سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد عامين من اندلاع الحرب في غزة.. الصحة العالمية: 7 مليارات دولار لإعادة بناء القطاع الصحي.. و"بلخي": بصيص أمل لنهاية الأزمة وإنقاذ السكان من المجاعة واليأس
بعد مرور عامين على اندلاع الحرب في قطاع غزة، تتواصل المعاناة الإنسانية والصحية للسكان، الذين يواجهون تحديات هائلة جراء تدمير البنية التحتية الطبية ونقص الإمدادات الأساسية. وفي إطار الجهود الدولية للتعامل مع الأزمة، عقدت منظمة الصحة العالمية مؤتمرًا صحفيًا لإلقاء الضوء على الأوضاع الإقليمية في شرق المتوسط، مع التركيز على غزة، وكشفت خلاله عن خطط عاجلة لإعادة بناء النظام الصحي المتضرر، واستعادة الخدمات الأساسية، وتأمين المساعدات الإنسانية، في محاولة لإنقاذ السكان من المجاعة واليأس، وإعادة الأمل والاستقرار إلى حياتهم. مسار إيجابي لإنهاء المأساة في غزة وقالت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، خلال المؤتمر الصحفي للجنة الإقليمية الثانية والسبعين: "حضرت المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن حل الدولتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي شاركت في رئاسته كل من المملكة العربية السعودية وفرنسا، وقد سلط الضوء على مسار إيجابي لإنهاء المأساة في غزة". وأضافت "بلخي" أن إحراز تقدم في مسار حل الدولتين وتحقيق الاعتراف بدولة فلسطين سيُسهم بشكل كبير في فتح ممرات إنسانية وضمان استمرار تدفق المساعدات إلى غزة، مؤكدة أملها في استمرار هذا التقدم والحفاظ على الزخم بين الدول الأعضاء لضمان تحقيق الأهداف الإنسانية والسياسية المرجوة. أمل منشود لإنقاذ أهل غزة وأكدت "بلخي" أن بعد عامين من اندلاع الحرب في غزة، ظهر أخيرًا بصيص من الأمل في قرب انتهاء الأزمة، مشيرة إلى أن توقف القتال سيُتيح بدء مرحلة جديدة لإعادة بناء النظام الصحي الممزق في القطاع، ولإنقاذ السكان من حافة المجاعة واليأس. وقالت: "منظمة الصحة العالمية تعكف على التخطيط لما بعد انتهاء الصراع، ولدينا رؤية واضحة لتحديد أين وكيف يمكننا المضي قدمًا. وسنحتاج إلى الانتقال سريعًا من الاستجابة الطارئة للأزمات إلى مرحلة التعافي وإعادة البناء، لضمان إنقاذ الأرواح واستعادة الكرامة والاستقرار والأمل". خطوات عملية نحو الإنعاش الصحي أوضحت بلخي أن بداية العملية تتطلب إعادة تشغيل المستشفيات التي تعمل جزئيًا حاليًا، حيث يعمل 14 مستشفى من أصل 36 بشكل محدود نتيجة نقص الكهرباء والمياه النظيفة والأدوية، بالإضافة إلى تضرر المعدات والبنية التحتية. وأضافت أن بعض المنشآت تعرضت للقصف، وتمت إعادة تأهيلها أكثر من مرة. كما أرسلت منظمة الصحة العالمية 17 مليون لتر من الوقود إلى المستشفيات وسيارات الإسعاف لضمان استمرار العمليات الجراحية ورعاية حديثي الولادة وسلاسل تبريد اللقاحات، لكنها شددت على أن هذا الدعم لا يزال غير كافٍ. وأكدت الحاجة الماسة لتوصيل الإمدادات الطبية الأساسية مثل المضادات الحيوية وضمادات الجروح فورًا ودون تأخير إلى جميع أنحاء القطاع. مواجهة الجوع وسوء التغذية وأشارت "بلخي" إلى أن أكثر من نصف مليون شخص يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، وأكثر من مليون شخص آخر يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، إضافة إلى أن سبعة من كل عشر نساء حوامل ومرضعات يعانين من سوء التغذية الحاد، وطفل من كل خمسة يُولد ناقص الوزن أو مبتسرًا. وأضافت أن المنظمة تدعم حاليًا مراكز الإسعاف المتبقية لعلاج الأطفال من سوء التغذية الحاد، وتسعى لفتح مراكز إسعاف جديدة، لكنها أكدت أن التعافي الدائم يتطلب إعادة بناء النظم الغذائية، واستعادة المياه النظيفة، وتعزيز خدمات الصرف الصحي كأساس للصحة العامة. وأوضحت أن من بين 176 مركزًا للرعاية الصحية الأولية في غزة، لا يزال نحو ثلثها فقط يعمل بشكل جزئي، داعية لإعادة تأهيل جميع المرافق لتقديم التلقيح وعيادات التوليد والصيدليات وخدمات الصحة النفسية. وأكدت على ضرورة توفير الحماية والدعم النفسي والاجتماعي للأطباء والممرضين، خاصة بعد وفاة أكثر من 1700 عامل صحي منذ أكتوبر 2023. تمويل إعادة بناء القطاع الصحي وأوضحت بلخي أن إعادة بناء النظام الصحي في غزة ستتطلب أكثر من 7 مليارات دولار أمريكي موزعة على الاستجابة الإنسانية والتعافي المبكر وتلبية الاحتياجات طويلة الأمد، مشددة على ضرورة أن تقدم الجهات المانحة دعمًا مرنًا يمكن التنبؤ به لسنوات، للسماح للمؤسسات الفلسطينية بقيادة عملية تعافي شاملة وشفافة ومستدامة. وأضافت أن إعادة البناء يجب أن تتم على نحو أفضل من السابق، بحيث يصبح النظام الصحي أكثر إنصافًا واستدامة وقدرة على الصمود، مع تجهيز المستشفيات بالطاقة المتجددة وتحديث شبكات المياه وأنظمة المعلومات الصحية لتتبع الأوبئة وتوجيه التخطيط. جهود ميدانية مستمرة وأكدت "بلخي" أن منظمة الصحة العالمية تظل متواجدة في الميدان بعد كل قصف وقطع للخدمات، موضحة أن المنظمة قدمت الدعم لأكثر من 22 مليون علاج وعملية جراحية، ونسقت إجلاء طبي لأكثر من 7800 مريض في حالات حرجة، وشاركت في حملات تطعيم حمت 600 ألف طفل من شلل الأطفال. وقالت: "سنواصل دعم العاملين الصحيين في غزة فور توقف القتال، من خلال استعادة الخدمات الأساسية، وتعزيز القوى العاملة الصحية، وإعادة بناء نظام رعاية قادر على الصمود ويركز على السكان". اجتماع لتحديد السياسات المستقبلية كشفت "بلخي" أن الأسبوع المقبل سيشهد اجتماعًا في القاهرة لوزراء الصحة وقادة الصحة الإقليميين للمشاركة في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، لمناقشة الأولويات العاجلة والخيارات السياسية التي ستشكل مستقبل الصحة في الإقليم. ويشمل جدول الأعمال: خطة تنفيذية استراتيجية إقليمية، ومبادرات لإتاحة الأدوية، وتعزيز القوى العاملة الصحية، وتعاطي مواد الإدمان. كما يشمل مشاريع لخفض عدد الأطفال غير المطعمين إلى النصف بحلول عام 2030، والقضاء على الحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية، ودمج الرعاية الملطفة ضمن النظم الصحية الوطنية لتغطية ملايين المرضى المحتاجين لهذه الخدمة. وأكدت بلخي أن هذه الخطوات ليست تقنية فقط، بل تمثل التزامًا سياسيًا وإنسانيًا بحق كل طفل ومريض في الصحة والحماية والكرامة.