أعلنت اللجنة التشريعية بوزارة القوى العاملة والهجرة ومؤسسة البيت العربي لحقوق الإنسان أنهما قد انتهت اليوم من إعداد المسودة الثانية من مشروع قانون العمل، برئاسة المستشار عبد الحميد قطب بلال، المحامي بالنقض والدستورية العليا، ووكيل الوزارة الأسبق " وعضوية كل من: المستشار عزت عبد الله البندري، نائب رئيس محكمة النقض، المستشار أسامة أبو أحمد الصعيدي، المستشار القانوني للسيد الوزير، د. ناهد حسن العشري، وكيل أول الوزارة رئيس قطاع الهجرة، المستشار محمد أشرف فايز اللمساوي، نائب رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار شريف أبو بكر النجار، إدارة المحاكم المتخصصة بوزارة العدل، المستشار أحمد حسام حبيب، إدارة المحاكم المتخصصة بوزارة العدل، د. نيازي مصطفى، محامي بالنقض والدستورية العليا، محمد عيسى، مدير عام المفاوضة الجماعية، كمال عثمان عبد الباقى، مدير عام الهيئات والمؤتمرات بالوزارة، والأمين العام للجنة التشريعية، وهيثم سيد محمد، الأمانة الفنية للجنة التشريعية حيث قامت اللجنة بدراسة كل الملاحظات الواردة في المسودة الأولى من مختلف الجهات، وأخذت بعين الاعتبار هذه الملاحظات، وما كشف عنه تطبيق قانون 12 لسنة 2003 من عيوب أثناء التنفيذ سواء تنفيذيا أو قضائيًا، مما أدى إلى تأخر الفصل في الدعاوي العمالية. وأضافت " اللجنة" يُعد قانون العمل من أهم القوانين التي تمس الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في أي مجتمع حديث، وهو يستمد أهميته من أهمية العمل كقيمة إنسانية واجتماعية واقتصادية. فبفضل العمل، في حجمه ونوعيته وتنظيمه، استطاعت المجتمعات المختلفة أن تطوع الطبيعة والعلوم لخدمتها وأن تصل إلى درجات مختلفة من الثروات والدخول، تتفاوت بقدر جهد العمل المبذول وحسن أدائه وحسن تنظيمه. وقانون العمل ينظم قطاعًا مهما من الأعمال هو قطاع العمل التابع، وهو يهم بالتالي قطاعًا عريضًا ومؤثرًا من أبناء الشعب هو قطاع العمال بالمعنى الواسع، أي كل من ارتبط بعقد عمل سواء كان عملًا ماديًا أو ذهنيًّا، وهو قطاع هام من الناحية الاقتصادية حيث يمثل هذا العمل مركزًا هامًا وحاسمًا في البنية الاقتصادية للمجتمع. لذلك فإن أي مشروع قانون يتصدى لتنظيم علاقات العمل لابد أن يأخذ في الاعتبار الجوانب الاجتماعية المختلفة والمتنوعة لمشكلة العمل والعمالة، سواء في انعكاساتها الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإنسانية أو السياسية. ومن الحقائق المؤكدة أن القانون يجب أن يعبر عن الواقع الفعلي للمجتمع الذي ينظم علاقاته ويحكم روابطه، وإلا أصبح مجرد شعارات مرفوعة بلا تطبيق، أو آمال منشودة بلا تحقيق. لقد تطورت قوانين العمل في العصر الحديث تطورًا مهما ومتميزًا، ففي بداية الثورة الصناعية التي رافقها الفكر الفردي الرأسمالي كانت هذه القوانين تتسم بالحرية التعاقدية في علاقة صاحب العمل بالعمال، غير أن هذا الوجه الأول من التطور أثار ردود فعل اجتماعية وسياسية تدعو إلى حماية الطبقة العاملة ضد تعسف أصحاب العمل واستغلالهم وحاجة العمال وضعف قوتهم أمام القوة الهائلة لأصحاب رءوس الأموال، فبدأت التشريعات في التدخل لتضع ضمانات لإنهاء خدمة العامل بما ينأى بهذا الإنهاء عن التعسف، فضلًا عن ضوابط الرعاية الطبية والأمن الصناعي... الخ. غير أن منظورًا جديدًا وهامًا بدأ يتبلور في التوجهات الحديثة لقانون العمل، ويتمثل هذا المنظور في وجوب النظر إلى علاقات العمل على أساس ثلاثي الأبعاد: (العامل/ صاحب العمل/ المشروع). بمعنى أن مشكلات وصراعات الثنائي (العامل/صاحب العمل) لا يجوز أن ننسى أنها تتعلق بالمشروع أو المنشأة، صناعية كانت أو تجارية أو مهنية، وأن هذا المشروع (أو المنشأة) هو جزء من الاقتصاد القومي، وبالتالي فإن توازن علاقة العمل لا يجوز أن يقتصر على مصالح الطرفين فقط، بل لابد أن يأخذ في الاعتبار مصلحة المشروع أو المنشأة واستمرارية بقائه ناجحًا في خدمة الاقتصاد القومي. وهذه الاستمرارية هي أيضًا في مصلحة العمال وصاحب العمل. وحاصل هذا التطور أن المشروع لابد أن يبحث عن توازن في العلاقة الثلاثية، بما لا يهدر مصلحة لحساب المصالح الأخرى، ولا يعلي من مصلحة على حساب غيرها. وعلى سبيل المثال، فإن الدفاع عن حقوق العمال وكفالتها لا يجوز أن يؤدي إلى الإخلال بالتوازن الإداري والمالي للمنشأة، كما أن الدفاع عن حقوق أصحاب العمل لا يجوز أن يهدر الحد الأدنى للضمانات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية المعقولة للعمال.. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، يتعين إفساح مجال كافٍ لصاحب العمل في إدارة مشروعه بما يكفل حسن سير العمل والإنتاج، بدءًا من حقه في التعاقد أو رفضه، وانتهاء بالإنهاء غير التعسفي للعقد إذا وجد مبرر مشروع لذلك، وأن يراعَى في ذلك أن صاحب العمل يملك ابتداءً أن يحصر العمل لديه في حدود القدْر الذي يناسبه، وبالتالي يتعين تجنب أي قواعد تؤدي إلى دفعه للتضييق في عدد العمالة اللازمة لمشروعه. وتعد هي تلك المبادئ الأساسية التي انطلقت اللجنة في عملها على هداها من خلال الحوارات المعلقة إلى أن انتهت إلى المسودة الثانية من المشروع بتاريخ 26/2/2014 وذلك تمهيدا لطرحه للحوار المجتمعي بين أطراف العمل الثلاثة. وتأمل اللجنة أن ينال هذا المشروع التوافق عليه بين أطراف العمل الثلاث. وأهم ما تضمنه هذا المشروع في مجال المنازعات العمالية الفردية سرعة الفصل بقضايا العمالية واخذ المحاكم العمالية المتخصصة على غرار محاكم الأسرة. وفى مجال المنازعات الجماعية لسرعة الفص فيها تم الأخذ بنظام التوفيق وفى حالة رغبة الطرفين باتفاق مكتوب الإحالة إلى التحكيم بمدد منظمة تضمن سرعة الفصل في هذه المنازعات. كما تناول حق الإضراب بتنظيم منضبط يقر أحقية العمال بحق الإضراب وعليهم مراعاة الشروط الواردة في القانون وإلا اعتبر الإضراب غير مشروع حرصا على مصالح العمال والعملية الإنتاجية.