أوضحت مجلة " فورين أفيرز "الأمريكية المهتمة بالشئون الخارجية، أن العقوبات الاقتصادية التي تسعى أمريكا والغرب لفرضها على روسيا خلال الفترة الحالية لن تأتي بثمارها على عكس ما تتوقع هذه الدول. وبينت المجلة التابعة لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي المستقل"CFR" أنه بعد تهديدات مستمرة من قبل الدول الغربية، قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالوقيع على مرسوم بتجميد حسابات مسئولين روسيين متورطين في المساعدة التي تدخل موسكو في أوكرانيا، لافتة إلى أن العقوبات الاقتصادية وحظر الحسابات المصرفية أصبحت المحرك الرئيسي في سياسة الولاياتالمتحدة تجاه الأزمة الأوكرانية، لسببين أولهما أنه لا توجد أي خيارات عسكرية واقعية لمواجهة المغامرة الروسية للتدخل في دول كانت تنتمي للاتحاد السوفيتي سابقا، ثانيًا أن العقوبات الاقتصادية حققت نجاحًا ملحوظًا خلال الأعوام الأخيرة خاصة ضد إيران، لكن مع الأسف فإن ليس من الحكمة استخدام العقوبات الاقتصادية كوسيلة للتعامل مع التدخل الروسي في شبه جزيرة القرم. وتابعت المجلة أنه لأسباب وجيهة فإن لا أحد داخل أو خارج واشنطن أقترح على محمل الجد تدخل الجيش الأمريكي في أوكرانيا، ولكن الكثير منهم رأى أن العقوبات الاقتصادية ربما تعيد موسكو إلى طاولة المفاوضات كم افعلت في إيران، فرغم أن البرنامج النووي الإيراني لا يزال بلا شك يمثل تهديدًا أمنيًا لواشنطن وحلفائها، كما أنه بلا شك فإن حملة العقوبات التي تقودها الولاياتالمتحدة سببت في الانهيار الاقتصادي لإيران ودفعتها للدخول في مفاوضات مع الغرب، هذه العقوبات تم فرضها على ثلاث عناصر، الأولى شملت النفط حيث فرضت مقاطعة تامة لشراء النفط الإيراني، ثانيًا فصل إيران عن النظام المصرفي الدولي، مما حرمها من المشاركة في أي شكل من أشكال التجارة الدولية، ثالثًا أعاد أوباما تطبيق قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الذي سمح لأمريكا بتجميد الأصول الإيرانية الخاضعة لسلطة الولاياتالمتحدة. وأضافت المجلة أن الولاياتالمتحدة استغرقت وقت طويل في إصدار تهديدات لروسيا بتجميد أصول مسئولين تابعين لها في الولاياتالمتحدة، قبل تطبيق هذا القرار خلال الأيام القليلة الماضية، هذا التأخر في تطبيق القرار جعل المسئولين الروس يهرعون لنقل أموالهم إلى ملاذات آمنة، كما تم إعادة 100 مليار دولار من أمريكا إلى روسيا الأسبوع الماضي، ووفقا لما ذكرته شركة ماكرو الاستشارية فإن عدة مليارات من الدولارات تم نقلها إلى روسيا في الوقت الذي تنسحب فيه أيضًا المؤسسات المالية الأوربية لتجنب المخاطرة المرتبطة بالمال العالق في روسيا. وأشارت المجلة أنه حتى قرار التجميد الذي فرضه أوباما لم يزعزع الرئيس بوتين عن الاستمرار في تنفيذ مغامرته، حيث أن سماسرة السلطة في روسيا لم يكونوا ضمن هذه القوائم التي حددتها الولاياتالمتحدة، إضافة إلى أن قرارات أوباما استهدفت فقط الروس المتورطين في الأحداث التي تشهدها أوكرانيا، هؤلاء الروس لا يمثلون تأثيرًا سواء اقتصاديا أو سياسيا على نظام بوتين.