تتزين الأسواق في مصر والدول العربية مع اقتراب المولد النبوي بألوان زاهية من الحلوى التي تحمل عبق التراث الشعبي. وتملأ رائحة السكر المحمص والسمسم والفول السوداني أجواء الشوارع، فتخلق حالة من البهجة لا تخطئها العين، ويرتبط هذا الطقس بالذاكرة الجمعية منذ قرون طويلة، حتى صار من العلامات المميزة للاحتفال بالمولد. كما تنجح الحلوى في جمع العائلات والأصدقاء حول مائدة مليئة بالمكسرات والعسل الأسود، كما تستحضر صور عرائس السكر وأحصنة المولد التي يعشقها الأطفال، فيما تؤكد مراجع تاريخية أن تقليد حلاوة المولد له جذور ممتدة منذ العصر الفاطمي، ويجمع الاحتفال بحلاوة المولد يجمع بين البعد الديني والعادات الشعبية.
القصة وراء حلاوة مولد النبي يعود أصل حلاوة المولد إلى الدولة الفاطمية في مصر، حيث أمر الخلفاء بتوزيع الحلوى على الناس في يوم المولد لإظهار الفرح والبهجة، حيث ابتكر صانعو الحلوى أشكالًا مختلفة مثل العروسة والحصان، واستخدموا السكر لتشكيلها بألوان براقة. ويعكس هذا التراث الشعبي روح الكرم والتلاحم الاجتماعي التي كانت سائدة في تلك الفترة، ويستمر المصريون حتى اليوم في شراء الحلوى قبل المولد، معتبرين أنها جزء لا يتجزأ من الاحتفال. تستمر الصناعات اليدوية في إنتاج أصناف متنوعة من الحلوى مثل السمسمية والفولية والحمصية والملبن، بينما تدخل بعض الشركات الكبيرة لإنتاج نسخ أكثر تطورًا مع تغليف فاخر، وتعكس هذه الصناعة المزدهرة ارتباط المصريين العاطفي بالمولد، رغم التغيرات الاقتصادية والاجتماعية. يواصل الأطفال التعلق بعروسة المولد التي ترمز إلى الفرح، بينما يظل حصان المولد رمزًا للشجاعة والقوة، ويحافظ الآباء على شراء هذه الرموز لأطفالهم كنوع من إحياء الذاكرة الشعبية ونقلها إلى الأجيال الجديدة. فيما تتحول شوارع مصر إلى كرنفال شعبي مع اقتراب المولد، حيث تنصب المحلات الزينة وتعرض الحلوى في صفوف طويلة، وتنجح هذه الأجواء في إعادة شعور البهجة الجماعية، خاصة مع ترديد الأناشيد والمدائح النبوية. وتحافظ العائلات حتى اليوم على شراء حلاوة المولد كجزء أساسي من الطقس الاحتفالي، رغم تغير أشكالها وأسعارها عبر الزمن، فيختار البعض الأنواع التقليدية من السمسمية والحمصية والفولية، بينما يفضل آخرون الحلويات الحديثة التي أضيفت إلى الأسواق، وينجح هذا التنوع في تلبية مختلف الأذواق.