أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة تضم كتابي "تحرير المرأة" لقاسم أمين، و"تربية المرأة والحجاب" لطلعت حرب، وذلك في إطار مشروع إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين التاسع عشر والعشرين الميلاديين. المشروع -الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية- نبعت فكرته "من الرؤية التي تتبناها المكتبة بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيدا لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري. و يعد اختيار القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين التاسع عشر والعشرين الميلاديين على وجه الخصوص رغبة من المكتبة في تصحيح الانطباع السائد بأن الإسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة ولم تتجاوزها، وحيث الحقائق الموثقة تشير إلى غير ذلك، وتؤكد أن عطاء المفكرين المسلمين في الفكر النهضوي التنويري إنما هو تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما في ذلك الحقبة الحديثة والمعاصرة التي تشمل القرنين الأخيرين. يأتي الكتابان في سياق الرأي والرأي الآخر، في حقبة شهدت بزوغ وتطور فكرة الحرية وقضية التحرر كقضية وطنية شاملة، تتضمن تحرر الإنسان، وتحرر الوطن من قيود التخلف والتبعية والاحتلال، ومن ثم جاءت قضية تحرر المرأة كجزء من سياق أشمل لتحرر الإنسان الفرد، وتثبيت قيم المساواة. صدر كتاب "تحرير المرأة" لأول مرة عام (1316ه/1899م)، وعقب نشره معركة فكرية واجتماعية في المجتمع العربي بأكمله، ونال قاسم أمين قدرا لا بأس به من الهجوم الشخصي والموضوعي بلغ حد أن منع من دخول قصر الخديوي، وانبرى العديد من الكتاب للرد عليه، وكان من أبرز هؤلاء طلعت حرب في كتابه "تربية المرأة والحجاب" الذي طبع لأول مرة عام (1317ه/1899م). ترك قاسم أمين ثلاثة كتب رئيسية، هي: "المصريون" والذي كتبه في 1894م ردا على كتاب "مصر والمصريون" الذي هاجم فيه دوق داركور المصريين، ثم "تحرير المرأة" في 1899م، الذي لاقى هجومًا من قطاعات مختلفة، واستوجب أن يكتب أمين كتابًا اخرًا يفند فيه اراء معارضيه وهو "المرأة الجديدة" في 1900م. أما فيما يخص طلعت حرب ورده على قاسم أمين في كتابه "تربية المرأة والحجاب"، فيعتمد طلعت حرب على عدة مصادر منها مقالات فريد وجدي التي قال فيها بعدم مساواة المرأة للرجل، ويقتبس مقاطع مطولة من هذه المقالات،كثير من حجج هذا الرأي كانت من كلاسيكيات خطاب تحرير المرأة والخطاب المناهض له، بل أن نفس الحجج تستخدم في أوائل القرن الحادي والعشرين بالرغم من تكرار نقدها على مر هذه السنوات. جدير بالذكر أن طلعت حرب لا يعارض دعوة قاسم أمين إلى تعليم البنات من حيث المبدأ، ولكنه يختلف معه في التفاصيل تبعًا لاختلافه عنه في الرؤية من حيث الأفضلية والأولوية بين الذكور والإناث، ونوع التعليم الذي يجب أن يتلقاه كل منهما.