خاضت وزارة الخارجية المصرية، على مدار الفترة الماضية معركة دبلوماسية لحشد التجمع العربي والدولي خلف المرشح المصري الدكتور خالد العناني لمنصب المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لعام 2025، وسط تنافس كبير بين ثلاثة مرشحين بارزين من دول مصر والمكسيك والكونغو. وقبل ساعات من التصويت المرتقب على منصب المدير، فإن العناني يُعد هو المرشح الأقرب، وصاحب الفرص الوفيرة، إذ يجتمع خلفه تأييد وإجماع عربي على اختياره، وهو الإجماع العربي الأول من نوعه في تاريخ الترشح لهذا المنصب الأممي، كما يحظى العناني بدعم من دولة فرنسا، إلى جانب الكتلة الأفريقية في ظل وجود منافس أفريقي آخر من دولة الكونغو، وهو فيرمين إدوار ماتوكو، الذي عمل مساعدًا للمدير العام لليونسكو للعلاقات الخارجية. مؤهلات تتقاطع مع اليونسكو العناني، الذي تفصله خطوة واحدة عن منصب مدير اليونسكو، يتمتع بخبرة واسعة في مجالات الآثار والتراث والثقافة، وهي تتقاطع بشكل مباشر مع صلب ولاية اليونسكو، حيث تدرج في المناصب الجامعية فكان مديرا لمركز التعليم المفتوح بجامعة حلوان سابقًا، ورئيسًا قسم الإرشاد السياحي ووكيل كلية السياحة والفنادق، وعضوًا مجالس أمناء الجامعة الفرنسية في مصر، وجامعات أخرى بالقاهرة، عمل أستاذا زائرًا بجامعة بول-فاليري ثماني مرات (2006–2023) ولديه خبرة ممتدة مع المعهد الفرنسي للآثار الشرقية (IFAO). وقد أشرف على أكثر من 30 رسالة ماجستير ودكتوراه، وشارك في لجان تحكيم بمصر وفرنسا. عمل العناني وزيرًا للآثار منذ العام 2016، ثم وزيرًا للسياحة والآثارفي الفترة (2019-2022)، وحصل على عدد من الأوسمة مثل: وسام الفنون والآداب الفرنسي درجة فارس (2015)، وسام الاستحقاق من جمهورية بولندا (2020)وسام الشمس المشرقة من اليابان (2021) ودكتوراه فخرية من جامعة Paul-Valéry Montpellier 3.، وأصبح عضوا فخريا بالجمعية الفرنسية لعلم المصريات، وعضوًا مراسلا بالمعهد الأثري الألماني. ويجري السباق على منصب مدير اليونسكو وفق آلية محددة تبدأ بمقابلات علنية للمرشحين أمام المجلس التنفيذي للمنظمة، تليها جولة اقتراع حاسمة ستُعقد في باريس في الفترة بين 1 و16 أكتوبر 2025. بعد ذلك، يرفع المجلس اسماً واحداً فقط إلى المؤتمر العام، الذي من المقرر أن ينعقد في سمرقند بأوزبكستان في نوفمبر 2025، حيث تُستكمل إجراءات التعيين النهائية. وتصف وسائل إعلام أوروبية، بينها صحيفة "لوموند"، الميدان التنافسي بأنه أضيق من الدورات السابقة، مما يعظّم من تأثير كل جولة انتخابية وكل تحالف ثنائي أو كتلة إقليمية، ويجعل كل صوت حاسماً. المرشح المصري.. فرص قوية وتحديات كثيرة دخلت القاهرة سباق اليونسكو بحملة أكثر تنسيقا وتنظيما، مستفيدة من دروس خسارتها في سباق عام 2017 أمام المديرة الحالية أودري أزولاي. وتستند قوة ترشيح خالد العناني على ثلاثة عوامل رئيسية وهي الدعم العربي والأفريقي، ودعم دولة المقر وهي فرنسا. حصل العناني على تأييد رسمي من الاتحاد الإفريقي لعامي 2024 و2025، ومن جامعة الدول العربية في مايو 2024. وتشكل هذه التأييدات مظلة تصويتية أولية مهمة وقابلة للتوسع عبر تفاهمات ثنائية. وفي خطوة تعد عنصر ترجيح مهماً، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان رسمي "دعمها الكامل" للمرشح المصري. ويحمل هذا الدعم رمزية وتأثيراً كبيراً داخل أروقة المنظمة التي يقع مقرها في باريس. تحديات حاسمة ورغم هذه الأفضلية، يواجه المرشح المصري تحديات لا يستهان بها قد تعرقل طريقه نحو الفوز، منها شبكات المنافسين الداخلية حيث يتمتع كل من راموس وماتوكو بمواقع قيادية حالية داخل اليونسكو، مما يمنحهما القدرة على حشد الدعم وتجميع كتل تصويتية متقاطعة من داخل المنظمة. وتعد جولات الاقتراع المتتابعة داخل المجلس التنفيذي حساسة للغاية، حيث يمكن أن تتغير التحالفات بسرعة بناءً على نتائج كل جولة. وقد تعيد قضايا ملحة مثل التعليم في مناطق الأزمات، وحماية التراث في النزاعات، والحوكمة الرقمية، ترتيب أولويات العواصم عند التصويت، مما قد يؤثر على حظوظ المرشحين. تشير المؤشرات الراهنة إلى وجود أفضلية نسبية لخالد العناني، لكن الحسم النهائي سيبقى رهين لحظة التصويت في أكتوبر المقبل. فطريق تحويل هذه الأرجحية إلى فوز نهائي يتطلب الحفاظ على الزخم الإفريقي والعربي، واستثمار الدعم الفرنسي بشكل فعال، والأهم من ذلك، بناء جسور تواصل وتفاهم مع الكتل الإقليمية المترددة لضمان حسم السباق.