قالت الدكتورة القسيسة ستيفاني ديتريش، رئيسة لجنة الإيمان والنظام التابعة لمجلس الكنائس العالمي (WCC)، إن السعي نحو الوحدة المنظورة للكنائس أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. وأضافت "ديتريش" في تصريح قبيل انطلاق المؤتمر العالمي السادس للإيمان والنظام، الذي يُعقد في مركز لوجوس البابوي التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في وادي النطرون بمصر في الفترة من 24 إلى 28 أكتوبر: "علينا أن نسعى جاهدين نحو الوحدة، ليس فقط كوحدة روحية، بل كوحدة منظورة بين الكنائس والمسيحيين." مؤتمر تاريخي في أرض الرهبنة المصرية يُعقد هذا المؤتمر العالمي لأول مرة خارج أوروبا وأميركا الشمالية، ويشارك فيه نحو 400 شخصية كنسية ولاهوتية من مختلف أنحاء العالم. ويأتي اختيار وادي النطرون – الواقع بين القاهرة والإسكندرية وقريب من دير القديس الأنبا بيشوي الأثري – لما يمثّله من عمق روحي وتاريخي يعكس تراث الكنيسة الأولى. القس ديتريش وصفت الموقع بأنه "مكان فريد يعبق بروحانية آباء الصحراء، ويذكّرنا بجذور الإيمان المشترك الذي جمع الكنيسة منذ قرون." ويُعقد المؤتمر تحت شعار: «إلى أين تتجه وحدة الكنيسة المنظورة؟»، في سياق تذكاري خاص بمرور 1700 عام على انعقاد مجمع نيقية الأول عام 325م، الذي أقرّ لأول مرة قانون الإيمان المسيحي الجامع. من نيقية إلى وادي النطرون: استمرارية في البحث عن الوحدة تُعد مؤتمرات "الإيمان والنظام" من أبرز محطات الحركة المسكونية منذ عام 1927، إذ تعمل على تقييم مسيرة الحوار اللاهوتي بين الكنائس ووضع رؤى مستقبلية للعمل المشترك. وكان آخر مؤتمر قد عُقد في سانتياغو دي كومبوستيلا بإسبانيا عام 1993، أما المؤتمر الحالي فيُنتظر أن يشكّل نقطة تحول في مسيرة التعاون المسكوني العالمي. الدكتور أندريه يِفتِتش، مدير لجنة الإيمان والنظام، وصف الحدث بأنه "لحظة فارقة في تاريخ الحركة المسكونية"، مضيفًا: "أهمية هذا المؤتمر أنه يعيد موضوع الوحدة المنظورة إلى قلب الحركة المسكونية، فهي جوهر ما يمثّله مجلس الكنائس العالمي كجماعة شركاء في الإيمان." ديتريش: لسنا في شتاء مسكوني بل بين خريفٍ وربيعٍ جديد رفضت ديتريش وصف بعض المراقبين للحركة المسكونية بأنها تمر ب"شتاء روحي"، قائلة: "نحن نعيش مزيجًا بين الخريف والربيع؛ خريف نحصد فيه ثمار عقود من الحوارات اللاهوتية، وربيع جديد ينبض برغبة متجددة في البحث عن الوحدة المنظورة، خاصة في مجالات الإيمان والنظام الكنسي." كما أشارت إلى أن غالبية المسيحيين اليوم يعيشون في الجنوب العالمي، مؤكدة أن لجنة الإيمان والنظام "وسّعت مائدتها لتشمل جميع الأصوات، خاصة تلك القادمة من إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية." نحو رؤية شاملة للكنيسة الجامعة وأشاد يِفتِتش بجهود اللجنة السابقة في تطوير رؤية عالمية متكاملة للكنيسة، تشمل الحوار مع التيارات الإنجيلية والخمسينية، مؤكدًا أن هذه الانفتاحات "تمثّل اختراقًا مهمًا في فهم الكنيسة لذاتها ورسالتها في عالم متعدد ومتغيّر." ديتريش أوضحت أن البحث عن الوحدة المنظورة لا يقتصر على التفاهم العقائدي، بل يشمل "أسلوب الحياة المشتركة، والشهادة المشتركة، والإيمان المشترك، والعيش المشترك في عالمنا المعاصر." وختمت بقولها: "نأمل أن يُلهم الروح القدس هذا المؤتمر ليقودنا نحو وحدة أعمق وأوسع، تتجذر في الصلاة والإيمان الذي ظلّ نابضًا في هذه الأرض المقدسة منذ نحو ألفي عام." وحدة تُبنى على الصلاة والشهادة المشتركة بهذه الروح، يُنتظر أن يشكّل مؤتمر وادي النطرون علامة فارقة في مسيرة الكنائس نحو تحقيق وحدة منظورة تُترجم في الواقع والشهادة، مستلهمة من تقليد نيقية العريق، ومن روح الرهبنة المصرية التي ما زالت تشعّ نورًا في الصحراء منذ القرون الأولى للمسيحية.