تأثير الحرب التجارية على أسعار الذهب والاقتصاد العالمي

شهدت أسواق الذهب العالمية ارتفاعًا قياسيًا في الأسعار يوم الإثنين، حيث سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق، وهذا الارتفاع جاء مدعومًا بتدفقات كبيرة نحو الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا، وذلك في ظل تزايد المخاوف من ارتفاع التضخم وتأثيرات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وكل من الصين وكندا والمكسيك.
التأثيرات الاقتصادية:
في مايو 2018، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسومًا جمركية على مجموعة من السلع المستوردة من كندا والمكسيك والصين.
وبلغت الرسوم 25% على الواردات من كندا والمكسيك، و10% على السلع الصينية، وهذه الرسوم أثارت قلقًا عالميًا حول تداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي، حيث يعتقد العديد من المحللين الاقتصاديين أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى زيادة التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي.
في هذا السياق، قال فيليب ستريبل، كبير استراتيجيي السوق في 'بلو لاين فيوتشرز': 'الأمر يتعلق بتداعيات هذه الرسوم الجمركية... الكثيرون يعتقدون أنها قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وتؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي بسبب التكاليف الإضافية، مما قد يخلق بيئة أقرب إلى الركود التضخمي.'
الحرب التجارية وتأثيرها على الذهب:
عادة ما يُنظر إلى الذهب على أنه استثمار آمن في أوقات الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية. في وقت الحرب التجارية، يتزايد الإقبال على الذهب من قبل المستثمرين الذين يسعون لحماية رؤوس أموالهم من التقلبات الاقتصادية المحتملة.
وقد أثارت الرسوم الجمركية مخاوف من اندلاع حرب تجارية شاملة قد تبطئ النمو الاقتصادي العالمي وتغذي التضخم، ما دفع أسعار الذهب للارتفاع بشكل ملحوظ.
ردود الفعل العالمية:
ردًا على الرسوم الجمركية، اتخذت كندا والمكسيك إجراءات انتقامية، حيث فرضت كل منهما رسوماً على سلع أميركية.
من جانبها، صرحت الصين بأنها ستطعن في هذه الرسوم أمام منظمة التجارة العالمية وستتخذ تدابير مضادة غير محددة.
تحليل السوق:
بحسب بارت ميليك، رئيس استراتيجيات السلع في 'تي دي سيكيوريتيز'، فإن السوق لم يقتنع بعد تمامًا بحجم تأثير هذه الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي.
وأضاف: 'لم نشهد بعد استجابة كاملة من الذهب، وإذا استمرت هذه الحرب التجارية لفترة طويلة، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار الذهب مستقبلاً.'
الذهب كملاذ آمن:
لطالما اعتُبر الذهب أداة للحماية ضد التضخم والأزمات الاقتصادية، ففي أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي، يلجأ المستثمرون إلى الذهب لاحتفاظ القيمة، خاصة عندما تتصاعد المخاوف من التباطؤ الاقتصادي أو الحرب التجارية. حيث من المتوقع أن يؤدي استمرار الحرب التجارية إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية العالمية، ما قد يزيد من الطلب على الذهب.
التوقعات المستقبلية:
قال مصرف 'جي بي مورجان' إنه من الممكن أن يتأثر الذهب سلبًا على المدى القريب بسبب تراجع أسواق الأسهم، لكن في الوقت ذاته، فإن استمرار الرسوم الجمركية والقلق الاقتصادي الناتج عنها يشكل عاملًا إيجابيًا للذهب على المدى المتوسط. من المتوقع أن تستمر أسعار الذهب في الارتفاع ما دام الوضع الاقتصادي والجيوسياسي غير مستقر.
ويتضح أن الحرب التجارية وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي تشكل تحديًا كبيرًا، ومن المحتمل أن تستمر في التأثير على أسواق الذهب بشكل إيجابي على المدى المتوسط، وإذا استمر النزاع التجاري لفترة أطول، فإن أسعار الذهب قد تشهد ارتفاعات أخرى مع زيادة المخاوف من الركود التضخمي.