بعد حالة من الجدل والاشاعات والتقارير مختلفة المصادر حول مستقبل الجنيه مقابل الدولار وتحرير سعر الصرف أو ما يعرف ب"التعويم" حسم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأمر حول مصير وجود تعويم جديد في سعر الدولار مقابل الجنيه، خلال الفترة المقبلة حيث قال بالأمس في مؤتمر صحفي على هامش افتتاح عدد من مشروعات "حياة كريمة" بقرية الأبعادية في محافظة البحيرة والمؤتمر الوطني للشباب المقام حاليا بالإسكندرية: إن تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار لو هيأثر على المصريين بلاش.. حتى لو هيتعارض مع مطالب صندوق النقد. لكن الرئيس أشار أيضا الي أمور مهمة وهي أن الدولة لن تتحرك إلى الأمام إلا بتقليل فجوة الاستيراد والدولار قائلا إن مصر تحتاج متطلبات بنحو 90 مليار دولار سنويا من أجل شراء احتياجات المواطنين من الخارج. وأشار الرئيس السيسي إلى أن مصر قامت بتثبيت سعر صرف الدولار مقابل الجنيه عبر إيداع الدولار في السوق والتدخل في سعر الصرف، ثم الحفاظ على قيمة الجنيه لأنها تتعلق بحياة المواطنين والأمن القومي. وفي رأيي فان الحل الأمثل والقطعي لازمة الدولار في مصر هو زيادة الصادرات وتقليل الواردات وزيادة دخل قناة السويس والسياحة والاستثمار وكذلك تحويلات المصريين بالخارج لتحقيق موارد دولارية ضخمة تمكن البلاد من سداد التزاماتها الدولية وتقلل الضغط علي الجنيه مقابل الدولار. وعلي المضاربين في الدولار النظر لمستقبل بلدهم وأمنه القومي وكذلك علي التجار الجشعين ومحتكري السلع أن يتقوا الله في المواطنين والمستهلكين، ويجب إيجاد حلول سريعة لتوطين الصناعة، والاستفادة من عائدها في تنمية معدلات الصادرات المصرية، وحل التحديات التي تواجهها خاصة التمويل وتدريب وتأهيل العمالة، وتحديث الخريطة الصناعية، عبر تحديد أولويات الصادرات، وإتاحة حوافز للاستثمار، والتوسع في الإعفاء الضريبي والحافز التصديري، بما يساعد المصنعين على توفير النفقات فالصناعة هي قاطرة الانتاج وزيادة الصادرات وجذب عملة صعبة. وعلينا أيضا توطين الصناعة بمصر وخاصة الصناعات كثيفة العمالة والكبري وإعادة إحياء الصناعات المختلفة وتقليل الاعتماد على الاستيراد فى ظل الأزمات العالمية الكبرى، والاستثمار في جذب السياح إلى مصر، لأن قطاع السياحة الأسرع والأكثر قوة لدعم الاقتصاد. وكما هو معروف تأثر الاقتصاد المصري بالتداعيات السلبية العالمية التي خلفتها جائحة كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا، والعقوبات الغربية علي روسيا وتضرر سلاسل الامداد وارتفاع تكاليف الشحن والطاقة والغذاء وتآكل الإيرادات التقليدية من السياحة والصادرات، وتراجع حجم الاستثمارات المباشرة وتخارج نظيرتها غير المباشرة (الأموال الساخنة)، ما قفز بحجم الديون الخارجية إلى مستوي كبير وهو ما ألقى بظلاله على البورصة. ولابد من وضع خطة استراتيجية للعمل على خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى وإطالة أجل السداد، والاستمرار فى تحقيق فائض أولى لتعزيز قدرة الدولة على سداد التزاماتها، وتوسيع قاعدة الملكية والتخارج الحكومي من خلال تبنى الطرح بالبورصة وزيادة رأس المال، وإصلاح منظومة التعاونيات والاتحادات المرتبطة بالنشاط الزراعى من خلال إصلاح هيكلى ومؤسسى ومالى وإدارى بما يدعم قدرتها على القيام بدور أكبر فى ملف الأمن الغذائى. ويجب تعزيز النمو الإقتصادي، والحد من الإنفاق الحكومي، وزيادة الضرائب على المستثمرين، بما يعرف بالضرائب التصاعدية، فعجز الموازنة، يعرف بالرصيد السالب للميزانية العامة للدولة والناتج، بزيادة النفقات عن الإيرادات مما يضطر الدولة إلى اللجوء إلى الإقتراض، والذي يؤدي بدوره بالتالي إلى تزايد الدين وعلينا تعزيز الثقة في الأعمال التجارية، بتوحيد القوانين المتعلقة بالاستثمار، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار اقتصاديا وماليا وإداريا وتشريعيا، والترشيد الحكومي للمصروفات غير الضرورية، وترشيد الاستهلاك في جميع القطاعات، والتركيز على مشروعات تنموية تحمل فائدة اقتصادية وتساهم في رفع معدلات النمو. ولاننسي الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فهي كلمة السر في تنمية الإقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن الإجتماعي، وتوفير فرص العمل، والحد من الفقر والبطالة، وانقاذ الجنيه من موجة الهبوط أمام الدولار وهذه المشروعات تعمل علي تحقيق طموحات الشباب، وتمكينهم من مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، خاصة أنها لا تحتاج لرأسمال كبير، فالمشروعات الصغيرة في الولاياتالمتحدة، تشكل 97% من اجمالي المشروعات، وتساهم في حوالي 34% من ناتج القومي الإجمالي الامريكي، وتساهم في خلق 58% من اجمالي فرص العمل المتاحة في امريكا، وفي كندا تساهم في توفير 33% وفي اليابان 55.7% والفلبين 74% واندونسيا 88 % وكوريا الجنوبية 35% والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، تعد عصب الاقتصاد الوطني كونها المشغل الأكبر للأيدي العاملة، وتسهم في زيادة إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم المتحققة من المنتجات التي تصنعها، وهي لا تحتاج الى رأسمال كبير. وعلينا تيسير تأسيس هذه المشاريع وتوفير الدعم المادي حتى تتمكن من توسيع نطاق عملها، فأهم العقبات أمام هذه المشروعات هي صعوبة التمويل وإجراءاته، اضافة الى ارتفاع كلف الإنتاج والطاقة، وقلة وجود الدعم المجتمعي لها. وهنا نشير الي تحسن في مدخلات النقد الأجنبي للبلاد، بعد زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع الصادرات وعوائد القطاع السياحي وقناة السويس والاستثمارات المباشرة وارتفاع معدل نمو الصادرات المصرية بنسبة 53.1 % خلال العام المالي 2021-2022 لتسجل 43.9 مليار دولار وارتفعت إيرادات السياحة بنسبة 121.1 % لتصل إلى 10.7 مليارات دولار، وكذلك عائدات قناة السويس التي بلغت نحو 8 مليارات دولار في الفترة نفسها كما ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلى ما يقارب 9 مليارات دولار.