يمر اليوم عام كامل على رحيل الفنان الكبير حسن يوسف، الذي ودّع عالمنا في 29 أكتوبر 2024، بعد مشوار حافل امتد لأكثر من نصف قرن من العطاء الفني، قدّم خلاله عشرات الأعمال التي شكّلت وجدان الجمهور المصري والعربي،لم يكن مجرد ممثل، بل حالة فنية متفردة امتزج فيها الشجن بالبساطة، والإتقان بالالتزام، ليصبح أحد الرموز التي لا تغيب عن ذاكرة الفن المصري. من حي السيدة زينب إلى نجومية الشاشة نشأ الفنان الراحل في حي السيدة زينب الشعبي العريق، وهو المكان الذي ظل يفخر بالانتماء إليه طوال حياته. وقد وصفه في أحد حواراته الإذاعية مع الإعلامي الكبير وجدي الحكيم قائلًا: "حي السيدة زينب اسم غالٍ جدًا على قلبي، فيه عشت أجمل سنوات عمري وتكوّنت شخصيتي، سكنا فيه وأنا في العاشرة من عمري حتى الخامسة والعشرين، وهناك تعلمت معنى المحبة والتعاون والبساطة."
من تلك الأزقة الشعبية خرج الفتى الحالم الذي عشق الفن دون أن يدري أنه سيصبح يومًا من أبرز وجوهه. كانت البدايات بسيطة، لكن الحلم كان أكبر من حدود الحي، ليبدأ بعدها رحلة طويلة من الإصرار والنجاح.
عبد البديع العربي.. بوابة الانطلاق إلى عالم التمثيل لم يكن طريق حسن يوسف إلى الشهرة مصادفة، بل نتاج اكتشاف مبكر لموهبته على يد الفنان عبد البديع العربي، الذي كان جاره في نفس العقار. ويروي يوسف تلك اللحظة الفارقة قائلًا: "الأستاذ عبد البديع العربي كان يسكن فوقنا، وكان مدرس تمثيل أيضًا، وذات يوم سمعني أقلد وأمثل مع أصدقائي في حوش البيت، فناداني وقال: تعالى فرقة التمثيل في المدرسة. ومن هناك بدأت أول خطوة حقيقية في حياتي الفنية."
كانت تلك الدعوة البسيطة بداية رحلة كبيرة، قادته إلى معهد التمثيل، ثم إلى عالم الاحتراف الذي لمع فيه اسمه سريعًا بين كبار نجوم الفن في الستينيات والسبعينيات.
أعمال خالدة في وجدان الأجيال قدّم حسن يوسف رصيدًا زاخرًا من الأعمال التي لا تزال تُعرض حتى اليوم، ويستعيدها الجمهور بشغف كبير، من بينها:السبع بنات،الخطايا،التلميذة،دلال المصرية،حكايات هو وهي وقد عرفه الجمهور بشخصياته المتنوعة، التي جمعت بين الشاب الرومانسي، والزوج المثالي، والمعلم الطيب، والإنسان الصادق القريب من القلب.
إنسان قبل أن يكون فنانًا ورغم النجومية الكبيرة التي حققها، ظل حسن يوسف محافظًا على تواضعه وقربه من الناس، مؤمنًا بأن الفن رسالة قبل أن يكون مهنة، وأن النجاح الحقيقي هو حب الجمهور واحترامه. لم ينجرف وراء أضواء الشهرة، بل اختار دائمًا طريق الهدوء والنقاء الإنساني، وهو ما جعل صورته لدى جمهوره نقيّة، مثلما كانت أدواره دائمًا صادقة.
إرث فني لا يرحل برحيل حسن يوسف، خسر الفن المصري أحد رموزه الكبار، لكن أعماله باقية تنطق باسمه وتروي للأجيال القادمة قصة فنان أحب الحياة والفن في صمت،وفي الذكرى الأولى لرحيله، يظل صوته وأداؤه وملامحه جزءًا من ذاكرة الفن العربي، ودليلًا على أن الفنان الحقيقي لا يرحل.. بل يعيش ما دامت أعماله تُعرض وتُحب