انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالشرقية    بمناسبة أعياد تحرير سيناء.. نقل صلاة الجمعة على الهواء مباشرة من مدينة العريش    هشام عبدالعزيز خطيبًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بالعريش    حصول 4 معاهد أزهرية على الاعتماد والجودة رسمياً بالإسكندرية    ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن.. 7 أهداف ضمن الحوار الوطني    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    تعرف على سعر الذهب مع بداية تعاملات الجمعة    بمناسبة عيد تحرير سيناء.. التخطيط تستعرض خطة المواطن الاستثمارية لشمال وجنوب سيناء لعام 2023-2024    خزنوا الميه.. إعلان ب قطع المياه ل12 ساعة عن هذه المناطق    الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواريخ باليستية ومجنحة على أهداف في إيلات    جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج الرئيسي بعد احتجاجات مناهضة للعدوان على غزة    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    إسرائيل تضع شرطًا للتراجع عن اجتياح رفح    نائب وزير الخارجية اليوناني يعتزم زيارة تركيا اليوم الجمعة    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    رمضان صبحي: أشعر بالراحة في بيراميدز.. وما يقال عن انتقالي للأهلي أو الزمالك ليس حقيقيا    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    الليلة.. نهائي مصري خالص في بطولة الجونة للإسكواش للرجال والسيدات    فينيسيوس يقود هجوم ريال مدريد في التشكيل المتوقع أمام سوسييداد    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    طقس الساعات المقبلة.. "الأرصاد": أمطار تصل ل"سيول" بهذه المناطق    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    بدون إصابات.. إنهيار أجزاء من عقار بحي الخليفة    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    الصحة: إجراء الفحص الطبي ل1.688 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس اليوم الجمعة في كفر الشيخ    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    رسالة من كريم فهمي ل هشام ماجد في عيد ميلاده    موقف مصطفى محمد.. تشكيل نانت المتوقع في مباراة مونبيلييه بالدوري الفرنسي    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    الزمالك يزف بشرى سارة لجمهوره بشأن المبارة القادمة    مسؤول أمريكي: واشنطن تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    الإنترنت المظلم، قصة ال"دارك ويب" في جريمة طفل شبرا وسر رصد ملايين الجنيهات لقتله    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور رئيسى ومشرف للبحرية المصرية وقادتها فى حرب أكتوبر

لم تحظ قواتنا البحرية فى احتفالات الذكرى الأربعين لحرب أكتوبر المجيدة - للأسف - بالإشادة والتكريم الواجبين لدورها الرئيسى والبارز ولقائدها العظيم المرحوم الفريق بحرى أ. ح. فؤاد أبوذكرى فى هذه الحرب، وهو ما يفرض علينا عند الاحتفال بيوم البحرية هذا العام
أن نسلط الضوء على الأعمال العظيمة التى قامت بها بحريتنا وقائدها قبل وأثناء حرب أكتوبر فى إطار المهمة الأشمل والأوسع لقواتنا المسلحة لتحرير سيناء وتدمير العدو على أرضها وفى أجوائها ومياهها الإقليمية، بل وخارج مياهنا الإقليمية أيضاً.
رجل المهام الصعبة الفريق أبوذكرى
- برز دور الفريق بحرى فؤاد أبوذكرى قبل حرب أكتوبر بسنوات عندما كان يعمل رئيساً لشعبة العمليات البحرية عام 1967، عندما خطط وأدار عملية عودة القوات المصرية من اليمن إلى ميناء أبوالغصون جنوب برنيس، ومن هناك اتجهت قواتنا مباشرة الى الجبهة فى سيناء، وبعد أن شنت إسرائيل عدوانها عام 1967 وسيطرت على قناة السويس انقطعت الملاحة بين البحرين الأبيض والأحمر، هنا واجه اللواء أبوذكرى تحدياً كبيراً بسبب احتجاز قطع بحرية من مدمرات «4 مدمرات» وغواصات فى البحر الأحمر بعيداً عن القاعدة البحرية الرئيسية فى الإسكندرية، وكانت هذه القطع البحرية مهددة بالتدمير من قبل الطيران الإسرائيلى، الذى كانت له السيادة الجوية فى سماء مسرح العمليات عقب حرب 1967، إلا أنه بفضل الله أمكن «للواء أبوذكرى» أن يوفر الحماية الذاتية لهذه القطع البحرية ضد الطيران الإسرائيلى المتفوق، ويوفر لها أعمال الصيانة والإصلاح ولأطقمها استمرار التدريب رغم بعد المسافة، حيث أعاد تمركزها فى ميناء الحديدة باليمن الشمالى آنذاك وميناء عدن باليمن الجنوبى، وفى بورسودان حيث تواجدت إحدى غواصاتنا التى كلفت بمهمة اعتراض خطوط الملاحة البحرية لإسرائيل فى البحر الأحمر، ونجحت فى إغراق ناقلة بترول إسرائيلية فى 8 أكتوبر، ومنذ ذلك التاريخ منعت إسرائيل سفنها من الدخول أو الخروج من البحر الأحمر، وبالنظر لتواجد هذا الحجم من القطع البحرية فى البحر الأحمر أنشأ اللواء أبوذكرى آنذاك قيادة فرعية لأسطول البحر الأحمر تحت قيادة العميد أشرف رفعت، وهنا برزت فكرة إغلاق الملاحة البحرية نهائياً فى وجه السفن الإسرائيلية بالبحر الأحمر من خلال إغلاق مضيق باب المندب بجنوب البحر الأحمر، وبذلك نقضى على حجة إسرائيل فى الاحتفاظ بميناء شرم الشيخ بدعوى حماية الملاحة فى خليج العقبة من وإلى إيلات.
- ومن التحديات الكبيرة التى تصدى لها اللواء أبوذكرى بعد هزيمة 67 وقبل حرب أكتوبر، إعادة بناء وتنظيم القوات البحرية، واستيعاب أنظمة التسليح الجديدة التى تم الحصول عليها من الاتحاد السوفيتى وشملت لنشات طوربيدات وزوارق صواريخ. وصواريخ ساحلية وزوارق مرور سريعة وكاسحات ألغام، فضلاً عن صيانة وإصلاح وإعادة تعمير القطع البحرية التى استهلكت، خاصة تلك التى كلفت بإغلاق مضيق تيران طبقاً لقرار الرئيس الراحل عبدالناصر فى أواخر مايو 1967، وكان ذلك القرار الذريعة التي كانت تنتظرها إسرائيل لتشن عدوانها، آنذاك على مصر، حيث تم إرسال هذه القطع إلى الهند وباكستان لإجراء عمرات رئيسية فيها على نفقة الدولتين.
تدمير المدمرة إيلات وحدها أم إيلات ويافا؟
- ولم يكن إعادة بناء وتنظيم القوات البحرية يشغل اللواء أبوذكرى عن تخطيط وتنفيذ عمليات بحرية تعرضية ضد القوات الإسرائيلية، سواء البحرية أو البرية المتواجدة على الساحل شمال سيناء وكان أبرز تلك العمليات إغراق الغواصة الإسرائيلية «داكار» أمام الإسكندرية فى مارس 69 بواسطة كاسحة الألغام «أسيوط»، وقبل ذلك إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 21 أكتوبر 1967 بواسطة لنشى صواريخ، وكانت هذه المدمرة تحت قيادة الأدميرال إسحق بنى شوشان تحمل طلبة الكلية البحرية الإسرائيلية فى مهمة تدريبية ولرفع الروح المعنوية للطلبة بإظهار سيطرة البحرية الإسرائيلية على المياه الإقليمية المصرية شمال سيناء، بل والقدرة على الوصول إلى شمال بورسعيد، وكانت هذه المدمرة قد جاءت أكثر من مرة قرب المياه الإقليمية المصرية لإثبات هذا المفهوم.
- ففى سعت 2200 يوم 20 أكتوبر 1967 رصدت أجهزة المراقبة بالرادار وبصرياً ظهور أهداف معادية على مساحة تتراوح بين 13 و25 ميلاً بحرياً خارج المياه الإقليمية المصرية طوال الليل وحتى النهار، وفى الساعة 7.15 صباح يوم 21 أكتوبر رصدت أجهزة الإنذار فى قاعدة بورسعيد هدفين يتحركان على مساحة 15 و25 ميلاً من ساحل بورسعيد بالتبادل، أي تقترب قطعة من الساحل لمسافة 15 ميلاً فى حين تكون الأخرى على مساحة 25 ميلاً، وفى الساعة 11.25 تأكد لوسائل الاستطلاع البصرية بقاعدة بورسعيد أن هوية الهدف المعادى هو مدمرة من طراز z «زد» بريطانية المنشأ، وفى سعت 1200 دخلت قطعة بحرية معادية المياه الإقليمية بميل واحد وتصبح مسافتها من الساحل 11 ميلاً فقط وفى سعة 1210 صدقت القيادة العامة على تدمير أى هدف يدخل المياه الإقليمية، وفى سعت «1500» أبلغ ربان السفينة التجارية المصرية «قناة السويس»، المبحرة قبالة سواحل بورسعيد برصده قطعتين بحريتين إسرائيليتين قبالة سواحل بورسعيد، وعلى الفور تم رفع درجة استعداد سرب لنشات «كومار» فى بورسعيد بقيادة النقيب أحمد شاكر الذى طلب تعطيل رادار القاعدة البحرية لتأثيره على كفاءة رادارات لنشات الصواريخ بالميناء، وفى سعت 1615 كان الهدف البحرى على مسافة 14.5 ميل بحرى.
- وفى الساعة 1620 أبحر لنشا صواريخ «501 و504» فى ممر ملاحى غير لافت لنظر العدو وبسرعة بطيئة تجنباً للرصد، وفى سعت 1725 تم رصد هدف معاد داخل المياه الإقليمية واطلاق صاروخين من اللنش 504 قيادة النقيب أحمد شاكر، اتبع ذلك ظهور وهج شديد فى الأفق وظهور الهدف على رادار اللنشات أصغر من الحجم السابق كدليل لإصابته، وفى سعت 1730 أرسل النقيب شاكر إلى القيادة بتمام الاشتباك وتدمير الهدف وإغراقه، وبدء عودة اللنشات إلى بورسعيد تنفيذاً لأوامر القيادة، وأذاعت الإذاعة المصرية بياناً عن إغراق هدف معاد دون ذكر أى تفاصيل.
- وفى سعت 1800 ومع إعادة تشغيل رادار القاعدة البحرية ببورسعيد واكتشاف وجود هدف فى نفس المنطقة، حتى ذاك صدرت الأوامر للنش رقم 501 قيادة النقيب لطفى جاد الله بالاشتباك مع الهدف وتدميره، وبالفعل أبحر اللنش 501 سعت 1830 وتوجه للاشتباك مع الهدف المعادى، وفى سعت 1940 أطلق صاروخين على الهدف المعادى، وظهر وهج شديد فى سماء الليل وظهر الهدف كنقاط صغيرة على الرادار كدليل الإصابة، وفى سعت 1947 اختفت أجزاء كبيرة من الهدف المعادى على الرادار، وفى سعت 1955 وصل اللنش 501 إلى مسافة 5 أميال من مكان الهدف وشوهدت المياه مشتعلة مع وجود حطام وبقايا المدمرة فى المياه، وفى سعت 2000 اختفى الهدف تماماً من كل شاشات الرادار، وفى سعت 2010 أعلنت إسرائيل رسمياً عن غرق قطعة بحرية هى مدمرة، ولم تذكر اسمها فى البداية، وفى سعت 2015 وحتى2200 ظهرات طائرات هليكوبتر ولنشات العدو فى المنطقة متزامنة مع انسحاب اللنش 501 تجاه الإسكندرية لسحب لنشات العدو التى انطلقت تطارده بعيداً عن بورسعيد، حيث جنح اللنش قرب قرية عزبة البرج قرب دمياط، وفى يوم 23 أكتوبر 1967 عقد اللواء مصطفى كامل المتحدث الرسمى لوزارة الحربية مؤتمراً صحفياً أعلن فيه تدمير هدفين معاديين وليس هدفاً واحداً قائلاً: «تم إطلاق صاروخين على هدف متحرك بنفس حجم إيلات، ولكن بسبب الظلام لم يتم التأكد من هويته».. ثم عادت القيادة المصرية بعد ذلك وتماشت مع الإعلان الإسرائيلى عن غرق المدمرة إيلات، ولم يتم التطرق إلى قصة إغراق هدفين مرة أخرى.
- ويستند أصحاب رأى تدمير مدمرتين وليس واحدة فقط إلى شهادة النقيب أحمد شاكر فى 27 أكتوبر قائد السرب وصاحب الضربة الأولى فى نشرة القوات المسلحة قائلاً: «رأيت الهدف على الفور يهبط ويغوص فى الماء ثم اختفى من شاشة الرادار بعد ثلاث دقائق وعندئذ أمرت اللنش الثانى بالعودة إلى القاعدة»، وبالتالى فإن الهدف الذى تم رصده بعد ذلك بنصف ساعة - أى سعت 1800 - وتم توجيه اللنش 501 لتدميره وهو ما تم بالفعل فى سعت 1940 بواسطة صاروخين يكون هدفاً معادياً آخر غير المدمرة إيلات، وهو المدمرة «يافا»، يدعم هذا الرأى أن تكتيكات البحرية الإسرائيلية لا تسمح لأى مدمرة بالإبحار بمفردها بل تكون بصحبتها إما مدمرة أخرى أو لنشات طوربيد كما حدث فى المعركة البحرية فى 10 يوليو 1967، كما أنه تلاحظ فى سجلات البحرية الإسرائيلية إغفال ذكر المدمرة «يافا» سوى سطرين فقط من تاريخ دخول الخدمة فى عام 1955 فقط وتحويلها إلى سفينة هدف للتدريب على رماية الصواريخ جبرائيل، وهو ما ليس معقولاً أن تحول سفينة شبه جديدة وفى حالة ممتازة مثل إيلات الأخت التوأم لها إلى سفينة هدف لضرب الصواريخ عليها حتى غرقت عام 1972؟
- أما الرواية الإسرائيلية التى ذكرها قبطان المدمرة إيلات - إسحق شوشان - الذى أصيب بكسر فى العمود الفقرى خلال الهجوم، فإنها تفيد بإرساله رسالة للقيادة يقول فيها إن المدمرة تغرق وإنهم يغادرونها، وهو ما يؤكد أن أجهزة المدمرة اللاسلكية كانت تعمل رغم تصريحات الضابط الأول كولمان التى قال فيها إنهم حاولوا إصلاح أجهزة الإرسال لإرسال رسالة استغاثة بدون جدوى، ولكن كلمات القبطان شوشان يفترض أنها الأقرب للدقة وهو ما يفسر وصول الطائرات الهيليكوبتر واللنشات الإسرائيلية، فى توقيت تزامنى مع ضرب النقيب لطفى جاد الله صاروخيه تجاه المدمرة الأخرى «يافا» التى تحركت لنجدة المدمرة الأولى «إيلات»، ويعنى أيضاً أن إيلات غرقت أو بدأت الغرق وطاقمها هجرها قبل بدء اللنش الثانى فى اطلاق صواريخه، ثم يذكر القبطان شوشان أن مدمرته أطلق عليها «4» صواريخ الفاصل بين الأول والثالث ساعتان ونصف الساعة، وهنا يبرز سؤال مهم لماذا انتظر حتى الصاروخ الثالث الذى أصاب المدمرة ليرسل إشارة بأن المدمرة تغرق، وهو ما يوضح أن الرواية الإسرائيلية ملفقة.
- وفى كتاب اللواء بحرى محمود فهمى قائد القوات البحرية السابق ورئيس عمليات القوات البحرية فى وقت المعركة «صفحة من التاريخ» من ص 98 إلى 100 يكشف حقيقة وجود هدفين وليس هدفاً واحداً، حيث يقول: «وانتقلت إلى مكتب العقيد عادل هاشم حيث البلاغات من قاعدة بورسعيد متلاحقة تنساب كما تنساب الأنغام العزبة فى سيمفونية جميلة.. صاروخ نمرة واحد طلع.. نمرة واحد أصاب الهدف.. صاروخ نمرة اثنين طلع.. نمرة اثنين أصاب الهدف.. الهدف تحطم.. هكذا وفى دقائق معدودة تحطمت أكبر وحدة بحرية إسرائيلية، لقد غرقت مدمرتهم الكبيرة إيلات، لقد أهنا كبرياءهم وجدعنا أنفهم، وعلى الفور أمرت بعودة اللنشين إلى القاعدة، الأول بعد أن أطلق صواريخه والثانى محمولاً بالصواريخ، وعاد اللنشان بعد أن استقبلا استقبالاً حماسياً رائعاً من أهالى بورسعيد. كانوا يهللون ويمجدون أبطال البحرية المصرية الشجعان، فقد رأوا كل ما حدث رؤية العين، فلم يكن الظلام قد أقبل إلا بعد أن دخلت اللنشات رصيف القاعدة».
ثم يستطرد اللواء فهمى قائلاً: «وانتقلت أنا وقائد القوات البحرية - اللواء فؤاد أبوذكرى - إلى مكتبه حيث كل منا يهنئ الآخر، كما كنا نتقبل التهانى من كل قريب وبعيد عما أحرزته البحرية المصرية من انتصار عظيم فى دقائق معدودة.. غير أنه كان يدق فى رأسى الهدف الثانى الذى أبلغنا به صباح اليوم، مدمرة إسرائيل الثانية التى بسببها استبقيت صواريخ اللنش الثانى بدون إطلاق، كنت أتوقع أن تهم المدمرة الثانية بمحاولة انقاذ ما تبقى على قيد الحياة من أفراد مدمرتهم الأولى، وحوالى السابعة إلا عشر دقائق هرع إلىّ العقيد عادل هاشم وقال: ظهر هدف على شاشة الرادار فى نفس مكان غرق المدمرة إيلات أو بجواره قليلاً، فأصدرت الأمر على الفور بخروج اللنش الثانى بقيادة النقيب لطفى جاد الله، بعد أقل من عشرين دقيقة أسرعت إلى القائد فى مكتبه وأخطرته بأننا أغرقنا مدمرة إسرائيل الثانية، عقدت مؤتمراً صحفياً بناء على تعليمات القائد العام للقوات المسلحة حضره جميع مراسلى الصحف المصرية وعلى رأسهم الأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام فى هذا الوقت، وسردت القصة كاملة، غير أن الذى ظهر فى الصحف لم يكن على الصورة الكاملة التى ذكرتها الآن، لكن الذى يحيرنى، أن جميع المصادر الإسرائيلية أنكرت غرق المدمرة «يافا» غير أن إسرائيل لم تقدم إلى العالم دليلاً على ذلك، وليس ذلك من طبع الإسرائيليين، فقد كان بإمكانهم عقد مؤتمر صحفى على ظهرها كما فعلوا فى مناسبات أخرى.. ولكن الثابت أن تلك المدمرة لم تظهر بعد ذلك حتى الآن فى الموانئ الإسرائيلية أو غير الإسرائيلية».. انتهى كلام اللواء محمود فهمى الذى يؤكد رواية تدمير مدمرتين وليس مدمرة واحدة.
الإغارة على ميناء إيلات
- وفى إطار حرب الاستنزاف التى بدأت فى مارس 1968 وحتى مبادرة روجرز فى أغسطس عام 1970، وتنفيذاً لمخطط الإغارات، قامت مجموعة خاصة تسمى «المجموعة 39» بقيادة العقيد إبراهيم الرفاعى بإغارة بحرية على القاعدة البحرية الإسرائيلية الرئيسية فى البحر الأحمر «إيلات» ونجحت فى إغراق وإصابة ثلاث سفن انزال بحرية إسرائيلية يوم 16 نوفمبر 1969، والعقيد الرفاعى من رجال الصاعقة الذين يتصفون بالشجاعة النادرة وإعطاء القدوة والمثل لمرؤوسيه أثناء تنفيذ العمليات الفدائية الكثيرة التى قاموا بها ومن أبرزها تدمير موقع الصواريخ أرض - أرض فى لسان بحيرة التمساح الذى انطلقت منه الصواريخ التى اصابت الشهيد الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان القوات المسلحة يوم 9 سبتمبر 1968 عند زيارته لموقع متقدم عند المعدية نمرة «6» غداة يوم قصف المدفعية لمواقع خط بارليف، فكان هجوم المجموعة 39 على موقع الصواريخ الإسرائيلية انتقاماً لمقتل الشهيد الفريق رياض.
- ولقد قامت هذه المجموعة بالكثير من العمليات التعرضية داخل سيناء خلال فترة حرب الاستنزاف والدفاع النشط، وكانت عمليات ذات طابع خاص تتسم بالفدائية والمفاجأة، كانت عمليات ميناء إيلات إحدى هذه العمليات التى تطلبت إعداداً طويلاً فى سرية مطلقة وشجاعة كبيرة فى التنفيذ، وكان رد فعل هذه العملية شديداً فى إسرائيل للخسائر المادية والبشرية التى لحقت بها، والأهم من ذلك انها كانت رمزاً لقدرة القوات المصرية للوصول الى أحد الموانئ البحرية الإسرائيلية فى العمق وتنفيذ مثل هذه العملية الجريئة.
الاستراتيجية البحرية لحرب أكتوبر
- تستهدف الاستراتيجية البحرية المصرية حصار إسرائيل عن طريق تصديع خطوط مواصلاتها البحرية فى البحرين الأحمر والمتوسط، ومعاونة عمليات قواتنا البرية التى تقاتل على السواحل بالنيران وحماية جانبها المعرض للبحر، مع القيام بعمليات إبرار بحري خلف خطوط القوات الإسرائيلية وعلى أجنابها، وتطوير استراتيجية حصار إسرائيل بإضافة أبعاد جديدة إليها يتعذر على الإسرائيليين التعامل معها، ولما كانت الحرب البحرية تهدف فى المقام الأول إلى التأثير على اقتصاد الخصم عن طريق السيطرة علي البحر وتهديد خطوط مواصلاته البحرية، من هنا أولت قيادة القوات البحرية هذه المهمة اهتمامها، فمع تزايد اعتماد إسرائيل اقتصادياً وعسكرياً - على حركة النقل عبر البحار - ازدادت تبعاً لذلك كثافة شبكة خطوط مواصلاتها البحرية، لا سيما بعد أن سيطرت على مضيق تيران فى خليج العقبة فى أعقاب حرب 1967، وأصبح الطريق مفتوحاً لتجارتها مع الشرق الأوسط وبلدان شرقى أفريقيا عبر البحر الأحمر، وكانت أهم وارداتها المنقولة عبر هذا البحر هو البترول الخام، الذى تحمله الناقلات من إيران إلى ميناء إيلات، ثم يتم نقله عبر خط أنابيب - بعد حصول إسرائيل على حصتها منه - إلى عسقلون على البحر المتوسط حيث يعاد شحنه على الناقلات إلى أوروبا مرة أخرى.
ومن ناحية أخرى تمر خطوط تجارة ومواصلات إسرائيل البحرية - فى البحرين الأحمر والمتوسط - بمناطق حاكمة يمكن استغلالها بنجاح كبير فى عمليات التعرض لخطوط المواصلات الإسرائيلية كجزء من الهدف الاستراتيجى الأكبر وهو: تشديد قبضة الحصار على اقتصاد إسرائيل ومجهودها الحربى الا أن إسرائيل اعتادت منذ بدء حروبنا معها أن يأخذ حصارنا البحرى لها الشكل المباشر القريب، أى غلق مضيق تيران عند مدخل خليج العقبة فى وجه الملاحة الاسرائيلية أو عرقلة حركة السفن التجارية المترددة على موانيها المطلة على البحر المتوسط بواسطة الوسائل التقليدية المعروفة، والتى يصاحبها عادة إغلاق مناطق عمليات حربية فى مساحات محدودة من مياه البحار التى تحيط بالأراضى الإسرائيلية. إلا أن هذا الأسلوب فى الحصار ثبت أنه في الظروف التي سبقت حرب أكتوبر 1973 لن يؤتي الثمار المرجوة منه، خاصة في ظل السيطرة الجوية الإسرائيلية علي مسرح العمليات، لذلك تم تطوير حصارنا البحري لإسرائيل بحيث يحقق أهدافاً استراتيجية مؤثرة بعيدة عن ردود فعل نتائج العمليات الجوية والبرية، وذلك بالسيطرة علي المدخل الجنوبي للبحر الأحمر عند باب المندب والمياه المحدودة الاتساع في غرب البحر المتوسط، فمن هاتين المنطقتين يمكن فعلا تهديد خطوط المواصلات البحرية لإسرائيل بعيداً عن تأثير قواتها الجوية، بالإضافة للعمل أيضا عند مضيق خليج العقبة، ومداخل الموانئ الإسرائيلية علي البحر المتوسط ولأن اسلوب الحصار البحري البعيد مغاير تماما لما ألفته إسرائيل، فقد أحطنا إجراءات وتدابير تنفيذه بتكتم شديد ضماناً لمفاجأة إسرائيل به، لذلك قامت القيادة السياسية المصرية باتصالات مكثفة مع بلاد المنطقة - خاصة دولتي اليمن الشمالي والجنوبي - للحيلولة دون احتلال إسرائيل لبعض جزر البحر الأحمر.
- وكان من المهم لنا أن يكون لدينا تصور عن طبيعة الاستراتيجية البحرية الإسرائيلية بعد أن سيطرت علي سواحل طويلة علي البحرين المتوسط والأحمر عقب حرب 1967، حيث يتعين عليها أن تخوض حرباً دفاعية في مياهها ونقل الحرب إلي مياهنا وسواحلنا، أخذاً باستراتيجية «ضرب المنبع» وحتي تضعنا في موقف الدفاع، وستعتمد إسرائيل في ذلك علي لنشات الصواريخ المدعمة بالطيران لوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ كما ستزداد تشبثاً بالحفاظ علي وجود قواتها بشرم الشيخ لضمان تأمين حرية الملاحة في خليج العقبة، لذلك توقعنا أن تتسم أعمال القتال البحرية بطابع السرعة بعد أن حلت الوحدات الخفيفة محل المدمرات والفرقاطات وأن الصواريخ بحر - بحر الموجهة وغير الموجهة ستحل محل قذائف المدفعية التقليدية مع استمرار اشتراك الطيران الإسرائيلي في المعارك البحرية كعنصر رئيسي للاستطلاع بعيد المدي والتعامل مع الأهداف البحرية عن بعد، مع توفير الغطاء الجوي لقطع البحرية الإسرائيلية في تحركاتها واشتباكاتها مع عدم استبعاد استخدام سفن الإنزال للقيام بعمليات إبرار بحري في عمق قواتنا لتنفيذ أعمال تخريبية وقطع طرق تحرك قواتنا البرية.
- لذلك تمحورت المهام القتالية للبحرية المصرية وتركزت جهودها لمعاونة الأعمال القتالية لقواتنا البرية المهاجمة علي الساحل الشمالي لسيناء وفي خليج السويس، مع التوسع في استخدام الألغام من جانبنا في إعاقة الملاحة بالمضايق البحرية وبمداخل الموانئ الإسرائيلية، حيث سيتعذر علي إسرائيل إزالتها لافتقارها إلي كاسحات ألغام. مع الاستعداد للدخول في معارك تصادمية في مسرح البحر المتوسط نظرا لكثرة القواعد والمراسي المصرية والساحلية علي ساحله، في حين ستقل مثل هذه المعارك في الجزء الشمالي من البحر الأحمر، حيث ستغطيه إسرائيل بقواتها الجوية.
في حين أن أسلوبنا المتطور في حصار إسرائيل عند باب المندب لن يتيح لقواتهم الجوية والبحرية التدخل عنده بفاعلية، حيث يبعد المضيق حوالي 1200 ميل عن أقرب قاعدة إسرائيلية، وبما يتيح لنا استخدام المدمرات كقوة حصار خارج وداخل البحر الأحمر، فضلاً عن ممارسة جميع أشكال الحصار البحري ضد السفن التجارية مثل الاعتراض ومنع المرور والتفتيش والاحتجاز والمصادرة ثم القصف بقصد الإغراق إذا كانت السفن التجارية مسلحة أو تحت حراسة حربية، وبالنظر لاحتلال إسرائيل لسيناء اقتربت مواقع قواتهم البحرية من قواعدنا البحرية في بورسعيد والسويس حتي أصبحت علي حافة قواعدنا البحرية، الأمر الذي فرض علينا نقل منطقة العمليات في البحر الأحمر لمسافة 1200 ميل جنوباً، و600 ميل للغرب بعيداً عن قواعد إسرائيل في البحر المتوسط، ومعني هذا أن يبدأ الحصار عند باب المندب ووسط البحر المتوسط في وقت مبكر، وأن يستمر الحصار في أداء مهمته حتي تئن إسرائيل من وطأة ضغط الحصار عليها، بغض النظر عن سير القتال البحري والجوي، وهو ما فرض بالتالي علي قواتنا البحرية أن تعطي اهتماماً خاصاً للتقيد بمبادئ الحرب الأساسية: السرية، الخداع، المبادأة والمفاجأة، مع التركيز الشديد للأعمال القتالية لا سيما في المرحلة الافتتاحية للعملية الهجومية، مع العمل علي أوسع مواجهة ممكنة في مسرحي البحر المتوسط والبحر الأحمر لتشتيت جهود العدو مستفيدين في ذلك بالعمق العربي الاستراتيجي، وتركيز المجهود الرئيسي علي المستوي التكتيكي في معاونة ودعم العمليات الهجومية للجيوش الميدانية علي الجبهة المصرية، مع شن إغارات بالنيران بحراً علي قواعد وموانئ ومراسي العدو بالبحرين المتوسط والأحمر وبعناصر من الصاعقة البحرية، والاستعداد للقيام بعمليات إبرار محدودة لعناصر من الصاعقة وقوات الجيش الثاني الميداني شرق نقطة العدو القوية شرقي بورفؤاد وعلي الساحل الشرقي لخليج السويس، وفي المقابل إحباط أي محاولة قد يقوم بها الإسرائيليون لإبرار قوات لهم علي أي جزء من سواحل البحرين الأحمر والمتوسط، ومنع أي تدخل إسرائيلي في عمليات قواتنا البرية من جهة البحر.
- وقد استهدفت خطة الخداع التي وضعتها قواتنا البحرية إيهام إسرائيل بأن قواتنا لم تفرغ بعد من استكمال استعداداتنا الدفاعية والتي تتطلب فترة زمنية طويلة، وبما يظهر بحريتنا بأنها غير قادرة علي الاضطلاع بمهام هجومية، وما يتطلبه ذلك من إبعاد انتباه إسرائيل عن التجميع الرئيسي لقواتنا البحرية واتجاهاته الرئيسية قبل العمليات وأثنائها، وإخفاء الهدف المباشر للعملية الهجومية وحرمانها من استنتاج التوقيت الصحيح لبدء الهجوم، لذلك نشطت الاتصالات مع شركات أجنبية لطلب أسلحة ومعدات، بل ووحدات بحرية أيضاً يستغرق توريدها شهوراً عدة، وأيضاً قبول الدعوة التي وجهتها الأدميرالية البريطانية لرئيس أركان القوات البحرية لزيارة معرض «جرينتش» بالمملكة المتحدة وبصحبته عدد من الضباط، والاستفادة من الطلب الذي تقدمت به ليبيا باشتراك البحرية المصرية في الاحتفال العسكري الذي كان مزمعاً إقامته في ميناء طبرق لإرسال وحدات بحرية للغرب لأغراض الفتح التعبوي تحت ستار مشاركتها في الاحتفال. كما تم استغلال الترتيبات العلنية، المتعلقة بإصلاح الغواصات بباكستان لكي تتخذ الغواصات مواقعها في مسرح البحر الأحمر في سرية، والإيحاء بأن شدة حاجتها للإصلاح تجعلها غير صالحة للعمليات، والتي أبرزناها بتكثيف اتصالنا - عن عمد - بالسلطات الباكستانية لسرعة نقل التجهيزات الخاصة بأحواض إصلاح الغواصات إلي ميناء كراتشي، كذلك استغلال المناورة السنوية للقوات البحرية في رفع درجة استعداد القوات وتحميل الألغام واتخاذ الوحدات مواقع عمليات تحت ستار التجهيز التمهيدي للمناورة، ثم تنفيذ الانتشار الفعلي علي أنه تحركات داخل إطار المناورة وفي حدودها.
تنظم القوات وتوزيع الأدوار
- تعيش القوات البحرية في وقت السلم في إطار تنظيم نوعي للوحدات البحرية في شكل ألوية ينضم تحتها نوع واحد من أسلحة الحرب البحرية مثل المدمرات، الغواصات، لنشات الصواريخ، زوارق الطوربيد، السفن المساعدة.. إلخ، ولكن في وقت الحرب وطبقاً لطبيعة مهمة القتال يتم دمج نوعيات من هذه الأسلحة في مجموعات قتال، وعلي هذا أخذت مجموعات القتال تتشكل في تنظيم الحرب في سرية تامة علي النحو التالي: 4 مجموعات ضارية للعمل في مسرح البحر المتوسط، 2 مجموعة ضاربة بمسرح البحر الأحمر، مجموعة قتال مستقلة للعمل بمنطقة باب المندب، 3 مجموعات مستقلة تضم عدداً من الغواصات للعمل بمسرحي البحر المتوسط والبحر الأحمر، 2 مجموعة قتال مستقلتان تضمان عناصر من قوات الصاعقة للعمل بمسرحي البحر المتوسط والبحر الأحمر، احتياطي تعبوي خفيف الحركة في كل من المسرحين، بدء الفتح التعبوي في التوقيت الذي يكفل تواجد جميع مجموعة القتال في أماكنها صباح يوم 6 أكتوبر لتبدأ تنفيذ مهمتها، وللمحافظة علي سرية الهدف فقد تأكدت قيادة القوات البحرية أن مجموعة قتال باب المندب أبحرت مستعدة تماماً للقتال، وفي الوقت المناسب أثناء المرحلة البحرية فتح قائد المجموعة مظروفاً سرياً وجد به تعليمات القتال.
- ولم تواجهنا صعاب تذكر في انتظار مجموعات قتال البحر المتوسط نظراً لأن قواعد ومراسي هذا البحر كانت مجهزة مسبقاً، علي عكس قواعد ومراسي البحر الأحمر التي زاد عددها كثيراً لتغطي متطلبات عمليات التعرض لخطوط مواصلات إسرائيل البحرية التي تمتد بطول هذا البحر، هذا فضلا عن تعزيز تجهيزات القواعد البحرية والمراسي الصديقة المحيطة بباب المندب لخدمة الوحدات البحرية المصرية العاملة بالمنطقة، ورغم كل ما صادفناه من مشكلات إدارية وصعاب فنية في تجهيز مسرح البحر الأحمر، إلا أننا بفضل الله نجحنا وبالتعاون البناء مع بحريات السودان واليمن وسلطات هذه الدول في الانتهاء من تلك التجهيزات في الوقت المناسب لاستقبال وحداتنا البحرية في التوقيت المحدد.
- وتحت ستار مشروع تدريب استراتيجي تعبوي مشترك، والمناورة البحرية السنوية، رفعت درجة استعداد القوات المسلحة المصرية إلي الحالة الكاملة في الساعة الثامنة من صباح يوم أول أكتوبر وتم احتلال جميع مراكز القيادة والسيطرة علي مختلف المستويات، وبدأت آلة الحرب الضخمة تدور بسرعة وانتهت قيادة القوات البحرية خلال الأيام القليلة السابقة من تلقين قادة القواعد والمجموعات القتالية وكبار ضباط الأركان بالمهام التي سيضطلعون بها، وأسلوب القيادة والسيطرة، وقد تحددت الساعة السادسة صباح يوم 5 أكتوبر موعداً لتمام استعداد القوات المسلحة المصرية للعمل علي جميع المسارح والجبهات، وفي خلال المدة بين التوقيتين - 94 ساعة قامت القوات البحرية بأكثر من 150 تحركاً وطلعة في اتجاهات مختلفة، بعضها فعلي لأغراض العمليات، والبعض الآخر، تمويهي لأغراض الخداع، وإمعانا في التضليل توجه قائد القوات البحرية كعادته إلي نادي اليخت المصري بالإسكندرية أيام الثلاثاء، والأربعاء والخميس «2، 3، 4 أكتوبر» للاشتراك في مسابقات القوارب الشراعية والتي يشترك فيها أيضاً مجموعة من الضباط البحريين والضيوف الأجانب، فبدت الأمور طبيعية، كما اتفق قائد البحرية مع بعض أعضاء مجلس إدارة النادي -بصفته رئيس المجلس- علي الاجتماع بهم بعد ظهر يوم السبت 6 أكتوبر.
السادس من أكتوبر 73
- تسللت الغواصات بهدوء إلي مناطق عملياتها للتعرض لخطوط المواصلات بالبحر المتوسط وإلي مناطق عملياتها في وسط وجنوب البحر الأحمر، وكذلك انطلقت المدمرات بسرعة إلي مواقعها داخل وخارج مضيق باب المندب في أقصي جنوب البحر الأحمر، كما قامت وحدات التلغيم ببث حمولتها بمياه المدخل الجنوبي للخليج، ونقلت قوات الصاعقة في صمت قواربها وأسلحتها عند بورسعيد، وفي مراسي الساحل الغربي لخليج السويس، وكانت المركبات والزوارق في حركة دائمة تحمل الصواريخ والألغام إلي مواقع سرية علي ضفاف المسرحين، كذا ناقلات البترول تقترب من مناطق عمليات مجموعة قتال باب المندب لإمدادها بالوقود.
- وفي نفس توقيت الضربة الجوية بواسطة 220 طائرة والتمهيد النيراني للهجوم بواسطة 2000 مدفع سعت 1405 دخلت زوارق الصواريخ والمدفعية الساحلية المصرية في معركة التمهيد النيراني ضد العدو شرق بور فؤاد، وتجاه رأس مسلة وعيون موسي عبر خليج السويس - وفي الساعة الثالثة والنصف أعلنت وزارة الخارجية عن مناطق العمليات الحربية في مسرحي البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأصدرت أيضاً حكومة اليمن الجنوبية إعلانا مشابها يشمل مياه منطقة باب المندب، وأصبحت العمليات البحرية المصرية ضد إسرائيل تغطي أكثر من نصف مليون كيلو متر مربع من مياه البحرين المتوسط والأحمر.
- وقد تمكنت قواتنا البحرية باستخدام سلاحي المدمرات والغواصات علاوة علي سلاح الألغام البحرية من تنفيذ مهمة التعرض لخطوط مواصلات إسرائيل البحرية في البحرين المتوسط والأحمر بكفاءة تامة حيث أغرقت قواتنا البحرية ناقلتين للبترول لإسرائيل حمولة إحداهما 46 ألف طن مما أدي إلي غلق خليج السويس أمام الملاحة الإسرائيلية تماما، وبعدها لم تدخل أو تخرج أية سفينة من ميناء إيلات، وكانت إسرائيل تمتلك آنذاك 24 ناقلة بترول تشترك في نقل 18 مليون برميل من إيران إلي ميناء إيلات وغرق معها لنش إنقاذ حاول مساعدتها، كما تمكنت كمائن الألغام بالمنطقة من إصابة قافلة أخري حمولتها 2000 طن وبعد إطلاق الغواصة المصرية وسط البحر الأحمر طوربيداتها علي ناقلة بترول إسرائيلية توقفت الملاحة تماماً في ميناء إيلات، وفي البحر المتوسط انخفضت حركة الملاحة من وإلي إسرائيل بشكل حاد مما أثر علي احتياجاتها الملحة لاستعراض خسائرها من الطائرات والدبابات والأسلحة والذخائر عن طريق البحر، وتبين الإحصاءات أنه نتيجة استخدامات مجموعات القتال في البحر المتوسط انخفض معدل دخول السفن التجارية إلي موانيها علي هذا البحر من 200 سفينة شهرياً إلي 23 سفينة فقط خلال الفترة من 6 أكتوبر إلي يوم 30 أكتوبر أي بواقع 12٪ فقط من حجم النقل البحري لإسرائيل.
- وقامت مجموعات القتال في البحر المتوسط بتنفيذ مهمة تدمير وحدات إسرائيل البحرية بواسطة زوارق الصواريخ علي مشارف قواعدها البحرية، كما استخدمت المدفعية والصواريخ الساحلية بالتعاون مع زوارق الصواريخ بمدخل خليج السويس، كذلك قصف الموانئ والمراسي الإسرائيلية بالصواريخ وذلك بأسلوب متطور اتسم بخفة الحركة وسرعة المناورة مع توفير قوة نيران عالية، وذلك علي جبهة عريضة شملت رأس بيروت وشرق بورفؤاد ورمانة ورأس سدر وشرم الشيخ ورأس محمد وعيون موسي ورأس مسلة، مما أحدث خسائر جسيمة في المعدات والأفراد، وتعرضت وحداتنا البحرية لتدخل البحرية والطيران الإسرائيلي أثناء عودتها بعد تنفيذها مهامها، وقد شاركت في هذه العمليات 52 قطعة بحرية متنوعة.
- وفي مجال تأمين النطاق التعبوي لمسرحي العمليات في البحرين الأحمر والمتوسط، وتنظيم الدفاع عن قواعدنا البحرية ونقاط التمركز، فقد كان لكثافة إجراءات التأمين أثره الفعال في إحباط محاولات البحرية الإسرائيلية للتسلل بالضفادع البشرية والكوماندوز البحرية في بورسعيد والسويس والغردقة، حيث قوبلت بدفاعات يقظة من جانب قواتنا بالقواعد البحرية، نفس الأمر بالنسبة لميناء سفاجا الرئيسي علي البحر الأحمر، وبذلك تم تأمين وصول الإمدادات المختلفة إلي مصر، وعدم إتاحة الفرصة لقيام البحرية الإسرائيلية بأي عمليات ضد خطوط مواصلاتنا البحرية.
- وقد قامت القوات الخاصة البحرية بتنفيذ عمليات إغارة ناجحة ضد الدفاعات الساحلية الإسرائيلية في رأس سدر، وأبودربة، ورأس بيتان بخليج السويس، فضلاً عن إغارات علي حقول البترول التي كانت إسرائيل تستغلها في بلاعيم، وإغراق ناقلة بترول تعمل لصالح إسرائيل حمولتها 2000 طن بميناء الطور.
فؤاد أبوذكرى فى سطور
ولد فى الثامن من نوفمبر عام 1923 بالعريش فهو أحد أبناء سيناء، متزوج من السيدة نادية الشاذلى وله ثلاث بنات: ليلى وهى حاصلة على بكالوريوس هندسة عمارة متزوجة من المهندس إبراهيم حلمى ولهما من الأبناء «ولدان وبنت». علا وهى حاصلة على بكالوريوس تجارة ومتزوجة من المهندس محمد العبد ولهما بنتان، الثالثة وهى عزة حاصلة على ليسانس آداب قسم آثار ولها ابنان.
توفى سيادته فى السادس والعشرين من شهر يناير 1983 فى الإسكندرية.
قام بتأليف البحرية المصرية، الطريق إلى أكتوبر، مطبعة البحرية المصرية عام 1986 مكونة من 410 صفحات.
المناصب التى تولاها
2/2/1946 تخرج فى الكلية البحرية الملكية برتبة الملازم وخدم فى خفر السواحل.
15/8/1946 تم إيفاده إلى البحرية.
1/9 - 11/11/1947 تم نقله إلى مدرسة الأسلحة البحرية.
12/11/1949 - 18/5/1951 خدم على س. ج. م محمد على.
19/5/1951 - 29/2/1952 عين قائدًا للفرقاطة العريش والفرقاطة الطور.
1/3/1952 - 1/7/1952 عين قائدًا لمجموعة الكاسحات.
2/7/1952 - 4/8/1952 قائدًا للفرقاطة ناصر.
2/8/1952 - 14/8/1955 قائد للفرقاطة إبراهيم
15/8/1955 - 30/10/1955 قائدًا لقاعدة إسكندرية.
25/12/1955 - 9/1/1959 قائد ثانى الأسطول.
25/12/1956 - 3/2/1957 قائدًا للمدمرة القاهر.
1957 تم تعيينه وتكليفه بتطهير قناة السويس.
28/4/1957 - 24/8/1958 قائدًا للمدمرة الظافر.
3/10/1959 - 21/6/1963 قائدًا للواء المدمرات.
سبتمبر 1962 إلى إبريل 1963 شارك فى حرب اليمن.
22/6/1963 - 31/8/1963 نائب رئيس العمليات البحرية.
1/9/1963 - 10/6/1967 رئيسا للعمليات البحرية.
11/6/1967 - 11/9/1969 قائد القوات البحرية.
1/10/1971 - 25/10/1972 نائب وزير النقل البحرى وهى وزارة كانت قد انشئت حديثًا فى ذلك الوقت وتم تصنيف هذا المنصب له بشكل خاص ثم تم إلغاؤه بعد أن تركه.
1/1/1972 رقى إلى رتبة الفريق أثناء التقاعد.
26/10/1972 - 13/11/1976 تم تعيينه وزيراً للحربية، قائد القوات البحرية برتبة فريق أول.
14/11/1976 - 23/11/1980 عين مستشارًا لوزير الحربية ثم مستشارًا للرئيس محمد أنور السادات.
24/11/1980 - 26/1/1983 شغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة العربية البحرية المتحدة «FAMCO».
فى العام 2009 تم تكريمه من الدولة بترقيته إلى رتبة مشير فخرى تكريمًا لانجازاته وتاريخه المشرف.
الدراسات الحاصل عليها
28/4/1946 - 6/9/1947 تدرب على السفن البحرية الملكية فى بريطانيا.
12/10/1947 - 19/3/1948 حصل على دورة مدفعية وطوربيد فى بريطانيا.
31/10/1955 - 24/12/1955 حصل على دورة قائد مدمرة فى بريطانيا.
25/9/1958 - 2/10/1959 حصل على دورة القادة فى كلية ويلنجتون بالدفاع فى الهند.
7/7/1963 - 19/12/1964 الدراسات العليا البحرية.
1965 - 1966 حصل على أكاديمية ناصر العليا.
الأوسمة والنياشين
لقد كان الفريق أول أبوذكرى يتمتع بمسار مهنى لامع وكان أكثر ضباط مصر فى عدد الأنواط والنياشين التى حصل عليها «27 نوطاً» من بينها أنواط حصل عليها من كمبوديا، فرنسا، اليونان، المغرب، ليبيا، السعودية، سوريا، يوغسلافيا.
شارك فى كل الحروب ضد إسرائيل «1948 - 1956 - 1967 - 1973».
كان الضابط الوحيد الذى عين مرتين قائدًا للقوات البحرية وخدم فى البحر لفترات طويلة تعد من أكبر الفترات التى من الممكن أن يخدمها مصرى بحرى.
هو الذى قام بالتخطيط لعمليتى المدمرة إيلات - وإغلاق مضيق باب المندب واللتين كان لهما أصداء عالمية كبيرة.
حصل على وسام النجمة العسكرية.
ملحوظة: تم تخليد اسمه من خلال إطلاقه على أكبر شارع بالعريش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.