أعرب عمرو حسين، الباحث والمحلل السياسي في العلاقات الدولية، عن قراءته لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أعلنها أمس لإنهاء الحرب الدائرة في غزة، مؤكداً أن هذه الخطة جاءت محملة بالعديد من الرسائل السياسية أكثر مما حملت من حلول عملية أو ضمانات واقعية لوقف نزيف الدم الفلسطيني. خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة وأضاف حسين خلال تصريحات له، اليوم الثلاثاء، أن توقيت طرح هذه الخطة ليس بريئا، إذ يأتي في ظل اشتداد المعارك وتصاعد الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني إنسان تحت الحصار والقصف والتجويع. ورأى أن ترامب يسعى بالأساس إلى توظيف المأساة الفلسطينية في معركته الانتخابية الداخلية، عبر الظهور بمظهر "صانع السلام القوي" الذي يملك مفاتيح الحل، في محاولة لاستمالة أصوات جماعات ضغط نافذة داخل الولاياتالمتحدة، وفي مقدمتها اللوبي المؤيد لإسرائيل. وأشار إلى أن قراءة أولية لمضمون الخطة تكشف أنها لم تحمل جديداً جوهرياً، فهي تكرار لنهج أمريكي قديم يركز على وقف القتال دون معالجة جذور الصراع، ويتجاهل الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، موضحاً أن أي مبادرة جادة يجب أن تتضمن وقفاً فورياً وشاملاً لإطلاق النار، ورفع الحصار المفروض على غزة، وفتح ممرات إنسانية آمنة ومستدامة، إلى جانب إطلاق عملية سياسية حقيقية تعترف بالحق المشروع في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وأردف حسين أن خطة ترامب بدت أقرب إلى مناورة سياسية مركبة، فهي موجهة أولاً إلى الداخل الأمريكي، لتقديم صورة المرشح الذي يمتلك حلولاً سريعة للأزمات الدولية، وثانياً إلى الحكومة الإسرائيلية بإرسال رسالة طمأنة بأنه لا يزال الضامن الأقوى لأمنها وديمومتها، وثالثاً إلى الأنظمة العربية ليؤكد أن مفتاح الحل بيده وحده إذا ما عاد إلى البيت الأبيض. القضية الفلسطينية ليست قضية مساعدات إنسانية عابرة وأوضح، أن الإشكالية الكبرى تكمن في أن هذه الطروحات تتجاهل تماماً أن القضية الفلسطينية ليست قضية مساعدات إنسانية عابرة أو تفاوضات تكتيكية، بل هي قضية تحرر وحقوق وطنية لشعب يرزح تحت الاحتلال منذ أكثر من سبعين عاماً. وبالتالي، فإن أي خطة لا تتعامل مع هذا البعد التاريخي والسياسي ستفشل، كما فشلت كل المبادرات التي حاولت الالتفاف على جوهر الصراع. وشدد حسين على أن المجتمع الدولي بات يدرك أكثر من أي وقت مضى أن استمرار العدوان الإسرائيلي وسياسة الإفلات من العقاب هي التي تغذي دوامة العنف، وأن مجرد الدعوة إلى "تهدئة مؤقتة" أو "وقف إطلاق نار مشروط" لن يكون كافياً لإرساء الاستقرار. فالحل الحقيقي يبدأ بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية. وأضاف، أن أوروبا والأمم المتحدة تتحملان مسؤولية كبرى في التعامل بحذر مع الطروحات الأمريكية، وعدم الانجرار وراء اعتبارات انتخابية داخلية في واشنطن، مشيراً إلى أن القضية الفلسطينية أثبتت أنها لا يمكن أن تكون ورقة مساومة أو مادة دعائية لمرشحين يسعون إلى حصد الأصوات على حساب دماء الأبرياء. واختتم حسين تصريحه بالتأكيد على أن خطة ترامب أمس ليست سوى محاولة لإعادة تدوير خطاب قديم، وأنها تفتقر إلى الضمانات والآليات التي تكفل تحقيق سلام عادل ودائم، وبيّن أن الفلسطينيين والعالم العربي لم يعودوا بحاجة إلى مبادرات شكلية، بل إلى إرادة دولية حقيقية تجبر إسرائيل على إنهاء الاحتلال، وتعيد الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني التي لن تسقط بالتقادم.