أطلقت وزارة المالية مشروعا لترميم دار المحفوظات بالقلعة والتي تتبع مصلحة الضرائب العقارية، حيث تزخر بنحو 150 مليون مستند رسمي، وهى بمثابة خازن أمين للتاريخ الوظيفي لدواوين ومصالح الدولة المصرية الحديثة والمواليد والوفيات وسجلات العربان والعمد والمشايخ وشهادات الخدمة العسكرية للشخصيات العامة والخرائط وسجلات المدارس وغيرها من المصالح الحكومية منذ عهد محمد على. تضم دار المحفوظات مكتبة للكتب النادرة تضم 10 آلاف و833 كتابا وأيضا جميع معاهدات مصر مع الدول الاجنبية من ايام الدولة العثمانية و27 ألف و500 من الخرائط النادرة لمصر والعالم حيث توضح حدودنا مع دول الجوار استعين ببعضها في ملف طابا، وعشرات الآلاف من حجج ملكيات الأراضي الزراعية والحجج الشرعية لممتلكات اسرة محمد على وسجلات القضايا بالمحاكم، والدفاتر الخاصة ببعثات الحج، ودفاتر بصمة ورخص السلاح والعمد والمشايخ في قرى وعزب مصر وأول إحصاء لتعداد السكان اجري وأيضا أول ميزانية يتم اعدادها في مصر، كما تحتوي على 118 مخزنًا منها 72 مخزنًا عملاق في الدار القديمة التي انشأها محمد على. هذه الثروة الفريدة يعمل على حمايتها وترميم سجلاتها ومقتنياتها من الوثائق النادرة، فريق عمل من أبناء تلك الدار الذي تعود خبرات الكثير منهم إلى أكثر من 30 عامًا من العمل وسط الوثائق التي يعملون على ترميمها بحرفية شديدة تبهر الجميع.. ويتكون فريق العمل بمركز الترميم من 43 فردًا، ما بين مرمم يدوي ومرممين باستخدام التكنولوجيا الحديثة وإخصائي تجليد. داخل مركز الترميم بدار المحفوظات، هناك آليتان للترميم، الأولى هي الترميم من خلال معالجة الورق بالمواد الكيمائية والتكنولوجيا وهى الطريقة الحديثة المتبعة مؤخرًا، أما الطريقة الأخرى فهي الترميم اليدوي الذي بدأ العمل به منذ عشرات السنين داخل الدار لترميم الوثائق التي تأثرت بعوامل الزمن، وخاصة التي تحتاج إلى معالجة خاصة. داخل الدار تركزت مع أرباب الترميم اليدوي ممن يزين الشعر الأبيض رؤؤسهم، وتجدهم منكبين على الوثيقة التي تخضع للترميم اليدوي، كأنها طفل صغير بحاجة لعناية خاصة ودقيقة. أحمد عبد العزيز أحد أقدم المرممين داخل الدار تحدث عن أنه كثيرا ما تقع تحت ايديهم وثائق يكاد يكون من المستحيل ترميمها ولكن مع الجهد والمثابرة تم ترميمها بصورة جيدة ومثال ذلك شهادة ميلاد لأحد المواطنين تعود إلى عام 1922 وكذلك وثيقة التدرج الوظيفي لمكرم باشا عبيد وملف سعد باشا زغلول وغيرها من الوثائق التي تخص أبرز وأشهر رجال مصر منذ عشرات السنين. أضاف إنه من الصعب تحديد مبادئ موحدة، صالحة لكل حالة باعتبار كل حالة لها خصائصها ومميزاتها التي تميزها عن غيرها من حيث التركيبة والمشكل والطريقة اللازمة والأهمية. وقبل أي عملية ترميم يجب تفحص الوثيقة بدقة متناهية لتشخيص الاضرار وكيفية المعالجة والطريقة الأنجح لذلك يتم وضع جدول وصفي للوثيقة المراد ترميمها تحتوي على تاريخ التسجيل ونوعية الوثيقة والأضرار والطريقة المتبعة في الترميم. وتحدثت وفاء فوزي رئيس مركز الترميم عن أن المركز بحاجة لاستقدام عدد مناسب من المرممين الجدد نظرًا لقرب خروج أغلب المرممين اليدويين ( أسطوات الصنعة ) على المعاش، وندرة هذا التخصص، وضرورة وضع مميزات تحفيزية لشباب الخريجين للعمل داخل المركز. ويضيف محمد كامل رئيس دار المحفوظات أن الإبقاء على العناصر الأصلية المكونة للوثيقة هو الشغل الشاغل للمرمم والأرشيفي على حد سواء، ويجب أن لا يتم أي تغيير في الشكل أو المحتوى بل الهدف من عملية الترميم هو الاحتفاظ بالوثيقة كما هي، مع توقيف الإتلاف، وإزالة أسبابه، وتقوية الوثائق بطرق فعالة وواضحة. و يتم تعويض القطع الناقصة من نفس نوع المادة الأصلية مستخدمًا الورق بالورق، الجلد بالجلد، ومن نفس النوع. وأشار رئيس دار المحفوظات أنه من ضمن عمليات الترميم المهمة التي قام بها المركز كانت لأعداد ضخمة من عملة الكرونا النمساوية وجدت داخل أحد ملفات حيازة الأراضي بالدار وتم ترميمها بشكل احترافي. وأكد أن الدفتر الخانة كما اسماها محمد على تستحق أن يقام بداخلها متحف خاص بها، مؤكدا أن الدار هي الأصل في كل الوثائق الموجودة بالعديد من الدور والمتاحف بمصر، مؤكدا أن الوثائق الموجودة بها ستجذب العديد من السائحين ومحبي التاريخ والدارسين من مصر والعالم.