رحل الإعلامي محمود سلطان، أحد رواد جيل الوسط من إعلاميي الإذاعة والتلفزيون المصري، الذي يعد من الرعيل الأول للمذيعين الذين ارتبط اسمهم بعديد من البرامج التى يعرفها المشاهدون بمجرد سماع صوته المميز الذي ينتظره المشاهدون وارتبط بهم لعدة سنوات. لقد ارتبط اسم سلطان، ولسنوات طويلة، بواحد من أشهر وأقدم البرامج التسجيلية على شاشة التليفزيون المصري، وهو "عالم الحيوان"، كما كان من بين أول فريق اشترك في تقديم "صباح الخير يا مصر" الذي كان أول برنامج "توك شو" إخباري في التلفزيون. ما زالت نبرة صوته تترك بصمة في القلوب كمعلق على أشهر برامج التليفزيون المصري لأكثر من عشرين عاما وهو برنامج "عالم الحيوان" ليرحل في صمت بعد صراع طويل مع المرض ويودع أجيال من تلاميذه ويترك ذكراه العطرة لتملأ الساحة الإعلامية التي تدمع حزنًا على فراقه. ولد الإعلامي محمود سلطان في 15 نوفمبر 1940 بمدينة القناطر الخيرية، بين أحضان الطبيعة، والتحق بمدارس القناطر الخيرية حتى المرحلة الثانوية، وانتقل بعدها إلى القاهرة ليدرس بالجامعة حيث التحق بكلية الآداب قسم تاريخ، التي تخرج فيها عام 1965، لكن حلمه أن يكون مذيعاً كان يراوده طوال الوقت وظل يبحث عنه حتى انضم إلى البرنامج الإذاعي الموجه عام 1966. ثم انتقل إلى إذاعة "صوت العرب" كمذيع لنشرة الأخبار، ومقدم للبرامج الخاصة السياسية، والثقافية، ثم انتقل إلى التليفزيون، وظل يواصل عمله بإذاعة "صوت العرب" وعاصر خلال فترة عمله أحداث كثيرة جعلت اسمه يتردد بكثرة عند رجل الشارع، أشهرها حفل إعادة افتتاح قناة السويس للملاحة، وهو الحفل الذي حضره الرئيس محمد أنور السادات، وكذلك شارك في متابعة ونقل العديد من الأحداث المهمة داخل وخارج مصر عبر شاشات التليفزيون المصري، حتى تربع على عرش المشاهير من نجوم الإعلام المرئي والمسموع وقررت إذاعة "بي بي سي" أن تضمه إليها وسافر إلى لندن عام 1989 ليعمل فيها ليترك بصمة كبيرة وخبرة توارثتها الأجيال. وظل طوال السنوات الأخيرة يرفض العمل كمذيع، سواء في التليفزيون المصري أو القنوات الخاصة، ويصر على تدريب أجيال من المذيعين والمذيعات في العديد من القنوات التليفزيونية، حاز على العديد من الجوائز خلال مشواره الإعلامي، كان أبرزها "وسام سيناء" الذي حصل عليه تقديرا لعمله على جبهة القتال في الاستنزاف، وحرب أكتوبر، ورشحته جماعة "الإعلاميين الأحرار" في ماسبيرو لعضوية مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون لإنقاذ ماسبيرو، إلا أن المرض لم يمنح له الفرصة. لقد غيب الموت محمود سلطان بجسده، لكن صوته وبرامجه ما زالت تذكرنا أن هناك مذيعا يحترم عقلية المشاهين، حيث الإلقاء الأنيق السليم، والصوت العميق الرخيم، ربما أهدأ إيقاعًا، لكنه الأرفق بأعصابنا.