«الصحة العالمية»: إعادة بناء النظام الصحي في غزة تتطلب استثمارات تتجاوز 7 مليارات دولار

أكدت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن المنظمة تعمل على وضع خطة شاملة لإعادة بناء النظام الصحي في قطاع غزة فور توقف الصراع، مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة ستتطلب الانتقال السريع من الاستجابة للأزمات إلى التعافي، حفاظًا على الأرواح واستعادة الكرامة والاستقرار والأمل لسكان القطاع.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025، قبيل انطلاق أعمال الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، والمقرر انعقادها الأسبوع المقبل في القاهرة بمشاركة وزراء الصحة وصناع القرار وقادة الصحة الإقليميين.
وقالت «بلخي» إن عامين من الحرب في غزة خلّفا نظامًا صحيًا ممزقًا وأوضاعًا إنسانية كارثية، مؤكدة أن المنظمة تمتلك الآن رؤية واضحة لمرحلة «اليوم التالي لانتهاء الصراع»، تشمل إعادة تشغيل المستشفيات، واستعادة خدمات الرعاية الصحية الأولية، ومعالجة سوء التغذية، وتدريب الكوادر الطبية الجديدة.
وأوضحت أن 14 مستشفى فقط من أصل 36 تعمل جزئيًا في غزة بسبب النقص الحاد في الكهرباء والمياه النظيفة والأدوية، فضلًا عن الأضرار الجسيمة في البنية التحتية. وأضافت أن منظمة الصحة العالمية أوصلت حتى الآن 17 مليون لتر من الوقود لضمان استمرار العمليات الجراحية والعناية بحديثي الولادة وسلاسل تبريد اللقاحات، مؤكدة الحاجة إلى مزيد من الدعم لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية دون تأخير.
وتطرقت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط إلى الأزمة الغذائية في غزة، مشيرة إلى وفاة 455 شخصًا بينهم 151 طفلًا بسبب سوء التغذية منذ يناير الماضي، بينما يعيش أكثر من نصف مليون شخص في ظروف شبيهة بالمجاعة، وأكثر من مليون آخرين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأضافت أن سبع نساء من كل عشر حوامل أو مرضعات يعانين من سوء التغذية الحاد، فيما يُولد طفل من كل خمسة ناقص الوزن أو مبتسرًا.
وشددت المديرة الإقليمية على أن إعادة بناء النظام الصحي في غزة ستتطلب استثمارات تتجاوز 7 مليارات دولار أمريكي موزعة على الاستجابة الإنسانية والتعافي المبكر والاحتياجات طويلة الأجل، داعية الجهات المانحة إلى تقديم دعم مرن ومستدام يتيح للمؤسسات الفلسطينية قيادة عملية التعافي بشفافية واستقلالية.
وأضافت أن المنظمة، التي ظلت تعمل في الميدان رغم القصف وانقطاع الخدمات، قدمت دعمًا لأكثر من 22 مليون علاج وعملية جراحية، وساهمت في إجلاء 7800 مريض في حالة حرجة، وشاركت في حملات تطعيم لحماية 600 ألف طفل من شلل الأطفال.
وعن جدول أعمال اللجنة الإقليمية الثانية والسبعين، أوضحت بلخي أن الاجتماعات ستتناول الأولويات العاجلة والإصلاحات طويلة الأجل في قطاع الصحة، استنادًا إلى الخطة التنفيذية الإقليمية والمبادرات الثلاث الخاصة بإتاحة الأدوية، والقوى العاملة الصحية، وتعاطي مواد الإدمان.
وأضافت أن الوزراء سيناقشون أربعة ملفات تقنية رئيسية تشمل خفض عدد الأطفال غير المحصنين إلى النصف بحلول عام 2030، وتوسيع خدمات الرعاية التلطيفية، وتعزيز تعافي النظم الصحية في المناطق المتأثرة بالنزاعات، إلى جانب سلامة المختبرات. كما سيُطلق خلال الدورة تشاور إقليمي حول الصحة وتغير المناخ، بهدف إعداد إطار تنفيذي إقليمي يعزز قدرة النظم الصحية على التكيف مع الكوارث المناخية.
واختتمت بلخي كلمتها بالتأكيد على التزام منظمة الصحة العالمية بدعم الدول الأعضاء لتحقيق نتائج ملموسة في مجالات الصحة والإنصاف، داعية الجميع إلى متابعة مداولات اللجنة عبر الموقع الإلكتروني للمكتب الإقليمي وقنواته على وسائل التواصل الاجتماعي.