نائبة التنسيقية: قانون مزاولة مهنة الصيدلة يحتاج لتعديلات شاملة    النائب علي مهران: مرور 10 سنوات على مبادرة حياة كريمة تجسيد حقيقي لدعم الدولة للحماية الاجتماعية    علاج 1045 حالة من الماشية بالمجان ضمن القافلة البيطرية بقرية الأعلام مركز الفيوم    ترامب يدرس مسألة رفع العقوبات عن سوريا لمنحها بداية جديدة    تامر أمين يشيد بعماد النحاس: أعاد لنا كرة الأهلي التي افتقدناها مع كولر    منتخب مصر يتأهل لنصف نهائي أمم إفريقيا للشباب ويحسم بطاقة التأهل للمونديال    «أمطار ورياح مثيرة للرمال والأتربة».. الأرصاد تعلن حالة الطقس فى الإسكندرية غدًا    مصر تسترد 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية    أحمد فهمي يخوض منافسات الأوف سيزون بمسلسل ابن النادي    أسامة قابيل: حسن الظن بالله مفتاح الفرج.. وتعلُّق القلوب بالله هو النجاة في الأزمات    أطباء مصر.. ثروة لا تقدر بثمن    يونيفيل: العثور على 225 مخبأ للسلاح جنوبي لبنان    بسبب الميراث.. المشدد 10 سنوات لمتهمين بإحداث عاهة مستديمة لسيدة في كفر الشيخ    المؤبد لقاتل شقيقه داخل مزرعة مواشي بالدقهلية بعد تنازل الأب عن الحق المدني    الأمم المتحدة: سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي    ترامب يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارجية له خلال ولايته الثانية    موسى يطرح أول كليب مصري ب «الذكاء الاصطناعي» | شاهد    جيش الاحتلال: تسلمنا عيدان ألكسندر    ما حكم إقامة العلاقة الزوجية أثناء الحج؟.. أمين الفتوى يجيب    مؤشر القلق    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    أمينة الفتوى: الزغاريد عند الخروج للحج ليست حراماً لكن الأولى الالتزام بالأدب النبوي    نقيب التمريض تدعو لتعميم التأمين الصحي الشامل على مستوى الجمهورية    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    بالصور.. الكشف على 3400 مواطن في قافلة طبية لجامعة أسيوط بغرب أسوان    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    طلاب بنها يزورون مجلس النواب لتعزيز الوعي السياسي (صور)    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    عون وعباس والشرع في السعودية خلال زيارة ترامب.. ماذا سيوضع على الطاولة؟    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البابا ليو الرابع عشر يفتتح رسميًا الشقة البابوية إيذانًا ببداية حبريته في الفاتيكان    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    حالة الطقس اليوم في السعودية    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    بدائل الثانوية العامة 2025..تعرف على مميزات الدراسة بمدرسة الكترو مصر للتكنولوجيا التطبيقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنبا مكاريوس يكتب : "أبشركم بفرح عظيم"
نشر في البوابة يوم 06 - 01 - 2023


"أبشركم بفرح عظيم"

"أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب" (لوقا 2 : 10).. تقول القصة إن شابا مات أبوه وترك له دَيّنٌ كبير، ولما لم يستطع أن يوفيه فقد وُضع في السجن وكان يعاني الذل والهوان والحرمان من النور والحرية، وكان سجانه يضايقه كثيرا، ولم يكن يكف عن البكاء والصراخ متوسلا إلى الله أن ينقذه، وذات يوم جاءه من يزوره وقال له إنه سمع عن شخص عظيم سوف يأتي ليدفع عنه الدين ويخرجه من السجن، ولكنه لا يعرف متى ومن أين يأتي.
وتظهر بارقة أمل له، لكن يمر وقتا طويلا قبل أن يأتي زائر آخر ليؤكد له أن العظيم آت لا شك، فقد وصل صراخه إليه وهو عازم على المجيء، غير أنه أيضا لا يعرف عنه وعن ظروف مجيئه إلا القليل، ويمر وقت آخر وتشتد المعاناة بذلك السجين وتتكرر الزيارات ويتجدد الأمل.
وعندما وصلت به المحنة أشدها جاءه في محبسه من يخبره أن مأمور السجن يستدعيه، وفي مكتبه تقابل مع شخص عظيم مهيب لم ير في حياته مثله، ورغم عظمته فقد كانت له ملامح طفل بريء تشيع رؤياه الراحة والسلام، وما أن رأه حتى ضمه إلى حضنه بقوة، ثم أخبره أنه أتى ليدفع عنه الدين، ولم تسعه الفرحة، وبينما كان يشكره لأنه سيخلصه من سجنه، قال له بل سأخذك معي إلى قصري تحيا معي هناك دائما.
هذه هي مشاعر البشر بميلاد المسيح، وما كانت زيارات الأمل في السجن سوى تأكيد الأنبياء على مجيء المخلص، وذلك من خلال أكثر من 300 نبؤة عن التجسد والميلاد، والفرق بين العدالة البشرية والعدالة الإلهية هو أن الأولى تقتص للقانون فقط، بينما الثانية تعيد إلى المرتبة الأولى، بل أفضل من الأولى، ليس فردوسا أرضيا بل فردوس النعيم بل ملكوت السموات.
فقد كان آدم حزينا بسبب ما سببه للبشرية، لذا فقد فرح بولادة "آدم الثاني" لأن اللعنة ستزول والصك سيتمزق، كذلك تفرح حواء بحواء الجديدة أم الأحياء، والتي منها أتى فرح الأجيال، وفي ليلة العيد نرتل "افرحوا وتهللوا يا أجناس آدم مع والدة الإله ابنة يواقيم"

النور والفرح
يرتبط النور بالفرح، تصوروا أن التيار انقطع وسادت الظلمة ومعها القلق والخوف، وما إن ينفجر النور حتى ترتفع الصيحات ويعم الفرح والراحة الوجوه، هذا على الرغم من أنه نور أرضي محدود، فكم بالأحرى النور الإلهي، لقد ارتبطت بشرى الميلاد بالنور، هكذا الرعاة "وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ" أي أن البشرى صاحبها النور، ومثلهم المجوس فقد تقدمهم النجم العظيم حتى مكان الصبي في بيت لحم: "فلما رأوا النجم فرحوا فرحا عظيما جدا" (متى 2 : 10).
ومن ثم ارتبط عيد الميلاد بشجرة الميلاد المليئة بالأنوار، كما ارتبط الميلاد بالشمس والشروق لأن المسيح بمجيئه أشرق على الجالسين في الظلمة وظلال الموت، "برحمة إلهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء"، وفي سفر ملاخي نقرأ: "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها" (ملا 4 : 2). ونقول في القداس الإلهي "وفي آخر الأيام ظهرت لنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت".
وظلال الموت وصف أطلق على النفق الضيق الذي تسير فيه القافلة في شق جبلي غائر، فيه الكثير من المخاطر بين النتوءات الصخرية وخطر اللصوص واحتمال سقوط الصخور والظلام الدامس، وما أن يبصر السائرون في ظلال الموت شعاع النور حتى يتجدد الرجاء فيهم، هكذا وصف الآباء حال البشرية بشكل بديع.
في هذا النفق الطويل مظلم، كان يبرق النور الخافت بين وقت وآخر، فهذا نبي صادق وذلك ملك صالح، وهذا ملاك سمائي، هذه نبؤة وتلك شارة وهذا رمز، حتى يشرق النور، وفي صلاة وذكر صولوجية باكر: "أتيت إلى العالم بمحبتك للبشر وكل الخليقة تهللت بمجيئك".

فرح الأجيال
نصف العذراء بأنها فرح الأجيال، أو منها أتى فرح الأجيال، وقال القديس بولس الرسول عن سحابة الشهود إن جميعهم ماتوا ولم ينالوا المواعيد، بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها، وسلموا الرجاء لمن بعدهم، وكان الأمر أشبه بسلعة يعلن عنها ولكنها غير متوافرة أو غالية الثمن.
إلى مثل ذلك أشار السيد المسيح حين قال "أبوكم إبراهيم تهلل أن يرى يومي فرأى وفرح" وبالطبع كان الفرح بمجرد الرمز وهو إسحق. نقول في ثيئوتوكية الاثنين "الروح القدس أيقظ داود قائلا: قم رتل لأن النور قد أشرق" وفي ثيئوتوكية الثلاثاء "افرح اليوم يا آدم أبونا وهابيل ابنك وجميع الشيوخ المختارون.." وفي يوم الأحد نقول السلام لك يا مريم فرح الأجيال" وفي ثيئتوكية الأربعاء "اليوم فرح في السماء وعلى الأرض من أجل المسيح ملك المجد الذي ولد في بيت لحم".
ومن دواعي الفرح انفتاح السماء على الأرض وبداية المصالحة، وبداية رحلات الملائكة في بعثات للأرض بشارة زكريا ثم العذراء ثم يوسف النجار ثم الرعاة وهكذا. وهوذا الجنين يركض بابتهاج وهوذا مريم تبتهج بالمخلص ونشيد مجد وسلام ومسرة.

العيد والهدايا
كما ارتبط العيد بالهدايا، حيث قدم المجوس في زيارتهم للمولود هدايا ذهبا ولبانا ومرا، وفي التقليد اللاحق ظهر سانتا كلوز أو بابا نويل، يوزع الهدايا ليضفي على العيد بهجة خاصة، ولكنها مرتبطة بميلاد المسيح كما أسلفنا، ولكن الهدية الأعظم هي أن الله أعطانا نفسه أعظم هدية أو تقدمة (ذورون = عطية وهدية بالقبطية).

الخبر السار
كلمة إنجيل تعني الخبر السار أو البشرى المفرحة (ايف= جميل و انجيليون= خبر او بشارة) هكذا قال الملاك للرعاة ها أنا أبشركم، وصرنا نتغنى بهذا الخبر في جميع ليتورجياتنا "ولدته وخلصنا" (آس ميسي اموف اف سوتي اممون) فكل التسابيح والتماجيد والشكر والسعادة سببها أنه "أتي وخلصنا".
مريم العذراء عندما سمعت تلك البشرى الخالدة هتفت على الفور: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي" كما أن الرعاة عادوا من زيارة الطفل يسوع وهم في حال غير الحال، كان عملهم رعاية الخراف التي تقدم ذبائح وجميعها رمز وإشارة للحمل الحقيقي الذي يرفع خطية العالم، كما صرح يوحنا المعمدان لاحقا فعادوا وهم منبهرون: "ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ".
أما حنة النبية فحالما علمت لم تستطع ان تحتفظ بالخبر السار وحدها، بل راحت تكرز به "وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ" مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ". لقد كانت درجة الوعي عالية جدا عند المنتظرين فداء، وبينما أسعدت تلك الأخبار السارة كثيرين، فقد أزعجت هيرودس حتى اضطرب جدا، حقا قال سمعان لأمه مريم ":«هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ".

الفرح والتسبيح
يرتبط التسبيح بالفرح والفرح الروحي بالتسبيح، فقد رافقت البشرى جمهور "جوقة" من الملائكة تسبح النشيد الخالد والمستخدم في جميع الكنائس التقليدية وغير التقليدية، "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة"، هكذا شاعت المسرة بين الناس بميلاد المسيح، ففرح العبيد لأنه قد جاء محررهم، وكذلك الفقراء لأنه قد جاء من يشاركهم، والحزانى لأنه أتى سر فرحهم، والمتسلط عليهم إبليس يرفعون رؤوسهم، هوذا ناصرهم قد ظهر.
هكذا ومع إن القيامة هي الحدث الأعظم في المسيحية إلا أن الميلاد هو الفاتحة والبداية تماما مثل أب طال غيابه فما أن يظهر أمام أولاده حتى يعانقونه ويقبلونه ويهللون له وذلك قبل أن يفتح حقائبه ويخرج كنوزه، فما دام قد وصل فالباقي مضمون ومن هنا نسبح قائلين افرحوا وتهللوا يا جنس البشر لأنه هكذا أحب الله العالم ... لقد شق جدار الزمن وأشرق علينا بمجده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.