يرغب السياسيون في تلبية رغبات موظفي القطاع العام بلبنان، لكن صندوق النقد الدولي حذر في الأسبوع الماضي، من أن البلاد بحاجة إلى تنفيذ إصلاحات لتحقيق التوازن بين الايرادات والمصروفات في وقت تتعرض فيه البلاد لتباطؤ اقتصادي. وعلى عكس الكثير من المتطلبات الأساسية للمتظاهرين، فان التقرير يشير إلى أن التغييرات في السلسلة أي الهيكل الوظيفي بدرجاته ورواتبه يجب ضبطها ويوصي بالدفع عبر دفعات وأبطال المفعول الرجعي. ونزل الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى شوارع العاصمة بيروت يوم الأربعاء داعين إلى زيادة فورية للأجور. وقال لوران شدياق، وهو مدرس ابتدائي قطع مسافة 20 كيلومترا من مدينة جونية الساحلية المسيحية شمال بيروت للمشاركة في التظاهرة "من غير الممكن أن نعيش برواتبنا"، لافتًا إلى أن رواتب المعلمين تبلغ الآن 700 دولار ويجب أن تزيد إلى 1400 دولار كحد أدنى. ورفع المعتصمون لافتات تطالب بإقرار السلسلة وتحقيق مطالب المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية وكتب على إحداها "كلفة السلسلة تبقى أقل بكثير مما تهدرون" و"إلى الهيئات الاقتصادية.. ألا أشبع الله بطونكم". ومن بين الشعارات "كفاكم أيها الطغاة... منذ 100 يوم وأنتم تماطلون... منذ مئة يوم وأنتم للسلسلة تعطلون" و"هذه سلسلة أم جلجلة" و"ثبتوا وجودنا في السلسلة نثبت وجودكم في المجلس". وقال عضو هيئة التنسيق النقابية رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب إن الهدف من الاعتصام "الضغط على الحكومة اللبنانية لإقرار السلسلة". وتطالب هيئة التنسيق النقابية منذ أكثر من عام تقريبا بإقرار قانون زيادة الأجور فيما ترفض الهيئات الاقتصاديةاللبنانية إقراره لما له من انعكاسات سلبية على الخزينة اللبنانية إذ لا تقل تكلفته عن ملياري دولار سنويا. ووفقا لوزارة المالية اللبنانية فإن عدد المستفيدين المحتملين من زيادة الرواتب يبلغ 180 ألف موظف. وبحسب إحصاءات حكومية يبلغ عدد الموظفين في القطاع العام اللبناني نحو 270 ألف موظف ما يعادل نحو 20% من القوى العاملة في لبنان. وانخفض النمو الاقتصادي في لبنان إلى 1.5 بالمئة عام 2013 من معدل ثمانية في المئة سنويا بين أعوام 2007 و2010. ويقول صندوق النقد الدولي إن معدل النمو سيرتفع إلى أربعة في المئة في المدى المتوسط إذا تم تعزيز الأوضاع السياسية والأمنية في البلد. وشهدت البلاد سلسلة أزمات أحدثت مزيدا من الضغوط على الانفاق الحكومي في ظل انقطاع التيار الكهربائي ودعم قطاع الكهرباء المهترىء. ففي عام 2013 شهد مشروع الموازنة العامة تدهورا وصل إلى 141 بالمئة من الناتج المحلي في ظل تزايد احتياجات الدولة ونفقاتها. وقال أعضاء في البرلمان لرويترز إنهم يأملون التوصل إلى إقرار لسلسلة الرتب والرواتب يوم الأربعاء. وقال نائب حزب الله في البرلمان على عمار خلال مشاركته في المظاهرة "نحن نحاول منذ هذا الصباح ومن خلال المناقشة العامة إلى الوصول إلى مناقشة قانون السلسلة مادة مادة." ولكن من غير الواضح ما إذا كان النواب يستطيعون اقرار السلسلة اليوم ام لا. ولبنان لا يزال يصارع للتعافي من الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990 في ظل الخلافات الداخلية التي تفاقمت جراء الصراع في سوريا وادت إلى انقسامات طائفية. ويستضيف لبنان مليون لاجيء سوري في بلد يبلغ تعداد سكانه اربعة ملايين شخص. وفي فبراير شباط الماضي أنهى السياسيون المنقسمون حالة الجمود السياسي في البلاد في ظل حكومة تصريف الأعمال التي كانت تسير شئون الدولة لمدة عام وشكلوا حكومة مشتركة ولكن فراغا سياسيا آخر يلوح في الافق هذا الشهر بعد أن فشل المشرعون اللبنانيون للمرة الثالثة في اختيار رئيس جديد للبلاد.