قال اتحاد شركات التأمين المصرية إن تمكين المرأة في مواجهة مخاطر المناخ لم يعد خيارًا تنمويًا فحسب، بل أصبح ضرورة استراتيجية لضمان قدرة المجتمع والاقتصاد على الصمود. فالمرأة، بوصفها طرفًا رئيسيًا في منظومة الإنتاج ورعاية الأسرة وإدارة الموارد، تتعرض عادةً لآثار الكوارث المناخية بصورة غير متكافئة مقارنةً بالرجال، وهو ما يجعل دور صناعة التأمين محوريًا في الحد من هذه الفجوة وتعزيز جاهزيتها. دعم مشروعاتهن الصغيرة والمتوسطة ويؤكد الاتحاد بحسب تقرير حديث أن التأمين يقدم أدوات عملية لحماية النساء من الخسائر المفاجئة عبر توفير تغطيات ميسّرة، ومنتجات مصممة خصيصًا لاحتياجاتهن، إضافة إلى دعم مشروعاتهن الصغيرة والمتوسطة التي تمثل عنصرًا مهمًا في تعزيز الاستقلال الاقتصادي والاستدامة الأسرية. كما يشدد الاتحاد على أهمية دمج منظور النوع الاجتماعي في سياسات الاكتتاب، وإدارة المخاطر، وبناء المنتجات التأمينية، بما يعزز قدرة النساء على التكيف مع تحديات التغير المناخي، سواء عبر التأمين الزراعي، أو التأمين الصحي، أو التأمين متناهي الصغر، أو برامج التعويضات السريعة بعد الكوارث. ويؤمن الاتحاد بأن توسيع نطاق الشمول التأميني للمرأة سيؤدي إلى تحسين قدرتها على الصمود المالي في مواجهة الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، وتطوير قدرتها على الاستثمار في الممارسات المناخية المستدامة، مما يعزز مساهمتها كقوة فاعلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. الهياكل الاجتماعية والاقتصادية القائمة يشكل تغير المناخ أحد أبرز التحديات العالمية في القرن الحادي والعشرين، وتتجاوز آثاره التداعيات البيئية والاقتصادية لتشمل أبعاداً اجتماعية عميقة. وتبدو تأثيرات المناخ غير محايدة تماماً من حيث النوع الاجتماعي، حيث تتعرض النساء والفتيات لأضرار غير متكافئة بسبب الهياكل الاجتماعية والاقتصادية القائمة والتي تزيد من هشاشتهن. ففي العديد من المجتمعات، تتحمل النساء مسؤولية توفير الغذاء والماء والطاقة، مما يجعلهن أكثر عرضة لتأثيرات الجفاف والفيضانات والظواهر الجوية المتطرفة. في هذا السياق، برزت آليات التأمين ضد مخاطر المناخ (Climate Risk Insurance) كأداة هامة ليس فقط لحماية سبل العيش والأصول من الصدمات المناخية، بل وكوسيلة فعالة لتعزيز المرونة الاقتصادية وتمكين المرأة. لذا فإن توفير شبكة أمان مالي للمرأة يمكن أن يحول دون تدهور أوضاعها بعد الكوارث، ويسمح لها بالاستثمار في ممارسات التكيف المناخي، مما يعزز دورها كعنصر أساسي في العمل المناخي . من أشد عواقب تغير المناخ إلحاحًا وقسوة ازدياد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة، بدءًا من الأعاصير والفيضانات ووصولًا إلى الجفاف. ويمكن للظواهر الجوية المتطرفة أن تُدمر الثروة الحيوانية والمحاصيل ومصادر المياه العذبة، وأن تُؤجج الاضطرابات الأهلية والصراعات من خلال الحد من الوصول إلى الموارد. كما يمكن للظواهر الجوية المتطرفة أن تجعل المناطق المكتظة بالسكان غير صالحة للسكن، مما يؤدي إلى النزوح والهجرة القسرية، وهو ما يزيد احتمال تأثيره على سكان البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بنحو خمسة أضعاف. وتعاني النساء بشكل رئيسي من صعوبة إيجاد مأوى آمن من الظواهر الجوية المتطرفة. فعلى سبيل المثال، أشارت دراسة أجراها بنك التنمية الآسيوي عام 2016 إلى أن معدل الوفيات المرتبط بالأعاصير في بنغلاديش أعلى بكثير بين النساء منه بين الرجال، ويرجع ذلك في الغالب إلى نقص مرافق الإيواء المناسبة للإناث والخوف من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وغالبًا ما تواجه النساء تهديدًا متزايدًا بالعنف المنزلي والعنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء الكوارث المناخية، كما ورد في دراسة أجرتها جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في عام 2022. فخلال فترات الجفاف الواسعة في ميكرونيزيا، على سبيل المثال، شهدت النساء ارتفاعًا في حالات الاغتصاب والإساءة حيث غالبًا ما كن يُدفعن إلى السير لمسافات أبعد للوصول إلى آبار المياه؛ تؤدي كوارث تغير المناخ إلى تقليص فرص حصول النساء والفتيات على الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والإنجابية لتنظيم الأسرة، والأمراض المنقولة، والولادة، والتدخلات الطبية المنقذة للحياة. وهذا يزيد من انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها ووفيات الأمهات. كما تتفاقم بعض الأمراض، بما في ذلك تلك الشائعة في مخيمات اللاجئين، بسبب تغير المناخ. وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن يتسبب الملاريا والإجهاد الحراري في حوالي 250,000 حالة وفاة إضافية سنويًا بين عامي 2030 و2050. وفي كثير من الأحيان، تُجبر النساء على تولي مسؤولية الأسر بمفردهن، مما يزيد من احتمالية هجرة الرجال، وفي بعض المجتمعات، لا تستطيع النساء امتلاك الأراضي، ما يُعرّضهن لسوء التغذية. إضافةً إلى ذلك، تُجبر الفتيات في كثير من الأحيان على الانقطاع عن الدراسة، مما يعيق التقدم الاجتماعي، ويحول دون تحسين مستويات المعيشة، ويساهم في التخلص من الفقر، ويديم الفجوة بين الجنسين لأجيال قادمة. وقد أدركت المنظمات الحكومية والدولية ضرورة معالجة عدم المساواة بين الجنسين بالتزامن مع تغير المناخ. وإلى جانب الحكومات، يقع العبء بشكل متزايد على عاتق المنظمات والقطاعات المالية، مثل شركات التأمين، التي تتمتع بالخبرة اللازمة في إدارة المخاطر، لريادة الحلول الاقتصادية لهذه القضايا وبناء مرونة واسعة النطاق. ومع ذلك، لا يمكننا بناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ دون ضمان المرونة المالية أولاً، وخاصةً للنساء. ويشمل ذلك ضمان الوصول إلى الخدمات المالية الأساسية، مثل المدفوعات الرقمية والادخار والائتمان والتأمين. اليوم، تفتقر 753 مليون امرأة في أكثر البلدان تأثراً بتغير المناخ إلى أبسط الخدمات المالية، مثل الوصول إلى حسابات التوفير الرسمية ومنتجات التأمين التي تحمي أصولهن وسبل عيشهن من آثار تغير المناخ. وقد أعلنت الشبكة المصرفية العالمية للمرأة Women's World Banking أن 880مليون امرأة اليوم لا يستطعن التعامل مع المدفوعات الرقمية، مما يعني أنهن لا يستطعن الحصول على مساعدات الإغاثة الطارئة من الحكومات أو منظمات الدعم في أعقاب كارثة مناخية. وتتحمل ملايين النساء حول العالم وطأة آثار المناخ. و تُظهر الأبحاث أن النساء أكثر عرضة للوفاة في الكوارث المرتبطة بالمناخ بأربعة عشر ضعفًا من الرجال، ومن المتوقع أن يدفع تغير المناخ 158 مليون امرأة وفتاة أخرى إلى براثن الفقر بحلول عام 2050.