الأزمات متعددة، كل أزمة تختلف عن الاخري، وتتوقف علي طبيعتها هل هي مالية مثل أزمة 2008.. أو صحية مثل جائحة كورونا.. أم جيوسياسية مثل حروب أوكرانيا والصراع بين باكستان والهند أو بين أمريكا والحوثيين أو كالعدوان االسرائيلي علي قطاع غزة وغيرها. والفهم الصحيح يساعدك تعرف وين تكون الفرص الحقيقية. ويسعى مسئولوا المالية والاقتصاد والتجارة من مختلف الدول، خاصة المتضررة من سياسة الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي الصين ويعتزم فرضها علي دول أخري كثيرة، لفهم مستقبل هذه السياسات وتأثيرها المتوقع على الاقتصاد العالمي. وبالأمس فقط خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها للنمو العالمي بشكل حاد، نتيجة زيادات الرسوم الجمركية على الدول، والتعريفات القطاعية المرتفعة على منتجات مثل الصلب والألمنيوم مؤكدة أن التعريفات الجمركية ستؤثر سلبًا على قرارات التجارة والاستثمار العالمية، مع عواقب سلبية كبيرة على نمو معظم اقتصادات مجموعة العشرين. وخفضت الوكالة توقعات نمو الاقتصاد العالمي إلى 1.9% في عام 2025 و2.3% في عام 2026، مقارنة بتوقعات فبراير، والتي توقعت تباطؤا أكثر اعتدالا إلى 2.5% هذا العام والعام المقبل. كما خفضت "موديز" توقعاتها بشكل كبير للنمو في عدد من اقتصادات مجموعة العشرين من بينها؛ كندا والمكسيك وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وأستراليا وكوريا واليابان والهند وإندونيسيا وجنوب إفريقيا. وخلال الأزمات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية وحالات الضبابية، توفر أسهم الدفاع استقرارا أكبر بفضل الطلب المستمر على منتجاتها وخدماتها الأساسية، مما يجعلها خيارا أكثر أمانا للمستثمرين الذين يتجنبون المخاطر، وفي ظل تباطؤ النمو العالمي وارتفاع التضخم، تشهد الأسواق تحولا واضحا نحو الأسهم الدفاعية، حيث يفضل المستثمرون الأمان النسبي على المخاطر العالية وعلي العكس تحقق أسهم النمو عوائد أكبر في أوقات الانتعاش الاقتصادي، لكنها تتعرض لخسائر أكبر عند التباطؤ الاقتصادي، وعند اضطراب الأسواق والتضخم المرتفع، أو التقلبات الجيوسياسية، وسيطرة حالة عدم اليقين على المشهد الاقتصادي، مثلما يحدث الان في أسواق العالم بعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما تجارية علي عشرات الدول ما هوي بالأسهم يجد المستثمرون أنفسهم مضطرين إلى إعادة تقييم محافظهم الاستثمارية، والاختيار بين البحث عن الأمان في الأسهم الدفاعية، أم المخاطرة مع أسهم النمو. وهناك فرق بين "الأسهم الدفاعية" و"أسهم قطاع الدفاع"، الذي يشير لأسهم في شركات تصنع الأسلحة، والذخيرة الحربية، والطائرات المقاتلة والموجودة في أمريكا وبريطانيا. والأسهم الدفاعية تتمثل في قطاعات الرعاية الصحية والأدوية والشركات الغذائية ومواد البناء والمرافق العامة، مثل الكهرباء والمياه، والمستلزمات المنزلية الأساسية، وبعض شركات المقاولات المتخصصة في التطوير السكني وقطاع السلع النفيسة كالذهب والخدمات والبتروكيماويات.. وهي شركات تقدم منتجات أو خدمات أساسية يحتاجها المستهلكون بغض النظر عن الظروف الاقتصادية وهي تحقق أرباحا مستقرة، ومنتظمة، ويتميز بأداء مستقر نسبيا بغض النظر عن الوضع الاقتصادي الحالي وهو أقل عرضة للدورة الاقتصادية من توسعات وكساد لأن الطلب على منتجات هذه الشركات يظل ثابتا حتى خلال فترات الركود أو الأزمات فهي شركات تقدم منتجات أو خدمات ضرورية ويستمر الطلب عليها بغض النظر عن حالة الاقتصاد.. أما أسهم النمو أو الأسهم الدورية فهي الأسهم التي تتأثر بشكل كبير بالتقلبات في الدورة الاقتصادية أي أنها ترتفع وتنخفض بناءا على الحالة الاقتصادية العامة وعادة، تنمو هذه الشركات وتحقق أرباحا كبيرة خلال فترات النمو الاقتصادي، بينما تعاني وتتراجع أرباحها خلال فترات الركود أو التباطؤ الاقتصادي. وهي تشمل قطاعات الاتصالات والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، والسلع الاستهلاكية غير الأساسية، كالمطاعم والسلع الفاخرة وغيرها والتي تحمل مخاطر كبيرة خلال فترات الركود حيث يؤجل المستهلكين خلال الأزمات الاقتصادية، تأجيل شراء هذه المنتجات ما يؤثر سلبًا على الشركات في هذه المجالات. لذا، فإن الاستثمار في هذه الشركات يحمل مخاطر كبيرة... فخلال هذه الفترة يضيف المستثمرون أسهما دفاعية إلى محافظهم الاستثمارية وهي تحقق أداء جيدا رغم التباطؤ الاقتصادي فخلال وباء كورونا عام 2020 انخفضت مؤشرات النمو وبقيت الأسهم الدفاعية ملاذا آمنا للمستثمرين الخائفين فالأسهم الدفاعية ثابتة ويكون أداؤها أفضل من أداء السوق عموما في اوقات الضبابية الاقتصادية ولكن خلال فترات التوسع، يكون أداؤها أدنى من أداء السوق. والأسهم الدفاعية تلعب دورا مهما لتحقيق التوازن وتقليل المخاطر ومقاومة التقلبات السلبية خلال الفترات الاقتصادية الصعبة وحماية المحافظ الاستثمارية أثناء الأزمات، ما يجعلها خيارا مثاليا للمستثمرين للأمان والاستقرارفهي رمانة الميزان لتحقيق محفظة متوازنة وبعيدة عن المخاطرة وتجاوز الأوقات الضبابية، والحفاظ على رأس المال مع توفير تدفق دخل ثابت لذا أتوقع عودة الزخم للأسهم الدفاعية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب مع حرص المستثمرين على التحوط المالي، وفي ظل الاتجاه صراع الفائدة بين ترامب والفيدرالي الأمريكي، وفي الوقت الذي لا تزال فيه عديد من الأزمات مشتعلة كالحرب في أوكرانياوغزة والتوترات في البحر الأحمر وتهديد سلاسل التوريد فضلا عن تذبذب أسعار النفط في ظل توقعات بتراجع مؤشر الدولار، وبالتالي تصبح الأسهم ملاذا آمنا للاستثمارات. ومنذ عام 2022 دفعت التقلبات الكبرى التي شهدتها أسواق المال المستثمرين إلى زيادة اقتناص الأسهم الدفاعية إلى محافظهم بهدف جني أرباح بطريقة متوازنة فالأسهم الدفاعية فرصة بديلة وسط الخسائر لأسهم قطاع التكنولوجيا. وسيطر الخوف والهلع على الأسواق المالية بسبب تمسك ترامب بالرسوم الجمركية على بقية دول العالم، وعلى وقع الرسوم الجمركية التي كشف عنها ترامب رسميًا خلال "يوم التحرير التجاري"، وهو اجراء غير مسبوق منذ ثلاثينات القرن العشرين، تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوى في أكثر من 3 سنوات وتستمر خسائر الأسهم العالمية، لترتفع عن إلى 10 تريليونات دولار وتتجه الأسهم الأمريكية نحو تسجيل أسوأ خسائر في 3 أيام منذ عام 1987، مع تزايد المخاوف بشأن الركود التضخمي والتقلبات، وبيع المستثمرون السندات طويلة الأجل وحذرت كريستالينا جورجييفا مديرة صندوق النقد الدولي من أن الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها ترامب تشكل "خطرا كبيرا" على الاقتصاد العالمي ما يعيد للأذهان الأزمة المالية العالمية التي حدثت في عام 2008، والتي شهدت انهيار البورصات وتدهور النظام المصرفي، وانخفضت أسواق الأسهم الرئيسية في العالم بنسب وصلت الي 50%. ودفعت المخاوف المتزايدة بشأن الحرب التجارية العالمية بين أمريكا وشركائها التجاريين الرئيسيين إلى زيادة الطلب على أصول الملاذ الآمن.. وكشفت تقارير اقتصادية حديثة، أن التعريفات الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أسهمت في تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، حيث انكمش بمعدل سنوي قدره 0.3% خلال الربع الأول من العام، مقارنة بنمو قدره 2.4% في الربع الرابع من العام السابق، وهو أول انكماش في الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2022، مدفوعا بزيادة غير مسبوقة في الواردات، بعد أن سارعت الشركات إلى استيراد كمية كبيرة من السلع تحسبا للحرب التجارية التي أطلقها ترامب، وتسبب هذا التخزين المفرط للسلع في تراجع النشاط الاقتصادي، ما ساهم في انكماش الاقتصاد. وتتوقع "موديز" أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى انخفاض النمو الأمريكي بنسبة 1% على الأقل، كما سترفع الأسعار بشكل كبير على المستهلكين والشركات الأمريكية.