لا تزال الحركات النازية واليمينية المتطرفة في أوروبا تنتشر منذ أواخر العقد الماضي، وتؤثر في ثقافات وسياسات تلك الدول من معاداة للمهاجرين، والتمسك بفكرة الدولة بعيدا عن التكامل والاتحاد بين الدول، الاحتقان الداخلي بين المجتمعات الأصلية والمهاجرين. بدأت الأحزاب اليمينية تزدهر في الوقت الذي ازداد فيه الركود الاقتصادي، وتزايدت معدلات الجريمة، حيث نجد حزب "الجبهة القومية" بقيادة مارينا لوبين في فرنسا، وحزب "الفنلنديين الحقيقيين" الذي حصل على 20% من أصوات الناخبين، و"حزب الشعب" الدانماركي 12%، وحزب "الفجر الذهبي" اليوناني الذي احتل ثالث أفضل تيار سياسي تمثيلا في البرلمان اليوناني. في هولندا أصبح حزب الحرية الهولندي أكبر ثالث قوة سياسية في البرلمان، وذلك بعد مرور 6 سنوات على إنشائه، وبات لليمين المتطرف ممثلون في برلمانات سلوفاكيا والنمسا وبلغاريا والدنمارك، وكذلك البرلمان الأوربي نفسه. ويتوحد العنصريون والفاشيون عادة ضد "عدو أسطوري" يتم شيطنته، وإثارة الكراهية ضده، وقد كان هذا العدو "اليهود" في بداية ومنتصف القرن العشرين، ثم تم استبداله بالإسلاموفوبيا. تقول مؤسسة اكسبو المكافحة للعنصرية في السويد أن نشاطات التجمعات النازية زادت في الأعوام الأخيرة، ووصلت إلى "أكبر تفعيل للنازية في السويد منذ الحرب العالمية الثانية"، وتتمثل تلك النشاطات في توزيع منشورات، وأفيشات، وملصقات، وتنظيم تظاهرات ومسيرات تهدف إلى نشر رسالة سياسية، وأحداث عنف ضد السكان المعادين لفكرتهم. ووفقا للموقع الرسمي لإذاعة السويد النسخة العربية فإن عدد المنظمات النازية وصل إلى 40 منظمة منذ نحو 5 سنوات، وانخفض في الآونة الأخيرة إلى حزبين نازييين "حزب السويديين" و"حركة المقاومة السويدية"، ويذكر أن جهاز الأمن السويدي سابو يرى أن تلك الحركتين تؤمن بضرورة استخدام العنف والثورة للوصول إلى السلطة. ويرى مراقبون أن ما يجمع الأحزاب النازية واليمينية المتطرفة في أوربا اتفاقها على معاداة الأجانب والمهاجرين، وعلى معارضتها فكرة الاتحاد الأوربي، تنوعت أسباب صعود الحركات النازية المتطرفة في أوربا، ما بين اجتماعية وثقافية واقتصادية. ويلعب العامل الاقتصادي دورا كبيرا في تأجيج نار الحركات المتطرفة، حيث انخفضت مستويات المعيشية في القارة الأوربية مقارنة بالأجيال السابقة، مما خلق تنظيمات غير شرعية مثل المافيا والحركات الراديكالية، خاصة أن بعضها توفر شبكة أمان اجتماعية وتشبع طموحات فردية لمواطني تلك الدول. ويرجح بعض الباحثين صعود اليمين المتطرف والنازي في أوربا إلى غياب الاتحاد السوفييتي وانحسار أثر الحركات اليسارية، التي كانت قادرة على تعبئة الغضب الشعبي لنيل استحقاقات اقتصادية واجتماعية، مما فتح المجال للنازيين والمتعصبين في استغلال السخط الاجتماعي، وتوجيه ما يخدم أفكارها. واليونان هي أقوى مثال على ذلك حيث تراجع الاقتصاد 20%، وارتفعت معدلات البطالة إلى ما يفوق 27%، وبين الشباب فاقت 60%، مما أنعش الأحزاب السياسية النازية، الذي ارتفعت شعبيته في شرق أوربا وجنوبها عامة من 0.1% من التصويت الانتخابي عام 1994 إلى نسبة وصلت إلى 12% في إبريل الماضي.