قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن حرب أكتوبر 1973 كانت ملحمة عسكرية نفذها الجيش المصري واستطاع قهر الجيش الإسرائيلي في حرب غيرت مفاهيم الحروب العسكرية وحقق الجيش المصري معجزة عسكرية واستطاع أن يعبر قناة السويس في 6 ساعات فقط . وأكد السيد في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز" أن مصر لم تحقق انتصارا عسكريا فقط خلال عام 1973 بل كانت هناك ملحمة أخرى سطرها الشعب المصري من تضامن وتكافل ملحمة اقتصادية واستطاعت الدولة المصرية أن تقلل من التأثيرات الاقتصادية السلبية والتي كانت تعاني منها مصر آنذاك خاصه من نقص الموارد الدولارية وبقيام الحرب فقدت مصر بعد نكسة يونيو 1967آبار البترول فى سيناء وخربت معامل تكرير البترول فى السويس وأغلقت قناة السويس التى كانت تدر لمصر فى المتوسط سنويا 164 مليون دولار . وأوضح السيد، أنه بالإضافة إلى ذلك انخفاض كبير فى إيرادات السياحة التى كانت تدر نحو 100 مليون دولار، فضلا عن الإنفاق الذى فرضه تهجير نحو مليون شخص من مدن قناة السويس، والتكلفة الاقتصادية الضخمة . ورغم قسوة الظروف الاقتصادية لم تتوقف مصر عن سداد أقساط وخدمة الديون الأجنبية المستحقة عليها والبالغة سنويًا آنذاك في حدود 240 مليون دولار وقد طبقت مصر ما يطلق عليه" موازنة الحرب" وأعلن الدكتور عزيز صدقى" رئيس الوزراء آنذاك" في 11 فبراير 1973 أمام مجلس الشعب، ما أسماه ب«ميزانية المعركة»، وهى إجراءات التعبئة الاقتصادية التى سيتم تطبيقها وتتمثل فى تحويل الموازنة العامة إلى موازنة المعركة , واتخاذ عده اجراءات منها ( ترشيد الإنفاق الحكومى , و إصدار بعض القوانين الخاصة بوقف استيراد بعض السلع الكمالية وإعادة النظر فى خطة التصدير والاستيراد لتوفير النقد الأجنبى مع العمل على إحلال المنتجات المحلية بديلا للمستوردة . كما تم اعتماد زيادة الرسوم الجمركية على السلع الواردة للاستعمال الشخصي بنسبة 50%. وظهر معدن المصريين الأصيل حيث قامت الدوله المصريه لمواجه نقص الموارد الماليه لديها وطرحت الحكومة المصريه «سندات الجهاد» وهى شهادات استثمارية الهدف منها دعم الدولة والقوات المسلحة فيما يخص الحرب والمتطلبات الناتجة عنها، وتم طرحها للمواطنين، تحت شعار «شارك فى ملحمة النضال الوطنى». وتم الطرح في البنك المركزى وفروعه وجميع البنوك التجارية وفروعها، وتضمنت الفئات المالية «50 قرشا، جنيها واحدا، 5 جنيهات، 10 جنيهات، 100 جنيه»، بفائدة 4.5% سنويا ومعفاه من الضرائب، كما لا يجوز الحجز عليهه , وبلغت حصيلة تلك السندات بعد شهر واحد فقط من بدء الحرب 7 ملايين جنيه مصريه وهو رقم كبير في ذلك الوقت وتم تحصيله من شعب منهك ماديا وإقتصاديا . وتابع السيد "لم تكن سندات الجهاد هي الدعم المالي الذي قدمه ابناء الشعب المصري فقط للحكومة المصرية خلال حرب اكتوبر 1973، حيث أعلنت وزارة المالية بتاريخ 18 نوفمبر 1973 زيادة الإيرادات الضريبية بمصلحة الضرائب بواقع 23.5 مليون جنيه على عام 1972، ليصل إجمالى الحصيلة الضريبية ل150 مليون جنيه وهي اكثر من الحصيلة الضريبه المستهدفه حينها وهو ما أرجعته الوزارة إلى إقبال المواطنين على دفع المستحقات الضريبية الخاصة بهم بدافع الوطنية". وأشار السيد أنه وقت الحرب لم يتغيب عامل عن شركته أو مصنعه، ولم يحصل عامل على إجازة عيد الفطر, بل حاول عمال مصر زيادة الإنتاج قدر المستطاع , والاكثر من ذلك خلال عام 1972 و1973 ورغم حاله الحرب التي كان يعيشها المصريين ارتفع إجمالى ودائع البنوك إلى 400 مليون جنيه، بينها 27 مليون جنيه شهادات استثمار عائلى . وقال السيد "لا شك أن روح المصريين وتكاتفهم ومساندتهم للدولة المصرية والجيش المصري العظيم كان ملحمة اقتصادية سطرها أبناء مصر، فالمعدن المصري الأصيل يظهر وقت الأزمات وما أشبه الأمس باليوم فقد استطاع الشعب المصري خلال عام 2014 سداد 64 مليار جنيه مصري خلال أسبوع واحد لحفر قناة السويس الجديدة وحفر الأنفاق التي تربط سيناء بالدلتا لتحقيق نمو وتنمية اقتصادية حقيقية داخل شبه جزيرة سيناء". وأوضح السيد، أن الأمر لم يتوقف عند ذلك بل قامت مصر خلال عام 1973 بالعديد من المشروعات التنمويه منها بدأ تصنيع السيارة فيات 125 داخل مصانع النصر للسيارات وقامت بتنفيذ خطوط أنابيب بترولية لنقل البترول من السويس للإسكندرية كما قامت بإنشاء 8 محطات كهرباء بتكلفة 10 ملايين جنيه، للحد من مشكلات انقطاع الكهرباء .