اعتاد المسلمون على سماع مدفع رمضان إيذاناً بانتهاء الصوم وحلول وقت الإفطار في شهر رمضان من كل عام، وهو تقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية، وكان قديما يقوم جيش البلد بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس معلنًا فك الصوم خلال شهر رمضان. وينتظر المسلمون شهر رمضان الكريم لسماع صوت مدفع الإفطار عند مغيب الشمس حيث يجتمع شمل العائلة قبل ضرب المدفع استعدادا للإفطار، وقبل وبعد اطلاقه يهلل الاطفال "مدفع الإفطار اضرب" وهى جملة يعشها الجميع خاصة الاطفال. ويعد صوت المدفع من اهم الطقوس الرمضانية في مصر باعتباره الوسيلة المفضلة لإعلان موعد الافطار لحظة مغيب الشمس معلنا فك الصوم. كما يقوم التليفزيون المصري طوال شهر رمضان بإذاعة صوت المدفع يسبقه الصوت الشهير "مدفع الإفطار .. اضرب". كما يقوم الأطفال بصنع مدفع رمضان ويشترون المفرقعات (البمب) ويقومون بضربه قبل أذان المغرب، حيث أصبحت هذه الظاهرة في كل بيت مصري واحدى الطقوس الرمضانية المفضلة. لمحة تاريخية: كان أيام الرسول "صلى الله عليه وسلم" يؤذن بلال في المسلمين ويقومون بالإفطار عقب الأذان. بعد ذلك جاء استخدام المدفع عن طريق الصدفة، فكان أول ايام رمضان عام 865 ه أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعًا جديدًا - وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، ظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار. من مصر إلى العالم الإسلامي: بدأت الفكرة تنتشر في أقطار الشام والقدس ودمشق ومدن الشام الأخرى ثم إلى بغداد في أواخر القرن التاسع عشر، وبعدها انتقل إلى مدينة الكويت حيث جاء أول مدفع للكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح، وذلك عام 1907، ثم انتقل إلى كافة أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط وكذلك اليمن والسودان وحتى دول غرب أفريقيا مثل تشاد والنيجر ومالي ودول شرق آسيا حيث بدأ مدفع الإفطار عمله في إندونيسيا سنة 1944. المدفع في العصر الحديث: هناك أحد الروايات المشهورة والمتداولة عن أصل مدفع رمضان، تدور أحداثها في عهد الوالي "محمد علي الكبير" الذي اشترى عدداً من المدافع الحربية عام 1805 في إطار خطته التي تهدف إلى إنشاء جيش مصري قوي، ولتجربة هذه المدافع قام الوالي بإطلاق أحدها في وقت صادف غروب شمس شهر رمضان الكريم، الأمر الذي جعل عامة الشعب يعتقدون بأن هذا المدفع تقليد جديد للاحتفاء بالشهر المعظم، لهذا عندما لم يطلق في اليوم التالي طالبوا الوالي بإطلاقه حتى يعرفوا موعد الإفطار، فوافق وأمر بإطلاق الذخيرة الحية مرتين من المدفع الكائن في القلعة المتواجدة في حي مصر القديمة. ورواية أخرى تقول انه كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار. مدفع إفطار الحاجة فاطمة: الحاجة فاطمة هي الأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل، وعرفت بحبها للخير والعلم وتبرعت بكامل ارضيها لإنشاء الجامعة الأهلية (جامعه القاهرة) وكل مجوهراتها الثمينة للإنفاق علي تكاليف البناء. كان الجنود يقومون بتنظيف أحد المدافع, فانطلقت قذيفة خطأ مع وقت أذان المغرب في أحد ايام رمضان فاعتقد الناس انه نظام جديد للإعلان عن موعد الافطار – فعلمت بهذا الامرفأصدرت فرمانا ليتم استخدام هذا المدفع عند الافطار والامساك وفي الاعياد الرسمية, وقد ارتبط اسم المدفع باسم الأميرة واستمر المدفع يعمل بالذخيرة الحية حتى العام 1859، بعد ذلك توقف نتيجة الزحف العمراني في المناطق المحيطة بالقلعة، وأصبحت تستخدم الذخيرة الغير حقيقية، تلك التي تصدر صوتاً قوياً فقط دون أي انفجار حقيقي. كما تغير المدفع الرمضاني أكثر من مرة خلال السنوات الماضية لكن دون أن يفقد لقب "مدفع الحاجة فاطمة"، وقد تم وضع 5 مدافع حول قاهرة المعز حتى يسمع الجميع دويّه، لكن ذلك توقف نتيجة ظهور المذياع الذي أصبح يُعلم الشعب بموعد الإفطار والإمساك، وتوقف المدفع عن العمل فترة حتى العام 1983 ثم عادة مرة أخرى كطقس فلكلوري لا يتم الاستغناء عنه. إطلاق المدفع من قلعة صلاح الدين الأيوبي: في مطلع الثمانينيات قررت السلطات إطلاق المدفع من "قلعة صلاح الدين الأيوبي" طوال رمضان في السحور والإفطار، إلا أن هيئة الآثار المصرية طلبت في بداية التسعينيات من وزارة الداخلية وقف إطلاقه من القلعة خوفا على المنطقة التي تعد متحفا مفتوحا للآثار الإسلامية وحتى الآن يسمع المصريون صوت المدفع عبر الراديو أو عبر شاشات التلفزيون التى تعتبر من تراث وتقليد رمضان في مصر. وارتبط بوجدان المصريين على مدى حوالي قرن ونصف القرن، وأول مدفع تم توظيفه يحظى بمكانة كبيرة خاصة لدى سكان الخليفة والحسين والقلعة وإلى الآن فإن هذه الأحياء وما حولها تسمع انطلاق المدفع حتى بعد أن تحول مركز انطلاقه إلى الدراسة أما المدفع القديم فما زال جزءا رئيسيا من متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين على ارتفاع 170 مترا وهو موضوع على قاعدة حديدية تتوسطها عجلة لتحريك ماسورة من الصلب وكان صوته عندما ينطلق يتردد في الأفق لمسافة 10 كيلومترات. في سابقة فريدة من نوعها: في سابقة فريدة من نوعها وتعد من غرائب وطرائف شهر رمضان المبارك، تقدم سيد شحاتة عبد العليم رقيب من قوة قسم شرطة المنيا والمعين لإطلاق مدفع رمضان ببلاغ لقسم شرطة المنيا يفيد باكتشافه سرقة كتلة الترباس الخاصة بالمدفع، وكان ذلك عام 2012. وعند سؤاله قال إن آخر مرة شاهد فيها القطعة المسروقة عندما أطلق مدفع السحور، وحرر عن الواقعة محضر من قبل جنح قسم شرطة المنيا، وقد تم حينها تكليف إدارة البحث الجنائي بالتحري حول الواقعة وتحديد وضبط اللصوص وعودة المسروقات وتولت النيابة العامة التحقيقات.