مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    الداخلية تكشف لغز جثث أطفال الهرم.. وتضبط المتهم    ماس كهربائى وراء حريق مصنع ملابس بشبين القناطر.. والحماية المدنية تسيطر    الطب الشرعي يحسم الجدل: «قاتل المنشار» بكامل قواه العقلية    عاجل - تحديثات الذهب مع بداية الأسبوع.. أسعار المعدن النفيس في مصر اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    أسعار طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    سعر الدولار اليوم الاثنين 27102025 بمحافظة الشرقية    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الأثنين 27102025    روسيا: تدمير 6 طائرات مسيرة أوكرانية كانت متجهة إلى موسكو    بعد سيطرة الدعم السريع.. الأمم المتحدة تطالب بتوفير ممر آمن للمدنيين في الفاشر    إسرائيل تؤكد أنها من يقرر مسار الأمور في غزة رغم الهدنة    فنزويلا تدين "الاستفزاز العسكري" لترينيداد وتوباغو وتتهمها بالتنسيق مع CIA    اتفاق اللحظة الحرجة.. واشنطن وبكين تقتربان من تهدئة حرب التجارة عبر المعادن النادرة و"تيك توك"    لافروف: مبادرة عقد قمة روسية أمريكية ما زالت قائمة لكنها تحتاج إلى تحضير جيد    فرنسا وبريطانيا تزودان أوكرانيا بدفعة جديدة من الأسلحة    رئيس غزل المحلة: الأهلي تواصل معنا لضم ثلاثي الفريق الأول    مصدر مقرب من علي ماهر ل في الجول: المدرب تلقى عرضا من الاتحاد الليبي    مواعيد مباريات اليوم فى الدورى المصرى    بهدف قاتل ومباغت.. التأمين الإثيوبي يفرض التعادل على بيراميدز بالدور التمهيدي من دوري الأبطال    الزمالك مهدد بالاستبعاد من بطولات إفريقيا لكرة اليد.. الغندور يكشف التفاصيل    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    الداخلية تضبط شخصين روجا شائعات وأكاذيب تحريضية بواقعة المنيا    حالة الطقس في أسيوط الإثنين 27102025    العشق القاتل.. اعترافات المتهم بإنهاء حياة عشيقته وأطفالها الثلاثة في الهرم    عمرو أديب: موقع مصر كان وبالا عليها على مدى التاريخ.. اليونان عندها عمودين وبتجذب 35 مليون سائح    ريهام عبد الغفور تطرح بوستر مسلسلها الجديد «سنجل ماذر فاذر»    أكاديمية الفنون تُكرّم اسم الفنان السيد بدير بإعادة عرض «عائلة سعيدة جدًا»    بكلمات مؤثرة.. فريدة سيف النصر تنعي شقيقها    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    احذري، كثرة تناول طفلك للمقرمشات تدمر صحته    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    علاج سريع وراحة مضمونة.. أفضل طريقة للتخلص من الإسهال    صحة القليوبية: خروج جميع مصابى حادث انقلاب سيارة بطالبات في كفر شكر    في الجول يكشف كيف يفكر الأهلي لدعم الهجوم.. الأولوية للأجنبي وخطة بديلة    أمير عبد الحميد: تدريب حراس الأهلى حلم تحقق.. والمنافسة فى النادى صعبة    وصلت إلى 350 ألف جنيه.. الشعبة: تراجع كبير في أسعار السيارات (فيديو)    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط بدون إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس    3 أبراج «هيرتاحوا بعد تعب».. ظروفهم ستتحسن ويعيشون مرحلة جديدة أكثر استقرارًا    فرصة ثمينة لكن انتبه لأحلامك.. حظ برج الدلو اليوم 27 أكتوبر    مساعد وزير التموين: حملات مكبرة لضبط الغش التجاري وعقوبة المخالفات تصل للسجن    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    الجمع بين المرتب والمعاش.. التعليم تكشف ضوابط استمرار المعلمين بعد التقاعد    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    مولودية الجزائر يتأهل لدور المجموعات في دوري أبطال أفريقيا    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    مأساة في ميدان الشيخ حسن.. مصرع طالبة تحت عجلات سيارة سرفيس مسرعة بالفيوم    التنمية المحلية: إجراءات عاجلة لمعالجة شكاوى المواطنين من انبعاثات محطة خرسانة بالمنوفية    وكيل صحة شمال سيناء يترأس الاجتماع الشهري لتعزيز وتحسين كفاءة الأداء    الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شهر رمضان 2026    برلمانية: سأعمل على دعم تطوير التعليم والبحث العلمي بما يواكب رؤية الدولة المصرية    قيادات حزبية: كلمة الرئيس السيسي جسدت قوة الدولة ونهجها القائم على الوعي والسلام    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود الحضري يكتب : اقتصاد مصر وحرب النصر "1"
نشر في البوابة يوم 05 - 10 - 2018


1967-1973 سنوات البناء.. وأولويات التنمية والنصر
مصر تعرضت إلى ضغوط من الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية اتفاقيات التجارة والدفع وفرت حصيلة من النقد الأجنبي لدعم الاستعداد للمعركة
رئيس وزراء مصر الأسبق: اقتصاد مصر خسر بعد نكسة 1967، ما يصل إلى 11 مليار جنيه، بما يعادل "25 مليار دولار" بأسعار الصرف "الجنيه المصرى يساوى 2.3 دولار" خلال تلك الفترة
الشعب تحمل الإجراءات الصعبة.. والمجتمع المدنى والمؤسسات الرسمية نظمت حملات للتبرع لتمويل الحرب
التحديات التى واجهت مصر اقتصاديًا فى سنوات ما بين النكسة والنصر، ضياع العديد من الأصول الإنتاجية، والتى شملها التدمير والتعطيل عن الإنتاج، ومن بينها 17 منشأة صناعية كبيرة، وبلغت قيمة الدخل المفقود نتيجة تعطل هذه المصانع نحو 169.3 مليون جنيه، أى نحو 389.4 مليون دولار، بخلاف تدمير أصول عقارية ومنشآت اقتصادية فى مدن القناة.
من بين قرارات "اقتصاد الحرب" اتخاذ خطوات لتعويض الخسائر الكبيرة فى الإيرادات والاقتصاد الوطني، قيام الإدارة الاقتصادية المصرية، بزيادة حصيلة الضرائب والجمارك لترتفع نسبة الضرائب غير المباشرة تدريجيا لتصل إلى نحو 63.4% من إجمالى حصيلة الضرائب على مستوى البلاد فى العام 1970، وترتفع مجددا إلى 69.1% من إجمالى حصيلة الضرائب بالبلاد فى العام 1973.
خلال الاستعداد للحرب، وخصوصًا بين 1967 و1973، كان أهم الأزمات وأخطرها فقدان البلاد لآبار البترول فى سيناء، وتخريب معامل تكرير البترول فى السويس، إغلاق قناة السويس التى كانت تدر لمصر فى المتوسط سنويًا 164 مليون دولار فى السنوات ال7 قبل الحرب
تشير البيانات أنه وقبل الحرب استحوذ القطاع الصناعى على 26.76% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه توقف باندلاع الحرب حيث انخفض معدل نموه ليصبح -1.73%، ومع قيام قام الرئيس السادات بإصدار قرارات محورية فى ذلك الوقت لتوفير التمويل اللازم، حيث تم إصدار سندات باسم سندات الجهاد، وأعلن الاكتتاب عليها فى يوم 20 أكتوبر 1973، وطرح هذه السندات عربيًا وأفريقيًا ببداية اكتتاب 50 مليون جنيه.
المتتبع لمسيرة مصر الاقتصادية فى تلك السنوات، سيجد أن اتفاقيات التجارة والدفع التى كانت مصر تنفذ من خلالها قسمًا كبيرًا من تجارتها الخارجية، ساعدت فى تقليل حاجة مصر للنقد الأجنبي، كما ساهمت فى دعم نظام سعر الصرف فى فترة ما بين حربى يونيو 1967، أكتوبر 1973.
45 عامًا منذ نصر أكتوبر 1973.. سنوات طويلة خاضتها مصر والمصريون، على كل المستويات، وسبقتها سنوات للاستعداد للحرب من بداية نكسة 1967، لم تكل ولا تمل مصر فى مواجهة العديد من التحديات والصعاب.
الحروب تنوعت.. ولم تركع مصر خلالها لأحد، رغم تخاذل البعض، وخيانة البعض الآخر، ظلت مصر على عهدها "مصر ناصرة الضعفاء، ومقبرة لأى خائن، أو عميل، أو متسلط، أو فكر يكون تابعًا.
القضايا الاقتصادية ظلت فى قلب أى أزمة، ومدخلًا لأى حلول، والمواطن البسيط ظل هو "الحجر الصوان"، الذى واجه كل الصعاب وكل القرارات الاقتصادية، وإن كان هو وحده هو من تحمل كل الأعباء، وظل الأغنياء بعيدًا عن كل هبات التغيير والتبديل.
المتخصصون يجمعون على أن مصر فى مسيرتها لتعبئة الموارد الاقتصادية للاستعداد للحرب فى فترة ما بين حربى يونيو 1976 وأكتوبر 1973، قامت الإدارة الاقتصادية بقراءة التطورات الكبيرة فى البيئة الاقتصادية الدولية، لتحديد مسارات التفاعل معها بالصورة التى تعظم منفعة مصر منها أو تقلل مضارها. وكانت أهم تلك التطورات هى انهيار قاعدة الذهب واضطراب أسعار الصرف العالمية وارتفاع معدل التضخم عالميًا، وبالتالى ارتفاع تكلفة الواردات، هذا فضلا عن استمرار ارتباط العلاقات الاقتصادية الخارجية بالعوامل السياسية والأيديولوجية.
ولا شك أن الإدارة الاقتصادية المصرية ابتعدت بالاقتصاد المصرى، فى فترة ما بين الهزيمة والنصر، عن الاضطرابات فى أسواق الصرف، من خلال التأكيد على نظام سعر الصرف المعمول به فى مصر والقائم على أساس التحديد التحكمى لسعر الجنيه المصرى مقابل الدولار.
والمتتبع لمسيرة مصر الاقتصادية فى تلك السنوات، سيجد أن اتفاقيات التجارة والدفع التى كانت مصر تنفذ من خلالها قسمًا كبيرًا من تجارتها الخارجية، ساعدت فى تقليل حاجة مصر للنقد الأجنبي، كما ساهمت فى دعم نظام سعر الصرف فى فترة ما بين حربى يونيو 1967، أكتوبر 1973.
التوجه شرقا وامتصاص التضخم
بيانات الاتفاق العام تؤكد أن اتفاقيات التجارة والدفع أدت إلى توفير حصيلة مصر من النقد الأجنبي لأغراض تمويل الواردات من دول العملات الحرة أو من الدول التى لا توجد بينها وبين مصر اتفاقيات تجارة ودفع، وبالطبع كانت تلك الواردات فى غالبيتها الساحقة إن لم تكن كلها ضرورية لدعم استعدادات مصر لخوض معركتها ضد العدو الصهيوني.
وشهدت فترة ما بين حربى يونيو 1967 وأكتوبر 1973 زيادة مؤثرة فى معدل التضخم العالمي الذى ارتفع من نحو 4.2% عام 1976 إلى 4.4% عام 1968 ثم إلى 5% عام 1969 ثم إلى 6% عام 1970 قبل أن يرتفع إلى 4.9% عام 1973، والمتفق عليه أن ذلك الارتفاع كان مقدمة لبداية مرحلة التضخم السريع فى العالم بعد حرب أكتوبر 1973.
وكان هذا التزايد فى معدل التضخم العالمى يعنى ببساطة ارتفاع تكلفة الواردات المصرية من الخارج، لكن تركيز التجارة الخارجية المصرية مع الدول الاشتراكية التى كانت أسعار صادراتها شبه ثابتة وتتحرك ببطء شديد ساعد على أن تبقى تكلفة وحدة الوزن من الواردات المصرية من الدول الاشتراكية شبه ثابتة أو تتحرك ببطء شديد.
ضغوط دولية
وتعرضت مصر فى فترة ما بين الحربين إلى ضغوط من الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية التى تهيمن عليها تلك الدول. وقد تجسدت تلك الضغوط فى التضييق على صادرات مصر إلى أسواق تلك البلدان، وأيضا حرمان مصر من فرصة الاقتراض من أسواق رأس المال فى البلدان الرأسمالية الكبرى أو من صندوق النقد والبنك الدوليين.
وخلال الاستعداد للحرب، وخصوصا بين 1767 و1967، كان أهم الأزمات وأخطرها فقدان البلاد لآبار البترول فى سيناء، وتخريب معامل تكرير البترول فى السويس، إغلاق قناة السويس التى كانت تدر لمصر فى المتوسط سنويا 164 مليون دولار فى السنوات ال7 قبل الحرب، وإضافة إلى ذلك انخفاض كبير فى إيرادات السياحة التى كانت تدر نحو 100 مليون دولار، فضلا عن الإنفاق الذى فرضه تهجير نحو مليون شخص من قناة السويس، والتكلفة الاقتصادية الضخمة.
وكان أمام الرئيس جمال عبدالناصر، كما يروى جلال أمين، واحد من بدائل ثلاثة، إما أن يضحى بالإنفاق العسكرى ويقبل الهزيمة والصلح وأى عرض للتسوية، فى سبيل الاستمرار فى التسوية، أو أن يضحى بالتنمية والحرب، من أجل رفع معدلات الاستهلاك، أو أن يضحى بالاستمرار فى التنمية مع السماح بالحد الأدنى من الزيادة فى الاستهلاك، فى سبيل الاستعداد للمعركة المقبلة، وهو الخيار الذى لم يكن لسواه بديل، ولا لغيره ملجأ أو طريق، وهو أيضا ما وضع مصر على الطريق الصحيح لحرب هدفها النصر، وهو ما لم يغيره الرئيس أنور السادات، حتى نهاية الحرب والنصر.
النكسة بداية الحرب
حقا إن نكسة 1967 البداية لحرب عظيمة سطرتها مصر، وأضحت عنوانا ليس فى التاريخ العسكري، بل فى تاريخ وبحوث "اقتصاد الحروب" لكونها مدرسة اقتصادية قادرة على الصمود، خصوصًا أنها جاءت بعد خسائر اقتصادية للدولة المصرية، واستطاعت مصر أن تثبت للعالم أن الشعب المصرى قادر على فعل المستحيل، حيث أدركت القيادة المصرية أنها تدير اقتصاد حرب بالمعنى الحقيقى للكلمة فاتبعت سياسات مهمة لذلك إلى حد بعيد.
واضطرت الإدارة المصرية إلى فرض ضرائب جديدة وزيادة معدلات الضرائب القائمة، لزيادة الإيرادات العامة الضرورية لمواجهة التزايد السريع فى الإنفاق العام اللازم للاستعداد لخوض جولة جديدة من الصراع العسكري.
خسائر الحرب والمواجهة
اهتم المحللون والمتابعون بسنوات بناء جيش مصر، والسياسات الاقتصادية، ويؤكدون أنه رغم الأوضاع الصعبة التى عانى منها الاقتصاد المصرى بعد 1967، تمكنت مصر وبأقل الإمكانيات وبمساعدة من أشقائها العرب، من تحقيق نصر أكتوبر المجيد، الذى سيظل خالدا فى وجدان كل مصري.
وتشير تقديرات الخبراء والمسئولين، ومنهم الدكتور عزيز صدقي، رئيس وزراء مصر الأسبق، إلى أن اقتصاد مصر خسر بعد نكسة 1967، ما يصل إلى 11 مليار جنيه، بما يعادل "25 مليار دولار" بأسعار الصرف "الجنيه المصرى يساوى 2.3 دولار" خلال تلك الفترة.
وتنوعت الخسائر الرئيسية للاقتصاد المصرى فى فقدان 80% من معداتها العسكرية، ومن هنا بدأت المعركة الاقتصاد قبل المعركة العسكرية، وانطلقت مصر نحو معركة تمويل شراء معدات عسكرية بديلة، وهى تكلفة اقتصادية هائلة كان على الاقتصاد أن يتحملها، بجانب فقدان سيناء بثرواتها البترولية والمعدنية وإمكانياتها السياحية.
وتعددت الخسائر الاقتصادية التى فرضت على مصر تحديات، خصوصًا مع يتعلق بفقدان إيرادات قناة السويس التى كانت بلغت نحو 95.3 مليون جنيه عام 1966 أى نحو 219.2 مليون دولار توازى نحو 4% من الناتج المحلى الإجمالى فى ذلك العام، وبخلاف ذلك كان من بين خسائر الاقتصاد بسبب النكسة ما تعرضت له منشآت قناة السويس من تدمير بسبب العدوان الإسرائيلي، وتم تقدير هذا وقتها بنحو مليار جنيه بما يعادل 2300 مليون دولار، وفقا للتكاليف وأسعار الصرف وقتها.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد مثلت الخسائر السياحية، بعد وقف التدفق السياحي، خسارة إيرادات سياحية تصل قيمتها – وفق تقديرات هذا الوقت - لنحو 37 مليون جنيه بما يعادل 84 مليون دولار سنويًا.
الأصول الإنتاجية
التحديات التى واجهت مصر اقتصاديا فى سنوات ما بين النكسة والنصر، ضياع العديد من الأصول الإنتاجية، والتى شملها التدمير والتعطيل عن الإنتاج، ومن بينها 17 منشأة صناعية كبيرة، وبلغت قيمة الدخل المفقود نتيجة تعطل هذه المصانع نحو 169.3 مليون جنيه، أى نحو 389.4 مليون دولار، بخلاف تدمير أصول عقارية ومنشآت اقتصادية فى مدن القناة.
اقتصاد الحرب.. ومواجهة التحديات
كل هذا فرض على مصر العديد من التحديات، ولكن كان أمام الإدارة المصرية والاقتصادية منها بشكل خاص، بعد النكسة، والخسائر الاقتصادية، الدخول فى مفهوم اقتصاد الحرب، كبديل ضرورى لاقتصاد الاستنزاف، وجاء أهم القرارات العاجلة، من خلال تخصيص نحو 20% من الدخل القومي للتسليح، وتحمل تكاليف التعبئة لنحو مليون جندى على خطوط القتال للسنوات التى تلت الحرب، والتى تجاوزت الست سنوات. ومن بين قرارات "اقتصاد الحرب" اتخاذ خطوات لتعويض الخسائر الكبيرة فى الإيرادات والاقتصاد الوطني، قيام الإدارة الاقتصادية المصرية، بزيادة حصيلة الضرائب والجمارك لترتفع نسبة الضرائب غير المباشرة تدريجيًا لتصل إلى نحو 63.4% من إجمالى حصيلة الضرائب على مستوى البلاد فى العام 1970، وترتفع مجددا إلى 69.1% من إجمالى حصيلة الضرائب بالبلاد فى العام 1973، وتشير أرقام تحليل ميزانيات تلك السنوات إلى أن إجمالى حصيلة الضرائب ارتفعت خلال ثلاث سنوات بنسبة 19.17%.
حلول مرة
ولم تتوقف الحلول ووسائل مواجهة التحديات عند ذلك، بل اضطرت الدولة فى سنوات اقتصاد الحرب إلى بعض الحلول المرة، ومنها إصدار البنكنوت كآلية لتمويل الإنفاق العام فيما يعرف بالتمويل بالعجز، فقد ارتفع حجم وسائل الدفع من 397.2 مليون جنيه فى يونيو 1960 إلى 761.5 مليون جنيه فى يونيو 1970 ثم إلى 866.6 مليون جنيه فى يونيو 1972 بنسبة نمو سنوية تقترب من 10%، كما زادت قيمة أذون الخزانة من 164 مليون جنيه فى العام المالى 59/1960 إلى نحو 375 مليون جنيه عام 69/1970، ثم إلى 459 مليون جنيه فى عام 1972.
التسعير الجبرى
والسؤال، ماذا كانت نتائج تلك السياسات، ضمن اقتصاد الحرب؟، والإجابة، تؤكدها الأرقام، والتى أكدت أن الحكومة فى تلك السنوات تمكنت من السيطرة على معدلات التضخم فى الفترة ما بين حربي 1967، 1973، ولاشك أن سياسة التسعير الجبرى للسلع الأساسية لعبت دورًا فى هذه النتائج، ولكن الوضع انفجر فيما بعد حرب أكتوبر 1973 مع تخفيف سياسة التسعير الحكومى للسلع باتجاه إلغائها، وهو ما سننتهى إليه تفصيلا فى مرحلة لاحقة.
واتفقت دراسات اقتصادية صادرة عن مراكز متخصصة إلى أنه وفى مراحل الحرب أو الاستعداد للحرب، يستلزم الأمر بعض القرارات والإجراءات الصعبة والقاسية، تفرضها الظروف الاستثنائية، وهو ما تم بالفعل خلال سنوات الحربين "1967 و1973"، حيث تم إلغاء ووقف استيراد العديد من السلع الكمالية ووقف تصنيعها.
ومن بين تلك المنتجات التى تم وقف استيرادها "الغسالات والبوتاجازات والمراوح" وغيرها، فيما كان الاتجاه الأبرز هو دعم صناعات الإنتاج الحربى واستغلال الطاقة البشرية والمادية فى ذلك، حيث جرى التركيز على دعم العديد من الأنشطة مثل الحديد والصلب والغزل والنسيج والتصنيع الغذائي، بهدف توفير آليات دعم الجنود على الجبهة.
وتوجه المجتمع المدنى والمؤسسات الرسمية إلى تنظيم العديد من الحملات الخاصة بالتبرع، والتى انتشرت على مستوى الجمهورية لمساندة شعبية لتمويل الحرب، وظهر ما يمكن تسميته "باقتصاد الحرب الشعبي"، وفى تطور لافت لتعزيز مفاهيم اقتصاد الحرب فى تلك السنوات وعلى المستوى الرسمي، تم تخفيض بنود الاستثمار فى الموازنة العامة لدعم اقتصاد الحرب، وتجسد ذلك فى ميزانية العام المالى 1971-1972، والذى جرى فيه تخفيض بند الاستثمار من 25 مليون جنيه إلى 19 مليون جنيه، بما ساهم فى وفورات 6 ملايين جنيه لبند تمويل التمويل "المجهود الحربي".
الإدارة للحرب
وتشير البيانات إلى أنه وقبل الحرب استحوذ القطاع الصناعى على 26.76% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه توقف باندلاع الحرب حيث انخفض معدل نموه ليصبح -1.73%، ومع قيام قام الرئيس السادات بإصدار قرارات محورية فى ذلك الوقت لتوفير التمويل اللازم، حيث تم إصدار سندات باسم بسندات الجهاد، وأعلن الاكتتاب عليها فى يوم 20 أكتوبر 1973، وطرح هذه السندات عربيا وأفريقيا ببداية اكتتاب 50 مليون جنيه.
واتفق العديد من الخبراء على أن الدعم والمساعدات لها دور فى تدعيم اقتصاد الحرب، وأنه رغم كون الحجم الهائل للمساعدات الخارجية التى تلقتها إسرائيل بين حربى 1967، 1973 والذى بلغ عدة أضعاف حجم المساعدات التى تلقتها مصر فى تلك الفترة، فإن مصر تمكنت من خلال الاعتماد على الذات والمساعدات الأقل أن تواجه خسائرها الاقتصادية فى حرب 1967 وأن تمول الإنفاق الدفاعى اللازم لتجهيز جيشها للحظة المواجهة مع العدو الإسرائيلي.
أما على المستوى الخاص بأدوات الدعم الخارجى فقد تركز فى الدعم العسكرى عن طريق مشاركة عدد من الدول العربية بقوات ما بين قوات برية وجوية بالإضافة للدعم المادى لتوفير التمويل اللازم لشراء الأسلحة ومن جانب آخر مؤخرًا كان للبعد البترولى كلمة فصل فى تلك الحرب حيث منعت الدول العربية تصدير النفط للدول الداعمة لإسرائيل للضغط عليها وترجيح كفة الجبهة المصرية فى الحرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.