فى إطار مشروع إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامى الحديث فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين «التاسع عشر والعشرين الميلاديين»، أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة، تضم كتابى «تحرير المرأة» لقاسم أمين و«تربية المرأة والحجاب» لطلعت حرب، من تقديم الدكتورة أمينة البندارى أستاذ مساعد قسم الحضارات العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية. ويأتى الكتابان فى سياق عرض الرأى والرأى الآخر، فى حقبة شهدت بزوغ وتطور فكرة الحرية وقضية التحرر كقضية وطنية شاملة، تتضمن تحرر الإنسان، وتحرر الوطن من قيود التخلف والتبعية والاحتلال. ومن ثم جاءت قضية تحرر المرأة كجزء من سياق أشمل لتحرر الإنسان الفرد، وتثبيت قيم المساواة. وقاسم أمين كان قاضيا وكاتبا وأديبا فذا ومصلحا اجتماعيا، اشتهر بأنه زعيم الحركة النسائية فى مصر، كما اشتهر بدفاعه عن الحرية الاجتماعية وبدعوته لتحقيق العدالة، وأحد مؤسسى الحركة الوطنية فى مصر وجامعة القاهرة كما يعد رائد حركة تحرير المرأة.. وك-ان يرى أن تربية المرأة هى أساس كل شيء، وتؤدى لإقامة المجتمع المصرى الصالح، وتخرّج أجيالا صالحة، فعمل على تحريرها. أصدر قاسم أمين كتاب «تحرير المرأة» فى عام 1899 بدعم من الشيخ محمد عبده وسعد زغلول وأحمد لطفى السيد. وقد ترجم الإنجليز الكتاب – فى أثناء وجودهم بمصر - إلى الإنجليزية، ونشروه فى الهند والمستعمرات الإسلامية. وتعكس فصول الكتاب الأفكار الرئيسية التى حاول قاسم أمين أن يطرحها ويدعو لها، حيث بدأ بالحديث عن”تربية المرأة”.. أى تعليمها، ثم “حجاب النساء” والدعوة إلى التخفف منه، ثم تحدث عن”المرأة والأمة”.. وأخيراً”العائلة”.. ليبين أهمية التعليم لكل من الأمة أولاً ثم العائلة بصفتها اللبنة الأولى للأمة. وذاعت شهرته، وتلقى بالمقابل هجوما كبيرا، فاتهمه مهاجموه بالدعوة للانحلال .وأثيرت ضجة وعاصفة من الاحتجاجات والنقد، بلغت حد أن مُنع من دخول قصر الخديوي، و انبرى العديد من الكتاب للرد عليه، من أبرزهم زعيم الحزب الوطنى آنذاك مصطفى كامل.. الذى هاجمه وربط أفكاره بالاستعمار الإنجليزي، ورد عليه أيضا الاقتصادى المصرى طلعت حرب بكتاب «فصل الخطاب فى المرأة والحجاب» لكن قاسم أمين لم يتزعزع أمام النقاد، وواصل دراسة الكتب والمقالات لمدة سنتين، ليرد عليهما بكتابه «المرأة الجديدة» 1901 . وقد ترك قاسم أمين ثلاثة كتب رئيسية هي: “المصريون”، الذى كتبه فى 1894م رداً على كتاب “مصر والمصريون”الذى هاجم فيه “دوق داركور” المصريين، ثم “تحرير المرأة” فى 1899م الذى لاقى هجوماً من قطاعات مختلفة، واستوجب أن يكتب أمين كتاباً آخرا يفند فيه آراء معارضيه وهو”المرأة الجديدة”عام 1900م.