في الوقت الذي تستمر فيه الانقسامات السياسية الحادة، لم يجد المصرف الاستثماري العالمي "سيتي جروب" في توقعاته السياسية والاقتصادية للبنان إلّا استمرارًا لأزمة الحكم في المستقبل المنظور، وأن يمتد الفراغ الرئاسي إلى ما بعد انتخابات مجلس النواب المقرر إجراؤها في نوفمبر. واعتبر أن النقاش الذي يدور حول تعديل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام يعكس غياب سياسات واضحة في البلاد، لذا فقد أعرب عن مخاوف بشأن التوقعات المالية والاقتصادية للبنان إذا ما تمّت الزيادة المحتملة في أجور القطاع العام. فتوقيت الزيادة في الأجور إشارة سلبية تدلّ على عدم إمكان السلطات في الحفاظ على الإنضباط المالي، علمًا بأن العجز في المالية العامة قد تجاوز نسبة ال10% من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى التدهور في ديناميكية الدين العام. كما أن الزيادات الضريبية المقترحة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب تشكل مخاطر حول المزيد من التباطؤ الاقتصادي الذي أصلًا يعاني من مختلف الصدمات الداخلية والخارجية. وأشار إلى أن الحكومة تفتقر إلى الإرادة لتنفيذ إصلاحات هيكلية تترافق مع الزيادة في الأجور، ما يعكس البيئة الضعيفة في صنع السياسات. وأشار إلى أن الإصلاحات في القطاع العام، والتي تشمل إصلاحات قطاع الكهرباء والإدارات العامة من بين أمور أخرى، ليس من المرجح أن تحصل نظرًا للبيئة السياسية الحالية. أمام هذا الواقع، فإنه من غير المرجح وفق المصرف أن يتم تخفيف الإختلالات البنيوية في الاقتصاد في المستقبل المنظور. واعتبر تقرير المصرف الذي ورد في النشرة الأسبوعية لبنك "بيبلوس" أن تحسين دينامكية المالية العامة في لبنان مرتبط بآفاق النمو الاقتصادي، نظرًا لعدم وجود البيئة السياسية المناسبة لتطبيق الإصلاحات البنيوية. وقال إن العجز المتفاقم في المالية العامة منذ العام 2012 قد ينخفض إذا ارتفعت نسبة نمو الناتج المحلي الحقيقي إلى ما قبل ال2011. لكنه أشار إلى أن انتعاش النشاط الاقتصادي إلى مستويات ما قبل الأزمة هو أمر غير مرجح في ظل البيئة السياسية والأمنية الإقليمية والمحلية الصعبة. وأشار إلى أن نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي كانت على انخفاض حتى العام 2011، عندما كان الاقتصاد ينمو بمعدل أسرع من الزيادة في الاقتراض الحكومي. وقال المصرف أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بمعدل سنوي قدره 9% بين عامي 2007 و2010، ولكنه تباطأ إلى معدل 3% في الأعوام الثلاث الماضية. وأضاف أن التدهور في المالية العامة الذي بدأ في العام 2012، إضافةً إلى التباطؤ الاقتصادي، قد أدّيا إلى ارتفاع نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي.