ربما تنتظر الكرة المصرية سنوات طويلة حتى تجود الملاعب مرة أخرى بلاعب بحجم محمد بركات نجم الأهلي، الذي قرر الاعتزال من على القمة للخروج من الباب الكبير الذي اعتاد دائمًا على الدخول منه، وإذا كان اللاعب قد فضل الرحيل عن البساط الأخضر فإن الأكيد أنه سيظل عالقًا بأذهان الجماهير المصرية بشكل عام، وأنصار الأهلي بشكل خاص. ولد محمد بركات في 20 نوفمبر عام 1976 بالقاهرة، ومنذ نعومة أظافره لفت اللاعب أنظار المقربين منه بمهاراته الخاصة في كرة القدم؛ حتى انضم إلى صفوف نادي السكة الحديد (أقدم الأندية المصرية) وهو في العاشرة، ولم يحتج اللاعب وقتًا طويلاً لإقناع المدربين بقطاع الناشئين بقدراته؛ حيث دائمًا ما كان يحظى بثقتهم، وتم تصعيد للفريق الأول، وفي هذه المرحلة كاد اللاعب ينتقل إلى الأهلي إلا أن الإصابة حالت دون ذلك، فكانت وجهته إلي الإسماعيلي، وكأن القدر أراد أن يتواجد اللاعب في هذه المرحلة على مسرح الدراويش بسرعة الصاروخ إلى نجم زئبقي قاد فريقه للفوز بالدوري موسم 2001/2002، كما توج معه بكأس مصر، وكان أحد العناصر الأساسية بالمنتخب الوطني. وبعد هذا التألق انتقل اللاعب إلى أهلي جدة السعودي، ليبدأ مرحلة جديدة في حياته واصل خلالها التألق، ووصل بالفريق إلى نهائي الدوري السعودي، ولكنه لم يوفق في اللحظات الأخيرة لينتقل بنهاية الموسم إلى العربي القطري؛ حيث لعب تحت القيادة الفنية للبرازيلي كابرال المدير الفني الأسبق للزمالك، وفي وجود كوكبة من النجوم العالميين على رأسهم الأرجنتيني جابرييل باتيستوتا. وخلال هذه الفترة لم يظهر بركات بمستواه المعهود بسبب الإصابة التي تعرض لها وفي صيف 2004 تعاقد الأهلي مع اللاعب وسط انتقادات لاذعة من وسائل الإعلام لضم لاعب (عجوز) لن يستطيع تقديم الإضافة للقلعة الحمراء، ولكن الزئبقي رد بشكل عملي؛ حيث كان أحد الأعمدة الرئيسية بالفريق الذي كونه مانويل جوزيه المدير الفني الأسبق للفريق بداية من موسم 2004/2005، ولعب بركات دورًا رئيسيًّا في فوز الأهلي بالدوري 5 مواسم متتالية، وبكأس مصر مرتين، وبدوري أبطال إفريقيا 4 مرات، وبكأس السوبر الإفريقي 4 مرات، بجانب التتويج بلقب أفضل لاعب في القارة في استفتاء هيئة الإذاعة البريطانية (B.B.C). وفي عام 2010 وعقب فشل المنتخب في التأهل لكأس العالم بالخسارة أمام الجزائر في المباراة الفاصلة الشهيرة قرر اللاعب اعتزال اللعب الدولي احترامًا لنفسه وتاريخه وليركز بعد ذلك مع الأهلي. وطوال تواجده مع الأهلي انهالت العروض الخليجية على بركات ولكنه كان دائمًا يفضل البقاء بالقلعة الحمراء. وإذا كان جمهور الكرة سيفتقد متعة محمد بركات بالملاعب، فإنه سيكون على موعد مع تألق الزئبقي في مجال آخر، وهو الإعلام، وهناك إمكانية لقيامه بأعمال سينمائية في المرحلة المقبلة.