تناول كتاب الصحف اليوم الأحد، العديد من الموضوعات المهمة التي تفرض نفسها بشكل تام على واقع المجتمع، وذلك من خلال مقالاتهم في الصحف المصرية. ففي مقالة بصحيفة "الأهرام" قال الكاتب مكرم محمد أحمد، "لا أظن أن مصر ستخسر كثيرا لأن الجمهوريين تمكنوا فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، من السيطرة الكاملة على مجلسى النواب والشيوخ، ونجحوا فى كسب المزيد من مقاعد حكام الولايات، الأمر الذى يشير إلى فرصهم المتزايدة فى كسب الانتخابات الرئاسية المقبلة والعودة إلى البيت الأبيض، خاصة أن سيطرة الجمهوريين على الكونجرس يمكن أن تحيل الرئيس أوباما إلى بطة عرجاء، وتشل قدرته على أى مبادرات يمكن أن تنقذ حزبه". وتابع قائلًا: "الحق أن الجمهوريين وقفوا بقوة فى وجه سياسات أوباما تجاه مصر بعد نجاح ثورة يونيو، وعارضوا قراره بتعليق المساعدات العسكرية، واتهموه علنا بالإخفاق فى تقدير مكانة مصر العربية والإقليمية ودورها المهم فى الحرب على الإرهاب، وما من شك أن هذه المواقف كان لها أثرها المهم على سياسات أوباما الذى يسعى الآن إلى فتح صفحة جديدة فى العلاقات المصرية الأمريكية، كانت أول نتائجها الإفراج عن طائرات الأباتشي العشر التى وصلت بالفعل إلى مصر؛ للمساعدة فى حربها على الإرهاب ، وأن قرار تعليق المساعدات العسكرية لا يزال قائما، يحول دون وصول حجم من العتاد العسكرى الأمريكى المستحق لمصر تصل قيمته إلى حدود 650 مليون دولار، يؤكد جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى مرات عديدة أن ادارة أوباما تراجع هذا القرار، لكن الواضح أن الإدارة الأمريكية تتباطأ فى مراجعة قرارها، على أمل أن تمتثل مصر لعدد من ضغوطها". وأظن أن المصريين وأخص هنا الشارع المصرى، لن يأسفوا كثيرا على رحيل الديمقراطيين، لأن الديمقراطيين أنكروا عليهم حقهم الديمقراطى فى أن يرفضوا حكم جماعة الإخوان المسلمين، ولم يكلفوا أنفسهم محاولة فهم معنى خروج 30 مليون مصرى إلى الشوارع يرفضون حكم المرشد والجماعة، ولأن إدارة أوباما غضت النظر متعمدة عن عنف جماعة الإخوان المسلمين، وأصرت على أنها جماعة "معتدلة" رغم الجرائم العديدة التي ترتكبها، وغابت عنها النظرة المتوازنة لقضايا حقوق الإنسان التى تمحور أغلبها حول اعتصام رابعة العدوية، ومدى أحقية الحكومة فى فض هذا الاعتصام. واختتم الكاتب مقاله قائلا "صحيح أن المصريين وضعوا آمالا كبارا على الرئيس أوباما فى بداية حكمه، لكن أوباما سرعان ما تراجع عن موقفه فى قضية الاستيطان مذعورا تحت ضغوط رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو". وفي مقالة بصحيفة "الأهرام" أيضا قال الكاتب صلاح منتصر، "لم تكن عملية عادية تلك التي تعرض لها لنش الصواريخ الحربي في البحر قبالة دمياط، فجر الأربعاء الماضي، وإنما كانت عملية إرهابية ضخمة تمت بحرفية شديدة وخداع وإمكانات كبيرة، وقبل ذلك كانت المفاجأة أهم عناصرها باعتبار أنه ليست لها سابقة". وأضاف الكاتب أن الإرهابيين - الذين تجاوز عددهم 65، وكانوا يستقلون أربعة قوارب صيد استخدموا الخداع مما سهل لهم إصابة وإحراق الزورق الحربي الذي كان في دورية تقليدية عندما بدا لهم أن قوارب الصيد تستغيث بهم، ولأن العملية ليست لها سوابق فقد صدق اللنش الحربي نداء الاستغاثة ودخل بشهامة؛ ليقوم بعملية الإنقاذ ولكن ما أن اقترب منهم وأصبح في دائرة نيرانهم حتى أطلقوا عليه النار بكثافة مستخدمين الصواريخ المحمولة علي الكتف، ورغم المفاجأة فقد تمكن طاقم اللنش البالغ عدده 13 ضابطا وصف ضابط وجنديا من مواجهة الموقف والتعامل مع الإرهابيين قدر الإمكان، لكن الأهم إرسالهم الاستغاثة إلي قيادة القوات البحرية وطلب المعونة، وتحرك هذه القوات بصورة بالغة السرعة. وقد أفسد العملية السرعة غير المتوقعة من جانب الإرهابيين لوصول المساعدة العسكرية والسيطرة علي سماء المعركة مما كانت نتيجته تدمير القوارب الأربعة ومطاردة الإرهابيين في الماء وانتشال 32 إرهابيا جرى إخراجهم من الماء بعد أن تمت تصفية أكثر من 30 إرهابيا آخر. لنش الصواريخ من الواضح أنه تعرض لإصابات كان أخطرها ما أدى إلي إشتعال النار فيه، وحسب البيان العسكري فقد أصيب 5 من أفراد طاقم اللنش تم نقلهم للعلاج، وثمانية مفقودين، وهو تعبير يقال عادة عن شهداء العمليات البحرية. العملية في ملخصها كمين مثل الذي تعرضت له القوات المسلحة من قبل ، ولكن هذه المرة لأول مرة في البحر، وتكتيكيا يبدو أن وراءه قوى محترفة ربما دولية، فليس لهذه العملية سوابق في الصراع حتي بين حماس وإسرائيل.. ولعل لغز العملية في قوارب الصيد التي اشتركت فيها، والتي يملكها "دمايطة"، في الوقت المشهور عن الدمايطة وطنيتهم الشديدة، وهو ما لابد أن تكشفه نتائج التحقيقات التي تجري. من جانبه، وفي مقالة بصحيفة "الأخبار" قال الكاتب جمال الغيطاني، أتمني أن تحمل إلينا الساعات القادمة تفاصيل أكثر عن المعركة البحرية التي جرت أمام الساحل المصري بين بورسعيد ودمياط، لا أبالغ عندما أصفها بالمعركة، فمن ناحية الوقت الذي استغرقته ومشاركة العدد الكبير من الإرهابيين ثم دخول قطع بحرية وتدخل الطيران تعتبر معركة، ويبدو أن قدر البحرية المصرية العريقة أن تسجل في التاريخ ريادتها في نقاط التحول النوعي في المعارك المتصلة بالبحر، كان إغراق المدمرة إيلات بصاروخ سطح / سطح عام 1967، نوفمبر بالتحديد!. إيذانا بنهاية عصر القطع الكبرى في الأساطيل البحرية. ودخول عصر الصواريخ والقطع الأصغر الأكثر سرعة والأكثف تسليحا، وحتي يتم انتهاء التحقيقات مع العدد الكبير الذي تم أسره من الإرهابيين المهاجمين، أتوقف أمام عدة ملاحظات: السرعة العالية التي اتسم بها رد الفعل تجاه الهجوم علي اللنش، إن تدخل الطيران الفوري يعني وجود آلية جديدة في وسائل الاتصال واتخاذ القرار، كما أنه يرسخ لثقافة جديدة أتمنى انتقالها إلي مجالات الحياة الأخرى. انتهاء التحقيقات الجارية الآن والتوصل إلى القوى التي تقف وراء الهجوم لا يقل أهمية عن الحسم الذي تم والقبض على هذا العدد الكبير من المشاركين، وحتى يتم ذلك يجب التأكيد على ضرورة رد الفعل الحاسم من الدولة، خاصة أن الإشارات تتجه إلى الإخوان بالطبع ومن والأهم من تنظيمات متطرفة، وإلى تركيا وقطر وحماس. الهجوم البحري يعني اتجاه الإرهابيين إلى مجالات جديدة لعملياتهم، ما يعني ضرورة الانتباه إلى كافة ما يبدو مستحيلا في تصور البعض درءا للمخاطر قبل وقوعها، مع ضرورة الربط بين النشاط الإخواني المتصاعد في الداخل وهذا الحادث. يمكن استنتاج أهداف الهجوم والرسائل المتضمنة فيه، أولها الرد علي التقارب المصري اليوناني واتصاله بالصراع حول حقول الغاز في المتوسط، وما تردد أن أحد مهام اللنش المرور قرب مواقع حقول الغاز البحرية، وأيضا استهداف المشروع الجديد الخاص بقناة السويس، أضع تحت كل هذه النقاط العديد من الخطوط الحمراء. وطبقا لما أعلن حتى الآن، كان من الواضح أن أحد الأهداف أسر اللنش، وهذا يعني إهانة الجيش، الجيش المصري هو الهدف سواء كان بالايذاء المادي أو المعنوي وهذا يستدعي سؤالا لطالما طرقت ما يتصل به، هل يتناسب الموقف الداخلي مع حجم الأخطار التي تهدد الدولة؟ أقول بأسى :لا ، وللإجابة العامة تفصيل. وفي مقالة بصحيفة "المصري اليوم" قال الدكتور عمرو الشوبكي في مقاله، لا يعنى أن يجمع السياسيون والخبراء على أن الحرب على الإرهاب ليست فقط حربا أمنية أننا حللنا المشكلة، أو «جبنا التايهة» بأن نقول ما هو بديهى فى كل تجارب الدول التى حاربت الإرهاب، فالمؤكد أن أسباب الإرهاب مركبة، وأن من يقول إنه نتاج فقط أوضاع سياسية ظالمة أو مشكلات تهميش اقتصادى واجتماعى كمن يقول إن مواجهة الإرهاب يجب أن تكون فقط بالأمن والحلول العسكرية. فالمؤكد أن هناك بيئة سياسية واجتماعية تساعد على انتشار الإرهاب أو تراجعه، ولكن يبقى هناك الإرهاب العقائدى المرتبط بنص فكرى ودينى منحرف، بصرف النظر عن البيئة السياسية المحيطة، فخذ مثلا بلدا مثل تونس، الجيش فيه لم يتدخل فى العملية السياسية، ولم يعزل رئيسا ولا خفيرا، ويمكن وصفه ب«الجيش المسالم» والصغير لبلد محدود السكان والمشاكل، ومع ذلك يتعرض لاعتداءات إرهابية من قِبَل العناصر التكفيرية، وسقطت منه أعداد كبيرة من الشهداء. والسؤال المطروح: هل تدخل الجيش المصرى فى المسار السياسى هو سبب الإرهاب؟ وهل يمكن القول إن الملاحقات الأمنية، وغياب أى وسيط سياسى وحزبى فى التعامل مع قوى المعارضة، ووجود شعور بالتهميش الاجتماعى فى سيناء ساعدت على وجود بيئة حاضنة للإرهاب؟ الإجابة عن هذا السؤال تمثل جانبا من الصورة، فالبيئة السياسية والاجتماعية هى أحد أسباب انتشار الإرهاب أو دخول عناصر جديدة ضاقت أمامها سبل العيش، وانسدت فرص التغيير والإصلاح السياسى، فكان الإرهاب هو طريقها. والسؤال الثانى الذى يكمل الصورة: وإذا حُلت مشاكل التهميش الاجتماعى والاقتصادى، وبُنيت نظم سياسية ديمقراطية، وابتعد الجيش عن السياسة، فهل سيختفى الإرهاب؟ الإجابة: لا لن يختفى، إنما على الأرجح سيتراجع، وستقل قدرته على التجنيد والتأثير. والحقيقة أنه لكى تنجح حربنا على الإرهاب، علينا ألا نكتفى بالجملة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع: بأن المواجهة الأمنية غير كافية لدحر الإرهاب، إنما نفتح باب الأسئلة الصعبة التى لا نريد أن نطرحها ونكتفى بالهتافات اليومية والصراخ الإعلامى ضد الإرهاب والقتلة، وهى: هل السياق السياسى الحالى أدخل عناصر جديدة وشبابية إلى ساحة العنف أو التواطؤ مع الإرهاب؟ وهل القنابل البدائية التى باتت جزءا من المشهد اليومى وراءها شباب محبط أكثر منه إرهابيين محترفين، وهل يمكن تلافى بعضها إذا فتحت قنوات اتصال سياسية وحوار مجتمعى حقيقى مع الشباب المحبط أو الساخط أو الذى تأثر بمظلومية خطاب الإخوان، ولم ير بديلا إلا ممارسة العنف؟ وهل هذا سيؤدي إلى تحجيم عدد العناصر المشاركة أو المتواطئة مع الإرهاب؟ أعتقد ذلك، ما دمنا نسينا أن الحرب الحقيقية على الإرهاب ليست في الإعلام، إنما بامتلاك رؤية متكاملة تشمل الجوانب العقائدية والفكرية من جهة، والجوانب السياسية والاجتماعية من جهة ثانية، والأمنية من جهة ثالثة، ودون هذه الرؤية الثلاثية لن ننتصر على الإرهاب.