يعد قطاع السياحة العلاجية، أحد القطاعات الحيوية التي تسهم في دفع عجلة الاقتصادات على مستوى العالم، ويسهم في تعزيز مكانة البلاد على خريطة السياحة العالمية، وتولي الدول مزيدًا من الاهتمام بهذا القطاع يومًا تلو الآخر، نظرًا للأهمية المتزايدة عالميًا به. وفقًا لمجلة السياحة العلاجية، تم تقدير حجم سوق الرعاية الصحية في العالم ب 10 تريليونات دولار عام 2022، فيما قُدر حجم سوق السياحة العلاجية بنحو 19.3 مليار دولار لنفس العام، مع توقعات بارتفاعه ليصل 93.4 مليار دولار بحلول عام 2030. وفقًا للعديد من الأبحاث فإن السبب الرئيسي وراء تزايد الاهتمام بالسياحة العلاجية، هو ارتفاع التكلفة في العديد من البلدان، ومن ضمن أبرز مقاصد السياحة العلاجية في العالم كانت ماليزيا وسنغافورة وتايلاند، خاصة مع تصنيفات بعض هذه الدول كأفضل مقدمي الرعاية الصحية في العالم. اتجهت مصر للاهتمام بالسياحة العلاجية، وأطلقت مؤخرًا المجلس الوطني للسياحة الصحية، من أجل تدوير هذا القطاع، وتعد مصر واحدة من أبرز الدول التي يلجأ لها العديد من السائحين، ويرجع ذلك إلى الموارد الطبيعية الفريدة التي تتمتع بها مصر، مع التطور الكبير في قطاع الرعاية الصحية، فضلًا عن انخفاض التكلفة مقارنة بالدول الغربية. وأطلقت مصر العديد من المبادرات لجذب السائحين من خلال العلاج بالموارد الطبيعية التي تتميز بها الدولة، مثل المناخ والشمس، وينابيع المياه والحمامات الكبريتية والطين والرمال الساخنة، ومن الواحات البحرية إلى سيوة وأسوان تحوي مصر عشرات الينابيع والآبار التي تسهم في علاج الأمراض المختلفة، ما يجعل مصر وجهة عالمية مناسبة للسياحة العلاجية في العالم. كما تمتلك مصر العديد من المستشفيات التي تتمتع بمعايير علاجية استثنائية حسب تقرير لمركز معلومات مجلس الوزراء صدر عام 2024، بالإضافة إلى أن الدولة طورت نظم جديدة للاستشفاء بالعلاج البديل، مثل العلاج بالينابيع الكبريتية أو الرمال السوداء. ومع امتلاك كل هذه الموارد التي تضع مصر ضمن أبرز وجهات السياحة العلاجية، يجب النظر في إدارة هذا الملف باحترافية، مع مراجعة المبادرات والتجارب الناجحة التي نفذتها عدة دول، من أجل تأسيس صناعة تنافسية وجذب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية، ومن ضمن المقترحات التي عرضها مركز معلومات مجلس الوزراء للتغلب على التحديات المرتبطة بهذا القطاع، تأسيس مناطق اقتصادية متخصصة للسياحة العلاجية، وتكوين عناقيد صناعية مبتكرة لهذه السياحة، واستحداث تأشيرة دخول البلاد لغرض السياحة العلاجية والاستشفائية، وتطوير برامج سياحية تدمج بين الخدمات الصحية والأنشطة الثقافية والترفيهية، فضلًا عن توفير منصات افتراضية لتنسيق خدمات الرعاية الصحية قبل الحصول عليها وأثناءها وبعدها، ما يتيح تجربة كاملة للعميل. بما في ذلك الاستفسارات الأولية، والتنسيق مع مقدمي الخدمة، والمتابعة بعد الحصول على الخدمة، وإدماج الممارسات المستدامة والصديقة للبيئة ضمن صناعة السياحة العلاجية والاستشفائية، وهو ما نتمنى أن نراه على أرض الواقع، والاستفادة بكل ما تتمتع به مصر من موارد طبيعية تؤهلها.