عقدت مجلة (سبكتاتور) البريطانية ندوة ناقشت فيها جدوى التدخل الغربي في كل من العراق وسوريا. وكانت الصحافية نبيلة رمضاني التي تكتب للصحف البريطانية أول من أدلى بدلوه في هذه المسألة قائلة "إن القاعدة الأولى في أي حرب هي "اعرف عدوك"، لكن مشكلة الغرب في معركته مع الدواعش هي أنه لا يعرفهم ولا يفهمهم، علاوة على أن أحد الأسباب الرئيسية وراء اضطراب منطقة الشرق الأوسط هو التدخل الغربي" ولفتت رمضاني الجزائرية المولودة في فرنسا إلى أن الدواعش عددهم 20 ألف مقاتل وهو عدد لا يمكن القضاء عليه بغارات جوية فقط. ورأت أن مفتاح هزيمة الدواعش هو في أيدي كل من الرئيس السوري بشار الأسد والنظام الإيراني. وأضافت أن "على الغرب الانتباه لمعرفة من هو الأكثر تأهيلا لإنزال الهزيمة بالعدو، وفي هذه الحال الإجابة ليست الغرب؛ إنها تكمن في قوى الإقليم المحلية". وكان صاحب الرأي الثاني هو القائد السابق للجيش البريطاني لورد دانات، الذي أعلن بادئ ذي بدء رفضه التام لفكرة التدخل الغربي في العراق وسوريا.. وقال دانات "على الرغم من صعوبة أن تنسحب بريطانيا من منطقة في غاية الأهمية كتلك، إلا أن علينا التفكير بحذر بالغ فيمن نتحالف معه". وأضاف "لو كنا سلّحنا المعارضة السورية العام الماضي، لكانت تلك الأسلحة اليوم في أيدي الدواعش.. وإذن ماذا نفعل؟".. واتفق دانات مع رمضاني حول عدم كفاية الغارات الجوية للقضاء على الدواعش وأن المسألة تتطلب تواجدا بريا.. وتساءل عما إذا كان المحليون كافين للتصدي للدواعش أم أنهم سيحتاجون دعما من الغرب كخيار آخير. ثم جاء الرأي الثالث، وهو لعضو حزب المحافظين البريطاني جون ريد وود، والذي رأى أن التدخل الغربي في الشرق الأوسط لا يمكن أن يحقق سلاما ودبلوماسية في المنطقة، وأن المنطقة ليست في حاجة إلى مزيد من القنابل وإنما إلى عملية ديمقراطية وقيادة سياسية. وقال ريد وود "ليس ثمة علاج ناجز، لكن قتل الناس ليس الحل، وفي هذا الصدد لا يمكن أن يكون الحل متمثلا في إرسال جنودنا للمنطقة: إذ كيف نقاتل دونما أهداف محددة للضرب".. وأضاف السياسي البريطاني "ثمة سبل ديمقراطية ينبغي أن نسلكها للتعاطي مع تلك القضايا، ولكن لا يمكننا تصدير ديمقراطية بقوة السلاح أو عبر إسقاط القنابل". ثم تحدث الصحافي بجريدة الإندبندنت باتريك كوكبيرن والذي أشار إلى أن تنظيم داعش هو وليد الحرب ومن ثم فهو ينمو ويزدهر في أجوائها وإذا حصرنا الحل في العمل الحربي فذلك يعني أننا لم نفهم المشكلة جيدا. وقال كوكبيرن "تمثلت الاستراتيجية حتى الآن في دعم المعارضة السورية المعتدلة لقتال الدواعش، لكن المشكلة هي "أين نجد هؤلاء المعتدلين؟" .. وحذر كوكبيرن من أن التدخل السافر من شأنه تأجيج نيران الحرب في المنطقة وهو المناخ المثالي لازدهار الدواعش أبناء الحرب. وكان آخر من أدلى بدلوه في هذا الطرح هو الصحافي البريطاني دوجلاس موراي، الذي أعلن اتفاقه مع رمضاني في بعض النقاط وتحديدا تلك المتعلقة بفشل الغرب في تفهم المشكلة والوقوف على أبعادها.. لكنه اختلف معها في القول إن التدخل الغربي في المنطقة غير مُجد، وأعاد إلى الأذهان تجارب التدخل الغربي سابقا في مناطق مثل سيراليون وكوسوفو. وقال موراي "إن الغرب في حاجة إلى تحديد أولوياته وأهدافه بالمنطقة.. وإذا كانت أهدافنا متناقضة مع بعضها البعض فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن علينا غضّ الطرف عما يفعله الدواعش وإهمال الموضوع برمّته". وحذر موراي "إذا لم نتعامل بحكمة مع مناطق الفوضى، فإنها سترتدّ علينا؛ ثمة بريطانيون مسلمون يحاربون الآن في صفوف الدواعش عددهم أكبر من عدد أقرانهم في صفوف الجيش البريطاني، وفي ذلك مجلبة المشاكل بطبيعة الأمر" .. وأضاف موراي "إذا لم يكن يتعين علينا بالضرورة التدخل، فإننا في الوقت نفسه لا يمكننا غض الطرف ببساطة عما يحدث على الأرض بالمنطقة بدعوى أن الأمر لا يخصنا".