أصدرت وزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مى بنت خليفة قرارًا حمل رقم 5 لسنة 2014 يقضى بمنع بيع المشروبات الكحولية (الخمور)، ووقف استقدام الفنانين والفنانات ووقف العمل برخص مرافق الديسكو والمناهل (البارات) وصالات تقديم العروض الفنية العربية والأجنبية بالفنادق فئة 3 نجوم لتستكمل خطوة سابقة اتخذتها المملكة وتحديدا عام 2009 حينما اتخذت وزارة الثقافة قرار حمل رقم 21 لسنة 2009 بمنع فنادق فئة نجمتين وفئة النجمة الواحدة من بيع وتقديم الخمور وتشغيل المراقص. ورغم ما قد يراه البعض من أن مثل هذه القرارات ذات آثار سلبية على الاقتصاد البحريني من خلال تأثيرها السلبى على قطاع السياحة الذى يمثل مكونا رئيسيا من مكونات الاقتصاد الوطني، إلا أن الواقع أثبت منذ اتخاذ قرار المنع عام 2009 أن السياحة فى مملكة البحرين ساهمت بنصيب وافر في الدخل القومي، وهو ما يؤكد على أمرين مهمين، هما: أن تنشيط السياحة والترويج لها لا يرتبط فقط كما يظن البعض بالخمور والدعارة بقدر ما يرتبط بمستوى الخدمات المقدمة للسائحين وهو ما يتحقق فى مستوى فنادق أربع وخمس نجوم والتى تقدم بالفعل خدمات قادرة على جذب مستوى من السائحين لديهم المقدرة المالية للإنفاق داخل هذه الدولة وهو ما يحقق المستهدف من السياحة. فالسياحة وإن كانت لها تأثيرات ايجابية على السائحين فى الاطلاع على تجارب البلدان الاخرى، فإن تأثيراتها الايجابية على الدولة المستضيفة يقتصر على ما يعود عليها من منافع مالية تدعم بها ميزانيتها وتستطيع من خلال ما تحققه من موارد مالية من اعادة انفاقها على مشروعات الخدمات المجتمعية بما يسهم فى تطوير المجتمع بصورة تكفل لأبنائه مستوى معيشة يتناسب مع المعايير والمؤشرات العالمية، وهو ما يتحقق من خلال جذب مستويات من السائحين لديهم الملاءة المالية للإنفاق على برنامج سياحى ينعكس ايجابا على اقتصاد الدولة المضيفة. أن تنشيط السياحة يرتبط أيضا بمستوى الامن والاستقرار الذى تتمتع به الدولة، فما فائدة بيع الخمور فى دولة تعانى من حروب اهلية وصراعات مجتمعية، بل تعتمد السياحة اعتمادا كليا على درجة الامن والأمان والاستقرار الموجود فى تلك الدولة، وهو ما نجحت فيه مملكة البحرين خاصة بعد الاحداث المؤسفة التى واجهتها فى اوائل عام 2011، حيث نجحت الحكومة البحرينية برئاسة الامير خليفة بن سلمان آل خليفة فى استعادة الامن والاستقرار والوقوف بقوة فى مواجهة المخططات الارهابية التى قامت بتنفيذها جماعات وتنظيمات العنف والارهاب. صحيح أن المملكة ما زالت فى حالة حرب مع الارهاب، إلا انه من الصحيح أيضا أن ما تحقق من منجزات يظل عاملا مساعدا على استعادة النشاط السياحى بصورة واسعة، وهو ما تكشفه الاحصاءات والبيانات التى تعلنها لجنة السياحة بغرفة الصناعة والتجارة. فى ضوء ما سبق، يمكن القول إن المعادلة الحاكمة للنشاط السياحى هى: الامن+ مستوى راقى من الخدمات= جذب المزيد من السياحة، وهذه المعادلة نجحت فى تحقيقها مملكة البحرين خلال الفترة الماضية بما أسهم فى رفع نصيب السياحة من الدخل القومى لها. وعليه، فاتخاذ مثل هذا القرار بمنع بيع الخمور وخلافها فى الفندق ذات النجمة الثالثة بعدما سبق وان اتخذ ذات القرار بالنسبة للفنادق ذات النجمة والنجمتين، يؤكد على أن ثمة رؤية واضحة لدى الحكومة البحرينية فى كيفية تعظيم الاستفادة من قطاع السياحة بما يصب فى نهضة الاقتصاد الوطنى دون اغفال الجانب الدينى والروحى فى النشاط السياحى، وذلك من خلال ما يمكن ان نطلق عليه "السياحة النظيفة" وهى السياحة التى تحافظ على صحة الانسان وقيمه واخلاقه، فقد اثبت الطب حجم المخاطر التى تصيب الانسان جراء ادمان الخمور وتأثيراتها السلبية على الصحة العامة وعلى حالة المجتمع وتقدمه. وفى ضوء نجاح التجربة البحرينية والتى يمتد عمرها لما يقارب الخمس سنوات فى مجال منع الخمور وغيرها فى الفنادق ذات النجمة الاولى والثانية، ما يشجع الدولة المصرية وهى فى مرحلة بناء اليوم أن تنظر فى هذه التجربة بما يمكن معها تطبيقها على الاقل على مستوى الفنادق ذات النجوم المنخفضة بما يقدم صورة جديدة عن مصر تسهم فى بناء المنظومة الاخلاقية التى تحاول أن ترسخ جذورها الدولة المصرية وفى ضوء ما نص عليه دستورها عن دور القيم والمثل فى بناء المجتمع المصرى.