تناول كتاب الصحف المصرية في مقالاتهم اليوم/الاثنين/ عددا من القضايا الداخلية والخارجية من بينها مسألة الإهمال الطبي والفساد ، وقمة الكويت العربية والأزمتين السورية والأوكرانية. وقال الكاتب عماد الدين حسين فى مقاله بصحيفة "الشروق" تحت عنوان "نادين شمس.. الموت عبثا" إلى أن خبر موت المؤلفة نادين شمس بسبب الإهمال الطبى، ليس جديدا ولا يثير غيرة أى شخص فى مصر لأنه يتكرر كثيرا من دون أن يتم معاقبة المهمل، متسائلا هل المشكلة فى الطبيب الذى أخطأ أم فى المنظومة بأكملها؟، موضحا أنه لا يقصد فقط المنظومة الطبية، ولكن كل منظومة حياتنا بلا استثناء. وأشار الكاتب إلي ان نادين دخلت قبل أيام مستشفى استثماري كبير، حيث أجريت لها عملية لإزالة ورم فى الرحم، لكن الذى حدث طبقا لأصدقاء نادين فإن هناك خطأ طبيا أدى إلى إحداث ثقب كبير فى القولون قاد إلى إحداث عملية تسمم بالدم أدت إلى توقف كل الوظائف الحيوية للجسم، مشيرا إلى أن أصدقاء نادين حاولوا بشتى الطرق نقلها إلى مستشفى آخر بعد أن يئسوا من المستشفى وتشاءموا منه، إلا أن إرادة الله سبقت الجميع واستردت الوديعة، وهكذا ماتت نادين فجر أول أمس". ونبه غلي أن حال الصحة فى مصر كارثى ويحتاج إلى ثورة حقيقية، مشددا على أن التحدى الحقيقى أمام مصر ورئيسها القادم هو القدرة على النهوض بالتعليم والصحة ووقف إندفاعنا نحو الكارثة المحققة. ومن جانبه، رأى الأستاذ فهمي هويدي فى مقاله بصحيفة "الشروق" تحت عنوان "يسألونك عن الفساد" - أن أجراس الحرب على الفساد فى مصر التى جدد إطلاقها رئيس جهاز المحاسبات فى الأسبوع الماضى لم تجد الصدى الذى تستحقه رغم خطورتها، مستثنيا من ذلك بعض التعليقات المعدودة. وأشار هويدى إلى أنه فى هذا الصدد يرغب فى توضيح بعض النقاط، أولها أن مؤسسة الفساد فى مصر أكبر وأقوى مما نتصور، ذلك أن نموها وتشعب أطرافها وتعدد مصالحها طوال 40 سنة على الأقل فرض لها كيانا له أقدامه الراسخة وجذوره العميقة، كما أن الرجل أصبح يخاطب الإعلام محاولا وضع الحقائق أمام الرأى العام، بعدما أدرك أن مخاطبته لأجهزة الدولة لم تحقق النتائج التى يرجوها. وقال "إن إحدى المشكلات التى تعترض المعركة ضد مؤسسة الفساد أن أطرافها من كبار الموظفين والمسئولين فى الدولة، والذين يفترض فيهم حماية المال العام والتصدى لأى عدوان عليه، لافتا إلى أن المشكلة ليست مقصورة على العدوان الذى تمارسه الفئات المتميزة فى المجتمع، وإنما فى أن لها وجها آخر يتمثل فى أن هؤلاء بأدائهم يقدمون نموذجا يحتذيه الآخرون، الأمر الذى يعنى أنهم لا يمارسون الفساد فحسب وإنما يشيعونه بين الناس أيضا". وأضاف هويدى: "لا نستطيع أن نفصل بين ضلوع شرائح واسعة من نخب المجتمع وفئاته المتميزة فى الفساد وبين غياب الرقابة والمحاسبة فى مصر، موضحا أنه لا يريد التقليل من شأن الجهد الذى يبذله جهاز المحاسبات، مؤكدا أن مكافحة الفساد ينبغى أن تكون سياسة الدولة وليست مهمة أى جهاز رقابى بمفرده". ومن جانبه تحدث الكاتب أحمد السيد النجار فى مقاله بصحيفة "الأهرام" تحت عنوان "الرئيس القادم في مواجهة خطايا عصر مبارك" عن أنه على الرغم من طول الفترة التي استغرقتها محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك، فإنه لم يحاكم على إهدار ما بنته الأجيال والحكومات السابقة من خلال برنامج الخصخصة الفاسد، ولم يحاكم على العقود المالية والاقتصادية التي كبل بها مصر بشروط جائرة. وقال "يبدو أن مصر ستظل ولوقت طويل تدفع ثمنا باهظا لفساد عصر مبارك ولانحيازاته الفجة للرأسمالية الأجنبية، ولحفنة من المحظوظين من رجال أعماله، وللرأسمالية الطفيلية غير المنتجة، على حساب الشعب بفقرائه وطبقته الوسطى ومنتجيه الحقيقيين حتى من الرأسماليين في كل القطاعات البعيدين عن مركز النفوذ السياسي، موضحا أن الفساد في عصر مبارك لم يحدث من خلال أفعال تخترق القانون فقط، بل إن الكثير منه كان بالقانون وبقرارات وزارية وبتعاقدات ملزمة للدولة، ويتم التحكيم بشأنها محليا أو من خلال وحدة التحكيم التابعة للبنك الدولي". وأشار الكاتب إلى أنه من أبرز نتائج فساد عصر مبارك هى خسارة مصر لمعظم قضايا التحكيم الدولية، وإهدار وتدمير القطاع العام من خلال برنامج الخصخصة الذي يعد الفساد الأشد هولا على مدى التاريخ في مصر. وخلص الكاتب إلي التأكيد على أن مصر أيا كان اسم رئيسها القادم، عليها مهمة كبرى للبناء تبدأ بالخروج من صندوق مبارك وسياساته ومعاييره الفاسدة والجائرة على حقوق مصر، والمتحيزة اجتماعيا في غير مصلحة الفقراء والطبقة الوسطى، وعليها أيضا أن تبنى سياسات اقتصادية - اجتماعية قائمة على التوازن والعدل والكفاءة والمرونة لتحقيق التنمية الاقتصادية الحقيقية وتشغيل العاطلين ومكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية الكفيلة ببناء استقرار سياسي واجتماعي وأمنى قائم على التراضي والمشاركة الشعبية في التنمية وثمارها، وليس ذلك الاستقرار المزيف المبنى على القمع والإفقار والتهميش كما كان الحال قبل ثورة 25 يناير. قمة الكويت العربية: ففي عموده (بدون تردد) في صحيفة "الأخبار" قال الكاتب محمد بركات أنه في ظل ظروف بالغة الدقة وتطورات تدعو للتنبه واليقظة، تنعقد القمة العربية الخامسة والعشرون في الكويت غدا، بحضور ملوك ورؤساء الدول العربية، وسط توقعات حذرة وآمال متواضعة ، في امكانية التوصل لرؤية موحدة تجاه التحديات الخطيرة التي تواجه الأمة العربية الآن. وأضاف الكاتب :"ان العالم العربي يمر بمرحلة بالغة الأهمية حاليا، بل لعلها هي الأصعب على الإطلاق في مساره الزمني والتاريخي منذ نهاية الأربعينيات من القرن الماضي وحتى اليوم ، نظرا لما تحمله في طياتها من مخاطر الإطاحة باستقرار وأمن الأمة العربية ، وما يمكن أن تسفر عنه من تفتيت وتقسيم لهذه الأمة وإعادة رسم لخريطتها من جديد". وأوضح أن معظم الدول في العالم العربي بل أغلبها ، منكفئ على ذاته غارق في مشاكله وأزماته الداخلية الحادة ، وبعضها مشغول بصراعاته وحروبه الداخلية سعيا للسلطة وكرسي الحكم ، والبعض الآخر منهمك ومستنزف في مواجهة الهجمة الإرهابية الشرسة التي تشنها عليه عصابات العنف والقتل ، والكل غافل عما يدبر له وما يحاك له من مكائد ومؤامرات تستهدف دمار العرب جميعا. واختتم بركات مقاله " نشاهد ونتابع بكل الألم سقوط احدى الدول العربية في شباك الخطيئة، وقبولها بالتحول إلى شوكة في ظهر شقيقاتها ، بحيث أصبحت مخلب قط لتنفيذ المؤامرة الدنيئة على الأمة العربية، وما تقوم به حاليا وطوال العام الماضي من دور مشبوه في رعاية الإرهاب وتمويل عملياته الإجرامية داخل الدول العربية ، وليست هذه هي البقعة السوداء الوحيدة على خريطة العالم العربي الآن، بل هناك بقع أخرى للأسف تدعونا لكثير من التوقعات غير المتفائلة". الأزمة في أوكرانياوسوريا: وفي مقاله (نقطة نور) في صحيفة "الأهرام" أكد الكاتب مكرم محمد أحمد أنه لا يملك أى من الغريمين ، الغرب والروس ، تحويل خلافاتهم حول الأزمة الأوكرانية إلى صراع مسلح ، لان الطرفين يعرفان جيدا الثمن الباهظ لحرب عالمية ثالثة تحرص جميع الاطراف على تجنبها . وأضاف الكاتب: "لا يملك الروس رغم ضمهم لشبه جزيرة القرم القدرة على إعادة الستار الحديدي إلى دول الاتحاد السوفيتي الذي تفكك إلى أكثر من 15دولة ، معظمها يرى مستقبله فى علاقات وثيقة مع أوروبا .. ولا يملك الأمريكيون رغم قوتهم الهائلة القدرة على إخلاء القوات الروسية من قواعدها البحرية فى شبه جزيرة القرم ، لانها كانت هناك منذ انهيار الدولة العثمانية، كما لا يملك الأمريكيون أيضا إعادة تهجير سكان القرم ذوى الأصول الروسية من القرم إلى بلادهم لانهم مواطنون أوكرانيون لهم كل حقوق المواطنة". وأوضح أنه بسبب هذه المحددات على إرادات الروس والأمريكيين والأوكرانيين سوف يظل مصير الأزمة الأوكرانية محكما بالتفاوض وليس الحرب ، رغم مظاهر عديدة تشير إلى عودة محتملة للحرب الباردة ، ويزيد على ذلك حجم المصالح الاقتصادية الضخمة بين الروس والاتحاد الأوروبي، حيث تتجاوز الاستثمارات الروسية والغربية على الجانبين بلايين الدولارات . وأشار إلى أن تصعيد الصراع الروسي الأمريكى يمكن أن يعيق المباحثات التي تجرى بين إيران والدول الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن وبينها روسيا حول التسوية النهائية لأزمة الملف النووي ، وربما يزيد من صعوبات تسوية الحرب الأهلية في سوريا ويعوق مشروع سلام الشرق الأوسط . واختتم مكرم مقاله قائلا " ان الروس والغرب يعرفون جيدا، أنه منذ نهاية الحرب الباردة تحققت منجزات ضخمة لصالح الطرفين ساعدت على تعزير الأمن والسلام الدوليين، أهمها انتهاء القواعد الروسية في كوبا وفيتنام، ومنع انتشار الصواريخ البلاستيكية، وخفض الأسلحة النووية، وسقوط الستار الحديدي عن أوروبا الشرقية، وجميعها مكاسب ضخمة ما كان يمكن ان تتحقق لو استمرت الحرب الباردة، ولهذا السبب سوف يصل الغرب والروس إلى تسوية سلمية للأزمة الاوكرانية مهما تكن المصاعب " . ومن جانبه قال الكاتب عماد الدين أديب - فى مقاله (بهدوء) فى صحيفة "الوطن" اليوم /الاثنين/ تحت عنوان "هل ما زال فى العقل عقل؟" - "إن فرنسا تمتلك خبرة عميقة فى ملف "سوريا الكبرى" التاريخية، منذ أن كان الاحتلال الفرنسى يمارس دوره فى إعادة صياغة كيانات تلك المنطقة تحت مسمى "الانتداب الفرنسى"، مشيرا إلى أن تلك الخبرة الاستعمارية أدت إلى نوع من العمق فى الفهم لطبيعة قوانين الفعل ورد الفعل فى سوريا ولبنان". وأضاف "أما فى حالة مصر، فإنه يبدو أن الحرب على الإرهاب، وحرب الإرهاب على الدولة مازالت مستمرة، وأن كل طرف يعتقد جازما أنه قادرعلى إنهاء الطرف الآخر وتحقيق النصر العسكرى أو الأمنى الحاسم، مؤكدا أن الدولة المصرية ستظل مؤيدة بالثورة الشعبية من جماهير 30 يونيو، كما سيظل هناك كيان اسمه جماعة "الإخوان" حتى لو صدر قانون يحظر نشاطهم الإرهابى". وتسأل أديب "هل يمكن أن تتعايش ثورة 30 يونيو مع "الإخوان" أو يتعايش "الإخوان" الجدد مع النظام الجديد فى مصر؟، أم أن التناقض رئيسى ولا ينتهى إلا بحالة ضرورة وجود إما قاتل أو مقتول، وهل لابد أن يكون شرط الحياة لطرف هو إنهاء الطرف الآخر؟". كما تساءل هل اخترعت البشرية صيغة ما لإمكانية تعايش الأضداد تحت سقف وطن واحد أم عجزت عن إيجاد تلك الصيغة؟، وهل قرر الجميع أن يقتل الجميع وتصبح مصر حالة من الانتحار الجماعى أم ما زال فى العقل عقل؟.