه وأحدد حركاته وسكناته، فالظلم هو الظلم وإن تعددت أوجهه، فهناك أناس هيئتها بشر ولكنهم وحوش فأى مجتمع يثور لتحقيق العدالة الاجتماعية لابد له أن يتخلص من كل أضرار الفكر المتسلط الظالم والذى يفتقر حتى لمبادئ الدين.
∎ يقولون إننا نكرم المرأة بوضعها فى البيت، فما تعليقك؟
- هذا ليس تكريمًا، ولكن كما قال الزعيم العظيم جمال عبدالناصر إن تكريم المرأة أن تعمل لأن هذا ما يحفظها من الانحراف، وأنا قبل أن أسمعها منه عندما كنت بكلية الحقوق وزوجى على الشوباشى مسجون، كان الشيخ أبوزهرة على نفس نهج هذا التيار المتأسلم وقال لنا إن المرأة مكانها البيت فقمت وقلت له «يا فضيلة الشيخ أنا عندى ظرف وليس لدى من ينفق على؟ فلو كنت لا أعمل فماذا هو الحل؟ فصفق لى الطلبة ولكنه لم يجب على سؤالى إنما صرخ بوجهى وقال أقعدى يا بنت!!
∎ إذن فعمل المرأة هو تكريم لها؟
- نعم لأن تكريم المرأة الحقيقى هو أن أحقق استقلالها الاقتصادى. ويحضرنى موقف مع زوجى أنه قال لى ذات مرة «إنك لم تعودى تحبينى كالسابق. فقلت له سوف أسالك سؤالاً وعليك أن تجاوبنى. فقلت له «هل انت بتصرف على؟ قال لا. فقلت هل أنا نكرة؟ قال لا. فقلت له إذن طالما أنا مستقلة اقتصاديا وأستطيع الاعتماد على نفسى ورغم ذلك أظل معك، فهذا يؤكد أننى أحبك.
أما المرأة غير المستقلة ماديا فتضطر إلى أن تتحمل «ذل» الكون كله حتى تنفق على نفسها وعلى أبنائها أما عملها فيعطيها قدرا من الاحترام لدى زوجها، كما تكون لديه الثقة فيها لإعداد أبنائه وفق عقلية مثقفة وواعية.
∎ هل الرجل يخاف من المرأة المثقفة أو الذكية؟
- ليس كل الرجال.
∎ ما رأيك فى منظمات حقوق المرأة، وهل يصل صوتها الى المرأة المصرية العادية؟
- أى منظمات تدافع عن الحقوق فأنا أشكرها، ولكنى أجد أن واقع المرأة هو ما يحدد معاركها، بمعنى أنه ليس هناك من سيعطينى حقوقى بسهولة وإنما على أن استخدم كل البراهين التى تؤكد أنى بنى آدم مثلى مثل الرجل ومن الممكن أن أكون أفضل وهذا وفقا لمعايير الفكر الإنسانى التى تميز بين شخص وآخر ليس بناء على جنسه إنما قدراته الإنسانية فى العطاء.
∎ لماذا يصفون المرأة المصرية أحيانا أنها مسترجلة؟
- لا اتفق مع هذا الكلام، لأنهم تفننوا فى تشويه المرأة، فمرة قالوا عنها عورة ومرة إنها مثيرة وإن كنت أرى هذا فيه تحقير للرجل فى أنه يعتبر بمجرد أن تسير امراة بالشارع فيحدث له فتنة لأنها قد تختلف درجة فتنتها وفقا لمعاييره الشخصية ورغم أننا فى الستينيات كنا نرتدى المينى جيب دون أى وجود لمفهوم التحرش. فبالتالى هذا يؤكد اختفاء المفهوم الدينى الصحيح للإسلام.
∎ هل تمنيتِ مرة أن تكونى رجلا؟
- عمرى.. وعمرى ما تمنيت أكون إلا أنا، وأشعر وأنا أخوض معاركى بالكينونة التى أعطاها لى ربنا وأشكره عليها، ولابد أن أكون جديرة بهذه الثقة وجديرة بأن أربى ابنى تربية محترمة وأن يشهد الجميع بتربيتى وأكون فخورة بأنى عملت ونافست الرجال عندما كنت أعمل بالإذاعة فى إحدى الدول الأوروبية وتفوقت عليهم. فلماذا إذا أتمنى أن أكون رجلا؟
∎ لتدافعى عن حقك أو تحمى نفسك؟
- أدافع عن نفسى وأنا امرأة وأنا فخورة بذلك عن أن أكون رجلا لا يسمع به أحد. وأعتقد أن هناك من الرجال من يتنمى أن يكون مثلى
∎ كلمة أخيرة للمرأة المصرية؟
- أقول للمرأة المصرية أنت أساس الحياة فى هذا الوطن وأنت الشريكة التى لا غنى عنها، أنت التى تقوم بكل الأعباء عندما يغيب الزوج، أنت التى تنشئ الأجيال المصرية.. أنت ثورة ولست عورة.
∎ وماذا تقولين للرجل؟
- أن تكون سى السيد وفقا لإنتاجك وعملك ونجاحك ولكن أن تدعى أى تفوق أو تمييز لمجرد أنك ولدت ذكرا فهذا قمة محدودية الأفق، لأن ما يميز الإنسان هو العقل فقط.