عشت عن قرب مراحل كتابة سيناريو مسلسل "المرافعة" التي استغرقت ما يقرب من العامين، وكان مقررا إنتاجه منذ فترة، لكن ظروفا إنتاجية وتسويقية حالت دون ظهوره في رمضان الماضى، ورب ضارة نافعة، فقد أعاد تامر عبدالمنعم، مؤلف العمل، كتابة بعض الحلقات، وأضاف شخصيات رأى أنها ستضيف كثيرا للأحداث، وحذف أخرى اعتبرها "حشوا" لا فائدة منه. بدأ تامر كتابة العمل بعد مقتل الفنانة سوزان تميم والتي أشعلت الرأى العام، واتُّهم رجل الأعمال الشهير وأحد أعضاء الحزب الوطنى البارزين هشام طلعت مصطفى بقتلها، وتولى المحامى الشهير فريد الديب "حما تامر" مهمة الدفاع عن هشام، بعدها اندلعت ثورة 25 يناير وتخلى مبارك عن الحكم، وتولى أيضا "الديب" مهمة الدفاع عن مبارك، فأصبح المؤلف فجأة أمام قصتين يحاول دمجهما في عمل درامى واحد يغلفه بالتشويق والإثارة، ويحيطه بمعلومات من داخل المطبخ السياسي الذي كان قريبا منه في تلك الفترة. لذا جاءت شخوص المسلسل تشبه إلى حد كبير شخصيات واقعية يعلم المواطن البسيط عنها ما ظهر فقط، ويبقى ما بطن منها ملكا لتلك الشخصيات نفسها وأيضا لمن عاشرها واحتك بها عن قرب، وبحكم ما يعلمه تامر عن هذه الشخصيات رسمها بدقة، وأضفى على الأحداث الحبكة الدرامية التي يحتاجها العمل، من خلال علاقات متشابكة وصفقات تتم داخل الغرف المغلقة. تبقى شخصية هشام أبوالوفا التي يجسدها الفنان باسم ياخور هي محور أحداث العمل، هناك من يرى أنها شخصية رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى أحد أعضاء الحزب الوطنى المنحل، وقد ترمز في بعض الأحيان إلى جمال مبارك رئيس لجنة السياسات في الحزب. تامر منح هذه الشخصية القوة الكافية والملامح الصارمة والجادة في معظم الأحيان، وكان اختيار ياخور لتجسيدها موفقا إلى أبعد الحدود، وسعى باسم من جانبه أن تظهر بالشكل المناسب والمظهر الملائم، حيث يرتدى عبر حلقات العمل كما كبيرا من البدل التي اشتراها خصيصا للمسلسل، إضافة إلى جلسات التحضير التي عقدها مع تامر، عبر شهور عديدة قبل بداية التصوير سواء في دبى، حيث يقيم حاليا، أو لندن حينما كان يتصادف وجوده في نفس توقيت وجود تامر بالعاصمة البريطانية، وأيضا بالقاهرة حيث حضر قبل التصوير بوقت كاف، وحجزت له الجهة المنتجة "سويت" داخل فندق مريديان الهرم بالقرب من مدينة الإنتاج الإعلامي التي تم تصوير معظم المشاهد بها. أما المحامى الشهير، فريد الديب، المعروف لدى الأوساط السياسية والقانونية بخبرته، فيرتدى روبه في هذا العمل الفنان فاروق الفيشاوى، مجسدا شخصية محامٍ يدعى "فؤاد الدباغ" تسند إليه مهمة الدفاع عن جمال أبوالوفا، ويظهر في كل حلقة من خلال مشهد أو أكثر مدافعا عنه بكل الطرق، وبحكم علاقة تامر عبدالمنعم بفريد الديب ظهرت رغما عنه ملامح الديب مجسدة من خلال الفيشاوى الذي يقلد طريقته في المرافعة وأسلوبه في الحديث، ويسعى الفيشاوى من خلال النص المكتوب وبأسلوب غير مباشر لتبرئة الحزب الوطنى من فساد رجاله وليس فقط لتبرئة موكله. نجد كذلك اللواء حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز أمن الدولة وقت النظام الأسبق، والذي يظهر داخل مكتب في خلفيته دائما صورة الرئيس مبارك، ويجسد هذه الشخصية الفنان أشرف زكى، وتبدو ملامح الصرامة والغموض حولها، وينسج تامر خيوط الصفقات التي تعقد داخل هذا المكتب، سواء مع رجل الحزب الوطنى "جمال أبوالوفا" أو مع مرشد الإخوان، وهنا يبدو أن خيوط اللعبة التي نسجها تامر لم تكن في مخيلة متابعى الأحداث السياسية في الفترة الماضية، بل كانت واقعا حقيقيا تحميه جدران هذا المكتب من الخروج للعامة. يظهر أيضا الفنان مجدى عبدالوهاب مجسدا شخصية الأسيوطى التي تشبه إلى حد كبير شخصية صفوت الشريف، وتبرز من خلال هذه الشخصية المكائد التي يدبرها من أجل تحقيق أهدافه، فيما يبدأ الصراع مبكرا مع ظهور شخصية إبراهيم أبو العز التي يلعبها محمد مزربان والتي تشير بشكل قوى لشخصية أحمد عز القيادى بالحزب الوطنى المنحل والذي يظهر دوره واضحا مع بدايات تطوير الحزب ومحاولة إظهار وجوه جديدة أقرب إلى المرحلة الجديدة التي كان يقودها آنذاك جمال مبارك. وبلحيته الخفيفة وملابسه وطريقة حديثه المميزة، يظهر محمد بديع مرشد الإخوان في عهد النظام الأسبق مع ظهور الفنان أحمد عبدالوارث، لنرى تفاصيل صفقات مشبوهة كانت تدار داخل مكتب رئيس جهاز أمن الدولة، وتفاصيل لعبة الانتخابات ورضوخ المرشد لأوامر الجهاز، ومحاولة استقطاب "جلال أبوالوفا" شقيق جمال الذي يجسد دوره الفنان محسن محيى الدين، وتكاد صفقة الإخوان مع جلال تنجح، إلا أن الجهاز يبلغ جمال بما يفعله شقيقه في الخفاء. وأخيرا يبقى ضابط أمن الدولة السابق، أشرف عفيفى، والذي خرج إلى المعاش مبكرا وينقذ جمال أبو الوفا من مكائد كثيرة منها ما يدبره له "الأسيوطى" أو صفوت الشريف، فيما يجلس معه جنبا إلى جنب داخل القفص بعد اتهامه بقتل نوران شويرى.